تفاوتت ردود الأفعال في بريطانيا على استقالة رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون من عضويته في البرلمان، بعد 3 سنوات ونصف من فوزه الساحق في الانتخابات العامة.
ولم يهدر حزب "العمال" أي وقت هذا الصباح في استغلال الانتخابات الفرعية الوشيكة، بسبب الاستقالة، على مقعد دائرة "أوكسبريدج وساوث رويسليب"في لندن، كوسيلة تحفيز لمطالبة أنصاره بالتبرعات، بحسب صحيفة "إندبندنت".
وفي رسالة بريد إلكتروني إلى المؤيدين، كتب زعيم المعارضة العمالية كير ستارمر: "كان (بوريس جونسون) يعتقد أنه فوق القانون.. لقد عامل الشعب البريطاني بازدراء، وكان يقيم حفلات عندما كان الحداد يعم الأمة".
وقالت نائبة زعيم حزب العمال أنجيلا راينر على تويتر إنه "مع خروج بوريس جونسون بهذا الشكل المخزي من البرلمان، يشعر البريطانيون بالغثيان بسبب مسلسل حزب المحافظين الذي لا ينتهي أبداً والذي تم عرضه على حسابهم".
وأضافت: "بعد 13 عاماً من فوضى المحافظين، هذا يكفي. حان الوقت لبداية جديدة لبريطانيا مع حكومة عمالية"، ووصفت سوناك بأنه "رئيس وزراء ضعيف وفاشل".
وقالت راينر كذلك، في حديث لبرنامج "توداي" على "بي بي سي راديو 4"، إن بوريس جونسون خذل الناخبين الذين منحوه فوزاً ساحقاً في الانتخابات في عام 2019، معتبرة أن رئيس الوزراء السابق أظهر أنه "لا يحترم الشعب البريطاني".
وأضافت : "أعتقد أن الناس وضعوا ثقتهم به لأنهم اعتقدوا أنه كان يتجه إلى التغيير، وأن الأمر يتعلق بوضعهم في صميم عملية صنع القرار، وقد خذلهم حقاً بشكل كارثي إلى أقصى حد في الوقت الذي كانوا في أمس الحاجة إليه".
غضب "محافظين"
وحذر البعض من أن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يواجه خطر حرب أهلية داخل حزب المحافظين الحاكم.
ونقلت وسائل إعلام بريطانية عن أحد الوزراء السابقين قوله إنه سيكون هناك "ثمن من الجحيم يتوجب دفعه" جراء الطريقة التي تم بها التعامل مع جونسون.
وأدان النائب عن حزب المحافظين مايكل فابريكانت "المعاملة المشينة لزعيم سياسي صنع تاريخ العالم من خلال تحقيق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وقيادة المحافظين إلى تحقيق فوز ساحق في الانتخابات العامة".
وألمح السير جيمس دودريدج إلى أن جونسون سيعود ذات يوم، فكتب على تويتر: "سوف يعترف التاريخ بالعمل العظيم الذي قام به بوريس بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وفي أوكرانيا و(أزمة) كورونا".
ووصف دودريدج رئيس الوزراء البريطاني السابق بأنه "عملاق بين أقزام"، وقال: "هذه خاتمة فصل وليست نهاية الكتاب.. سنسمع المزيد عن بوريس خلال الأيام والشهور والسنوات القادمة".
استقالة جونسون
وأعلن رئيس وزراء بريطانيا السابق، مساء الجمعة، استقالته من البرلمان على خلفية التحقيق البرلماني بشأن إقامة حفلات استضافها مقر "داونينج ستريت" أثناء إغلاق جائحة كورونا في انتهاك للقيود الصحية المتصلة، والتي تعرف باسم فضيحة "بارتي جيت".
وقال جونسون (58 عاماً)، إن قراره يدخل حيز التنفيذ فوراً، ما يعني إجراء انتخابات وشيكة على مقعديه في دائرتي أوكسبريدج وساوث رويسليب، ستشكل مزيداً من الضغط السياسي على رئيس الوزراء الحالي ريشي سوناك.
يأتي قرار جونسون بالتنحي، بعد أن خلص تحقيق في فضيحة "بارتي جيت"، إلى أنه ضلل البرلمان وأوصى بتعليق طويل الأمد لعضويته في مجلس العموم، وفق صحيفة "الجارديان" البريطانية.
وفي بيان قاسٍ من 1000 كلمة، هاجم جونسون حكومة سوناك، وألقى باللائمة على رئيس الوزراء الحالي في زيادة الضرائب، واتهمه بأنه ليس محافظاً بدرجة كافية، وفشل في تحقيق أقصى استفادة من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست).
ولم يُخفِ جونسون، الذي يستعد للاحتفال بعيد ميلاده التاسع والخمسين وولادة طفله الثامن، رغبته في العودة إلى السلطة، قائلاً إنه "حزين للغاية لترك البرلمان، على الأقل في الوقت الراهن". وكما أشار في بيانه، فإن استقالته ستستدعي انتخابات فرعية فورية.
تحقيق برلماني
وبعد عام على إقصائه من "داونينج ستريت" بأيدي غالبيته، إثر 3 سنوات له في السلطة شهدت سلسلة فضائح، خضع جونسون لتحقيق برلماني لتحديد ما إذا كان قد ضلل البرلمان في قضية "بارتي جيت".
وهذا الإجراء قادته لجنة الامتيازات البرلمانية التي أنهت عملها، وقدّمت للتو استنتاجاتها إلى الزعيم السابق، وفق إعلام بريطاني.
وكتب رئيس الوزراء السابق المحافظ، في بيانه، أنه دهش لتلقيه "رسالة من لجنة الامتيازات تذكر بوضوح أنها مصممة على استخدام الإجراء ضدي لإقصائي من البرلمان".
وقال: "أنا حزين جدا لمغادرة البرلمان، على الأقل في الوقت الحالي. لكن قبل كل شيء أشعر بالاستياء لأنني أجبرت على المغادرة بطريقة غير ديمقراطية"، متهماً اللجنة بـ"التحيّز الفاضح".
واتهم اللجنة بأنها أصدرت تقريراً لم ينشر بعد "مليئاً بالمغالطات وتفوح منه رائحة التحيز" من دون أن تتاح له "أي فرصة رسمية للطعن في ما يقولونه".
وتعليقاً على استقالته، قالت لجنة الامتيازات إن جونسون "أضر بنزاهة البرلمان" من خلال تصريحاته. وأعلنت أنها ستجتمع، الاثنين، لتختتم عملها وأنها ستنشر تقريرها "سريعاً".
اختبارات انتخابية
في مارس، بعد أن استمعت اللجنة إليه لأكثر من 3 ساعات، أكد جونسون أنه لم يكذب على البرلمان.
وأُجبر جونسون على الاستقالة من رئاسة الوزراء الصيف الماضي بعد سلسلة فضائح في مقدمها حفلات في داونينج ستريت، خلال فترة القيود الصحية التي فُرضت لكبح كوفيد-19.
وقد واجه سلسلة استقالات داخل حكومته، بما في ذلك استقالة وزيره آنذاك ريشي سوناك.
لكن الزعيم المتمتع بكاريزما والذي كان لا يزال نائباً، ظل مؤثراً جداً داخل الغالبية المحافظة.
وبالتالي سيجد رئيس الوزراء ريشي سوناك الذي يتولى منصبه منذ أكتوبر نفسه في مواجهة اختبارات انتخابية يبدو أنها ستكون صعبة، في وقت تظهر استطلاعات الرأي تراجعاً كبيراً للمحافظين بعد 13 عاماً في السلطة.
في بداية مايو الماضي، مُني المحافظون بخسائر كبيرة في الانتخابات المحلية في بريطانيا.
"انتقام"
ويُرجح أن يُنظر إلى استقالة جونسون على أنها "انتقام" من سوناك. وقد انتقد الزعيم السابق الحكومة في بيانه بحسب وكالة "فرانس برس".
وكتب جونسون: "عندما تركتُ منصبي العام الماضي، كانت الحكومة متأخرة ببضع نقاط فقط في استطلاعات الرأي. وقد اتسعت هذه الفجوة الآن بشكل كبير".
وقال: "بعد سنوات قليلة فقط من الفوز بأكبر غالبية خلال ما يقرب من نصف قرن (انتخابه في عام 2019)، بات واضحاً أن هذه الغالبية مهددة الآن"، مضيفاً: "حزبنا بحاجة ماسة إلى استعادة زخمه وإيمانه بما يمكن أن يفعله هذا البلد".
اقرأ أيضاً: