خطر المجاعة يهدد جنوب السودان ومطالب أممية بالمساعدة

time reading iconدقائق القراءة - 7
أكياس طعام من برنامج الأغذية العالمي يتم تفريغها من طائرة هليكوبتر تابعة للأمم المتحدة في مقاطعة بيبور بجنوب السودان - 2 يناير  2012 - REUTERS
أكياس طعام من برنامج الأغذية العالمي يتم تفريغها من طائرة هليكوبتر تابعة للأمم المتحدة في مقاطعة بيبور بجنوب السودان - 2 يناير 2012 - REUTERS
جوبا -وكالات

حذر خبراء في الأمن الغذائي الدولي من خطر المجاعة في بعض مقاطعات جنوب السودان، مشيرين إلى أن عشرات الآلاف من الأشخاص "على شفا المجاعة".

وقالت وكالة "أسوشيتد برس" إن العالم لم يشهد أي مجاعات منذ ما شهدته ولاية الوحدة في جنوب السودان قبل 4 سنوات خلال الحرب الأهلية، مؤكدة أن ثمة مخاوف من أن تكون مقاطعة بيبور الغربية بلغت مستوى المجاعة في جنوب السودان، بعدما حالت فيضانات ضخمة وعنف مميت دون وصول المساعدات إليها.

وأضافت الوكالة أن تقرير "لجنة مراجعة المجاعة"، الذي أعدّه "التصنيف المرحلي للأمن الغذائي المتكامل" والذي يُعرّف عن نفسه بأنه "مبادرة مبتكرة متعددة الشركاء لتحسين الأمن الغذائي وتحليل التغذية واتخاذ القرار"، لم يعلن وصول مستوى الأزمة إلى حد المجاعة، الأمر الذي يرفع مستوى جهود الإغاثة نتيجة نقص البيانات. ورجحت المعلومات المتاحة الوصول إلى مستوى المجاعة، وهذا يعني أن 20% على الأقل من الأسر تواجه نقصاً غذائياً شديداً، وأن 30% على الأقل من الأطفال يعانون من سوء تغذية حاد.

"وضع كارثي"

ونقلت الوكالة عن كريس نيوتن، وهو موظف سابق في برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، ولديه سنوات من الخبرة في جنوب السودان، قوله: "نظراً إلى كل الأدلة المتاحة، يُرجّح أن تكون هناك مجاعة ونتوقع ارتفاع معدل الوفيات في تلك المنطقة".

أما ميشاك مالو، وهو ممثل لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "فاو"، فنبّه إلى "وضع كارثي"، مضيفاً: "على المجتمع الإنساني والحكومة زيادة مساعداتنا".

 وأشار التقرير إلى ظروف كارثية تشهدها أيضاً 5 مقاطعات في جنوب السودان، هي ولايات جونقلي وواراب وشمال بحر الغزال، حيث يواجه 5 إلى 10% من السكان خطر المجاعة، لكن حكومة جنوب السودان لم تؤيّد التقرير ودعت إلى توخي الحذر في الزعم بحدوث مجاعة، معتبرة أن أي مجاعة تحدث، على مرأى من الحكومة ومجتمع الإغاثة، هي "شهادة على فشل الطرفين".

وأفاد التقرير بأن عمال الإغاثة قلقون من تفاقم صعوبة وصول المساعدات الإنسانية إلى  تلك المناطق،  وأضاف أن نسبة نجاح تسليم مساعدات غذائية مخطط لها إلى المناطق المتضررة، في الأشهر المقبلة، هي أقلّ من 50%.

وأشارت دراسة أعدّتها كلية لندن للصحة والطب الاستوائي إلى أن جنوب السودان يكافح للتعافي من حرب دامت 5 سنوات، وأسفرت عن مقتل نحو 400 ألف شخص.

تأثير العنف

وتشرف حكومة ائتلافية، شكّلها هذا العام الرئيس سلفا كير وزعيم المعارضة رياك مشار، على تنفيذ اتفاق سلام تأخر تطبيقه، فيما يستمر عنف دامٍ في أجزاء من البلاد، هو الأسوأ في ولاية جونقلي ومقاطعة بيبور الإدارية الكبرى، حيث أبرز مظاهر الجوع.

ونقلت "أسوشيتد برس" عن إدموند ياكاني، المدير التنفيذي لـ "منظمة التمكين المجتمعي من أجل التقدم"، قوله: "هذه المجاعة هي نتيجة التأثير الأوسع للعنف في حياة البشر". وحمّل "ساسة ينزعون إلى استخدام العنف، بوصفه خياراً للسيطرة على السلطة"، مسؤولية ذلك.

وأشارت الأمم المتحدة إلى زيادة نسبتها 220% في حوادث العنف الطائفي بين يناير ومايو مقارنة بالفترة ذاتها قبل عامين، مشيرة إلى أن الحكومة والمعارضة تؤمّنان أسلحة في أحيان كثيرة.

وذكرت لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة أن القتال منع المواطنين من الزراعة وأغلق طرق الإمداد وأحرق أسواقاً، فيما نُهبت مستودعات المساعدات الإنسانية وقُتل عاملون إنسانيون، لكن ناطقاً باسم الجيش أكد أن الأخير لم يمنع وصول المساعدات إلى المدنيين.

موسم جفاف

ولاحظت الأمم المتحدة تفاقم المشكلات نتيجة أسوأ فيضانات محلية منذ عقود، أدت إلى نزوح أكثر من مليون شخص منذ يوليو الماضي، معظمهم في ولاية جونقلي ومقاطعة بيبور الإدارية الكبرى.

ونقلت "أسوشيتد برس" عن خوسيه ماس كامبوس، رئيس بعثة منظمة "أطباء بلا حدود" في جنوب السودان، قوله: "نحن قلقون جداً بشأن موسم الجفاف المقبل الذي سيؤدي إلى مزيد من العنف".

وتنتشر مشكلة الجوع في كل أنحاء البلاد، إذ أظهر استطلاع حديث، أعدّه البنك الدولي عبر الهاتف، لأكثر من 1200 شخص في جنوب السودان أن نحو 73% أفادوا بأنهم لم يأكلوا ليوم كامل بسبب نقص المال، علماً أن الأزمة الاقتصادية تفاقمت بعد انخفاض أسعار النفط، المصدر الأساسي لإيرادات البلاد، والتضخم وتداعيات فيروس كورونا المستجد.

وفي مستشفى للأطفال بعاصمة جنوب السودان جوبا، ذكر أطباء أنهم شهدوا زيادة في وفيات الأطفال نتيجة سوء التغذية. وقال جيمس ماوين تونغ، أبرز الأطباء في مركز التغذية بالمستشفى، إن 85 توفوا بين يناير وديسمبر مقارنة بـ 62 خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، علماً أن المستشفى استقبل عدداً أقلّ من المرضى.

وجلست أنجلينا أتير (20 عاماً) على الأرض وهي تهدئ ابنتها التي تبلغ من العمر عامين، والتي كانت تبكي فيما تتغذى من خلال أنبوب في أنفها. وأضافت أن الأزمة الاقتصادية أرغمت أسرتها منذ أغسطس الماضي على تناول الطعام مرة واحدة فقط في اليوم، إذ لا تستطيع تحمّل تكاليفه. وتابعت: "الوضع ليس جيداً، نحتاج إلى مساعدة".