صوّت مجلس النواب الأميركي الذي يسيطر عليه الجمهوريون مساء الأربعاء، لصالح توجيه اللوم للنائب الديمقراطي البارز عن ولاية كاليفورنيا آدم شيف، أحد خصوم الرئيس السابق دونالد ترمب، فيما رفض رئيس المجلس كيفين مكارثي التصويت على قرار بعزل الرئيس جو بايدن.
وأصبح شيف ثالث نائب يوجه إليه اللوم في المجلس منذ بداية الألفية الجديدة، وأتى القرار الذي رعته النائبة عن فلوريدا آنا باولينا لونا ضمن جهد أوسع لعدد من النواب الجمهوريين لمعاقبة الديمقراطيين ومسؤولي إدارة بايدن، وفق "وول ستريت جورنال".
ووجه القرار اللوم لشيف في "إساءة استخدام منصبه السابق كرئيس للجنة الاستخبارات في مجلس النواب لنشر أخبار كاذبة عن علاقة ترمب بروسيا، وتشجيع تحقيقات استخباراتية مسيئة له"، وفق ما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.
وصوت 213 نائباً لصالح توجيه اللوم فيما عارضه 209 أعضاء. وصوت 6 جمهوريين (حاضر) وهو بمثابة امتناع عن التصويت.
ورأس شيف خلال دورة المجلس السابقة التي امتلك فيها الديمقراطيون الأغلبية منصب رئيس لجنة الاستخبارات.
"عار، عار، عار"
وعقب التصويت استدعى مكارثي آدم شيف إلى منصة رئيس المجلس، وسط صيحات الديمقراطيين الذين هتفوا "عار، عار، عار" مقاطعين محاولات مكارثي لقراءة القرار بتوجيه اللوم، ليرد الأخير "لدى الليل بطوله".
وبعد أن ضغط أحد النواب لفرض تصويت على عزل الرئيس جو بايدن، قال رئيس المجلس كيفين مكارثي، والذي دعم توجيه اللوم إلى شيف، إن هذه الجهود "مبكرة ومربكة".
وتقدمت النائبة الجمهورية عن ولاية كولورادو لورين بوبيرت، باقتراح الثلاثاء، لفرض التصويت على قرار بعزل بايدن.
ويتهم القرار بايدن بـ إساءة استخدام السلطة والتقصير في أداء الواجب" على خلفية تعامله مع ملف الحدود الأميركية المكسيكية.
وفي خطابها الأربعاء، قالت لونا إن شيف "كان يستيقظ كل صباح على هدف واحد، وهو الكذب ثم الكذب ثم الكذب على الشعب الأميركي" في زعمه بأن "هناك دليلاً دامغاً على تواطؤ روسيا".
"عداوتكم شرف"
من جانبه، اعتبر شيف، الذي قاد أولى عمليتي عزل ترمب، أن الجمهوريين يستهدفونه لأنه كان "فعالاً للغاية في محاسبة ترمب".
وواجه ترمب العزل في مجلس النواب بزعم أنه استخدم مساعدات لأوكرانيا كوسيلة ضغط لإجراء تحقيقات مع أسرة بايدن، قبل تبرئته في مجلس الشيوخ.
وقال شيف: "إنكم تمنحونني الشرف بعداوتكم"، مضيفاً أن "كلماتكم تخبرني بأنني كنت فعالاً للغاية في الدفاع عن ديمقراطيتنا".
وفي نقاش مجلس النواب، اتهم الديمقراطيون الجمهوريين بتوجيه اللوم لشيف، لإظهار ولاءهم للرئيس السابق، الذي ارتكز عزله الثاني على أفعاله المتعلقة بأحداث الشغب التي وقعت في مبنى الكابيتول الأميركي في 6 يناير 2021، والذي يعد الآن المرشح الأوفر حظاً لنيل بطاقة ترشيح الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة عام 2024.
وقال النائب الديمقراطي عن ولاية ماساتشوستس، جيم ماكجفرن، إن "الجمهوريين يحرصون أكثر على تملق ترمب من حرصهم على تحري ما هو أفضل لهذا البلد".
وردت لونا: "لسنا هنا من أجل دونالد ترمب أو أحداث 6 يناير، ولكن من أجل الرئيس السابق للجنة الاستخبارات الذي عمد إلى كذبة مزقت شمل بلدنا".
قرار "بلا قيمة"
"وول ستريت جورنال" أشارت إلى أن قرار توجيه اللوم "لا يحمل قيمة عملية في ذاته، ولكنه يمثل أعلى أشكال العقاب من قبل مجلس النواب باستثناء الطرد".
الصحيفة الأميركية لفتت أيضاً إلى أن آخر حالات اتخاذ قرار بتوجيه اللوم من قبل مجلس النواب كانت للنائب الجمهوري عن ولاية أريزونا، بول جوسار، في 2021 إثر نشره مقطع رسوم متحركة لعملية قتل ضد النائبة الديمقراطية عن ولاية نيويورك، ألكساندريا أوكاسيو كورتيز.
وقبلها حالة توجيه اللوم في 2010 إلى النائب الديمقراطي عن ولاية نيويورك، تشارلي رانجيل لممارسته انتهاكات أخلاقية تتعلق بامتيازات وضرائب وتقارير أصول.
وكان مكارثي عزل شيف من لجنة الاستخبارات في وقت سابق من هذا العام. وينافس شيف الآن لشغل مقعد مجلس الشيوخ الذي كان تشغله السيناتور الديمقراطية من ولاية كاليفورنيا ديان فاينستاين.
وصوت مجلس النواب الأسبوع الماضي على طرح أو رفض مشروع قانون بتوجيه اللوم إلى شيف، إذ انضم بعض الجمهوريين إلى النواب الديمقراطيين الذين أعربوا عن مخاوف بشأن بند يهدف إلى تغريم شيف 16 مليون دولار. ولكن لونا عدلت قرارها باستبعاد الغرامة قبل أن تعيده إلى المجلس.
عزل بايدن
والأربعاء، انتقد مكارثي النائبة الجمهورية عن ولاية كولورادو لورين بوبيرت، لطلبها التصويت على عزل بايدن على خلفية سياسة الهجرة والحدود. وشدد رئيس مجلس النواب على أن هذه الخطوة "ستأتي بنتائج عكسية"، مشيراً إلى أن أي إجراء من هذا القبيل "يجب أن يعقب تحقيقاً شاملاً".
وقال مكارثي للصحافيين: "يجب أن يكون لدينا قضية لإصدار لائحة اتهام بدلاً من الاكتفاء بإلقاء الاتهامات عبثاً"، مضيفاً أن "هذا من أخطر الأشياء التي يمكن أن تقوم بها كعضو في الكونجرس، ومن ثم يتعين عليك أن تتخذ كافة التدابير".
وكانت بوبيرت طلبت، الثلاثاء، إجراء تصويت على عزل بايدن، ولكنها قالت، الأربعاء، بعد مناقشات مع رئيس مجلس النواب بهذا الشأن إنها تلقت وعداً بأن لجنة الأمن الداخلي ستنظر في الأمر.
وسيصوّت مجلس النواب، الخميس، على إجراء معدل يحيل مسألة العزل إلى لجنتي القضاء والأمن الداخلي في مجلس النواب.
وقالت بوبيرت للصحافيين: "إذا لم يحدث شيء في اللجان مما وُعدت به، سأقدم قراراً ذا امتياز كل يوم خلال الفترة المتبقية من ولايتي في الكونجرس".
والقرارات ذات الامتياز من شأنها تسريع طرح القرار للتصويت العام في مجلس النواب.
وأيد مكارثي قرار توجيه اللوم لشيف كما فعل في الماضي، ولكنه أشار إلى أنه يهدف إلى كبح جماح الجهود الجديدة التي يبذلها أعضاء جمهوريون في مجلس النواب لتقديم "قرارات ذات امتياز إضافية"، مؤكداً أن "هذه التدابير يمكن أن تعرقل نظام العمل".
وأعرب مكارثي عن اعتقاده بأن القرارات الإضافية "غير مثمرة"، مشيراً إلى أن الأميركيين يدعمون التحقيقات التي يجريها الجمهوريون، ولكنهم أيضاً يريدون أن يناقش الكونجرس قضايا التضخم والجريمة وغيرها.
مع ذلك، قالت النائبة الجمهورية عن ولاية جورجيا مارجوري تايلور جرين، الأربعاء، إنها خططت لتحويل جميع قراراتها، بما فيها قرارت عزل مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) كريستوفر راي، والمدعي العام ميريك جارلاند، ووزير الأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس، إلى قرارات ذات امتياز.
وقالت جرين للصحافيين إن "العزل أداة مهمة"، مضيفة أنه "بقدر ما يقولون إنه يجب خوض سلسلة كبيرة ومطولة من الإجراءات في مجلس النواب، فهذا ليس صحيحاً بالضرورة".
تعطيل إجراءات
وخلص أعضاء جمهوريون آخرون في مجلس النواب إلى أن عزل بايدن أو مسؤولين آخرين من شأنه أن يختصر التحقيقات التي تجريها لجنة المراقبة واللجنة القضائية بمجلس النواب، وأن يوجه ضربة قاصمة لمتوالية الإجراءات القانونية اللازمة.
في هذا السياق، قال النائب الجمهوري عن ولاية نبراسكا، دون بيكون: "لا يجب أن نقلل من أهمية العزل. هذه ليست مباراة في ساحة لعب، ولكن البعض يتعامل معها على هذا النحو. وهذا غير صحيح".
وتباشر لجنة الرقابة في مجلس النواب التحقيق في التعاملات المالية لبايدن وأسرته، فيما تبحث اللجنة القضائية اتهامات الجمهوريين بـ"تسييس" وزارة العدل وتعامل الرئيس مع تدفق المهاجرين على الحدود الجنوبية.
وقال مكارثي للصحافيين، إنه استدعى بوبيرت في قت متأخر ظهر الثلاثاء، بعد أن صُدم بقرارها بمحاولة البدء مباشرة في عزل الرئيس.
وأضاف رئيس مجلس النواب: "طلبي إليها هو ’قبل أن تطرحي شيئا ما، ألا يجب أن تتحدثي أولاً في مؤتمر النواب الجمهوريين بشأنه؟. وجاء رد بوبيرت بأنها ستفكر في تأجيل القرار أو طرحه على جمهوريين آخرين في مؤتمر مغلق للأعضاء الجمهوريين في مجلس النواب، ولكنها لم تحضر ذلك الاجتماع".
وأشارت الصحيفة إلى أن الجمهوريين يدعمون توجيه اللوم إلى شيف بقوة، لأنهم يعتقدون أنه تمادى، عندما قال إن حملة ترمب "تواطأت مع روسيا" خلال السباق الرئاسي في عام 2016.
وقدم المستشار الخاص السابق روبرت مولر معلومات تفصيلية بشأن "الاتصالات المتكررة بين أشخاص في دائرة ترمب المقربة والكرملين"، بما في ذلك "تلك المتعلقة باختراق رسائل البريد الإلكتروني الخاصة باللجنة الوطنية الديمقراطية"، ولكنه لم يؤكد أن حملة ترمب تآمرت مع روسيا عن علم.
ويعتقد الجمهوريون أن شيف أضفى شرعية على تطبيق مراقبة مليء بالأخطاء ضد كارتر بيدج، الذي كان مساعداً في حملة ترمب.
وقالت هيئة رقابية حكومية في تقرير أصدرته في ديسمبر 2019، إن مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) حجب مادة يحتمل أن تكون خاصة بتبرئة بيدج عن محكمة مراقبة الاستخبارات الأجنبية لدى سعيه لاستصدار مذكرة قضائية بشأنه.
من جانبه أكد شيف أن دليل التواطؤ "كان واضحاً للجميع، سواء ارتقى الأمر إلى مستوى التجريم من عدمه".
وفيما يتعلق بإضفاء الشرعية على تطبيق المراقبة، قال شيف مؤخراً إنه عندما قام أعضاء ديمقراطيون في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب بنشر مذكرة في يناير 2018، تفيد بأن مكتب التحقيقات الفيدرالي لم يسئ استخدام إجراءات قانون مراقبة الاستخبارات الأجنبية، مضيفاً: "لم يكن هناك طريقة تمكننا من معرفة أن بعض المحاميين التابعين لمكتب التحقيقات الفيدرالي من المستوى الأدنى أساءوا تفسير أمراً ما، من بين أمور أخرى".
اقرأ أيضاً: