اتهامات أميركية بتسلل صينيين إلى قواعد عسكرية.. وبكين: افتراءات

time reading iconدقائق القراءة - 9
مقاتلات أميركية من طراز F-16 في قاعدة عسكرية بولاية فلوريدا الأميركية. 12 سبتمبر 2018 - REUTERS
مقاتلات أميركية من طراز F-16 في قاعدة عسكرية بولاية فلوريدا الأميركية. 12 سبتمبر 2018 - REUTERS
دبي -الشرق

اتهم مسؤولون أميركيون، الصين، بالتخطيط لعمليات تجسس، عبر تسلل صينيين، كانوا يظهرون أحياناً كسائحين، إلى قواعد عسكرية ومواقع حساسة أخرى في الولايات المتحدة قرابة 100 مرة، خلال الأعوام الماضية، فيما تنفي بكين هذه الاتهامات وتصفها بأنها "افتراءات".

ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال"، الاثنين، عن المسؤولين وصفهم تلك الوقائع بأنها "تهديدات تجسس محتملة"، فيما ذكرت الصحيفة أن وزارة الدفاع "البنتاجون" ومكتب التحقيقات الفيدرالي FBI، وأجهزة أخرى، أجرت مراجعة، العام الماضي، لحصر تلك الوقائع، التي شملت اقتحاماً للبوابات، بسبب محاولات دخول قواعد تابعة للجيش الأميركي دون تصريح.

وعثرت السلطات الأميركية على صينيين يتسللون باتجاه ميدان صواريخ في ولاية نيو مكسيكو، كما رصدت غواصين صينيين يسبحون في مياه قريبة من موقع لإطلاق الصواريخ بولاية فلوريدا.

وتهدف عمليات التسلل، التي يعتبرها مسؤولون أميركيون "شكلاً من أشكال التجسس"، إلى "اختبار الإجراءات الأمنية في المنشآت العسكرية الأميركية وغيرها"، وفق المسؤولين الأميركيين.

وقال مسؤولون مطلعون على العمليات، إن الأفراد هم عادة صينيون يتم الضغط عليهم للخدمة، كما يطلب منهم تقديم تقرير إلى حكومة بلادهم.

وسجلت عدة عمليات تسلل لصينيين إلى مناطق ريفية بعيدة عن المطار التجاري والأنشطة السياحية، بحسب ما نقلته "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين.

تأتي هذه الاتهمات وسط تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة والصين، بعد أن حلق منطاد صيني يحمل معدات مراقبة، في الأجواء الأميركية.

وسلطت عمليات التسلل المتكررة الضوء على المخاوف من قدرة بكين على استخدام وسائل غير تقليدية لجمع المعلومات الاستخباراتية على الأراضي الأميركية، سواء من خلال القرب من القواعد أو من خلال المعدات التجارية الصينية التي يمكن استخدامها في عمليات التجسس.

"عقلية الحرب الباردة"

واعتبر المتحدث باسم السفارة الصينية في الولايات المتحدة ليو بينجيو، أن "هذه الادعاءات افتراءات سيئة النية"، وحث المسؤولين الأميركيين على "التخلي عن عقلية الحرب الباردة ووقف الاتهامات التي لا أساس لها".

ودعا بينجيو، الولايات المتحدة، إلى المزيد من التحركات التي تهدف لـ"تعزيز الثقة المتبادلة بين البلدين والصداقة بين الشعبين".

وأثارت علميات التسلل، مخاوف الكونجرس الأميركي الذي قد ينظر في تشريع بشأن هذه المسألة، بحسب النائب الديمقراطي من ولاية كولورادو وعضو لجنة الاستخبارات جيسون كرو.

وأعرب كرو، عن قلق المشرعين من أن بعض هذه الحالات تعد ثغرة، لأن "معظم قوانين التعدي على ممتلكات الغير هي قوانين محلية، وليست فيدرالية".

وأضاف: "نحن بحاجة إلى العمل عن كثب مع شركائنا في الولاية والشركاء المحليين لتدريبهم وتجهيزهم، لكن في الوقت الحالي لا يعرفون كيفية التعامل معها".

وأشار أشخاص مطلعون إلى وجود "حالات تسلل غير مخيفة، إذ أن هناك أشخاصاً يقولون إنهم يتبعون خرائط جوجل من أجل الوصول إلى أقرب مطعم، والتي تصادف غالباً وجودها بالقرب من القواعد العسكرية"، لكنهم أشاروا إلى أن "البعض الآخر كانوا مثيرين للقلق".

وذكر المسؤولون الأميركيون، أن "بعض الصينيين قالوا إن لديهم حجزاً في فندق داخل قاعدة عسكرية"، لافتين إلى محاولة مجموعة من الصينيين أخيراً "دفع الحراس في قاعدة فورت وينرايت بولاية ألاسكا، قائلين إن لديهم حجوزات في فندق تجاري داخل القاعدة".

وتعد قاعدة فورت وينرايت، مقراً للفرقة الـ11 المحمولة جواً التابعة للجيش الأميركي، والتي تركز في عملياتها على منطقة القطب الشمالي.

وقالت إيميلي هاردينج، وهي زميلة بارزة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، ونائبة سابقة لمدير الموظفين في لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأميركي، إن "المشكلة تكمن في أن عملية جمع الصين للمعلومات الاستخباراتية ذات المستوى المنخفض هي طريقة معروفة جيداً في دوائر الاستخبارات".

وأشارت هاردينج، إلى أن "الميزة التي يتمتع بها الصينيون هي قدرتهم على دفع عدد كبير من الناس لتنفيذ مثل هذه العمليات، وإذا تم القبض على عدد منهم، فسيكون من الصعب جداً على الحكومة الأميركية حينها إثبات أي شيء يتجاوز فكرة التعدي على ممتلكات الغير".

وأضافت: "من المرجح أن يجمع الصينيون الذين لا يتم القبض عليهم، شيئاً مفيداً"، موضحةً أن "معظم الحوادث في الولايات المتحدة لا يمكن اعتبارها إلا تعدياً على ممتلكات الغير، وهو ما يجعل الحكومة الصينية تتجاهل متابعة حالة المقبوض عليهم".

لكنها أشارت إلى أن هذا التجاهل "لا يحدث عادة حينما يتم القبض على أميركي داخل الصين، لأنه من غير المرجح أن يحصل على ما نعتبره محاكمة عادلة".

وذكر الجيش الأميركي ومسؤولون آخرون أن عمليات "التسلل إلى القواعد تتصاعد بشكل مقلق"، فيما قالت سو جوف، وهي متحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية، أن "بعض الأفراد تمكنوا من الوصول إلى القواعد من خلال زيادة السرعة عند نقاط التفتيش".

وأضافت : "غالباً ما يتم الاستشهاد بهؤلاء الأفراد جنائياً، ويمنعون من الوصول إلى المنشآت (العسكرية) في المستقبل"، رافضةً التعليق على أي حوادث محددة، مشيرةً إلى "مخاوف أمنية".

ولفتت جوف، إلى أن "نتائج المراجعات الأمنية كانت وستستمر في إبلاغ التغييرات بشأن الوضع الاحترازي لقواعدنا".

عمليات خطيرة

وقال أشخاص مطلعون على الأمر، إن "هناك عمليات تسلل خطيرة بما يكفي لإثارة مخاوف المسؤولين الأميركيين، مثل العثور على صينيين يلتقطون صوراً في ميدان للجيش الأميركي".

وذكر المسؤولون، أن "أغلب الأفراد الذين يزورون حديقة (وايت ساندز) في جنوب ولاية نيو مكسيكو، يغادرونها من خلال العبور إلى موقع الصواريخ المجاور"، وفي بعض الحالات "استخدم الأفراد طائرات مسيرة بهدف المراقبة".

وتكررت عمليات تسلل إلى مركز استخبارات في "كي ويست" بولاية فلوريدا، وعثر قبل عدة سنوات على صينيين، يقولون إنهم سائحون يلتقطون صوراً ويسبحون في المياه القريبة من المنشأة العسكرية، بحسب مسؤولين مطلعين على الأمر. 

ولم تسفر حالات التسلل تلك عن عمليات اعتقال أو محاكمات عدا حالة واحدة، إذ حُكم في عام 2020 على 3 صينيين بالسجن لمدة عام تقريباً بعد إقرارهم بالذنب في دخول المحطة الجوية البحرية بشكل غير قانوني في "كي ويست"، والتقاط الصور وتجاهل الأوامر بالعودة.

وفي حادث آخر، عُثر على صينيين وهم يغوصون قبالة قاعدة "كيب كانافيرال" للقوات الجوية، وهو مركز كينيدي للفضاء.

وتضم المنطقة مراكز لإطلاق أقمار التجسس والمهام العسكرية الأخرى، وقال متحدث باسم المكتب الميداني لتحقيقات الأمن الداخلي في تامبا بولاية فلوريدا، إن "الحادث جزء من تحقيق مستمر" لكنه رفض تقديم مزيد من التفاصيل.

ورصد مسؤولون أميركيون حوادث تتعلق بالبيت الأبيض، حيث يغادر صينيون منطقة الجولات المخصصة لالتقاط صور للمنطقة، بما في ذلك معدات الاتصالات ومواقع حراس الأمن، قبل أن يطردهم جهاز الخدمة السرية.

وفي عام 2019 ، حُكم على امرأة صينية بالسجن لمدة 8 أشهر بعد إدانتها بدخول منتجع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب الخاص "مارالاجو"، وهو نادٍ خاص بالأعضاء، تبلغ مساحته 20 فداناً، ويضم 128 غرفة في بالم بيتش بولاية فلوريدا.

ودخلت المرأة الصينية المنتجع وهي تحمل جوازي سفر، و4 هواتف محمولة وأجهزة إلكترونية أخرى.

وتحتجز السلطات الأميركية في كثير من الحالات، الأفراد المتسللين عمداً إلى القواعد، لفترة وجيزة ثم تطلب منهم مغادرة البلاد، بحسب مسؤولين مطلعين على الحوادث.

ولا يبدو أن أي قضايا أسفرت عن اتهامات بالتجسس، ولكن في عام 2019، تم طرد دبلوماسيين صينيين من الولايات المتحدة للاشتباه في تنفيذهم عملية تجسس، بعد أن توجهوا مع زوجاتهم بشكل غير صحيح إلى قاعدة ليتل كريك العسكرية بولاية فيرجينيا، بحسب الصحيفة التي اعتبرتها "منشأة حساسة جداً حيث تتدرب قوات البحرية الأميركية".

وقال مسؤولون، إن "مسؤولي القاعدة أوقفوا سيارة إطفاء في الطريق بهدف إيقاف السيارة"، فيما نفت الصين تورط الدبلوماسيين في التجسس.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات