برلسكوني.. قصة عقدين من الهيمنة على السياسة في إيطاليا

time reading iconدقائق القراءة - 8
رئيس الوزراء الإيطالي السابق سيلفيو برلوسكوني يستعد للقاء الرئيس سيرجيو ماتاريلا في روما. 21 أكتوبر 2022 - REUTERS
رئيس الوزراء الإيطالي السابق سيلفيو برلوسكوني يستعد للقاء الرئيس سيرجيو ماتاريلا في روما. 21 أكتوبر 2022 - REUTERS
ميلانو/دبي-أ ف بالشرق

سيطر رئيس الوزراء الإيطالي السابق سيلفيو برلسكوني الذي توفي عن عمر 86 عاماً، الاثنين، على الحياة العامة الإيطالية لعقود كملياردير وقطب إعلام ورجل أعمال وسياسة، لكن الفضائح كانت تطارده دائماً.

توفي الملياردير الإيطالي بعد نقله إلى أحد مستشفيات ميلانو، الجمعة الماضية، لإجراء ما قال مساعدوه إنها فحوص طبية مقررة مسبقاً، وكان قد أدخل إلى المستشفى نفسه قبل 6 أسابيع بسبب إصابته بسرطان الدم والتهاب الرئة.

ورغم أنه قاد بلاده 9 سنوات كرئيس للحكومة، لم يتمكّن من تحقيق حلمه الأخير المتمثل في أن يصبح رئيساً للجمهورية، بسبب عدم حصوله على دعم في البرلمان.

وتسبب برلسكوني، وهو شخصية محورية في السياسة الإيطالية إذ ينتمي حزبه المحافظ "فورتسا إيطاليا" (إيطاليا.. إلى الأمام) إلى الائتلاف الذي تقوده رئيسة الوزراء الحالية جورجيا ميلوني، في العديد من المشكلات بعد تكثيف تصريحاته منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022.

وأكد برلسكوني وهو الصديق المقرب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي قدم له 20 زجاجة من الفودكا في عيد ميلاده الأخير في سبتمبر الماضي، أن "بوتين يريد الإطاحة بحكومة كييف ليستبدلها بأشخاص طيبين".

وغالباً ما قورنت مسيرة برلسكوني بمسيرة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، وهو رجل أعمال أيضاً لم يخف إعجابه ببرلسكوني.

وبعد الهجوم الذي استهدف مبنى الكابيتول في العام 2021، ابتعد برلسكوني بوضوح عن ترمب، في حين أراد أن يدخل سجلات التاريخ باعتباره "أفضل زعيم سياسي في أوروبا وفي العالم".

ووصف بيب سيفيرجنيني، وهو كاتب عمود ومؤلف كتاب عن برلسكوني، السياسي الإيطالي بأنه "مناصر للشعب"، مشيراً إلى أن "نجاحه مهد الطريق لقادة مثل فيكتور أوربان في المجر وبوريس جونسون في بريطانيا وترمب في الولايات المتحدة"، بحسب ما نقلته شبكة "CNN" الأميركية.

عقدين من الهيمنة

وهيمن الزعيم الراحل على السياسة الإيطالية لمدة عقدين. ورغم الفضائح الجنسية والقضايا القانونية التي شوهت صورته، يمثّل عصره عصراً ذهبياً لاقتصاد شبه الجزيرة، بالنسبة إلى ملايين الإيطاليين.

وظهر سيلفيو برلسكوني وهو ابن موظف مصرفي في ميلانو مولود في 29 سبتمبر 1936، في بداية حياته العامة كفنان على متن سفن سياحية حيث يغني ويروي قصصاً مضحكة.

ومع حصوله على شهادة في القانون، دخل مجال الأعمال وتتالت نجاحاته، لكنه أبدع خصوصاً في عالم التلفزيون.

وتضم شركة "فين إنفست" التي تملكها عائلة برلسكوني قنوات تلفزيونية (ميديا فور يوروب) ومجموعة "مندادوري للنشر".

وكونه محباً لكرة القدم، ترأس برلسكوني أيضاً نادي ميلان لمدة 31 عاماً قبل بيعه في العام 2017 لمستثمرين صينيين.

وبعد نجاحاته في عالم التلفزيون، انطلق في عالم السياسة عام 1994. وفي غضون أسابيع قليلة، أسس حزب "فورتسا إيطاليا" وفاز في الانتخابات، لكن حكومته انهارت بعد 7 أشهر بعدما تخلى عنه حلفاؤه. 

 وفي العام 2001، استعاد السلطة التي احتفظ بها حتى أبريل عام 2006 الذي شهد هزيمة برلسكوني بفارق ضئيل في الانتخابات، لكنه انتقم بقوة بعد عامين وتولى قيادة البلاد للمرة الثالثة، لكن في نوفمبر 2011، كان عليه أن يسلم الاقتصادي ماريو مونتي مقاليد الحكم في إيطاليا الغارقة في أزمة مالية خطيرة.

وقال خبراء اقتصاديون إن برلسكوني لم يسر بشكل كافي باتجاه "خفض الإنفاق" و"لا فرض مزيد من الضرائب على الإيطاليين"، كما لفت زعماء أوروبيون إلى "فشله في تنفيذ الإصلاح الاقتصادي بسرعة كافية"، بحسب "CNN".

وظهر مجدداً السياسي الإيطالي في ربيع العام 2013 على الساحة السياسية بفوزه بثلث الأصوات في البرلمان، وهي النتيجة التي دفعت اليسار إلى تحالف معقد مع عدوه التاريخي.

نكسات قانونية

لكن قوة الملياردير بدأت تخفت بسبب النكسات القانونية التي واجهها، إذ حكم عليه في أغسطس 2013، للمرة الأولى بصورة نهائية بعد أن ثبتت محكمة النقض الحكم الذي كان صادراً بحقه وهو السجن لمدة 4 سنوات بتهمة التهرب الضريبي، ألغيت 3 منها بموجب عفو فيما أمضى العام الأخير من العقوبة في القيام بأعمال ذات منفعة عامة.

وكما فعل طوال تلك السنوات في محاكماته العديدة، تظاهر بأنه ضحية "قضاة شيوعيين".

ورغم الإهانات والمضايقات، بقي برلسكوني حريصاً على مظهره الخارجي حيث كان شعره مصبوغ ولديه سمرة بفضل طبقة سميكة من كريم الأساس، وجراحات تجميلية.

وأدى حبه للنساء الجميلات في ربيع العام 2009 إلى طلب زوجته الثانية فيرونيكا لاريو الطلاق.

كما حكم عليه بالسجن 7 سنوات بجرم ممارسة الفحشاء مع قاصر وإساءة استخدام السلطة، بسبب ما أطلق عليه حفلات "بونجا بونجا" مع المغربية الشابة روبي قبل أن يُبرأ نهائياً في العام 2015.

وبعد 6 سنوات، برأته محكمة في ميلانو في فبراير 2023 في محاكمة إضافية بعد اتهامه برشي شهود للكذب بشأن تلك الأمسيات الصاخبة.

ووجد برلسكوني الشخصية الاستثنائية والأب لـ5 أبناء من زواجين، صديقة جديدة في 2020 هي مارتا فاسينا عارضة الأزياء السابقة التي تصغره بـ53 عاماً والنائبة عن حزبه "فورتسا إيطاليا".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات