قال وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف، إن قدرات بلاده النووية لا تهدف بها "نوايا عدائية"، مشيراً إلى أنه منذ حصولها على القوة النووية، لم تشهد العلاقات بين باكستان والهند تصاعداً في التوترات العسكرية كما في أعوام 1965و1948و1971.
وذكر أن بلاده تعاني من "تهديد متزايد بعدم الاستقرار" بسبب الاضطرابات الاقتصادية، في وقت يحتدم التنافس بين الصين والولايات المتحدة، معتبراً أن واشنطن "شريكة تاريخية" لبلاده.
وانتقد آصف، في مقابلة أجراها مع مجلة "نيوزويك" الأميركية، السبت، ما وصفه بـ"الدور التخريبي" الذي لعبه رئيس الوزراء السابق عمران خان وحزبه المؤثر في باكستان "تحريك إنصاف" في المشهد السياسي الباكستاني "شديد الاستقطاب".
وأرجع آصف أزمة البلاد إلى الوضع الاقتصادي الحالي، والذي حذر من أنه سيؤدي إلى مزيد من الفوضى في كل من السياسة والأمن.
ورأى وزير الدفاع الباكستاني أنه من الضروري إجراء تحسينات جوهرية لضمان استقرار البلاد، مشيراً إلى أن مفتاح هذه التحسينات، هو "الحفاظ على التوازن الجيوسياسي غير المستقر بشكل متزايد بين واشنطن وبكين والقوى الأخرى التي تسعى إسلام أباد إلى إقامة علاقات جيدة معها".
وأضاف: "هذه العلاقات مهمة بشكل خاص لأن باكستان لا تحاول تعزيز التجارة فحسب، ولكن أيضاً مواجهة التهديد اليومي للنشاط العسكري عبر الحدود الذي يهدد مستقبلها".
انتخابات مقبلة
وذكر آصف أن المجتمع الباكستاني بات شديد الاستقطاب سياسياً، مضيفاً أنه سيتم إجراء انتخابات في وقت ما من الخريف المقبل، حيث ستتاح للناس الفرصة للتعبير عن آرائهم والمشاركة في العملية.
وتابع: "هذه المشكلة تعود إلى عام 2018، تم إحضار عمران خان إلى السلطة من خلال انتخابات منظمة، وقد ثبت في السنوات التالية بما لا يدع مجالاً للشك أنه بات في السلطة بسبب مساعدتهم ومناوراتهم على مدى السنوات الـ10 الأخيرة، حيث تم إطلاق هذا المشروع في أوائل العقد الماضي".
واعتبر أنه "لحظة سقوط السلطة"، بدأ الدعم يختفي ببطء ويتلاشى، "فأنا لا أنكر أنه يحظى بدعم الرأي العام، ولكني لا أعتقد أنه يحظى بنفس الدعم الذي حصل عليه في 2018، ولذا فإنه بدون مساعدة المؤسسة في الانتخابات المقبلة أعتقد أنه لن يكون قادراً على تحقيق أي شيء، فهو يعرف كيف تسير الأمور في باكستان، وكيف يمكن للحظوظ أن تنعكس".
وعن الحشود التي نزلت إلى الشوارع خلال بعض المواقف مثل اعتقال عمران خان في 9 مايو الماضي، قال آصف: "هذا شيء أدخله خان في سياستنا، فقد شهدت السياسة الباكستانية العديد من الاضطرابات بدءاً من الخمسينيات وما بعدها حتى العقد الماضي، ولكن لم يلجأ أصحاب المظالم إلى العنف، إلا أن هذا الرجل قام بتنسيق ما حدث في 9 مايو، حيث تم تدريب الناس وإعطائهم التعليمات وكان لديهم جدول أعمال وأجندة واضحة جداً".
كيانات معادية
وأضاف وزير الدفاع الباكستاني: "نعيش في منطقة جغرافية يوجد بها كيانات معادية بالجوار، ولذا بالنسبة لنا أو لأي دولة أخرى، حتى بالنسبة للولايات المتحدة، فإن رموز قدراتنا الدفاعية، وجيشنا وقواتنا المسلحة هي دائماً أشياء مقدسة".
