إسبانيا.. "ضبابية سياسية" بعد إخفاق اليمين في حسم أغلبية متوقعة

time reading iconدقائق القراءة - 7
أنصار الحزب الشعبي بزعامة ألبرتو نونيز يشاهدون إعلان النتائج خلال تجمع في مقر الحزب في مدريد. 23 يوليو 2023 - Bloomberg
أنصار الحزب الشعبي بزعامة ألبرتو نونيز يشاهدون إعلان النتائج خلال تجمع في مقر الحزب في مدريد. 23 يوليو 2023 - Bloomberg
مدريد/ دبي -رويترزالشرق

تواجه إسبانيا حالة من الجمود السياسي، الاثنين، بعد أن فشل اليمين في تحقيق "نصر حاسم متوقع"، إذ لم يظهر فائز واضح في الانتخابات العامة في البلاد، حيث لم تترك نتائج تصويت، الأحد، لكتلة اليسار أو اليمين طريقاً سهلاً لتشكيل الحكومة.

وبعد فرز 100% من الأصوات، حصل الحزب الشعبي (يمين وسط) على 136 مقعداً، وحزب "فوكس" (يمين متطرف) على 33 مقعداً من أصل 350 في مجلس النواب.

وأظهرت النتائج حصول حزب العمال الاشتراكي الحاكم على 122 مقعداً، وحزب سومار اليساري الراديكالي على 33 مقعداً، وهي نتائج أقل بكثير من 176 مقعداً لازمة للفوز بأغلبية.

وبعد الفوز بأكبر عدد من المقاعد، سيواجه الحزب الشعبي بزعامة، ألبرتو نونيز، أولى الصعوبات في محاولة حشد عدد كافٍ من الأصوات في البرلمان، للفوز بالتصويت على منصب رئاسة الوزراء. لكن تحالفه مع حزب "فوكس"، سيجعل من الصعب الحصول على دعم من أي فصيل آخر.

ولدى الاشتراكيين بقيادة رئيس الوزراء بيدرو سانتشيث المزيد من الخيارات، لكنهم يواجهون مطالب غير مستساغة من الأحزاب الانفصالية في كتالونيا. 

ويمكن أن يشمل ذلك الإصرار على استفتاء على الاستقلال، ما قد يؤدي إلى نوع من الفوضى السياسية التي حدثت في عام 2017 عندما حاول إقليم كتالونيا الانفصال عن إسبانيا آخر مرة.

فشل التوقعات

وكانت استطلاعات قد أفادت بأن الحزب الشعبي سيكون قادراً على تشكيل حكومة من خلال التحالف مع حزب "فوكس". ومن شأن سيناريو كهذا أن يعيد اليمين المتطرف إلى السلطة في إسبانيا للمرة الأولى منذ نهاية ديكتاتورية فرانكو قبل نحو نصف قرن (1975).

وبعدما ارتفعت نسبة الإقبال 2.5% في منتصف النهار، بلغت عند الرابعة بعد الظهر بتوقيت جرينيتش 53.12% في مقابل 56.85% في انتخابات 2019، ويُفسَّر التراجع بإقبال الناخبين على التصويت في ساعات الصباح تجنباً للحرارة.

وكان سانتشيث دعا إلى إجراء انتخابات مبكرة، بعد أن تعرّض اليسار لهزيمة في الانتخابات المحلية في مايو الماضي، لكن الكثيرين غاضبون من دعوتهم للتصويت في ذروة الصيف الحار.

ولا تشمل النسبة 2.47 مليون ناخب من أصل 37.5 مليون صوتوا بواسطة البريد، وهو رقم قياسي بسبب إجراء الانتخابات للمرة الأولى في عز موسم الصيف.

ويمكن تشبيه حزب "فوكس" بالأحزاب اليمينية المتطرفة في المجر وبولندا، التي تشكك في سيادة القانون ومبادئ الاتحاد الأوروبي. ويفضل حزب "فوكس" إلغاء المبادرات اليسارية في مجالات مثل الشؤون الاجتماعية وحماية الأقليات والبيئة، لصالح اتخاذ إجراءات صارمة ضد الانفصاليين، وفق إذاعة "دويتشه فيله" الألمانية.

ويشار إلى أن حزب "فوكس" ليس على هامش السياسة الإسبانية، على عكس الأحزاب اليمينية الأخرى في أوروبا. وفي بعض المناطق، يحكم الحزب الشعبي وحزب "فوكس" معاً بالفعل.

عدة سيناريوهات

وأفادت مجلة "بوليتيكو"، بأن الزعيم المحافظ، ألبرتو نونيز، أشار قبل التصويت إلى أنه سيكون على استعداد لتشكيل حكومة ائتلافية مع "فوكس"، لكن كلا الحزبين فشل في الحصول على 176 مقعداً لازمة للسيطرة على البرلمان الإسباني.

ووفقاً للمجلة، لا يوجد سيناريو يدعم فيه النواب الإسبان حكومة أقلية مؤلفة من الحزب الشعبي و"فوكس"، ولا يبدو أن فيجو لديه دعم كافٍ بين الأحزاب الإقليمية الأصغر في البلاد ليجمع الدعم الذي يحتاجه لحكم الأقلية بمفرده.

وبمشاركة ائتلاف سومار اليساري بزعامة، يولاندا دياز، يمكن للحزب الاشتراكي بزعامة رئيس الوزراء سانتشيث، تشكيل ائتلاف يسيطر على 155 مقعداً في البرلمان، لكن من أجل الحكم، سيحتاج إلى عقد صفقات مع مجموعة متنوعة من مجموعات سياسية متباينة ذات أهداف مختلفة إلى حد كبير.

ومن غير المرجح أن يتمكن سانتشيث من الحصول على دعم 176 نائباً مطلوب تأكيدهم كرئيس للوزراء في المرة الأولى التي يناقش فيها البرلمان الجديد هذه المسألة، لكنه ربما يقدم عرضاً خلال الجولة الثانية من التصويت، إذ يتعين على المرشح لرئاسة الحكومة الجديدة أن يحصل على أصوات مؤيدين أكثر من الرافضين.

"ضبابية سياسية"

على نحو مماثل، اعتبرت "فاينانشيال تايمز" أن إسبانيا انزلقت إلى حالة من "الضبابية السياسية" ليل الأحد، بعد فشل اليمين واليسار في تأمين مسار واضح لتشكيل حكومة على الرغم من فوز حزب الشعب المعارض بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان.

ووفقاً للصحيفة البريطانية، يترك هذا المأزق رابع أكبر اقتصاد بالاتحاد الأوروبي في  حالة من الجمود السياسي، ويفتح الباب لأسابيع أو شهور من مفاوضات فوضوية بشأن تحالفات التصويت أو إعادة الانتخابات، كما حدث خلال أعوام 2015-2016 و2019.

وفي تحدٍ للصعوبات، صمد رئيس الوزراء الاشتراكي، بما يكفي لمنع حزب الشعب بزعامة ألبرتو نونيز، من تأمين أغلبية برلمانية محافظة بالتحالف مع حزب "فوكس".

وعلى الرغم من أن أداء حزب سانتشيث، كان أفضل مما توقعته استطلاعات الرأي، وحصل على مقعدين إضافيين مقارنةً بعام 2019، لكنه أخفق في تحقيق الأغلبية المطلقة اللازمة لتولي المنصب حتى بدعم من حلفائه الحاليين.

وقال سانتشيث المبتهج لمؤيديه خارج مقر حزبه، إن "الكتلة الرجعية للحزب الشعبي وفوكس قد هُزمت". وكان رئيس الوزراء أشار خلال حملته إلى أنه لن يمكّن الحزب الشعبي من تشكيل حكومة أقلية. 

في المقابل، أكد نونيز أنه فاز، لكنه طلب السماح له بتشكيل حكومة، لأن حزبه كان أكبر حزب في البرلمان. وأضاف فيجو: "إذا كان الحزب الذي حصل على أعلى الأصوات في إسبانيا لا يستطيع الحكم، فإن البديل الوحيد هو جمود لا يفيد إسبانيا، ولا يفيد مكانتنا الدولية أو أمن الاستثمارات".

وإذا لم يتمكن نونيز ولا سانتشيث من الوصول إلى الأغلبية، من المرجح أن تواجه إسبانيا أسابيع من المفاوضات الائتلافية، التي ربما تؤدي حتى إلى ما يسمى بـ"بلوكيو"، وهو مأزق سياسي حدث مرتين من قبل بعد انتخابات 2015 و2019 وفي كلتا الحالتين، اضطر الناخبون إلى الإدلاء بأصواتهم للمرة الثانية لحل المأزق.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات