قالت وزارة الخارجية الصينية، الجمعة، إن باب الصين مفتوح دائماً للحوار مع الولايات المتحدة، فيما قال البيت الأبيض إنه لا يتوقع الكثير من زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى بكين.
وأضاف وانج ون بين، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، أن الاتصالات بين البلدين لم تتوقف أبداً.
وذكر، في إفادة صحفية دورية، أنه يتعين على الصين والولايات المتحدة تطوير العلاقات على أساس الاحترام المتبادل والمساواة، وذلك رداً على سؤال بخصوص تصريحات لمسؤولين أميركيين عن أن واشنطن لا تتوقع الكثير من زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن المرتقبة إلى الصين.
وكان مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان قال، في وقت سابق الجمعة، إن الولايات المتحدة لا تتوقع أي انفراجة في العلاقات مع الصين خلال زيارة وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى بكين.
جاءت تصريحات مستشار الأمن القومي الأميركي في إفادة صحافية بطوكيو حيث التقى نظرائه من اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين، فيما من المقرر أن يصل بلينكن إلى بكين، الأحد، لإجراء محادثات مع مسؤولين صينيين، بمن فيهم نظيره تشين جانج.
وقال سوليفان إن بلينكن سيشرح خلال زيارته للصين السياسة الأميركية، فيما تنتهج واشنطن "دبلوماسية نشطة" لإدارة التوتر بين أكبر اقتصادين في العالم.
ويصل بلينكن إلى الصين، الأحد، لإجراء محادثات طال تأجيلها بهدف تحقيق الاستقرار في العلاقات المتوترة، فيما ستكون أول زيارة من نوعها يقوم بها وزير خارجية أميركي منذ 5 سنوات.
لقاء محتمل مع شي جين بينج
ومن المقرر أن تستمر زيارة وزير الخارجية الأميركي إلى بكين ليومين (الأحد والاثنين)، فيما نقلت وكالة "رويترز" عن مصادر أن بلينكن قد يلتقي الرئيس الصيني شي جين بينج.
وستكون هذه هي أول زيارة لوزير خارجية أميركي إلى العاصمة الصينية منذ 2018، وتأتي بعد أشهر من إلغاء بلينكن زيارته التي كانت مقررة إلى بكين، مطلع فبراير الماضي، عقب رصد واشنطن ما قالت إنه منطاد تجسس صيني فوق أجوائها.
ويمكن أن تظهر الزيارة، التي قد تمهد الطريق لسلسلة من اللقاءات الدبلوماسية الأخرى بما في ذلك لقاء بين شي وبايدن هذا العام، أن الخصمين لم يتخليا عن الدبلوماسية، وفق رويترز.
وتدهورت العلاقات بين البلدين منذ ذلك الحين. وأعرب بلينكن مراراً عن رغبته في إعادة جدولة الزيارة، إلى أن تم الإعلان عن الزيارة الجديدة، الأربعاء الماضي.
وذكرت الخارجية الأميركية، في بيان، أن بلينكن سيلتقي كبار المسؤولين الصينيين، وسيناقش أهمية "إبقاء خطوط التواصل مفتوحة" بين البلدين، لإدارة العلاقات بين الصين والولايات المتحدة.
وأوضحت أن بلينكن سيثير القضايا الثنائية والدولية والإقليمية مع الصين، وكذلك مناطق التعاون المحتملة في التحديات العابرة للدول.
مكالمة هاتفية
وأتى الإعلان عن الزيارة بعد ساعات من مكالمة هاتفية بين بلينكن ونظيره الصيني تشين جانج، قالت الخارجية الأميركية إنها ناقشت أهمية الحفاظ على خطوط التواصل مفتوحة بين البلدين لإدارة العلاقات بشكل "مسؤول" لتجنب الحسابات الخاطئة واندلاع نزاع.
وتحاول أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم تخفيف حدّة التوتر بينهما، بعد أن زادت في السنوات الأخيرة بشأن موضوعات خلافية متعدّدة، بما في ذلك التجارة والأمن وتايوان.
وقال بلينكن، على تويتر، عقب المكالمة: "تحدثت الليلة مع وزير الخارجية الصيني تشين جانج هاتفياً. ناقشنا الجهود الحالية لإبقاء قنوات الاتصال مفتوحة بين البلدين وكذلك قضايا ثنائية وعالمية".
فيما ذكر وزير الخارجية الصيني أنه أبلغ بلينكن بأن الولايات المتحدة يجب أن تتوقف عن "التدخل في شؤون الصين الداخلية"، وفق ما نقلت وسائل إعلام صينية رسمية عنه.
سلسلة زيارات
وسوليفان ليس أول مسؤول أميركي يستبعد حدوث انفراج في العلاقات مع الصين خلال زيارة بلينكن، إذ سبق أن أدلى كبير الدبلوماسيين في الخارجية الأميركية لشؤون شرق آسيا دانيال كريتنبرينك بتصريحات مماثلة، الأربعاء.
وقال كريتنبرينك: "لن نذهب إلى بكين بنية تحقيق نوع من الاختراق أو التحول في الطريقة التي نتعامل بها مع بعضنا البعض"، بحسب "رويترز".
وأضاف كريتنبرينك: "نحن قادمون إلى بكين بنهج واقعي وواثق ورغبة صادقة في إدارة منافستنا بأكثر الطرق مسؤولية ممكنة". وقال كريتنبرينك إنَّ الهدف الأساسي لبلينكن سيكون إجراء مناقشات "صريحة ومباشرة وبناءة" مع الصين، لكنه بدا حذراً إزاء احتمال إحراز تقدم.
من جانبه، أشار منسق البيت الأبيض في منطقة المحيطين الهندي والهادئ كورت كامبل إلى أن الولايات المتحدة لديها مصلحة في إنشاء آلية للاتصالات خلال الأزمات لتقليل خطر اندلاع نزاع مع الصين، وفق ما نقلت عنه "رويترز".
وذكر، وفق ما نقلت "فرانس برس"، أنه فيما تستمر المنافسة، ستتخذ الصين خطوات أكثر استفزازية من مضيق تايوان إلى كوبا، مشدداً على أن الولايات المتحدة ستواجه ذلك. وأنها تريد تجنب المخاطر مع الصين وليس الانفصال عنها.
وقال إن الولايات المتحدة ستواصل دفع الحوار العسكري الملائم بين البلدين، مشيراً إلى أن "الرهانات عالية للغاية" لدرجة تجعل من غير الممكن تجنب قنوات الاتصال الحيوية.
وتوقع كامبل سلسلة من الزيارات مع الصين في الاتجاهين خلال الفترة المقبلة. ولفت إلى أن الولايات المتحدة تعتقد أن الصين ستثير سياسة التكنولوجيا الأميركية خلال زيارة بلينكن، مشدداً على أن واشنطن ستدافع عن سياستها وتشرحها.
"لا تنازلات"
تأتي زيارة بلينكن عقب اجتماع في نوفمبر الماضي بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والصيني شي جين بينج على هامش قمة مجموعة العشرين في إندونيسيا.
وكان الزعيمان اتفقا خلال مناقشاتهما على التعاون بشأن بعض القضايا، لكن العلاقات بين القوتين توترت مجدداً في فبراير بعدما حلّق منطاد صيني فوق الأراضي الأميركية.
وقالت وقتها السلطات الأميركية إنه منطاد "تجسس" فيما قالت بكين إنه جهاز خاص بالأرصاد الجوية انحرف عن مساره. وتحت الضغط، ألغى بلينكن رحلته إلى الصين في اللحظة الأخيرة.
وفي غضون ذلك، استؤنفت الاتصالات على أعلى المستويات، باستثناء السلك العسكري، في الأسابيع الأخيرة، ما دفع الرئيس الأميركي إلى توقع "تحسّن" في العلاقات الثنائية.
ويزداد ذلك أهمية منذ دُعي الرئيس الصيني إلى قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك) في نوفمبر في سان فرانسيسكو.
ويرى جايكوب ستوكس، من مركز "نيو أميريكن سيكيوريتي"، أن بكين "تؤيد أيضاً فكرة أنه يجب الحفاظ على تواصل منتظم إلى حد ما" مع الولايات المتحدة رغم ريبتها إزاء واشنطن.
من جهته، يعتقد شي ينهونج، من جامعة الشعب في بكين، أن "الولايات المتحدة والصين ترغبان في تجنب تصعيد الخصومة بينهما.. ومع ذلك، لا يظهر أي منهما استعداده لتقديم أي تنازلات رئيسية ودائمة، ويسعى كل منهما ببساطة إلى القيام بما يُعتبر ضرورياً أو مفيداً للحفاظ على استراتيجيته أو أمنه التكنولوجي".
اقرأ أيضاً: