قمة العشرين.. اختبار لـ"الهند العظمى" وسمعة مودي وقوة الحزب الحاكم

time reading iconدقائق القراءة - 7
جندي يقف حراسة خارج فندق ميريديان خلال تدريب قبل قمة مجموعة العشرين في نيودلهي. 2 سبتمبر 2023 - REUTERS
جندي يقف حراسة خارج فندق ميريديان خلال تدريب قبل قمة مجموعة العشرين في نيودلهي. 2 سبتمبر 2023 - REUTERS
دبي -الشرق

مع وصول أقوى زعماء العالم إلى نيودلهي لحضور قمة مجموعة العشرين، تبذل الهند قصارى جهدها للاحتفاء بهم وضمان طيب وسلامة إقامتهم، بداية من نشر المقاتلات حول العاصمة، مروراً برسم الجداريات على جدران الأنفاق، وصولاً إلى طرد مجموعات القرود من المباني الحكومية، وفقاً لـ"بلومبرغ".    

واعتبرت الوكالة أن هذه اللحظة تمثل "علامة فارقة طال انتظارها" من الهند، إذ يروج رئيس الوزراء، ناريندرا مودي، لبلاده، الأكثر اكتظاظاً بالسكان في العالم، باعتبارها "قوة عظمى ناشئة تمتلك ما يكفي من نفوذ للتغلب على التوتر الجيوسياسي والتباطؤ الاقتصادي وارتفاع أسعار مواد الغذاء والطاقة". 

ويستعد مودي، خلال نهاية الأسبوع الجاري، لاختبار تلك الفرضية من خلال استضافته الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، وزعماء دول أخرى في واحد من أهم الاجتماعات العالمية خلال العام الجاري.

ولكن نجاح قمة مجموعة العشرين، بحسب "بلومبرغ"، لا يقف عند حدود الدبلوماسية الذكية، فعلى مدى أشهر، رسم المسؤولون الهنود أفضل الطرق لتحصين نيودلهي، المدينة الملوثة والمكتظة بأكثر من 20 مليون نسمة، حيث "يتاخم الجمال المتداعي لحصون العصر المغولي القديم الطرق السريعة المليئة بالحفر والمزدحمة بالحافلات والسيارات وعربات الريكشا".  

وفي القلب من نيودلهي يقبع المركز البيروقراطي الصغير الذي يستضيف أعمال القمة، السبت والأحد. 

وتشتهر المنطقة التي تبلغ مساحتها 16.5 ميل مربع، بأفدنة من "الحدائق المشذبة والآثار الحجرية الرملية والبنغالات الفخمة التي تقطنها النخبة الهندية".

ولضمان السيولة المرورية، أمرت السلطات المدارس والبنوك ومعظم الشركات الخاصة وجميع الإدارات الحكومية بـ"التوقف عن العمل"، كما ستظل الحدود مع الدول المجاورة مغلقة، وسيجوب أكثر من 100 ألف من أفراد الشرطة والأمن الشوارع، وستتاح لهم المدفعية الثقيلة والكاميرات المتطورة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي وأجهزة التشويش والكلاب البوليسية المدربة، من بين أشياء أخرى، بحسب الوكالة.

سمعة مودي وفرص الحزب

مايكل كوجلمان، مدير معهد جنوب آسيا التابع لمركز ويلسون في واشنطن، قال لـ"بلومبرغ"، إنه "ثَمة أمور كثيرة على المحك بالنسبة لمودي" فيما يتعلق باستضافة بلاده القمة، إذ يمكن أن يعزز نجاح تنظيم هذه القمة سمعة رئيس وزراء الهند كـ"مسؤول كفؤ"، كما يمكن أن يعزز فرص حزبه الحاكم "بهاراتيا جاناتا" في "5 انتخابات وشيكة" على مستوى الولايات هذا العام، وفي "الانتخابات الوطنية" المتوقعة بحلول الصيف المقبل. 

وأضاف كوجلمان، أن "نيودلهي تأخذ رئاستها لهذه القمة، على محمل الجد بدرجة كبيرة، إذ تضعها في سلة واحدة ليس فقط مع المصالح الوطنية الأساسية وأهداف السياسة الخارجية، ولكن أيضاً، ولو بطريق غير مباشر، مع السياسات الداخلية".

4 سنوات لإعداد مقر القمة

ويتسم المكان الذي يستضيف القمة بـ"الفخامة والأبهة بما يليق بالحدث"، حيث يلتقي زعماء العالم في مركز للمؤتمرات والمعارض "يفوق في رحابته دار أوبرا سيدني في أستراليا، وصممته شركة (Aedas) العالمية التي أنشأت منتجع (مارينا باي ساندز) في سنغافورة"، بحسب "بلومبرغ" التي أشارت إلى أن أعمال تجديد المركز استغرقت 4 سنوات ونصف السنة، بتكلفة 27 مليار روبية (حوالي 326 مليون دولار). 

وتابعت "بلومبرغ": "وتنتشر رسائل التذكير بالقمة في كل بقعة في نيودلهي، فجوانب الطرقات تحفل بالملصقات التي تصور مودي وشعار مجموعة الـ20، وتزين المنحوتات والنوافير والزهور الميادين، كما علق المسؤولون الأضواء على الأشجار لإضاءتها ليلاً، وملأت الجداريات التي تصور الآلهة الهندوسية وتقاليد الرقص والحرف المختلفة الممرات وجسور السكك الحديدية القديمة الباهتة". 

واعتبرت الوكالة، أن "القمة تمثل إحدى أهم الفعاليات الدولية التي استضافتها نيودلهي خلال سنوات، كما تمثل فرصة لإزالة أخطاء الحكم الماضية من الذاكرة، ومن بينها ما حدث عام 2010 عندما استضافت العاصمة الهندية بطولة ألعاب دول الكومنولث، وواجه مسؤولون تهماً بالفساد على خلفية طريقة اختيارهم الشركات المسؤولة عن توفير المعدات الرياضية واستخدام الأطفال كعمالة في بناء المرافق".

وقبل انطلاق أعمال القمة يبدو أن السلطات أخذت في الاعتبار كل المخاطر التي يمكن تصورها، والتي يمكن أن تشكل تهديداً ولو من بعيد على العُرس العالمي الذي تستضيفه الهند، "فصاغت قواعد حاكمة لأدق التفاصيل، كحظر طيران مناطيد الهواء الساخن والطيران الشرعي في سماء المدينة، من بين أشياء أخرى، وفقاً لتوجيهات الشرطة"، بحسب "بلومبرغ".

ونقلت الوكالة، عن أشخاص وصفتهم بأنهم مطلعين على خطط التأمين، قولهم إن القوات المسلحة الهندية ستنشر "قوات الكوماندوز، والقناصة، وفرق إبطال مفعول القنابل، وفرق الكشف عن المتفجرات، والتكنولوجيا المضادة للطائرات دون طيار، وأطقم الرد السريع على التهديدات الكيميائية والنووية، وطائرات المراقبة طويلة المدى، والطائرات المقاتلة".

وقال ديبندرا باتاك، مفوض شرطة نيودلهي الخاص لشؤون القانون والنظام، في مقابلة: "لأغراض احتواء الاحتجاجات والتجمعات، تقدم لنا العديد من الوكالات المحلية المعلومات في وقتها الفعلي".

اعتذار لسكان العاصمة

وبحلول الجمعة، سيكون الوصول إلى نيودلهي "بالغ الصعوبة"، فعلى الرغم من أن مترو الأنفاق بالمدينة سيستمر في العمل، إلا أن شرطة المرور ستحظر معظم التنقلات الأخرى بالقرب من مبنى البرلمان والوزارات الحكومية، وستتكفل القيود الأخرى بإغلاق الأحياء التي تنتشر فيها فنادق الـ5 نجوم التي يقطنها ضيوف القمة.

وقبيل انعقاد القمة، اعتذر مودي لسكان العاصمة عن الإزعاج الناجم عن فرض العديد من القيود على الحياة داخل المدينة، ولكن بالنسبة لكثير من الهنود تمثل القمة، على الرغم من غموض أهدافها، دليلاً على أن بلدهم واحدة من القوى التي لا يمكن تجاهلها في تحديد وجهة الشؤون العالمية.   

وفي خطابه الذي ألقاه، أواخر الشهر الماضي، قال مودي إن "استضافة قمة مجموعة العشرين مسؤولية البلد بأكملها".

وأضاف: "نحن بحاجة إلى أن نُظهر للعالم أن نيودلهي قادرة على تحمل هذه المسؤولية دون أي خلل".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات