الصين وروسيا إلى دائرة المنافسة مع واشنطن في "حلبة كوبا" التقليدية

time reading iconدقائق القراءة - 6
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (يسار) يصافح نائب رئيس الوزراء الكوبي ريكاردو كابريساس رويز (يمين) ويقف بينهما رئيس الوزراء الكوبي مانويل ماريرو كروز قبل اجتماع في الكرملين بالعاصمة موسكو. 14 يونيو 2023 - REUTERS
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (يسار) يصافح نائب رئيس الوزراء الكوبي ريكاردو كابريساس رويز (يمين) ويقف بينهما رئيس الوزراء الكوبي مانويل ماريرو كروز قبل اجتماع في الكرملين بالعاصمة موسكو. 14 يونيو 2023 - REUTERS
ساو باولو - هاني الدرساني

بعد سنوات من الجمود، عادت التحركات الدبلوماسية بين روسيا وكوبا إلى الواجهة مجدداً، مدفوعتان بعوامل ومتغيرات دولية، إذ شهدت الأشهر الأخيرة تحركاً سياسياً ملحوظاً، تضمن تبادل زيارات دبلوماسية على مستويات عدة، فهل ستعود كوبا ميداناً للحرب الباردة من جديد بين روسيا والولايات المتحدة؟ وكيف دخلت الصين إلى حلبة المنافسة؟

في يونيو الماضي، توجه رئيس وزراء كوبا، مانويل ماريرو كروز، إلى موسكو، في زيارة استمرت أكثر من 10 أيام، التقى خلالها الرئيس فلاديمير بوتين، وفي الشهر ذاته، سافر وزير الدفاع، ألفارو لوبيز مييرا، إلى موسكو لإجراء مباحثات مع نظيره الروسي سيرجي شويجو.

وأعلن شويجو أن "كوبا كانت ولا تزال أهم حليف لروسيا في منطقة الكاريبي.. موسكو مستعدة لتقديم المساعدة لجزيرة كوبا فهم أصدقائنا". 

تبع الزيارات، مساعدات عسكرية روسية إلى كوبا، إذ وصلت سفينة البحرية الروسية Perekop إلى كوبا وهي تحمل على متنها نحو 100 طالب عسكري روسي، ومساعدات إنسانية ومعدات مختلفة إلى الجزيرة، وحضر المراسم السفير الروسي في هافانا، ونائب قائد البحرية الروسية.

تحرك أميركي

هذا التقارب بين روسيا وكوبا، قوبل برد فعل قوي من الولايات المتحدة التي أرسلت غواصة تعمل بالطاقة النووية إلى القاعدة الأميركية في خليج جوانتانامو، في رسالة واضحة بـ"ضرورة احترام وعدم المساس بالمصالح الأميركية" في كوبا والمنطقة.

الباحث في العلاقات الدولة والأستاذ في جامعة ساو باولو الفيدرالية، بيدرو جونيو، يرى أن الاحداث الأخيرة تعيد ذكرى أزمة الصواريخ الكوبية التي وقعت في أكتوبر 1962، عندما نجح الاتحاد السوفيتي في إيصال وتسليم كوبا 24 منصة إطلاق صواريخ وأكثر من 40 صاروخاً باليستياً و45 رأسا نووياً، إضافة إلى نحو 1000 عسكري وخبير لتدريب الجيش الكوبي على استعمال الأسلحة.

وقال لـ "الشرق": "في حينها كانت الولايات المتحدة مستعدة لدفع أي ثمن لإزالة الصواريخ من كوبا، حتى لو كلفها ذلك حرباً نووية، لأن الولايات المتحدة تتعامل بنظرية أميركا للأميركيين أي أن قارة أميركا بأكملها هي امتداد طبيعي لها، وأي دخيل خارجي سيهدد أمنها في المنطقة، فكيف لو كان ذلك الدخيل هو روسيا، الساعية لتعزيز تواجدها العسكري في كوبا والتي تبعد 190 كيلومتراً فقط عن شواطئ مدينة فلوريدا".

الصين إلى حلبة الصراع

جزيرة كوبا لم تجذب اهتمام الروس فقط، فخلال السنوات القليلة الماضية، باتت الصين حليفاً اقتصادياً حيوياً لكوبا وتحولت إلى ثاني أكبر شريك تجارى لها خاصة في مجال المعادن التي تستوردها بكين وعلى رأسها النيكل، إلى جانب قصب السكر، فيما أصبحت الصين الممول الرئيسي للتكنولوجيا والمنتجات الصناعية إلى كوبا.

وأنفقت الصين أكثر من 300 مليون دولار على مشروعات تنموية في كوبا، أهمها تحديث ميناء "سانتياجو دى كوبا"، وتطوير شبكة الروابط الجوية بين البلدين.

استفادة من فشل التقارب مع واشنطن

أستاذ العلاقات الدولية والخبير في شؤون أميركا اللاتينية ودول البحر الكاريبي، برونو بلقيني، اعتبر أن "الصين كانت أكبر المستفيدين من فشل التقارب الأميركي الكوبي".

وأوضح في تصريحات لـ "الشرق": "على الرغم من محاولات الرئيس الأميركي الأسبق بارك أوباما فتح صفحة جديدة في تاريخ العلاقات بين البلدين، إلا أن وصول دونالد ترمب إلى السلطة عام 2016 أعاد العلاقات خطوات إلى الوراء من خلال تكثيفه العقوبات المفروضة على كوبا بأن أضاف إليها 243 تدبيراً جديداً، فوجدت الصين نفسها أمام فرصة ذهبية لإحراز تقدم في صراع النفوذ العالمي والتقني والاقتصادي مع الولايات المتحدة، ونجحت في تقديم نفسها إلى هافانا كبديل استراتيجي عن الولايات المتحدة".

وتوقع بلقيني أن تعود كوبا إلى الواجهة كورقة ضغط ومساومة وساحة نزاع للنفوذ بين الولايات المتحدة، والصين، وروسيا)، كما هي الحال في أوكرانيا، وشرق أوروبا، وتايوان، وبحر الصين الجنوبي، "فكل هذه المناطق تشهد توتراً ونزاعات، لذلك تسعى كل من الصين وروسيا إلى تحويل كوبا إلى ورقة ضغط ضد الولايات المتحدة".

وأضاف أن الصين تتجنب الصدام المباشر مع الولايات المتحدة، إلا أنها "تخوض معركة شرسة في الخفاء خاصة فيي مجال تكنولوجيا المعلومات والتجسس"، و"هذا هو أحد الأهداف غير المعلنة للتقارب الصيني الكوبي، ويؤكد ذلك ما نشرته صحيفة (وول ستريت جورنال) الأميركية، عن أن هافانا وبكين توصلتا إلى اتفاق سري لبناء قاعدة تنصت إلكتروني في الجزيرة".

وفي 11 يونيو الماضي، قال مسؤول في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، إن الصين تدير منشأة تجسس في كوبا منذ عام 2019، معتبراً أنَّ بكين تتحرك لزيادة جهود التجسس من داخل أراضي كوبا.

وأكد المسؤول الأميركي، أن الاستخبارات الصينية موجودة فعلاً في الجزيرة، وقال: "هذا موثق جيداً في سجل الاستخبارات"، وذلك بعد أن ذكرت وسائل إعلام أميركية حينذاك، أن بكين تعتزم إقامة قاعدة تجسس في كوبا قبالة سواحل جنوب شرق الولايات المتحدة. 

من جهتها، نفت السلطات الصينية على لسان المتحدث باسم الخارجية، وانج ون بين، هذه الاتهامات، وقال إن "إدارة بايدن تحاول نشر اتهامات لا أساس لها في الواقع.. كما نعرف جميعاً، يعد نشر الشائعات والافتراءات تكتيكاً تتبعه الولايات المتحدة التي تملك براءة اختراع في التدخل بشكل متعمد في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات