أخطرت الولايات المتحدة، الخميس، ملايين الموظفين الحكوميين باحتمال توقف تسليم الرواتب وإمكانية "إغلاق الحكومة"، بسبب الانقسام الذي يشهده الكونجرس بشأن مستويات الإنفاق في السنة المالية 2024.
وستبدأ الوكالات الاتحادية في الإغلاق بدءاً من أول أكتوبر المقبل إذا لم يقر الكونجرس تمويلاً مؤقتاً للحكومة الفدرالية، أو مشروع قانون للإنفاق لمدة عام كامل.
ويُشير الانقسام بين مجلسي الكونجرس (النواب والشيوخ)، إلى أنه من المرجح أن تشهد الولايات المتحدة إغلاقاً للمرة الرابعة خلال 10 سنوات، الأحد المقبل، بحسب وكالة "رويترز".
من ناحيتها، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، الخميس، بأن ملايين الموظفين الحكوميين وأفراد الخدمة العسكرية، تلقوا رسائل تشير إلى احتمال توقف رواتبهم، ما لم يتمكن المشرعون في مبنى الكابيتول من التوصل إلى اتفاق خلال الساعات الأخيرة قبل الإغلاق، لكنها أشارت إلى أن ذلك أمر "غير مرجح".
ونصت رسالة موجهة لموظفي وزارة الأمن الداخلي على أنه "خلال هذا الوقت، سيتم منح بعضكم إجازة مؤقتة، فيما سيستمر آخرون بشكل استثنائي في تنفيذ الواجبات المسندة إليهم".
وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن هناك جهات حكومية لن تتأثر بالإغلاق، مثل الضمان الاجتماعي وخدمات البريد، وذلك بسبب أن تموليها لا يتم عن طريق الاعتمادات السنوية التي يقرها الكونجرس الأميركي.
توجيهات لموظفي البيت الأبيض
وأفادت "بلومبرغ" بأن موظفي البيت الأبيض تلقوا توجيهات بشأن مدى تأثرهم بالإغلاق المرتقب الأحد المقبل.
وأرسل مكتب الميزانية في البيت الأبيض بريداً إلكترونياً إلى الموظفين، الخميس، يقول فيه إنه سيتم تقسيمهم إلى ثلاث فئات، وسيكون على فئتين من الثلاثة الالتحاق بالعمل، على غرار رئيس الأركان، ومدير مجلس الاقتصاد الوطني والمتحدث الصحافي، فيما سيتم إعفاء الفئة الثالثة عن العمل، وستبدأ إجازة في الثاني من أكتوبر (الاثنين).
ومن المحتمل أن يتم منح عطلة للعديد من الموظفين الفيدراليين عبر جميع الوكالات، ولكن بعضهم سيتم اعتبارهم "أساسيين"، وسيتم تكليفهم بالعمل من دون أجر حتى انتهاء الإغلاق.
واستمر إغلاق الحكومة الأخير في الفترة من 2018 إلى 2019، لمدة 35 يوماً، وهو الأطول في تاريخ الولايات المتحدة.
"تصويت إجرائي"
ومع بقاء 3 أيام فقط على الإغلاق الجزئي للحكومة الأميركية، من المتوقع أن يجري مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديمقراطيون، تصويتاً إجرائياً، الخميس، على اقتراح يتعلق بالإنفاق في الأمد القصير، لكن رئيس مجلس النواب الجمهوري كيفن مكارثي رفض الاقتراح الذي تقدم به أعضاء من الحزبين.
وسيُعرض على مجلس النواب تعديلات على 4 مشاريع قوانين للمخصصات المالية، ولكن هناك فرصة ضئيلة للموافقة عليها، كما أنها لن تمنع الإغلاق حتى ولو تم المصادقة عليها في المجلس.
وسيكون لزاماً على الكونجرس إقرار تشريع يُمكن الرئيس الديمقراطي جو بايدن من توقيعه ليصبح قانوناً بحلول منتصف ليل السبت (4:00 بتوقيت جرينتش، الأحد) لتجنب منح إجازات لمئات الآلاف من العاملين في وكالات اتحادية، ووقف مجموعة واسعة من الخدمات، وذلك للمرة الرابعة خلال العقد المنصرم.
ورفضت مجموعة صغيرة من الجمهوريون تنتمي لأقصى اليمين، مستويات الإنفاق في السنة المالية 2024، والتي تحددت في اتفاق تفاوض عليه مكارثي مع بايدن في مايو الماضي.
وشمل الاتفاق 1.59 تريليون دولار من الإنفاق التقديري في 2024، فيما يطالب الجمهوريون في مجلس النواب بتخفيضات أخرى بقيمة 120 مليار دولار، إضافة إلى تشريعات أكثر صرامة لوقف تدفق المهاجرين من الحدود الجنوبية للولايات المتحدة مع المكسيك.
وتركز معركة التمويل على شريحة صغيرة نسبياً من الميزانية الأميركية البالغ حجمها 6.4 تريليون دولار في هذه السنة المالية، في حين لا يفكر المشرعون في إجراء تخفيضات على برامج المزايا الاجتماعية مثل الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية.
مكارثي يواجه ضغوطاً شديدة
ويواجه مكارثي ضغوطاً شديدة من داخل الحزب الجمهوري لتحقيق أهداف الحزب، إذ هدّد العديد من الأعضاء الجمهوريين بإقالة مكارثي إذا مرر مشروع قانون الإنفاق.
وقال بايدن لمجموعة من المانحين في حفل لجمع التبرعات في سان فرانسيسكو، الأربعاء: "أعتقد أن رئيس مجلس النواب يختار بين رئاسة المجلس والمصالح الأميركية".
وسعى مكارثي للحصول على عدد كافٍ من الأصوات في الغرفة التي يسيطر عليها الجمهوريين لصدور قانون مؤقت للحفاظ على عمل الحكومة، والذي يتضمن أيضاً خفضاً في الإنفاق، وسياسات أشد تشدداً بشأن الحدود والهجرة، تدعمها التيارات المحافظة في كتلته.
ويعارض الديمقراطيون في الكونجرس والبيت الأبيض تلك التدابير، مما يعني أن هذا المشروع لا يمكنه تقريباً أن يصبح قانوناً.
وقدم مجلس الشيوخ مقترحاً ثنائي الأطراف، يبقي الحكومة مفتوحة حتى منتصف نوفمبر، وسيوفر 6 مليارات دولار كمساعدات جديدة لأوكرانيا.
ومع ذلك، فإن هذا الاقتراح يعارضه المحافظون في مجلس النواب، إذ يرغبون في وقف أو تقييد الدعم الإضافي لكييف في حربها ضد روسيا، وفق "بلومبرغ".
وقال رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي للصحافيين، الثلاثاء، إنه سيحاول الحصول على موافقة الجمهوريين المنقسمين على مشروع قانون سيموّل الحكومة بشكل مؤقت، لكنه يعتزم إضافة قيود صارمة على الحدود والهجرة، من غير المرجح أن تحظى بدعم عدد كافٍ من الديمقراطيين في مجلسي النواب والشيوخ لتصبح قانوناً.
وكانت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني قالت، الاثنين الماضي، إن إغلاق الحكومة الأميركية سيضر بتصنيفها السيادي، في تحذير شديد بعد شهر من خفض وكالة "فيتش" تصنيف الولايات المتحدة درجة واحدة على خلفية أزمة سقف الديون.
وقال متحدث باسم وزارة الخزانة الأميركية إن تقرير موديز قدم "دليلاً إضافياً على أن الإغلاق يمكن أن يقوض القوة الدافعة لاقتصادنا" في وقت تراجع فيه التضخم والبطالة عن 4%.