![جانب من المواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في باريس خلال الاحتجاجات الواسعة على قتل فتى برصاص الشرطة الفرنسية.2 يوليو 2023 - REUTERS](https://assets-news.asharq.com/images/articles/416x312/4-3/8a29cfd8-06e3-4ce9-b403-9336525bf67b.jpg)
قالت "بلومبرغ"، الخميس، إن أعمال الشغب الأخيرة التي شهدتها فرنسا، تسلط الضوء على عقود من الفشل السياسي في حلّ الفجوة الاجتماعية والاقتصادية التي تفصل بين سكان الضواحي الفقيرة وبقية أنحاء البلاد.
وألقت السلطات الفرنسية القبض على أكثر من 3500 شخص خلال الأسبوع الماضي في أسوأ أعمال شغب تشهدها مدن فرنسا منذ عام 2005، إذ اندلعت شرارة الاضطرابات بعدما أطلق شرطي النار، على شاب فرنسي من أصل جزائري يدعى نائل، ما أودى بحياته، خلال عملية تدقيق مروري.
وأشارت "بلومبرغ" إلى أنه على مدى عقود، سعى القادة الفرنسيون لتحسين الأوضاع في المئات من الضواحي الفقيرة مثل "أوبيرفيلييه"، التي تضم أعداداً كبيرة من المهاجرين ولديها معدلات مرتفعة من الفقر والبطالة بين الشباب والأفراد الذين يعيشون داخل منازل الإسكان الحكومي المكتظة.
ولكن فشل الخطط المتتالية، وانهيار ثقة السكان في مؤسسات الدولة، أدى إلى تحويل هذه الضواحي إلى مناطق قابلة للاشتعال في أي لحظة.
"لدغة مؤلمة لفرنسا"
ورأت "بلومبرغ" أن الاحتجاجات الأخيرة في باريس تمثل "لدغة مؤلمة" لفرنسا، التي تعد بلد "الحرية، والمساواة، والإخاء"، كما أنها تؤدي أيضاً لتعزيز الدعم لزعيمة اليمين المتطرف المناهضة للهجرة مارين لوبان، حيث أظهر استطلاع للرأي شمل 1000 شخص أن مكانتها السياسية ارتفعت مع أعمال الشغب الأخيرة.
وأضرم المحتجون النار في الحافلات وأحرقوا واجهة حمام سباحة كان يجري بناؤه من أجل أولمبياد 2024 في ضاحية "أوبيرفيلييه" الواقعة شمال باريس، بالقرب من المكان الذي أعلن فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لأول مرة عن رغبته في الترشح للرئاسة.
ورجحت الوكالة أن السبب وراء اختيار ماكرون لهذه المنطقة للإعلان عن ترشحه في عام 2016، هو محاولته "حل واحدة من أكبر مشاكل البلاد المستعصية وهي الفجوة الاجتماعية والاقتصادية التي تفصل بين سكان الضواحي الفقيرة وبقية فرنسا".
ولفتت إلى أن الأحداث الأخيرة سلطت الضوء مرة أخرى على المشاكل الأعمق في ضواحي باريس، والتي بُنيت لإيواء العمال في الستينات والسبعينات ولكنها جذبت المهاجرين على مر السنين وأصبحت تعبر عن الحرمان والتوترات المتعلقة بالعرق.
وللحصول على صورة أوضح لمدى حجم التحدي الذي تواجهه الدولة في هذه الضواحي، أعدت الحكومة الفرنسية في عام 2014 قائمة تضم نحو 1500 حي رأت أنهم يمثلون "أولوية"، بناءً على معدلات الدخل وتقييم المسؤولين المحليين، وفي عام 2020، كانت هذه الأحياء تضم حوالي 5.4 مليون شخص، وهم يشكلون نحو 8%من سكان البلاد.
خطط حكومية
وعلى مر السنوات، وضعت الحكومات الفرنسية المتعاقبة عدداً من الخطط الرئيسية للحد من الفقر والبطالة وتحسين التعليم والرفاهية، وأصدر ديوان المحاسبة الوطني تقريراً في عام 2020 يفيد بأن الحكومة تنفق حوالي 10 مليارات يورو سنوياً لسد الفجوة.
ووفقاً لدراسة نُشرت العام الماضي من قبل مركز أبحاث "Institut Montaigne" فإن الحكومة الفرنسية لديها عجز سنوي قدره مليار يورو في الإنفاق على أشياء مثل التعليم والعدالة في هذه الأماكن.
وذكرت ستيفاني فيرميرش، مديرة الأبحاث في معهد "العلوم الإنسانية والاجتماعية" في فرنسا، أن "جزءاً كبيراً من استثمارات الحكومات المتعاقبة في العقدين الماضيين ذهب إلى استبدال المباني السكنية الشاهقة والمكتظة بمبان أصغر"، مشيرة إلى أن هذا التركيز "ترك أزمة في التعليم والتمييز الوظيفي والعلاقات بين السكان ورجال الشرطة".
وأضافت: "صحيح أن هناك أحياء لم تعد تشبه ما كانت عليه من قبل، ولكن المشكلة الأساسية هي أن الواقع الاجتماعي نفسه لم يتغير. ركزت الحكومة في السنوات الماضية على ضبط الأمن بشكل أكثر صرامة، وقد أدت مواجهة الشباب الغاضب واليائس والمحروم من حقوقه لقوة شرطة سيئة التدريب على خلق وضع قابل للاشتعال".
وبحسب الحكومة، فقد لقي 6 أشخاص حتفهم جراء إصابتهم بالرصاص بعد عدم امتثالهم لأوامر الشرطة في عامي 2020 و2021، و13 في عام 2022 و3 أشخاص حتى الآن هذا العام، بمن فيهم نائل.
ووفقاً لـ"بلومبرغ"، فإنه بينما يستمر الجدل بشأن ضبط الأمن بشكل أكبر وأفضل، فإنه لا توجد إشارات كافية على أن الواقع على الأرض سيتغير في أي وقت قريب.