صادق البرلمان الصيني، الخميس، على مشروع أعدّه الحزب الشيوعي الحاكم، لتغيير النظام الانتخابي في هونغ كونغ، بما يحدّ من التمثيل الديمقراطي، ويضع آلية لاختيار ساسة "وطنيين" موالين لبكين.
وكان البرلمان أقرّ، العام الماضي، قانوناً للأمن الوطني في هونغ كونغ، بعد احتجاجات عنيفة شهدها الإقليم في عام 2019، اعتبرتها الصين تهديداً لأمنها القومي. وبموجب القانون، اعتُقل 47 نائباً سابقاً وشخصيات أخرى مؤيّدة للديمقراطية، بتهم تخريب تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد.
وأدى ذلك، إلى إضعاف حركة الاحتجاج في المدينة، التي كانت تتمتع بحريات سياسية أوسع من تلك التي يحظى بها البرّ الرئيس للصين، بموجب قاعدة "بلد واحد بنظامين".
وأثارت الحملة على المعارضة، شكاوى من أن بكين تقوّض الحكم الذاتي الذي تعهدت به، حتى عام 2047، عندما استعادت هونغ كونغ من المملكة المتحدة، في عام 1997، ويمسّ بمكانة المدينة، بوصفها مركزاً مالياً عالمياً، لكن الصين رفضت تلك الشكاوى، مشددة على أن التغييرات ضرورية لحماية استقرار المنطقة.
"وطنيون يحكمون هونغ كونغ"
وصفّق النواب الصينيون، عندما عُرضت على شاشات القاعة نتيجة التصويت على القرار، التي أظهرت موافقة 2895 عضواً، وعدم اعتراض أحد، وامتناع عضو واحد عن التصويت، في حضور الرئيس الصيني، شي جين بينغ، ورئيس الحكومة، لي كيكيانغ.
وأفادت وكالة "أسوشيتد برس" بأن التغييرات في هونغ كونغ تنصّ على اختيار لجنة الانتخابات، التي تضمّ 1500 عضو، الرئيس التنفيذي للإقليم وعدداً "كبيراً نسبياً" غير محدد من أعضاء المجلس التشريعي.
وينتمي أعضاء اللجنة إلى 5 شرائح من المجتمع، بما في ذلك رجال الأعمال والشخصيات السياسية، ويمنح ذلك القوى الموالية لبكين، نفوذاً أكبر ممّا يمنحه التصويت الشعبي، وأفادت تقارير إخبارية في هونغ كونغ بأن اللجنة ستختار ثلث أعضاء المجلس التشريعي.
وقال رئيس الحكومة الصينية لي كيكيانغ، إن الصين تريد أن ترى "وطنيين يحكمون هونغ كونغ"، معتبراً أن التغييرات "ستحمي الأمن القومي" في الإقليم، وتدعم "الازدهار والاستقرار"، وفق "أسوشيتد برس".
ونقلت وكالة "فرانس برس" عن قيادي صيني لم تسمه، قوله إن الولاء للحزب الشيوعي الصيني سيكون معياراً أساسياً لتحديد مدى "وطنية" أحد سكان هونغ كونغ، علماً بأن مشروع القانون لا يزال بحاجة إلى صياغة، قبل إصداره.
"مراجعة مؤهلات المرشح"
وأفادت "وكالة أنباء الصين الجديدة" (شينخوا) الرسمية، بأن المشروع يتضمّن تشكيل لجنة انتخابية تصوّت لاختيار الرئيس التنفيذي لهونغ كونغ، بشكل يعكس "واقع الإقليم ويمثل مصالح مجتمعه ككل"، إضافة إلى ذلك، سيستحدث القانون "لجنة لمراجعة مؤهلات المرشح"، ويصل عدد أعضاء المجلس التشريعي في هونغ كونغ، من 70 إلى 90 عضواً.
ونقلت "فرانس برس" عن ناطق باسم المجلس، قوله خلال جلسة البرلمان الصيني، إن "الفوضى في هونغ كونغ تُظهر أن هناك ثغرات وعيوباً في النظام الانتخابي الراهن"، ما يمكّن "القوى المعادية للصين في هونغ كونغ" من تسلّم السلطة.
وذكر بيان، أصدره "مكتب الاتصال"، وهو مكتب التمثيل الصيني في هونغ كونغ: "السلطات المركزية نياتها طيبة، نتوقع من كل قطاعات المجتمع والجمهور بشكل عام، أن تتبنّى العمل لتعديل القانون وتقدّم اقتراحات، كي تتولّد طاقة إيجابية قوية، تحت راية الوطنية وحبّ هونغ كونغ"، وفق وكالة "رويترز".
هونغ كونغ والحزب الشيوعي
ورحّبت الرئيسة التنفيذية لهونغ كونغ، كاري لام، بتغيير النظام الانتخابي في الإقليم، قائلة: "أنا وحكومة هونغ كونغ ندعم بقوة، ونعرب عن امتناننا من أعماق قلوبنا".
واعتبرت، أن التغيير يستهدف "إعادة المدينة إلى المسار الصحيح"، مستدركة أن كون المرء وطنياً لا يعني وجوب أن "يحبّ" الحزب الشيوعي الصيني، وفق "رويترز".
ونقلت "أسوشيتد برس" عن لام، قولها إن التغيير يتيح "تسوية مشكلة نزوع المجلس التشريعي إلى تسييس كل شيء في السنوات الأخيرة، والتعامل بفاعلية مع التحركات المتهوّرة أو الخلاف الداخلي، الذي مزّق هونغ كونغ".
لكن برنارد تشان، أبرز مستشاري لام، اعتبر أن الخطوة تشكّل "انتكاسة" لتقدّم هونغ كونغ في التطوّر الديمقراطي، ونقلت "فرانس برس" عنه قوله قبل أيام: "خلال السنوات الـ 23 الماضية، واضح أننا لم نؤدِ عملاً جيداً، لنظهر للحكومة المركزية أن هذه الإصلاحات السياسية المزعومة تساعد صيغة بلد واحد بنظامين".
ورأى وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب، أن الخطة "ستقيّد مساحة النقاش الديمقراطي في هونغ كونغ، عكس الوعود التي قدّمتها الصين".
وأضاف: "هذا سيمعن في تقويض الثقة والصدقية، في وفاء الصين بمسؤولياتها الدولية".
مدمرة أميركية في مضيق تايوان
على صعيد آخر، أعلن الأسطول الأميركي السابع، أن مدمّرة الصواريخ الموجّهة "يو إس إس جون فين" نفذت عملية ترانزيت روتينية في المضيق الفاصل بين البرّ الرئيس للصين، وتايوان.
وأشار إلى أن الرحلة كانت الثالثة منذ تسلّم الرئيس جو بايدن، الحكم، معتبراً أنها "تُظهر التزام الولايات المتحدة حيال حرية منطقة المحيطين، الهادئ والهندي، وانفتاحها".
لكن ناطقاً باسم سلاح الجوّ الصيني، اعتبر أن الولايات المتحدة "تصعّد الوضع"، من خلال "التحدث علناً" عن مرور مدمرتها عبر مضيق تايوان.
وأضاف: "نعرب عن معارضتنا الشديدة لعبور هذه السفينة الأميركية، التي ترسل إشارة خاطئة وتتدخل وتتعمد مفاقمة الوضع الإقليمي".
وتثير تدريبات تنفذها سفن حربية أميركية في المضيق، استياء الصين التي تؤكد أحقيتها بالمياه المحيطة بها، وتعتبر تايوان جزءاً لا يتجزأ من أراضيها، لكن الولايات المتحدة ودولاً أخرى ترى في هذا المسار مياهاً دولية مفتوحة للجميع.
يأتي ذلك بعدما حذر قائد القوات الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ "إندوبام"، الأدميرال فيليب ديفيدسون، من أن الصين قد تغزو تايوان خلال 6 سنوات، وتهدّد جزيرة "غوام" الأميركية في المحيط الهادئ، ورأت بكين أن ديفيدسون "بالغ" عمداً في تحذيره.