وعما إذا كانت حركة طالبان تفي بالتزاماتها بشأن عدم السماح بأن تكون أفغانستان، قاعدة للجماعات المسلحة ذات الأهداف العابرة للحدود، قال آصف:"هذه مشكلة أخرى تواجهها بلاده"، مشيراً إلى أنه ذهب إلى كابول والتقى بالقيادة في أفغانستان وأخبرهم "بصراحة وجرأة شديدة"، أن الأراضي هناك تُستخدم للإرهاب عبر الحدود في باكستان، وطالبهم بـ"التحرك حتى لا تُستخدم الأراضي الأفغانية في أنشطة إرهابية".
وتابع:"أفغانستان جارتنا ولدينا اليوم أكثر من 5 ملايين لاجئ أفغاني يعيشون على أرضنا، ومعظمهم غير معترف بهم من قبل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أو تم الاعتراف ببعضهم والبقية، 4 ملايين، يُعتبرون ضيوفاً لدى إسلام آباد على مدى العقود الأربعة الماضية، وهذا عبء مرهق للغاية على اقتصادنا".
شراكة دولية
وأكد آصف أن بلاده تقدر شراكتها مع الولايات المتحدة، والتي وصفها بـ"الشراكة التاريخية"، وذلك على الرغم من أن وجود شكاوى مما حدث في الحرب الأفغانية الأولى، حيث تم التخلي عنها بعدها، بحسب وزير الدفاع.
ومضى يقول: "مع وصول رئيس الوزراء ناريندرا مودي إلى السلطة في نيودلهي، تغيرت النظرة الهندية تجاه السياسة الإقليمية تماماً، لأنها حكومة قومية هندوسية، حيث تم التخلي عن الأيديولوجية العلمانية، التي اتبعتها الهند منذ عام 1947، بسبب سياسات مودي المناهضة للأقليات، وهو ما أدى إلى تفاقم الوضع بين البلدين".
وزاد آصف اتخذت الهند موقفاً قومياً، كما أنها تعد سوقاً كبيرة للغاية، حيث يزيد عدد سكانها عن 1.3 مليار شخص، وستحتاج الاقتصادات الكبرى الأخرى في كل مكان في العالم، أن يكونوا شركاء معها، أما باكستان دولة ذات اقتصاد ضعيف، لكن لدينا "موقع جغرافي استراتيجي".
قدرات نووية
وبسؤاله عما إذا كانت تستطيع باكستان في أزمتها الحالية تجنب الدخول في صدام جديد مع الهند، قال "هذا شيء يجب موازنته، وفي ظل الظروف والضغوط الاقتصادية الحالية، فإننا نجد صعوبة في ذلك، لكننا سننجو".
وعن القدرات النووية الباكستانية، أشار إلى أن أصول البلاد النووية "لا تهدف لأي نوايا عدائية"، موضحاً أنه منذ حصول إسلام آباد على قدراتها النووية، فإن المناوشات والحروب والمعارك بين الهند وباكستان لم تتصاعد بالطريقة التي تصاعدت بها في 1965 و1948 و1971، وهي الأعوام التي شهدت حروباً واسعة النطاق بين البلدين".
وأضاف: "أعتقد أنه شيء يضمن أمننا، وليس لأي هداف عدائي على الإطلاق، فهذا أمر يضمن السلام في منطقتنا وإلى حد كبير أمننا، وليس لدينا أي نوايا أخرى بخلاف ذلك على الإطلاق، فهو برنامج معتمد من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقد كان هناك تصريحاً قبل شهر من قبل الوكالة بأن برنامجنا آمن ويفي بجميع المعايير، حتى تلك الخاصة بالولايات المتحدة، ولن نتجاوز أبداً هذه العتبة، فهذا شيء يضمن استقلالنا فقط".
اقرأ أيضاً: