تستضيف مصر، الاثنين، اجتماعات قوى "الحرية والتغيير" السودانية، بحثاً عن صياغة مبادرة لوقف إطلاق النار في السودان وإنهاء الأزمة في البلاد.
وقالت قوى الحرية والتغيير في بيان إنها ستجري مشاورات مع قيادات المجتمع السوداني الموجودين في مصر حول "بناء مستقبل جديد للسودان".
ودعا القيادي في "الحرية والتغيير"، خالد عمر يوسف، في تصريحات لـ"الشرق" إلى توحيد المبادرات للإسراع في حل الأزمة، وأوضح أن الاجتماع في القاهرة "سيبحث مناقشة سبل وقف الحرب بأسرع فرصة، ومعالجة الوضع الإنساني، ومحاسبة مرتكبي الجرائم، وتعويض المتضررين".
ورأى الناطق باسم "الحرية والتغيير"، جعفري حسن، في تصريحات لـ"الشرق" أن أهمية الاجتماعات تأتي من كونها "الأولي بعد الحرب، ومناقشتها قضايا كيفية وقف القتال، وتعويض السودانيين عن خسائرهم"، فضلاً عن بحث سبل "بناء جبهة مدنية واسعة" تشمل كل السودانيين، عدا حزب المؤتمر الوطني وأتباعه.
وترأس الرئيس السوداني السابق عمر البشير الذي ظل في الحكم لنحو ثلاثة عقود حزب المؤتمر الوطني السوداني، قبل أن تطيح به احتجاجات شعبية في أبريل من عام 2019.
ويشارك في الاجتماع أبرز قيادات "الحرية والتغير"، ومنهم: عمر الدقير، الواثق البربر، مريم الصادق، خالد عمر يوسف، طه عثمان، محمد عصمت، بالإضافة إلي مالك عقار، نائب رئيس مجلس السيادة السوداني الذي استبق الاجتماعات بسلسلة مشاورات، الأحد، شملت عدداً من القوى السياسية والحزبية السودانية.
واندلع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 أبريل الماضي، بينما كانت الأطراف العسكرية والمدنية تضع اللمسات النهائية على عملية سياسية مدعومة دولياً، مما أشاع دماراً في العاصمة الخرطوم وأجزاء من البلاد وتشريد ما يزيد على ثلاثة ملايين شخص منهم أكثر من 700 ألف فروا إلى دول مجاورة.
وكان من المفترض أن تنتهي تلك العملية السياسية بإجراء انتخابات في غضون عامين، لكن الطرفين اختلفا حول خطط دمج قوات الدعم السريع في الجيش.
تأمين المساعدات
من جانبه، قال عضو المكتب التنفيذي لقوى "الحرية والتغير"، محمد عصمت يحيي، لـ"الشرق"، إن اجتماعات القاهرة ستناقش تأمين وصول المساعدات الانسانية إلى مستحقيها، لافتاً إلى "أحاديث كثيرة داخل السودان أن المساعدات ضلت طريقها إلى الأسواق وتجار الحروب".
وأكد أن الاجتماعات ستتناول "القطاع الصحي المعرض للانهيار في السودان"، مشدداً على أن بلاده "تحتاج لمشروع سياسي جديد يعالج كل القضايا بصورة جذرية ويفتح الباب أمام عملية بناء وطني".
وأضاف: "نعمل على أن تكون تلك الحرب آخر الحروب في السودان".
إعادة دور القوى المدنية
بدوره، قال عمار حمودة المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير في السودان إن اجتماع القوى في القاهرة يهدف إلى إعادة الدور الفاعل للمدنيين على المستوى السياسي وفي رسم مستقبل البلاد، والحيلولة أيضا دون انزلاق البلاد نحو المزيد من الحروب والاقتتال.
وأضاف حمودة في تصريح لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) الاثنين: "اجتماع القاهرة يأتي في إطار بحث المستجدات بما فيها الحرب الحالية كواقع جديد، وسبل الخروج من هذه الأزمة، وتحديد الخطوات التي يجب اتخاذها، والتي يجب على المجتمع الدولي السير فيها من أجل وقف الصراع الحالي".
وتابع: "نسعى من خلال الوسائل الإعلامية والدبلوماسية، للتواصل مع الفاعلين في المشهد السوداني من دول الجوار والمجمتع الدولي، من أجل الضغط على طرفي النزاع من أجل وقف الحرب، والالتزام بخطة كاملة للانتقال من أجواء الحرب إلى السلام ومن ثم استعادة المسار الديمقراطي".
ولفت حمودة إلى أن قوى الحرية والتغيير تعمل حالياً على تطوير "الخطط السياسية وفق الأوضاع الحالية، كون هذا الأمر ضرورياً جداً من أجل التعامل مع الأطراف في السودان، وفق منهجية وطنية جديدة تهدف إلى تجنيب البلاد ولايات الحرب".
واقع سياسي جديد
وأشار المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير إلى أن "الوضع السياسي في السودان مختلف عما كان عليه قبل الحرب، حيث كانت المشاورات تجري لتشكيل جيش وطني مهني واحد واستكمال متطلبات الفترة الانتقالية، لكن الآن لدينا واقع سياسي جديد، يتطلب الوصول إلى حل مختلف يخرج البلاد من أزمتها الحالية".
وحول الوسائل التي ستلجأ إليها قوى الحرية والتغيير من أجل محاولة وقف الحرب، قال حمودة إن سلاح "القوى المدنية يتمثل في تكوين جبهة مدنية موسعة، من خلال التواصل الإعلامي والدبلوماسي، والعمل على تخفيف المعاناة الإنسانية التي يعيشها ملايين السودانيين حالياً".
مبادرة جدة
واعتبر حمودة أن "الحل السياسي لن يبدأ قبل أن تسكت أصوات الرصاص في السودان، والوصول لوقف شامل وكامل للحرب، وهذا الأمر أساسي ومصيري من أجل إيجاد حل شامل للأزمة الحالية".
وقال "نسعى لبذل المزيد من الجهود الدبلوماسية في المنطقة، لاسيما مع دول الجوار والدول الإقليمية من أجل دعم مسيرة مبادرة جدة من أجل الوصول إلى وقف لإطلاق النار، وبنظرنا فإن هذا الأمر حتمي مهما طال الزمن ومهما تبدلت مواقع القوات العسكرية على الأرض".
وأضاف "هناك تواصل متقطع مع الجيش وقوات الدعم السريع، يتمثل في مناشدات ودعوات لوقف الحرب، لكن تلك المناشدات لم تثمر حتى الآن في الوصول إلى تفاهم معهم، لكننا لم نفقد الأمل في ذلك".
واتهم المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير بعض الأطراف بأنها تعمل على "إزكاء نار الحرب، لأنها ترى أنه ليس من مصلحتها أن يتوجه السودان إلى المسار الديمقراطي والسلام، وهي تحاول منع أي وقف لإطلاق النار وتعمل على تشويه أي مسعى من أجل ذلك".
وبخصوص صعوبة الوصول لوقف شامل لإطلاق النار، اعتبر حمودة أن "لدى أطراف النزاع تصورات حول القدرة على حسم الحرب لصالحهم وتحقيق نصري عسكري شامل، لذلك يسعون بكل قوتهم من أجل تعزيز مواقعهم ومكاسبهم العسكرية، وهذا الأمر يصعب من التسوية السياسية ويزيد من التوترات العسكرية".
اقرأ أيضاً: