الانتخابات الأميركية.. كيف أضاع الجمهوريون انتصاراً حاسماً في "الشيوخ"؟ 

time reading iconدقائق القراءة - 7
موظفة تقوم بعد أوراق الاقتراع خلال الانتخابات النصفية الأميركية في فيلادلفيا بالولايات المتحدة - 10 نوفمبر 2022 - REUTERS
موظفة تقوم بعد أوراق الاقتراع خلال الانتخابات النصفية الأميركية في فيلادلفيا بالولايات المتحدة - 10 نوفمبر 2022 - REUTERS
دبي-الشرق

على الرغم من أنه لا يزال بإمكان الحزب الجمهوري الفوز بأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي، في حال أطاح بالسناتور الديمقراطية كاثرين كورتيز ماستو في نيفادا، إلا أنه أضاع فرصة للسيطرة على المجلس في انتخابات التجديد النصفي الأخيرة، على الرغم من المزايا السياسية الواضحة التي كان يحظى بها، حسبما رأت مجلة "بوليتيكو" الأميركية.

وأوضحت المجلة، في تقرير مطول، أن كيفية حدوث ذلك تتمثل في الصراع الوجودي الأكبر الذي كان موجوداً داخل الحزب الجمهوري، مشيرة إلى أن المقابلات التي أجرتها مع أكثر من 20 عضواً في مجلس الشيوخ من كلا الحزبين تسلط الضوء على أسباب تعثر الجمهوريين هذا العام.

وأشارت المجلة إلى أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب لعب دور صانع الملوك في هذه الانتخابات، فيما رأى أعضاء الحزب أنه لم يكن من الممكن فعل الكثير حيال ذلك. 

وقالت المجلة إن الديمقراطيين كانت لهم مشاكلهم الخاصة أيضاً، بما في ذلك رئيس لا يحظى بشعبية كبيرة، والارتفاع الهائل في معدلات التضخم، ولذا فقد كان العديد من شاغلي مقاعد مجلس الشيوخ في حالة دفاع عن أنفسهم في الولايات التي شهدت منافسات شديدة. 

ومع ذلك، استفاد النواب الديمقراطيون أيضاً من الهزة التي تعرضت لها قاعدتهم الشعبية إثر إلغاء المحكمة العليا قرار قضية "رو ضد وايد" الخاص بحق الإجهاض، إذ قاموا بجمع الأموال واستثمروا بكثافة في عملهم الميداني وفصلوا أنفسهم عن بايدن.

صدمة جمهورية

ووفقاً للمجلة، أنهى ترمب الانتخابات التمهيدية لمجلس الشيوخ بسجل شبه كامل من المرشحين الذين دعمهم، لكن بعد فوزهم في الانتخابات التمهيدية، واجه المرشحون المفضلون للرئيس السابق مشاكل جديدة: التأييد الضعيف، والمانحون المترددون، وشاغلو المقاعد الديمقراطيون الذين كانوا يديرون حملات انتخابية عامة منذ 18 شهراً.

ولفتت المجلة إلى أن الجمهوريين شعروا بالصدمة عندما راجعوا أرقام التبرعات التي تم جمعها، إذ أنه في أكثر سباقات مجلس الشيوخ تنافسية تمكن الديمقراطيون من جمع ما يقرب من 80 مليون دولار، فيما كان لدى الجمهوريين أقل من 20 مليون دولار فقط، وهو ما قال الرئيس السابق للجنة الوطنية الجمهورية لمجلس الشيوخ ستيفن لو، إنه كان بمثابة "لحظة تدعو للاستيقاظ بالنسبة لنا".

وحظي الجمهوريون بالرجل الأفضل في ولاية نيفادا على الأقل، إذ حصل آدم لاكسالت على دعم الرئيس الأميركي السابق في وقت مبكر، كما أنه تجنب الحروب الشخصية الموجودة داخل الحزب والتي أثقلت كاهل العديد من المرشحين الآخرين للحزب الجمهوري في هذه الدورة. 

ويقول جون أشبروك، وهو أحد مستشاري زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل والذي عمل أيضاً في حملة لاكسالت، إن الأخير "كان المرشح الوحيد في الولايات المتحدة بأكملها الذي كان لديه هذا النوع من الإجماع في سباقه على مقعد مجلس الشيوخ".

ولكن كان العديد من المرشحين الجمهوريين الآخرين بحاجة إلى إنقاذ، إذ تضرر المرشح عن ولاية بنسلفانيا محمد أوز، وجي دي فانس في أوهايو، وماسترز في أريزونا، وهم جميعاً مرشحون لأول مرة في الانتخابات التمهيدية الصعبة للحزب.

وأوضحت "بوليتيكو" أن لجنة العمل السياسي الخاصة بماكونيل منحت المرشحين الجمهوريين فرصة للقتال، بينما كانوا يصارعون بأنفسهم من أجل جمع مبالغ كبيرة من الأموال للحملة الانتخابية.

كيف استفاد الديمقراطيون؟ 

كما اتضح في ما بعد، كشفت الحملة الديمقراطية لمجلس الشيوخ التركيز المتأخر للجنة العمل السياسي الخاص بالحزب الجمهوري على الولايات التي كانت تشهد تنافساً شديداً، فصحيح أن بايدن فاز بكل من ويسكونسن وبنسلفانيا في عام 2020، إلا أن اللجنة الديمقراطية لحملة مجلس الشيوخ ركزت على الأخيرة، وخلصت إلى أن هذه الولاية ستكون أكثر حسماً في انتخابات التجديد النصفي. 

ويقول السناتور الديمقراطي جاري بيترز في مقابلة مع المجلة: "كنا بحاجة إلى حشد جميع مواردنا أولاً وقبل كل شيء لحماية شاغلي المقاعد الديمقراطيين".

ودائماً ما تأتي نتائج انتخابات التجديد النصفي ضد الحزب الحاكم، ولذلك كان على الديمقراطيين المضي قدماً في هذه الانتخابات، في ظل تراجع معدلات تأييد بايدن ومواجهة ارتفاع الأسعار، وهو ما لم يكن سهلاً أبداً.

وبينما سعى مرشحو الحزب إلى التواصل مع الناخبين بشأن آلام التضخم، ذكر كبار الديمقراطيين العاملين في حملات مجلس الشيوخ أنهم شعروا بالغضب عندما روَج البيت الأبيض لإحصائيات إيجابية بشأن الاقتصاد.

تبرعات قياسية

ولفتت "بوليتيكو" إلى ما وصفته بـ"نقطة مضيئة" للديمقراطيين، حين تمكن مرشحو الحزب في مجلس الشيوخ من جمع مبالغ قياسية من التبرعات، مما سمح للجنة الديمقراطية لحملة مجلس الشيوخ بإنفاق المزيد من الأموال على البرامج الميدانية وبرامج الناخبين للمرة الأولى في التاريخ الحديث.

ثم جاء قرار المحكمة العليا بإلغاء حكم قضية "رو ضد وايد" الخاص بحق الإجهاض، وهو ما كان حافزاً ضخماً لقاعدة الحزب الديمقراطي التي كانت "نائمة" حتى ذلك الحين، وفق كريستي روبرتس، المدير التنفيذي للجنة الديمقراطية لحملة مجلس الشيوخ، كما حصل الحزب على شعاع أخير من الأمل خلال الصيف الماضي بعد توقف الاقتتال الداخلي فيه.

وبعد ذلك، أقر الديمقراطيون في الكونجرس مشروع قانون تصنيع الرقائق وتشريع جديد بشأن الأسلحة، كما توصلوا إلى اتفاق بشأن الضرائب والرعاية الصحية وتغير المناخ، وعلى الرغم من اعتقاد الجمهوريين أن الزيادات الضريبية كانت ستثقل كاهل الديمقراطيين، إلا أن حزب الأغلبية رأى أنه قد بات هناك شيئ ملموس يمكن الترويج له.

ولاية الحسم

وستحدد جولة الإعادة المقررة في ديسمبر المقبل الحزب الذي سيسيطر على مجلس الشيوخ، عبر حسم ولاية جورجيا، فبعد فوز الديمقراطيين بسباقين في مجلس الشيوخ في الولاية التي كان يتمتع فيها الجمهوريون بتأييد كبير، أجرت حملة الحزب الجمهوري استطلاعاً لمعرفة سبب تراجعهم في جورجيا.

وتوصل الاستطلاع إلى نتيجة واحدة بشأن كيفية فوز الديمقراطيين رافائيل وارنوك وجون أوسوف في عام 2020، إذ وجدت أن الجمهوريين لم ينفقوا أموالاً كافية في وقت مبكر من الحملة، بينما بنى الديمقراطيون مصداقية مبكرة لدى الناخبين والتي أثبتت أنها لم يعد يمكن المساس بها.

ومع ذلك، فقد وقف الجمهوريون إلى جانب هيرشل ووكر المدعوم من قبل ترمب، مبررين ذلك بأنه إذا كان الرئيس السابق قد تمكن من الفوز في عام 2016 في ظل وجود مشاكل مماثلة، فإنه يمكن لووكر أن يفعل الشيء نفسه.

لكن عندما تم توزيع بطاقات الاقتراع في جورجيا، كانت مشاكل الأخير واضحة للجميع، مما جعله يصارع لإجبار رفائيل وارنوك على الدخول في جولة الإعادة التي يشعر الديمقراطيون بالثقة من أن مرشحهم سيفوز فيها مرة أخرى.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات