بدأت شركات عسكرية روسية خاصة في التحرُّك لضم قوات من مجموعة "فاجنر" العسكرية، وذلك في أعقاب وفاة مؤسس المجموعة يفجيني بريجوجين، وفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.
وقالت الصحيفة في تقرير نشرته، الثلاثاء، إنَّ الشركات الأمنية المعروفة بعلاقاتها مع قوات الأمن الروسية والأوليجارشيين المقرَّبين من الكرملين، تعمل على استقطاب الآلاف من مقاتلي "فاجنر"، واستيعابهم في صفوفها.
وأضافت الصحيفة أنه "من خلال القيام بذلك، يسعى الكرملين إلى قيادة قوات ذات خبرة من أجل الحرب في أوكرانيا والاحتفاظ بالنفوذ الذي اكتسبته فاجنر في أجزاء من أفريقيا".
ولقي بريجوجين مصرعه في تحطم طائرة بروسيا في أغسطس الماضي، بعد أقل من شهر على قيادته تمرداً مسلحاً ضد المؤسسة العسكرية في روسيا.
شركة "ريدوت"
وأرسلت مجموعات عسكرية روسية خاصة، جنوداً للقتال في أوكرانيا خلال الأشهر الأخيرة، في محاولة لكسب ود بوتين، وفق "وول ستريت جورنال".
ومن ضمنها، مجموعات أسسها ضباط مخابرات، وتم تمويلها بواسطة مقربين من بوتين كما تخضع أيضاً لسيطرة شركات حكومية، وفق المصدر نفسه.
ونقلت الصحيفة عن شخص مقرب من وزارة الدفاع الروسية قوله إن إحدى هذه الشركات، وهي شركة "ريدوت" (Redut)، تقوم بتجنيد أعضاء فاجنر الذين قاتلوا في أوكرانيا.
وقال هذا الشخص إنَّ "ريدوت" تعمل كأداة تجنيد لوزارة الدفاع من أجل جذب مقاتلي فاجنر السابقين الذين لم يرغبوا في توقيع عقود مع الجيش النظامي، بسبب حالة العداء ما بين المؤسسة العسكرية ومجموعة فاجنر.
وكان بريجوجين قد تعهَّد بإقالة وزير الدفاع سيرجي شويجو خلال مسيرته المسلَّحة نحو موسكو في يونيو الماضي.
وبعد تمرد بريجوجين، تخلَّى بعض كبار القادة في "فاجنر" عن المجموعة وانضموا إلى "ريدوت". وقالت قنوات "تلجرام" مقرَّبة من "فاجنر" إنَّ ضابطاً سابقاً في المجموعة يشرف حالياً على جهود التجنيد في "ريدوت".
وبحسب "وول ستريت جورنال"، تحاول "ريدوت" علناً استقطاب مقاتلي "فاجنر" المتحمسين للذهاب إلى إفريقيا.
وكُتِب في أحد الإعلانات المنشورة على موقع "فكونتاكتي"، المعادل الروسي لفيسبوك، في 15 أغسطس الماضي: "لقد أصبحت فاجنر من الماضي. إذا كنت مهتماً حقاً بالعمل الحقيقي في إفريقيا، فإنَّ وزارة الدفاع وشركة ريدوت الأمنية هما خيارك".
علاقات أمنية
وتأسَّست "ريدوت"، وهي في الأصل شركة مقاولات أمنية للشركات الروسية العاملة في الشرق الأوسط، في عام 2008 على يد مظليين روس سابقين وضباط في المخابرات العسكرية.
وتقول الحكومة الأميركية، التي فرضت عقوبات على المجموعة في فبراير الماضي، إن "ريدوت" لا تزال تحتفظ بعلاقات مع المخابرات العسكرية الروسية.
وبحسب "وول ستريت جورنال"، يتم تمويل "ريدوت" بواسطة الملياردير الروسي جينادي تيموشينكو الذي تربطه علاقات وثيقة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفقاً لشهادة قدَّمها أحد المنشقين عن "فاجنر" أمام البرلمان البريطاني في يوليو الماضي.
وأخبر المنشق المشرعين البريطانيين أنَّ مقاتلي "ريدوت" المنتشرين في سوريا يتلقون ذخائر من الجيش الروسي المتمركز هناك.
وقال رسلان بوخوف، مدير "مركز تحليل الاستراتيجيات والتقنيات" في موسكو، إنَّ "وزارة الدفاع تستغل كل فرصة لجذب الناس إلى صفوفها".
شركة كونفوي
وبرزت أيضاً خلال الفترة الأخيرة شركة "كونفوي" (Convoy) التي تنتافس مع "ريدوت" للحلول محل "فاجنر" في عملياتها الخارجية، وذلك وفقاً لما نقلته "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أمنيين في إفريقيا والغرب.
وفي مقابلة مع الصحيفة، قال نائب قائد المجموعة فاسيلي ياشتشيك إنَّ بعض مقاتلي بريجوجين انضموا إلى "كونفوي"، على الرغم من أنها لم تحاول بشكل فعال استقطابهم.
ويقود "كونفوي" كونستانتين بيكالوف، الذي أدار سابقاً عمليات "فاجنر" العسكرية في إفريقيا قبل أنْ ينفصل عن بريجوجين.
وفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على بيكالوف في فبراير، بتهمة التخطيط لقتل 3 صحافيين روس في جمهورية إفريقيا الوسطى في يوليو 2018.
وقبيل وفاة زعيم "فاجنر"، قال بيكالوف إنَّ شركة "كونفوي" ستعمل في 8 دول أفريقية، من دون أن يسميها.
وأضاف في تصريحات لموقع "iStories" الروسي: “سنمنح العسكريين الأفارقة أسلحة جديدة، ونوضح لهم كيفية استخدامها”.
تجنيد المتطوعين
وقال ياشتشيك إنَّ بيكالوف كان ضمن الزيارات الرسمية الأخيرة التي أجراها مسؤولون في وزارة الدفاع الروسية إلى الخارج.
وفي إعلان نُشر على "تلجرام" في 21 أغسطس الماضي، قالت "كونفوي" إنها تقوم بتجنيد متطوعين لتوجيه مسيَّرات الاستطلاع والهجوم الروسية في إفريقيا.
ووفقاً لـ"وول ستريت جورنال"، ضغط ديمتري روجوزين، المشرِّع الروسي المؤثر ووزير الدفاع السابق، من أجل استبدال كونفوي بفاجنر في إفريقيا، وذلك خلال اجتماع مطلع أغسطس الماضي مع أنطون فاينو، أحد كبار مستشاري بوتين.
تلقت "كونفوي" خلال العام الماضي مئات الملايين من الروبلات من أركادي روتنبرج، المقرب من بوتين، ومن بنك "VTB" الذي تسيطر عليه الدولة، بحسب "وول ستريت جورنال".
عمليات خارجية
وكان بريجوجين قد أرسى حضوراً لـ"فاجنر" في عدد من البلدان في الشرق الأوسط وإفريقيا، حيث تشير التقديرات إلى انتشار نحو 6 آلاف مقاتل من "فاجنر" في هذه البلدان.
ونقلت "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أفارقة وغربيين أنَّ الكرملين بدأ أيضاً في السيطرة على هذه الوحدات.
وقال فيديل جواندجيكا، مستشار الأمن الرئاسي في جمهورية أفريقيا الوسطى، إنه من المقرر أن ترسل روسيا مجموعة عسكرية خاصة أخرى لتحل محل "فاجنر".
وكشف مسؤولون أمنيون أوروبيون أن أفراداً من الجيش الروسي ظهروا أيضاً في بانجي بجمهورية إفريقيا الوسطى، للإشراف على نقل وحدات فاجنر إلى مجموعة عسكرية خاصة.