في فبراير الماضي، أعلنت حاكمة ولاية ساوث كارولاينا السابقة، نيكي هيلي، عزمها خوض الانتخابات الرئاسية لتصبح أول جمهوري يتحدى الرئيس السابق دونالد ترمب، في الفوز ببطاقة ترشيح الحزب الجمهوري في انتخابات 2024، على الرغم من تحالفهما سنوات.
بعد إطلاق ترمب حملته الرئاسية بأقل من 3 أشهر، أعلنت سفيرة الولايات المتحدة السابقة لدى الأمم المتحدة وحاكمة ولاية ساوث كارولاينا لفترتين، سعيها للفوز بترشيح الحزب الجمهوري في الانتخابات.
وُضِعت هيلي (51 عاماً) في أكثر من محك على مدار حياتها السياسية التي بدأت منذ نحو 20 عاماً، بداية من الوقوف ضد ترمب في حملته الرئاسية 2016 وتأييدها منافسه الجمهوري ماركو روبيو، مروراً بتحالفها مع الرئيس السابق وتعيينها سفيرة لدى الأمم المتحدة، وصولاً إلى خوض السباق الرئاسي 2024 بمباركة منافسها الأقوى دونالد ترمب.
هيلي هي ابنة لمهاجرين هنود من السيخ، كان والدها يدرس في جامعة البنجاب الزراعية ووالدتها حاصلة على شهادة المحاماة من جامعة دلهي، هاجرا إلى كندا عام 1969 وحصل والدها على شهادة من جامعة كولومبيا، وبعدها انتقلوا إلى بلدة بامبرج الريفية في ولاية ساوث كارولاينا حيث ولدت هيلي.
وعلى مدار طفولتها تعرضت للكثير من السخرية والعنصرية، لكن ذلك أعطاها دفعة قوية على المستوى الشخصي والسياسي، إذ قالت على تويتر في إعلان ترشحها للرئاسة: "لست سوداء ولا بيضاء.. كنت مختلفة.. أنا لا أتحمل المتنمرين".
وتكثر جرائم الكراهية في الولاية الجنوبية، مع غياب قانون واضح لمكافحتها، وأكسب تعامل هيلي مع إحدى تلك الجرائم، شهرة وطنية واسعة، ففي عام 2015، أطلق رجل أبيض النار وقتل 9 من المصلين من ذوي الأصول الإفريقية في كنيسة إيمانويل في تشارلستون، ملوحاً بعلم الكونفيدرالية الذي كان يعبر عن الولايات الأميركية الجنوبية خلال الحرب الأهلية الأميركية بين عامي 1861 و1865، وما زال محل اعتزاز بين الكثير من أبناء تلك الولايات.
كانت هيلي حينها حاكمة الولاية، ورداً على إطلاق النار، أزالت علم الكونفيدرالية من مبنى المجلس التشريعي للولاية، حسبما نقلت إذاعة NPR.
معارضة ثم تحالف ثم تنافس
قبل دخولها المعترك السياسي، حصلت هيلي على بكالوريوس علوم المحاسبة من جامعة كليمسون، وتزوجت من مايكل هيلي، النقيب في الحرس الوطني للولاية والذي بدأ حياته العسكرية عام 2006، وكان زميلاً لها خلال سنوات الدراسة الجامعية، وتم الزواج في كنيسة "سانت أندرو باي ذا سي" الميثودية المتحدة في جزيرة هيلتون هيد في الولاية عام 1996، وتركت هيلي ديانة والديها السيخية وتحولت إلى ديانة زوجها المسيحية، وأنجبت طفلين، وعملت في المحاسبة في شركة لإعادة التدوير.
في ذلك الوقت، كانت أسرتها تملك وتدير متجراً لبيع الملابس الهندية، ومع تنامي تجارة عائلتها لتصبح شركة بملايين الدولارات مع موقع جديد في ليكسينجتون، إحدى ضواحي مدينة كولومبيا، عُينت هيلي في مجلس إدارة غرفة تجارة ليكسينجتون في عام 2003، وأصبحت أمينة الرابطة الوطنية لسيدات الأعمال في نفس العام وبعدها رئيسة لها.
وفي إعلان ترشحها للرئاسي تفاخرت هيلي، بسجلها السياسي الحافل قائلة: "لم أخسر أي انتخابات قط، ولن أبدأ الآن".
دخلت هيلي عالم السياسة في سن مبكرة، حين قررت تمثيل دائرتها في مجلس النواب في ساوث كارولاينا عام 2004، وتمكنت من الفوز على المشرع الجمهوري لاري كون، الذي قضى أطول خدمة في الولاية منذ عام 1975.
وشغلت هيلي المنصب 3 فترات قبل أن تصبح حاكمة الولاية عام 2010، لتصبح بذلك أول امرأة وأول حاكمة من الأقليات تحكم الولاية.
خبرتها السياسية، جعلتها "تزن الأمور وتصمت في بعض الأوقات"، مثلما فعلت عندما شكك الرئيس السابق في نتيجة انتخابات 2020، لكنها قبل ذلك بأعوام، وأثناء خوض ترمب انتخابات 2016، تحدثت عن "عنصرية ترمب"، وعن تهديد تفوق البيض، وعن الشياطين التي يجب طردها من الحزب الجمهوري، لكنها تراجعت عن تلك الآراء مرة أخرى بعد انضمامها إلى إدارة الرئيس السابق.
طموح رئاسي بمباركة ترمب
في عام 2016، ساندت هيلي عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا، ماركو روبيو، في سباق الحزب الجمهوري للترشح للرئاسة في 2016 ضد ترمب، ومع ذلك عرض عليها ترمب منصب سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة بعد فوزه بمنصب الرئيس.
شغلت هيلي المنصب لمدة عامين، وبدا التحالف بينها وبين الرئيس السابق جلياً للجميع، وفي عام 2018، استقالت من منصبها بعد موقفها العنيف من اعتراض بعض الدول على إعلان ترمب القدس عاصمة لإسرائيل، مهددة بأن واشنطن قد تتخذ عقوبات ضد الدول التي تنتقد القرار الأميركي في الأمم المتحدة.
خرجت هيلي من إدارة ترمب سالمة دون إثارة أي متاعب ضده، وبقيت على تواصل معه وحافظت على توازن نادر في علاقتها به سمح لها بانتقاده في بعض الأحيان، والإشادة به مراراً.
بعد الهجوم على مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021، هاجمت ترمب علناً، وقالت إنه "مخطئ بشدة. التاريخ سيحكم بقسوة على أفعاله منذ يوم الانتخابات".
وفي أبريل من نفس العام، انتشرت بعض الشائعات عن خوضها السباق الرئاسي 2024، لكنها نفت ذلك قائلة: "لن أترشح لو ترشح الرئيس ترمب، وسأتحدث معه بشأن ذلك.. هذا شيء سنجري محادثة حوله في مرحلة ما، إذا كان هذا القرار أمراً يجب اتخاذه".
لم يمر كثير من الوقت حتى تراجعت هيلي عن موقفها، وأعلنت عزمها دخول السباق للحصول على بطاقة ترشيح الحزب الجمهوري ضد الرئيس السابق، وقالت في مقابلة على قناة "فوكس نيوز" في يناير الماضي: "عندما تنظر إلى مستقبل أميركا، أعتقد أن الوقت قد حان لجيل جديد.. لا أعتقد أنك بحاجة إلى أن تبلغ من العمر 80 عاماً لتصبح رائداً في العاصمة".
وفي فيديو إعلان ترشحها للرئاسة قالت: "لقد حان الوقت لجيل جديد من القيادة لإعادة اكتشاف المسؤولية المالية، وتأمين حدودنا، وتعزيز بلدنا".
حتى الآن تعد هيلي الوحيدة، من بين المنافسين الجمهوريين لترمب، التي حظيت بمباركته لخوض السباق الرئاسي، إذ قال في بيان عبر المتحدث باسم حملته الانتخابية: "على الرغم من أن نيكي هيلي قالت، لن أترشح أبداً ضد رئيسي، لقد كان رئيساً عظيماً، وأفضل رئيس في حياتي. أخبرتها أنها يجب أن تتبع قلبها وتفعل ما تريد القيام به. أتمنى لها التوفيق".
اقرأ أيضاً: