"المسيرات الأميركية" سلاح الهند في مراقبة الحدود المتنازع عليها مع الصين

time reading iconدقائق القراءة - 8
شاحنة عسكرية هندية تسير على طريق سريع يمتد إلى الحدود الصينية في ولاية أروناتشال براديش شمال شرق الهند. 28 مايو 2012 - REUTERS
شاحنة عسكرية هندية تسير على طريق سريع يمتد إلى الحدود الصينية في ولاية أروناتشال براديش شمال شرق الهند. 28 مايو 2012 - REUTERS
دبي -الشرق

تعتزم الهند شراء طائرات مسيّرة متطوّرة في إطار صفقة تبلغ قيمتها نحو 3 مليارات دولار، أعلنتها واشنطن ونيودلهي، الخميس، لمساعدة نيودلهي في رصد قوات الصين على الحدود المتنازع عليها بين الدولتين الجارتين، وفق صحيفة "وول ستريت جورنال".

وقالت الصحيفة في تقرير نشرته، الجمعة، إن الصفقة التي أعلن عنها على هامش أول زيارة دولة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى الولايات المتحدة، تعكس الجهود المتزايدة التي تبذلها نيودلهي لمراقبة الحدود عن كثب، في الوقت الذي تواجه فيه "خصماً صعباً ومجهزاً بشكل جيد"، لافتة إلى أن بكين "طوّرت خلال عقود بنية تحتية أفضل بكثير على جانبها، ما أعطى جنودها ميزة كبيرة، كما أن هذا التعزيز ما زال مستمراً".

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين هنود لم تكشف عن هوياتهم، قولهم إن الهند ستحصل على نحو 30 طائرة مسيّرة طراز MQ-9B التي تحلق على ارتفاعات عالية، والتي ستكون مزيجاً من طائرات "سي جارديانز" و"سكاي جارديانز".

وأضاف المسؤولون، أنه ربما يجري تجميع بعض هذه الطائرات في الهند، وأنها ستكون مسلحة، مشيرين إلى أنه من المتوقع تخصيص نصفها تقريباً لقوات البحرية الهندية، بينما سيستخدم الجيش الهندي والقوات الجوية بقية الطائرات للمراقبة.

تعاون دفاعي 

ونقلت الصحيفة عن مودي قوله في مقابلة أجرتها معه قبل الزيارة، إن نيودلهي وواشنطن وصلتا إلى مستوى غير مسبوق من الثقة، واصفاً التعاون الدفاعي بين البلدين بأنه ركيزة أساسية للشراكة بينهما.

ولفتت الصحيفة إلى أنه في حين أن الهند ليست حليفاً أمنياً للولايات المتحدة، فإن البلدين يشتركان في شعور عميق بـ"عدم الثقة في بكين"، وهو ما أدى لتعاونهما بشكل أكبر، بما في ذلك من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية، ومبيعات الأسلحة، وإنتاجها بشكل مشترك.

وتوصلت الولايات المتحدة والهند أيضاً إلى اتفاق لتصنيع محركات الطائرات المقاتلة التابعة لشركة "جنرال إلكتريك" في نيودلهي، وهي الاتفاقية التي ستمنح الأخيرة تقنية عسكرية شديدة الحساسية تمكنها من تشغيل الجيل التالي من المقاتلات النفاثة، إذ أنه نفس المحرك المُستخدَم في مقاتلات "F/A-18" الأميركية.

ووفقاً للصحيفة، فإن نيودلهي تخلت عن حذرها المستمر منذ عقود من الولايات المتحدة، الذي كان يعزى جزئياً إلى دعم واشنطن لخصمها باكستان، إذ تبنت الهند التحالف الرباعي (كواد) الذي يجمعها مع اليابان وأستراليا والولايات المتحدة، والذي تتعاون الدول الـ4 فيه في مجال الأمن ومجموعة من القضايا الأخرى.

"منافسة متوترة"

"وول ستريت جورنال" أوضحت أن "المنافسة المتوترة بين نيودلهي والصين تُعزى إلى نزاعهما بشأن الحدود الممتدة على مسافة 2000 ميل بين البلدين، المعروفة باسم خط السيطرة الفعلية"، لافتة إلى أن هذا التنافس امتد إلى "جوانب أخرى من العلاقات، إذ حظرت نيودلهي العشرات من تطبيقات الأجهزة المحمولة الصينية، بما في ذلك (تيك توك)، وطردت كل منهما صحفيي الأخرى من أراضيها".

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمنيين هنود، لم تكشف عن هوياتهم، قولهم إن بكين اتخذت في السنوات الأخيرة "موقفاً أكثر عدوانية تجاه النزاع الإقليمي المستمر منذ عقود، كما أنها تحاول التعدي على الأراضي التي تدعي الهند خضوعها لسيطرتها، ونتيجة لذلك، فإن نيودلهي باتت تواجه مهمة صعبة تتمثل في مراقبة الحدود عن كثب لتجنب المباغتة بسبب تحركات صينية تدريجية خفية".

وأضاف المسؤولون أن هذا هو الدور الذي تلعبه الطائرات المسيرة، مشيرين إلى أن نيودلهي "تشغل عشرات المسيّرات هندية وإسرائيلية الصُنع، التي يتم تزويد الكثير منها بأجهزة استشعار وكاميرات متطورة، كما أنها تستخدم صور الأقمار الصناعية لتتبع الأنشطة الصينية في المناطق الحدودية، قائلين إن المعدات تلتقط معلومات حول مدى انتشار القوات والأسلحة الصينية ومواقع المدفعية والبنية التحتية الجديدة على الحدود".

وأوضح مسؤولون أمنيون وخبراء هنود، أن "ما يراقبونه، على وجه الخصوص، هو عبور الجنود الصينيين إلى الأراضي التي تعتبرها الهند ملكاً لها، وترسيخ التواجد هناك من خلال بناء معسكرات أو طرق، حيث سعت القوات الصينية في السنوات الأخيرة لاحتلال المناطق المتنازع عليها، ووقف قدرة الهند على حراسة الأراضي الحدودية التي كانت تستطيع الوصول إليها في السابق".

"مهمة صعبة"

"وول ستريت جورنال" رجحت أن هذه المهمة "ليست سهلة"، بالنظر لطول الحدود بين البلدين التي تمتد من منطقة لاداخ الجبلية النائية إلى ولاية "أروناتشال براديش" شمال شرق الهند.

ونقلت عن مسؤولين هنود قولهم، إن "الصين تستخدم أيضاً مسيرات على نطاق واسع لمراقبة الحدود"، لافتين إلى أنه بعد أشهر قليلة من المواجهة التي جرت في عام 2020 بين قوات الأمن الصينية والهندية في بحيرة بانجونج تسو، اتفق الجانبان على سحب القوات، وهي الخطوة التي تمت مراقبتها من خلال المسيرات.

ويشمل أسطول المسيرات الهندية 125 طائرة إسرائيلية الصُنع من طراز Searcher Mark-II، والتي يمكنها العمل لساعات طويلة على ارتفاعات عالية تبلغ حوالي 18500 قدم، و90 طائرة بدون طيار من طراز Heron، والتي يتم تصنيعها أيضاً في إسرائيل، حسب الصحيفة.

وبالنظر للأهمية المتزايدة لمثل هذه الأنظمة، اشترى الجيش الهندي المزيد من المسيرات، والكاميرات وأجهزة الاستشعار في الأشهر الأخيرة لنشرها في نقاط الاحتكاك الرئيسية، وأحد الصفقات التي أبرمها مؤخراً شملت 850 وحدة من الطائرات النانو بدون طيار، التي يسمح حجمها الصغير بنقلها ونشرها بأعداد كبيرة بشكل أسهل، بحسب "وول ستريت جورنال".

وبالإضافة إلى الطائرات بدون طيار، تستخدم الهند أيضاً طائرات الدوريات طراز "بوينج بي-8I "، كما أنها زادت من حجم طلعات الطائرات المقاتلة على طول الحدود، وفقاً لما نقلته الصحيفة عن مسؤولين هنود.

في السياق، قال مسؤول كبير سابق في البحرية الهندية، لم تكشف الصحيفة عن هويته: "من خلال المزيج الذي يتكون من طائرات (P-81) الأميركية وطائرات مروحية (روميو) والآن طائرات (بريداتور) بدون طيار، فإنه سيتم تعزيز المجموعة القتالية الخاصة بنا بشكل كبير ضد الأعداء".

وقال مسؤول في الاستخبارات العسكرية الهندية، لم تكشف الصحيفة عن هويته، إن استخدام الطائرات المسيرة "قلل من فرص المفاجآت التكتيكية من جانب الصين"، مضيفاً أن "تكنولوجيا المسيرات أثبتت أنها قوة مضاعفة في العمليات العسكرية في جميع أنحاء العالم، وفي حالتنا فإن الزيادة الملحوظة في حجم الحوادث على طول الحدود جعل من الضروري امتلاك هذه الأنظمة".

"قيود" على العلاقات

وتتعاون الولايات المتحدة بشكل وثيق مع الهند بسبل أخرى أيضاً، ففي العام الماضي، شاركت القوات الهندية والأميركية في مناورة عسكرية على ارتفاعات عالية على بُعد 60 ميلاً من الحدود الهندية-الصينية في ولاية "أوتارانتشال" الشمالية، كما عزز البلدان تعاونهما البحري مع زيادة بكين وجودها في المحيط الهندي من خلال نشر الغواصات والاستثمار في الموانئ.

مع ذلك، حذّر خبراء أمنيون من وجود "قيود على العلاقات" بين واشنطن ونيودلهي، معربين عن اعتقادهم بأنه "على الرغم من تنافس الأخيرة مع بكين، فإنها من غير المرجح أن تنضم إلى الولايات المتحدة في أي مواجهة عسكرية معها بشأن تايوان".

كما تختلف الهند والولايات المتحدة أيضاً بشأن روسيا، التي تعد شريكاً وثيقاً لنيودلهي، فعلى الرغم من أن الأخيرة باتت تشتري المزيد من المعدات العسكرية من الولايات المتحدة، تظل موسكو أكبر مورديها للأسلحة بما في ذلك الطائرات العسكرية والمروحيات ونظام الدفاع الصاروخي "إس-400". مع ذلك، فإن واشنطن ترى أن نيودلهي تمثل جزئاً من شبكة من الشراكات في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، والتي تم تصميمها لإظهار قوتها، والتصدي للتدابير الصينية.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات