
اتهم زعماء فارون من إقليم تيغراي، الحكومة الإثيوبية بشنّ "حملة إبادة جماعية" على سكان الإقليم، الذي يشهد أزمة إنسانية متفاقمة ونزوحاً جماعياً، فيما كثفت الولايات المتحدة ضغوطها على أديس أبابا، لسحب قوات مسلحة من تيغراي.
وأفادت وكالة أسوشيتد برس، بتقارير عن "جرائم حرب" في الإقليم، علماً أنه شهد منذ نوفمبر الماضي، معارك بين "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" والقوات الحكومية، مدعومة من مسلحين من أقاليم أخرى، ومن وحدات إريترية، إثر اتهام السلطات المركزية قوات تيغراي بمحاولة السيطرة على قواعد عسكرية للجيش الإثيوبي.
وأشارت "أسوشيتد برس" و"منظمة العفو الدولية" إلى فظائع ارتكبتها القوات الإثيوبية وتلك المتحالفة معها، ضد سكان تيغراي، فيما حذر مسؤولو إغاثة من أن عدداً متزايداً من الناس قد يموتون جوعاً في الإقليم.
واندلع القتال قبل موسم الحصاد، في المنطقة الزراعية إلى حد كبير، ودفع عدداً ضخماً من السكان إلى الفرار من منازلهم. وتحدث شهود عن عمليات نهب واسعة، نفذها جنود إريتريون، وحرق محاصيل.
استقالة دبلوماسي إثيوبي
واستقال برهان كيدانماريام، الذي كان نائب رئيس البعثة في السفارة الإثيوبية بواشنطن، من منصبه الأربعاء، نتيجة قلقه من الفظائع في تيغراي، وانتقد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، ووصفه بأنه زعيم متهوّر يقسّم بلاده، وفق "أسوشيتد برس".
وأصدر الزعماء الفارون لتيغراي بياناً الخميس، أدانوا فيه ما قالوا إنه "حملة إبادة جماعية" تستهدف شعبهم. وأضاف البيان، الذي نشره غيتاتشو رضا، أحد زعماء الإقليم، على "تويتر": "آلاف المدنيين ذُبحوا، ونزح مئات الآلاف قسراً من منازلهم، ودُمرت منشآت مدنية وبنى تحتية بشكل منهجي. رغم إعلانه بحزم ومن دون خجل أنه بريء، ووعوده المتكررة بالسماح بوصول الوكالات الإنسانية، وبتحقيق دولي في المزاعم، إلا أن نظام آبي أحمد وشركاءه في الجريمة كثفوا جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، في الأسابيع والأيام الأخيرة".
"فظائع مستمرة"
جاء البيان بعد حديث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عن "تطهير عرقي" في أجزاء من تيغراي. وقال خلال جلسة للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي: "التحدي في إثيوبيا مهم جداً، ونركّز عليه بشدة، لا سيّما الوضع في تيغراي، حيث نشهد تقارير موثوقة جداً عن انتهاكات لحقوق الإنسان وفظائع مستمرة".
وأضاف أن "الوضع في تيغراي ليس مقبولاً ويجب أن يتغيّر، ويعني ذلك التأكد من دخولنا إلى تيغراي، عمال الإغاثة وآخرون... للتأكد من رعاية الناس وإعالتهم وحمايتهم".
وشدد بلينكن على "وجوب خروج" قوات إريترية ومسلحين من إقليم أمهرة الإثيوبي المتاخم لتيغراي، معتبراً أن المنطقة تحتاج إلى "قوة لا تنتهك حقوق الإنسان لأهالي تيغراي، أو ترتكب تطهيراً عرقياً، وهذا ما رأيناه في غرب تيغراي. يجب أن يتوقف ذلك".
"وضع يائس"
وأشارت "أسوشيتد برس" إلى بدء وصول آلاف الأشخاص، كثيرون منهم سيراً على الأقدام، إلى بلدة شاير في تيغراي، بعدما كانوا مختبئين في مناطق ريفية شاسعة بالإقليم، لا تصل إليها المساعدات الخارجية.
ونقلت الوكالة عن أوليفر بيهن، المدير العام في الفرع الهولندي لمنظمة "أطباء بلا حدود"، قوله إن حوالى 5 آلاف شخص وصلوا إلى شاير، بين الأربعاء والأحد الماضيين، مشيراً إلى إرسال فرق إنسانية للعثور على آخرين قيل إنهم في الطريق. وأضاف: "إنهم آتون في ظروف سيئة جداً، مرهقون جداً، ويعانون من الجفاف وهزيلون. الوضع بات يائساً بسرعة كبيرة".
وذكر عمال إغاثة أن بعض هؤلاء أكلوا أوراق شجر، أو بذوراً احتفظوا بها للزراعة.
ولفت بيهن إلى نهب مراكز صحية، وبقاء عدد ضئيل من العاملين الصحيين، ما يعني أن الناس لم يتلقوا سوى مساعدة محدودة، أو لم يتلقوا أي مساعدة في حالات الولادة، وحالات طارئة أخرى، أو حتى الرعاية الأساسية. وأضاف: "واضح جداً أن هذه المجتمعات في حاجة ماسة (إلى المساعدة). آليات المواجهة بعد 4 أشهر هي على حافة هاوية".
"الناس يتضوّرون جوعاً"
وشاير هي قاعدة عمليات للجهود الإنسانية، التي يقول عمال إغاثة إنها ليست كافية لتلبية احتياجات متزايدة. وثمة 16 ألف نازح في 3 مخيمات مزدحمة، أُقيمت في مدارس، بما في ذلك مبان غير مكتملة، قد تعرّض النازحين للخطر.
ينام 40 أو 50 شخصاً في غرفة واحدة، فيما الآلاف من الوافدين الجدد ينامون في العراء، وفق "أسوشيتد برس".
ونقلت الوكالة عن مديحة رضا، من "لجنة الإنقاذ الدولية"، بعد زيارتها شاير أخيراً: "الناس يتضوّرون جوعاً. هناك مشكلة خطرة تتعلّق بالحصول على الطعام. أخبرتني إحداهنّ أنها بقيت على قيد الحياة، بعدما أكلت أوراق شجر لشهر، فيما كانت مختبئة بغابة. وُزعت أغذية في مراكز النازحين داخلياً، ولكن لم يكن هناك ما يكفي تقريباً".
وتقدّر الولايات المتحدة أن 4 ملايين شخص، أو ثلثي سكان تيغراي، هم بحاجة ماسة إلى مساعدات غذائية. وقال مانويل فونتين، مدير برامج الطوارئ في منظمة "يونيسف": "ما نعرفه مقلق جداً، لكن ما لا نعرفه قد يكون أسوأ".