تغييرات الجيش الصيني.. هل يحكم شي قبضته؟

time reading iconدقائق القراءة - 7
الرئيس الصيني شي جين بينج يؤدي اليمين خلال الجلسة العامة الثالثة للمجلس الوطني في قاعة الشعب الكبرى. الصين في 10 مارس 2023.  - REUTERS
الرئيس الصيني شي جين بينج يؤدي اليمين خلال الجلسة العامة الثالثة للمجلس الوطني في قاعة الشعب الكبرى. الصين في 10 مارس 2023. - REUTERS
دبي- الشرق

أجرى الرئيس الصيني شي جين بينج تغييرات هامة على القيادة العليا للجيش الصيني هذا الأسبوع، في أكبر حملة تشهدها القوات المسلحة منذ سنوات.

وأفادت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، الأربعاء، بأن هذه التغييرات يُعتقد بأنها تهدف إلى تعزيز ولاء القادة لشي جين بينج، وتعزيز سيطرته على الجيش، كما أنها تأتي في إطار جهود شي لقيادة حملة واسعة لتعزيز موقعه السياسي في البلاد.

وعين شي خلال مراسم في بكين، الاثنين، قائداً جديداً لقوة الصواريخ في الجيش الصيني، والتي تتحكم في الترسانة النووية للجيش، وكذلك مخزون الصواريخ التقليدية، بما في ذلك الصواريخ البالستية التي يمكنها الوصول إلى البر الرئيسي للولايات المتحدة.

ويمكن لتلك الأسلحة أن تكون جزءاً من برنامج آخذ في التوسع بشكل مطرد، وحيوي للغاية بالنسبة للصين، وهدفها بعيد المدى لبسط سيادتها على تايوان، وتحدي الولايات المتحدة في المنطقة.

ولكن التغيير الذي أجراه شي، شمل إبعاد قائد قوة الصواريخ، والذي اختفى عن الأنظار منذ أشهر، كما أن إبعاده يأتي بعد أقل من أسبوع على إبعاد وزير الخارجية تشين جانج، أحد الموالين لشي، والذي اختفى عن الأنظار هو الآخر منذ 25 يونيو الماضي، قبل إعلان إقالته وإعادة تعيين سلفه وانج يي في المنصب.

وفي الحالتين، لا يوجد أي تفسير رسمي لاختفائهما، ولكن تلك الاختفاءات عادة ما تكون علامة على الخضوع للتحقيق، وفق الصحيفة.

حملة "تطهير" ضخمة

وقال لايل موريس، المتخصص في شؤون الصين بمعهد آسيا للسياسات، إنه حين تضع الأمور كلها في سياقها، فإن هذه واحدة من أكبر حملات التطهير، معتبراً أن التغيير كان "نادراً وسريعاً للغاية، وهو ما يشي بأن شيئاً ما يجري".

وقال محللون إن هذه الأحداث تشير إلى "تصدع محتمل" في سيطرة شي على السلطة في فترته الثالثة غير المسبوقة، وهو ما ينذر بتعميق حالة عدم اليقين في الطبقات العليا من النظام الصيني.

وقال يانج يو، الأستاذ المساعد في الشؤون الدولية بجامعة تام كانج في تايوان، إن هذه التغييرات "أبرزت إلى الواجهة، حقيقة أن شي لديه مشكلات داخل الدوائر الدبلوماسية والعسكرية".

وأضاف: "هذا يظهر أن شي ربما يكون يواجه صعوبات أكبر حين يتعلق الأمر بفرض سيطرته داخلياً".

ما الذي حدث؟

عين شي وانج هوبين، وهو نائب القائد السابق للبحرية الصينية، قائداً جديداً لقوة الصواريخ ليحل محل لي يشاو، والذي تولي قيادة القوة منذ يناير العام الماضي. كما عين الرئيس الصيني شو شيشينج، وهو من القوات الجوية، في منصب سياسي رفيع ليصبح مسؤولاً عن تطبيق توجيهات الحزب الشيوعي.

