وافق البرلمان في فرنسا، في وقت متأخر الأربعاء، على السماح للشرطة الفرنسية بالتجسس على المشتبه بهم، عبر تشغيلها عن بعد للكاميرا والميكروفون ونظام تحديد المواقع العالمي في هواتفهم والأجهزة الاخرى.
ويأتي هذا في إطار مشروع قانون أوسع لإصلاح العدالة. وتعرض بند التجسس لهجوم من قبل اليسار والمدافعين عن الحريات، الذين وصفوه بأنه بمثابة "ميثاق استبدادي للتلصص"، على الرغم من تأكيد وزير العدل إريك دوبون-موريتي أنه سيؤثر على "عشرات القضايا سنوياً".
وصادق النواب بأغلبية 80 صوتاً مقابل 24 على المادة المتعلقة بالتجسس في مشروع قانون البرمجة للعدالة، والذي تمت دراسته في القراءة الأولى منذ الاثنين في قصر بوربون.
وعبر تغطية الحواسيب النقالة والسيارات وغيرها من الأجهزة بالإضافة إلى الهواتف، سيتيح الإجراء تحديد الموقع الجغرافي للمشتبه بهم في جرائم يعاقب عليها على الأقل بالسجن لخمسة أعوام.
يمكن أيضاً تفعيل الأجهزة عن بعد، لتسجيل الأصوات وصور أشخاص يشتبه بارتكابهم أفعالاً متعلقة بالإرهاب، بالإضافة إلى الجرائم المنظمة والجنح.
مخاوف إزاء الحريات
وكانت مجموعة الحقوق الرقمية "تربيع دائرة الانترنت" كتبت في مايو الماضي، أن هذه البنود "تثير مخاوف جدية بشأن التعدي على الحريات الأساسية".
وذكّرت المجموعة بـ"الحق في الأمن وفي حياة خاصة والمراسلات الخاصة"، بالإضافة إلى "الحق في المجيء والذهاب بحرية"، واصفة المقترح بأنه جزء من "الانزلاق إلى الأمن القاسي".
وخلال مناقشات الأربعاء، قام نواب في معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون بإدخال تعديلات تحدد استخدام التجسس عن بعد، عندما "تبرره طبيعة الجريمة وخطورتها"، و"لمدة متناسبة تماماً".
ويجب أن يوافق القاضي على استخدام هذا البند، بينما لا يمكن أن تتجاوز المدة الإجمالية للمراقبة ستة أشهر. ولن يكون العاملون في مهن حساسة مثل الأطباء والصحافيين والمحامين والقضاة والنواب، أهدافاً مشروعة.
وأكد وزير العدل إريك دوبون-موريتي: "سيتم إنقاذ حياة الناس".
اضطرابات بسبب الشرطة
وتزامنت موافقة البرلمان الفرنسي على البند المثير للجدل، مع أعمال الشغب الأخيرة التي شهدتها فرنسا، والتي تعتبر الأسوأ منذ عام 2005.
وألقت السلطات الفرنسية القبض على أكثر من 3500 شخص خلال الأسبوع الماضي، على خلفية أعمال الشغب التي انطلقت بعدما قتل شرطي مراهق إثر تدقيق مروري، فيما بلغت الخسائر المادية نحو مليار يورو، إذ تضررت محال تجارية ومراكز تسوق ومصارف.
واندلعت شرارة الاضطرابات بعدما أطلق شرطي النار على مراهق فرنسي من أصل جزائري يدعى نائل، ما أودى بحياته، خلال عملية تدقيق مروري.
وفي بلد يُعاني من اندلاع موجات منتظمة من الاضطرابات التي غالباً ما تؤدي لإطلاق دعوات لقمع مثيري الشغب، قد يكون من الصعب توجيه انتقادات للشرطة التي تتعرض لضغوط، وتفقد عدداً من أفرادها.
ويحذر خبراء من أن السلطات لم تعد قادرة على غض الطرف عن اتهامات الجماعات الحقوقية بتفشي العنصرية داخل جهاز الشرطة، والتصنيف العرقي، والقضايا المتعلقة بالتجنيد والتدريب، وعقيدة الشرطة.
اقرأ أيضاً: