قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، الخميس، إن المملكة حققت في فترة وجيزة "إنجازات غير مسبوقة" في تاريخ المملكة المعاصر، وذلك في أقل من أربع سنوات.
وأضاف ولي العهد في كلمته بمناسبة افتتاح مجلس الشورى، أن المملكة تعد أحد "أكبر وأهم اقتصادات العالم"، مشيراً إلى أنه يجري العمل على مضاعفة حجم الاقتصاد وتنوعيه، وتقليص حجم البطالة.
وأكد الأمير محمد بن سلمان، في الكلمة التي نقلتها وكالة الأنباء السعودية (واس)، أن التطرف "لم يعد مقبولاً في المملكة.. ومستمرون في مواجهة أفكاره".
الحرب على الفساد
وبشأن مكافحة الفساد، قال ولي العهد السعودي، إن الفساد انتشر في السعودية خلال العقود الماضية "مثل السرطان"، مضيفاً أنه "أصبح يستهلك 5 إلى 15% من ميزانية الدولة، ما يعني أداء 5 إلى 15% أسوأ على أقل تقدير في مستوى الخدمات والمشاريع وعدد الوظائف وما إلى ذلك. ليس فقط لسنة أو سنتين، ولكن تراكمياً على مدى ثلاثين عاماً".
وأكد الأمير محمد بن سلمان، في كلمته، أنه يعتبر "هذه الآفة العدو الأول للتنمية والازدهار وسبب ضياع العديد من الفرص الكبيرة في المملكة العربية السعودية. هذا الشيء أصبح من الماضي ولن يتكرر بعد اليوم على أي نطاق كان دون حساب قوي ومؤلم لمن تسول له نفسه، كبيراً أو صغيراً".
وأوضح ولي العهد السعودي، أن "نتائج حملة مكافحة الفساد كانت واضحة للجميع، حيث بلغ مجموع متحصلات تسويات مكافحة الفساد 247 مليار ريال في السنوات الثلاث الماضية، تمثل 20% من إجمالي الإيرادات غير النفطية، إضافة إلى أصول أخرى بعشرات المليارات تم نقلها لوزارة المالية، وستسجل في الإيرادات عند تسييلها بما فيها من عقارات وأسهم".
التعامل مع كورونا
واعتبر الأمير محمد بن سلمان، أن الناتج المحلي غير النفطي يعد "المؤشر الرئيسي لنجاح خططنا الاقتصادية، لأن الناتج المحلي الإجمالي يتأثر بطبيعة الحال بتقلبات كميات إنتاج النفط، ولا تعتبر الحكومة هي المحرك الرئيسي له".
وأوضح ولي العهد السعودي، أن قيمة الناتج المحلي غير النفطي كانت تقدر في عام 2016 بـ 1.8 تريليون ريال، و"بدأنا في المملكة وضع خطط لمضاعفة ذلك بوتيرة سريعة، فكانت النتيجة تسجيل نمو متسارع في السنوات الثلاث الماضية، بنسبة 1.3% في 2017، و2.2% في 2018، و3.3% في 2019 وأكثر من 4% في الربع الرابع من 2019".
واعتبر ولي العهد السعودي، أن المملكة تعتبر "إحدى أفضل 10 دول في التعامل مع التبعات الاقتصادية لجائحة كورونا في مجموعة العشرين"، معبراً عن تفاؤله بأن وتيرة النمو "ستتسارع مع زوال الجائحة وعودة الأمور لطبيعتها بالكامل، لنكون إحدى أسرع دول مجموعة العشرين نمواً في الناتج المحلي غير النفطي في السنوات القادمة".
وفي ما يتعلق بنسب البطالة، أشار ولي العهد السعودي، إلى أن نسبة البطالة بلغت خلال عام 2018، 13% تقريباً. لافتاً إلى أنه "بسبب رفع كفاءة الأجهزة الحكومية واستثمارات صندوق الاستثمارات العامة والبرامج والمبادرات الحكومية الأخرى، رأينا نسبة البطالة تنخفض بشكل متتالٍ إلى 11.8% في بداية عام 2020".
وأكد الأمير محمد بن سلمان، أن المملكة ستكون في نهاية عام 2020 "من أقل الدول المتأثرة بجائحة كورونا في مجموعة العشرين، التي ارتفعت نسبة البطالة في بعضها إلى من 15 و20% وأكثر"، مشيراً إلى أن البرامج والسياسات التي وضعتها الحكومة "ستمكن من تحقيق نسبة بطالة 7% قبل 2030".
مكافحة التطرف
وأشاد ولي العهد السعودي، بجهود المملكة في مكافحة "آفة الإرهاب والتطرف"، مؤكداً أنه "خلال سنة واحدة، استطعنا أن نقضي على مشروع أيديولوجي صُنع على مدى 40 عاماً".
وقال الأمير محمد بن سلمان، إن إعادة هيكلة وزارة الداخلية وإصلاح القطاع الأمني "مكنت من خفض عدد العمليات الإرهابية في السعودية حتى اليوم إلى ما يقارب (الصفر) عملية إرهابية ناجحة، باستثناء محاولات فردية معدودة ولم تحقق أهدافها البغيضة". مؤكداً أن "عملنا اليوم أصبح استباقياً، وسنستمر في الضرب بيد من حديد ضد كل من تسول له نفسه المساس بأمننا واستقرارنا".
وأضاف ولي العهد أن "ظاهرة التطرف كانت بيننا بشكل مستشرٍ، ووصلنا إلى مرحلة نهدف فيها، في أفضل الأحوال، إلى التعايش مع هذه الآفة. لم يكن القضاء عليها خياراً مطروحاً من الأساس، ولا السيطرة عليها أمراً وارداً. لقد قدمت وعوداً في عام 2017، بأننا سنقضي على التطرف فوراً، وبدأنا فعلياً حملة جادة لمعالجة الأسباب والتصدي للظواهر، وخلال سنة واحدة، استطعنا أن نقضي على مشروع أيديولوجي صُنع على مدى 40 عاماً".
وأكد الأمير محمد بن سلمان، أنه "لم يعد التطرف مقبولاً اليوم في المملكة العربية السعودية، ولم يعد يظهر على السطح، بل أصبح منبوذاً ومتخفياً ومنزوياً، ومع ذلك سنستمر في مواجهة أي مظاهر وتصرفات وأفكار متطرفة"، مضيفاً أن "السعوديين أثبتوا سماحتهم الحقيقية، ونبذهم لهذه الأفكار التي كانت دخيلة عليهم من جهات خارجية، تسترت بعباءة الدين، ولن يسمحوا أبداً بوجوده بينهم مرة أخرى".
وأضاف ولي العهد "أن خطاب الكراهية هو الدافع الرئيسي لتجنيد المتطرفين"، وأن ذلك "يشمل خطاب الكراهية الذي يستخدم حرية التعبير وحقوق الإنسان مبرراً، هذا النوع من الخطاب يستقطب خطاب كراهية مضاد من المتطرفين، وهو مرفوض بطبيعة الحال".
وأكد أن "المملكة في الوقت الذي تدين وتنبذ كل عمل إرهابي أو ممارسات وأعمال تولد الكراهية والعنف، وتلتزم بمواجهة خطاب التطرف، فإنها ترفض أي محاولة للربط بين الإسلام والإرهاب، وتؤكد أن الحرية الفكرية وسيلة للاحترام والتسامح، كما أن الإسلام يجرم هذه العمليات الإرهابية ويحرم إراقة الدماء، ويمنع الغدر بالآمنين وقتلهم بدون وجه حق".
وتوعد ولي العهد السعودي "كل من تسول له نفسه تنفيذ عمل إرهابي، واستغلال خطابات الكراهية، بعقاب رادع ومؤلم وشديد للغاية، مضيفاً: "إننا نأمل أن يتوقف العالم عن ازدراء الأديان، ومهاجمة الرموز الدينية والوطنية، تحت شعار حرية التعبير، لأن ذلك سيخلق بيئة خصبة للتطرف والإرهاب".