أما نائب لي، وهو لو جوانجبين، فهو غائب عن الظهور علناً منذ أشهر، ما أثار تكهنات بأنه وقائده كانا مستهدفين من قبل حملة شي الطويلة على الفساد، وانعدام الكفاءة في الجيش.

ومنذ توليه السلطة في 2012، أشرف شي على حملة قمع ضد الفساد في كافة قطاعات الجيش الصيني، ما تسبب في تطهير القيادات الكبرى مثل فانج فنجي، الذي كان يشغل منصب رئيس أركان جيش التحرير الصيني، والذي صاحب شي في أول لقاءاته مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في عام 2017.

وفي 2019، حكم على رئيس الأركان بالسجن مدى الحياة بتهم فساد.

وأشارت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست" الأسبوع الماضي، إلى أن لي وقائدين رفيعين آخرين كانا قيد التحقيق من قبل وحدة مكافحة الفساد في الجيش.

وذكر تقرير لصحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية نقلاً عن مسؤولين أجنبيين رفيعين، أن قائد قوة الصواريخ قيد التحقيق بتهمة تسريب أسرار عسكرية.

ورأى نيل توماس، وهو زميل السياسة الصينية في معهد آسيا أن قرار شي بتطهير القيادة العليا لقوة الصواريخ تظهر أنه يبقى في وضع السيطرة على الجيش، ولكن حملته المستمرة منذ عقد ضد الفساد فشلت في القضاء على الفساد ضمن ضباط القيادة العليا للجيش".

لماذا الآن؟

وتأتي هذه التحركات وسط جهود شي للقضاء على الفساد، ففي يونيو الماضي، قالت هيئة الانضباط بالحزب الشيوعي الصيني إن 39 مسؤولاً، بينهم عدد من العسكريين، يخضعون للتحقيق منذ أكتوبر الماضي.

وشددت اللجنة على أنها تبقى عازمة على القضاء على "سرطان الفساد"، مؤكدة على سياسة "صفر تسامح" مع الفساد.

وفي الأشهر الماضية، أطلق الجيش الصيني تحقيقات في أنظمة الشراء، وأصدر توجيهات صارمة بشأن التعاملات الاجتماعية لقادة الجيش.

وبدا أن هذه الخطوات تهدف إلى القضاء على تسريب معلومات سرية، وكذلك انتهاكات أخرى لقواعد الانضباط، وفقاً لوسائل الإعلام الرسمية.

رسالة للجيش

وقال لايل موريس، إنه من اللافت أن شي يوجه رسائل داخلية للجيش يقول فيها "نحن نراقبكم، وسنختار عدداً منكم لتوجيه رسائل النظام بأنه من غير المقبول وجود نسبة مفرطة من الفساد".

ويُعدّ الفساد في جيش التحرير الصيني مشكلة طويلة الأمد، وفقاً لـ"واشنطن بوست"، التي أشارت إلى أن الحملة الحالية ضد الفساد هي الثالثة منذ تولي شي السلطة.

وقال لي نان، وهو زميل رفيع في معهد شرق آسيا بالجامعة الوطنية في سنغافورة، إن "العديد من هؤلاء الضباط كانوا منخرطين في عمليات شراء أنظمة الأسلحة لقوة الصواريخ، وعملوا في القطاع البيروقراطي، وربما حاولوا التأثير على المزادات أو أخذ رشى".

وأضاف لي أن استمرار الفساد في المستويات العليا من الجيش، يشير إلى أن شي "ربما لا يزال يفتقر للعلاقات الشخصية، والسيطرة اللازمة لمنع إساءة استخدام السلطة العسكرية".

وعقب الحملة الأخيرة لقمع الفساد وقبل خمس سنوات، سجن رئيس الأركان فنج مدى الحياة، وتوفي تشانج يانج، أحد أكبر الجنرالات في الصين منتحراً قبل إدانته رسمياً. وقبل إدانتهم، تقلد كل من هؤلاء الرجال مناصب كبيرة لسنوات طويلة قبل احتجازهم.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات