شهدت إسرائيل، الثلاثاء، قطع طرق رئيسية ومظاهرات مع إطلاق محتجين ما أسموه "يوم التشويش"، لرفض خطة الحكومة لإصلاح النظام القضائي، مع دفع ائتلاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المنتمي لليمين المتطرف بتشريع جديد للحد من سلطات المحكمة العليا.
ووافق البرلمان الإسرائيلي "الكنيست"، الاثنين، بشكل مبدئي على مشروع قانون "عدم المعقولية" الذي يهدف إلى الحد من سلطات القضاء في مراجعة قرارات مجلس الوزراء وأعضاء الحكومة، والذي وصفه معارضون ومحللون بـ"المثير للجدل".
وانطلقت صباح الثلاثاء، مظاهرات ومسيرات في عدة مدن ومناطق، فيما أغلق عشرات المتظاهرين طرقاً رئيسية في تل أبيب، وشهدت العديد من الطرقات اختناقات مرورية.
ونظم العشرات من ناشطات حركة "بناء بديل" وقفة في مطار بن جوريون في مدينة اللد، فيما نشرت الشرطة الإسرائيلية نحو ألف عنصر في المطار، استعداداً للاحتجاجات.
وجاء في بيان مقتضب صادر عن الحركة: "دولة ديمقراطية تدوس على حقوق المرأة والأقليات. هذا الصباح نعلن يوم احتجاج ومقاومة تشارك فيه عشرات الآلاف من النساء في جميع أنحاء البلاد من الشمال إلى الجنوب".
قطع طرق واعتقالات
وعند مفرق الطرق في "هسيراه" قرب مدينة هرتسليا بالقرب من تل أبيب (وسط)، نصب متظاهرون خيمة احتجاج، وأضرموا النيران في إطارات احتجاجاً على مصادقة الكنيست بالقراءة الأولى على "تقويض" صلاحيات المحكمة العليا.
وفي مدينة حيفا، أغلق متظاهرون الطريق الساحلي عند المدخل الجنوبي للمدينة بالاتجاهين، وشارك العشرات في وقفة احتجاجية نظمت في "سديروت بيل يام" قبالة المباني الحكومية والمحاكم في حيفا، وسط تواجد مكثف للشرطة الإسرائيلية.
وأغلق نحو 200 متظاهر طريق 443 باتجاه القدس بالقرب من حاجز "مكابيم"، وألقت قوات الشرطة القبض على اثنين منهم، قبل أن تعمل على فتح الشارع ومنع من المتظاهرين إغلاقه.
وأفادت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" بأن الشرطة اعتقلت 24 شخصاً خلال المظاهرات، لافتة إلى وقوع إصابة في صفوف المتظاهرين.
واستخدمت قوات الشرطة خراطيم المياه لتفريق المحتجين، وفتح طرقات رئيسية أغلقت في حيفا، وتل أبيب، ووسط البلاد والقدس، كما يظهر في مقاطع فيديو نشرتها هيئة البث الإسرائيلي "مكان" على تويتر.
كما ألقت الشرطة القبض على 5 متظاهرين بشبهة "الإخلال بالنظام العام" في مظاهرة ضد تقويض صلاحيات المحكمة العليا في شارع 443 قرب مستوطنة "موديعين".
موافقة مبدئية
وصادقت لجنة الدستور والقانون والقضاء في الكنيست على مشروع القانون، الأسبوع الماضي. فيما تعد هذه الموافقة بصفة قراءة أولى، ويحتاج إلى التصويت عليه في قراءتين ثانية وثالثة حتى يصبح نافذاً.
وصوّت 64 نائباً لصالح مشروع القانون، هم جميع أعضاء الائتلاف الحاكم، فيما عارضه كل الأعضاء المنتمين إلى الأحزاب المعارضة وعددهم 56 عضواً.
وفور إعلان نتيجة التصويت، صفق أعضاء الائتلاف الحاكم. واحتضن وزير العدل ياريف ليفين وزير الأمن الداخلي إيتمار بن جفير.
وفي المقابل، علت صيحات "العار" من مقاعد المعارضة، ما دفع رئيس المجلس أمير أوحانا بمطالبة الأعضاء الذين قاموا بذلك بالخروج مؤقتاً من القاعة، حسب ما ذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
ويمنع القانون استخدام القضاء "حجة المعقولية" في مراجعة القرارات الرسمية، وهو أحد التعديلات القضائية التي اقترحها نتنياهو بعد عودته لرئاسة الحكومة في ديسمبر الماضي، وقوبلت برفض قطاعات كبيرة من الإسرائيليين الذين نظموا احتجاجات متواصلة منذ 27 أسبوعاً.
ويتوقع مراقبون أن تصادق الحكومة على مشروع القانون بصيغته المخففة أو الحالية، بشكل نهائي، في وقت لاحق من يوليو الجاري، ليصبح أول قانون يصادق عليه "الكنيست"، في إطار ما يصفه نتنياهو بأنه مشروع "الإصلاح القضائي".
خسائر وشقاق
وقال محافظ "بنك إسرائيل" (المركزي) أمير يرون للصحافيين إن "استمرار حالة عدم اليقين لها تكلفة اقتصادية ملحوظة"، مشيراً إلى خفض زائد في قيمة الشيكل (عملة إسرائيل) الذي خسر أكثر من 5% من قيمته منذ بدء الأزمة، وضعف أداء سوق الأسهم الإسرائيلية.
وأحدثت خطة "إصلاح" القضاء شقاقاً في المجتمع الإسرائيلي. وتعثرت محادثات تسوية الأزمة التي استضافها الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ بين الحكومة والمعارضة الشهر الماضي. واندلعت الاحتجاجات في الشوارع مجدداً، بعد أن هدأت لفترة.
وقال هرتسوج الذي يُعتبر منصبه شرفياً إلى حد كبير، إنه "يمكن التوصل لاتفاق. ومع ذلك، لا يوجد أحد على استعداد للجلوس والتحدث الآن من دون شروط مسبقة. هذا خطأ فادح له أبعاد تاريخية".
ورغم الدفع ببراءته في قضية فساد مستمرة منذ فترة طويلة، يسعى نتنياهو لتخفيف حالة القلق بين الحلفاء الغربيين والمستثمرين الأجانب، بالقول إن التغييرات المقترحة ستفصل بشكل أفضل بين فروع السلطة.
اقرأ أيضاً: