"بوابة القدس الشرقية".. مشروع استيطاني إسرائيلي تعرقله واشنطن

time reading iconدقائق القراءة - 6
إسرائيليون أمام مستوطنة كوخاف هشاحر في الضفة الغربية. 6 نوفمبر 2022 - REUTERS
إسرائيليون أمام مستوطنة كوخاف هشاحر في الضفة الغربية. 6 نوفمبر 2022 - REUTERS
القدس - محمد دراغمة

طرحت إسرائيل مشروع البناء الاستيطاني في منطقة E1 أو "بوابة القدس الشرقية" منتصف التسعينيات، لكنها لم تتمكن من البناء حتى الآن بسبب ضغوط الإدارات الأميركية المتعاقبة التي ترى في المشروع إغلاقاً نهائياً لباب الحل السياسي بين إسرائيل وفلسطين.

ينص المشروع على إقامة بناء استيطاني على مساحة 12 ألف دونم (الدونم يعادل 1000 متر مربع) من أراضي الضفة الغربية الواقعة شرقي مدينة القدس، للربط بين سلسلة من المستوطنات المحيطة بالقدس من جهة الشرق.

لكن المشروع في حال إتمامه يفصل الضفة الغربية إلى نصفين شمالي وجنوبي، ما يحول دون إقامة دولة فلسطينية متصلة عاصمتها القدس الشرقية.

الخبير في شؤون الاستيطان خليل توفكجي قال لـ"الشرق"، إن مشروع البناء المسمى E1 وهو اختصار لـ"بوابة القدس الشرقية"، صُمم لتحقيق هدفين، الأول خلق كتلة سكانية يهودية في القدس الشرقية ومحيطها في قلب الضفة الغربية على نحو يحول دون إمكانية التنازل عن القدس في أي حل سياسي مستقبلاً، والثاني الفصل بين شمال ووسط الضفة من جهة وجنوبها من جهة ثانية بحيث يحول ذلك دون إقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافياً.

وأضاف: "اللافت في الأمر هو أن حكومات اليمين واليسار في إسرائيل تبنت هذا المشروع، وكل منها حاولت تنفيذه، لكن الضغط الأميركي حال حتى اليوم دون تنفيذ المشروع".

وكان من المقرر أن تعقد لجنة التخطيط التابعة للإدارة المدنية الإسرائيلية، اجتماعاً مطلع الأسبوع الجاري، لبحث مخطط البناء والاعتراضات الفنية عليه، لكن الاجتماع تأجل، وهو ما أرجعه مراقبون إلى الضغوط الأميركية.

وتزامن تأجيل الاجتماع مع ما نقله موقع "أكسيوس" الأميركي، الاثنين، عن مسؤولين إسرائيليين وأميركيين، إذ قالوا إن الحكومة الإسرائيلية أبلغت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بعزمها الإعلان، في وقت لاحق خلال الشهر الجاري، عن بناء، والتخطيط لبناء آلاف الوحدات السكنية الجديدة في مستوطنات بالضفة الغربية المحتلة.

لكن الولايات المتحدة أعربت عن قلقها من خطط التوسع.

"ميزانيات خفية"

وبموازاة ذلك، بدأت إسرائيل، منذ شهور، شق عدد من الطرق الاستيطانية الواسعة في الضفة الغربية.

وقال الدكتور سميح العبد، خبير الخرائط، العضو السابق في الوفد الفلسطيني المفاوض لـ"الشرق"، إن الهدف من الطرق الطولية والعرضية الجاري شقها هو تقسيم الضفة الغربية إلى 4 مجمعات سكنية منفصلة عن بعضها البعض، ما يحول دون إقامة دولة فلسطينية في أي حل سياسي مقبل".

وأقرت إسرائيل، الشهر الماضي، ميزانيتي عامي 2023 و2024، واللتين تضمنتا تخصيص حوالي 941 مليون دولار لمشروعات التوسع الاستيطاني التي يقول مراقبون إنها تهدف إلى توسيع وترسيخ الضم الفعلي لأجزاء واسعة من الضفة الغربية.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، أن الميزانية تتضمن مخصصات أخرى للمستوطنات من خلال ما أطلق عليه "الميزانيات الخفية" وهي أموال مخصصة للوزارات الأخرى مثل الزراعة والداخلية والمواصلات وغيرها وتتضمن مشروعات من بينها المستوطنات.

وأوضحت أنه سيتم تخصيص نحو 25% من إجمالي ميزانية وزارة النقل، لمشروعات الطرق والبنية التحتية التي تخدم مستوطنات الضفة الغربية، على الرغم من أن سكان إسرائيل في المستوطنات يشكلون 5% فقط من سكان إسرائيل البالغ عددهم 10 ملايين نسمة.

ويشمل ذلك تمويل تحسين وتوسيع الطرق الموجودة داخل المستوطنات وحولها، بالإضافة إلى تمهيد طرق سريعة جديدة للفصل بين المستوطنين الإسرائيليين والفلسطينيين.

وتضمنت الموازنة تخصيص 195 مليون شيكل (52 مليون دولار) للإدارة المدنية في وزارة الجيش لتطوير البنية التحتية للضفة الغربية، وتخصيص 399 مليون شيكل (107 ملايين دولار) إلى قسم المستوطنات في الكونجرس الصهيوني العالمي الذي يدعم تنمية المجتمعات اليهودية الريفية داخل إسرائيل والضفة الغربية، و74 مليون شيكل (20 مليون دولار) لوزارة المستوطنات والبعثات الوطنية ما يوفر التمويل لتمكين سلطات المستوطنات من مراقبة البناء الفلسطيني "غير المرخص" في المنطقة "ج".

مليون مستوطن في الضفة

وسمحت الحكومة الإسرائيلية للمستوطنين بالوصول إلى مواقع المستوطنات التي جرى إخلائها عام 2005 لأسباب أمنية، وهي مستوطنات "حوميش"، "غانيم"، "كاديم" و"سانور" في شمال الضفة الغربية.

وأعلن وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، نيته إقرار الميزانيات اللازمة لمضاعفة عدد المستوطنين المقيمين في الضفة الغربية إلى مليون مستوطن إضافة إلى أكثر من 300 ألف مستوطن يعيشون في مستوطنات في القدس الشرقية.

وقال سموتريتش إن تصميم اليمين الإسرائيلي على هدم قرية "الخان الأحمر" الفلسطينية الواقعة في منطقة E1، لا علاقة له بحقيقة أن القرية غير معترف بها، وإنما يرجع ذلك إلى موقعها الاستراتيجي".

وأقرت محكمة العدل العليا في إسرائيل، هدم القرية بالفعل لكن الحكومة الإسرائيلية أجلت الهدم تحت ضغوط أميركية.

وأعلنت تل أبيب، الشهر الماضي، مناقصات جديدة لبناء 1248 وحدة سكنية جديدة في مستوطنات "بيتار عيليت" و"إفرات" و"كريات أربع" و"معاليه إفرايم" و"كارني شومرون" بالإضافة إلى 89 وحدة في مستوطنة "جيلو" بالقدس الشرقية، وخطط متقدمة لطريق التفافي جديد في منطقة E1.

مسؤولة أميركية تزور إسرائيل

وبالتزامن مع هذه التحركات، قالت مصادر دبلوماسية غربية لـ"الشرق"، إن بابرا ليف مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، ستصل إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية، الأسبوع المقبل، لعقد لقاءات مع مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين، وبحث "إجراءات نزع فتيل التوتر وبناء الثقة بين الجانبين"، وذلك على خلفية إعلان إسرائيل خططها بشأن توسيع المستوطنات بالضفة الغربية.

تأتي الزيارة بعد أن أعرب منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، الاثنين، عن قلق الولايات المتحدة من خطط إسرائيل لبناء 4 آلاف وحدة سكنية جديدة في مستوطنات بالضفة الغربية المحتلة في فلسطين، في أعقاب تقارير عن أن الحكومة الإسرائيلية أبلغت البيت الأبيض عزمها الإعلان عن البناء.

ويرى مراقبون أن خطة البناء تأتي تعويضاً عن عدم البناء في E1 التي عارضتها الإدارة الأميركية.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات