حذرت دول غربية عدة من احتجاجات متوقعة يوميْ الجمعة والسبت، تأييداً للقضية الفلسطينية، على خلفية التطورات في قطاع غزة، وفي ظل استمرار القصف الجوي المكثف على القطاع، وعقب العملية العسكرية التي أطلقتها حركة "حماس" في بلدات ومدن إسرائيلي في محيط قطاع غزة.
وتباينت المواقف والإجراءات الاحترازية، في بلدان مختلفة، تجاه المظاهرات الداعمة للقضية الفلسطينية، والتي من المقرر أن تقام الجمعة أو السبت والأحد، فبينما ضاعفت وكالات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة من انتشارها، قررت السلطات في كل من بريطانيا وألمانيا وفرنسا، حظر تلك المظاهرات، فضلاً عن تهديدات وقيود للداعين لتلك التظاهرات، بينما تدرس أستراليا فرض إجراءات استثنائية خاصة.
في الولايات المتحدة كثفت أجهزة إنفاذ القانون الإجراءات الأمنية لـ"حماية اليهود والمسلمين"، قبل احتجاجات متوقعة تأييداً للقضية الفلسطينية، الجمعة، لكنها حضت في ذات الوقت، المواطنين، على ممارسة أنشطتهم اليومية دون تغيير.
وقالت الشرطة في أكبر مدينتين أميركيتين من حيث عدد السكان، وهما نيويورك ولوس أنجلوس، إنها "ستزيد الدوريات الأمنية خاصة حول أي كنيس أو مركز يهودي"، لكن السلطات أكدت أنها ليست على دراية بأي تهديدات محددة أو ذات مصداقية.
بدوره، قال رئيس بلدية نيويورك إريك آدمز، إن مكتبه "وجّه شرطة المدينة بتوفير موارد إضافية للمدارس ودور العبادة لضمان أمنها ولتظل مدينتنا مكاناً آمناً"، مضيفاً أن دوريات شرطة إضافية "تنتشر في التجمعات السكنية لليهود والمسلمين على السواء".
وأفاد مسؤولون بمدينة نيويورك، إنهم "يستعدون لمظاهرة واحدة كبرى على الأقل من المقرر أن يتم تنظيمها في ساحة التايمز، الجمعة".
من جانبها، أصدرت شرطة لوس أنجلوس بياناً قالت فيه إن "أفرادها سينتشرون بشكل أكبر في محيط التجمعات اليهودية والمسلمة خلال هذا الوقت من الأحداث".
كما ذكر مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI في بيان: "نحن على دراية بتقارير مفتوحة المصدر عن دعوات بتحرك على مستوى عالمي اليوم الجمعة (...) قد يؤدي ذلك لخروج مظاهرات في أنحاء الولايات المتحدة. نحض الناس على توخي الحذر".
إجراءات استثنائية في أستراليا
بدورها تدرس أستراليا، تطبيق "صلاحيات خاصة" لتوقيف وتفتيش المشاركين في مسيرة مؤيدة للفلسطينيين مقررة، الأحد، وذلك للمرة الأولى منذ ما يقرب من عقدين من الزمن.
وقالت شرطة ولاية نيو ساوث ويلز، الجمعة، إنها طلبت المشورة القانونية بشأن الصلاحيات الخاصة التي لم تستخدم منذ أعمال الشغب العرقية في عام 2005، والتي من شأنها أن تسمح للشرطة بالتفتيش والمطالبة بإبراز الهويات لأولئك الذين يحضرون احتجاجاً مؤيداً للفلسطينيين في سيدني.
وتتوقع الشرطة، أن يشارك أكثر من 400 شخص في الاحتجاج في هايد بارك بسيدني، إذ أثارت المظاهرة المزمعة جدلاً على مستوى البلاد، بعد أن أظهرت لقطات من مظاهرة سابقة أجريت الاثنين، أشخاصاً يهتفون "gas the Jews".
وقالت "مجموعة العمل الفلسطيني" في سيدني، التي تنظم احتجاج الأحد المقبل، إن المسيرة ستستمر دون تصريح من الشرطة، ودافعت عن الحق في التظاهر بعد دعوات من سياسيين من مختلف الأطياف السياسية لإلغاء الحدث.
المجر تحظر المسيرات
من جانبه، قال رئيس وزراء المجر، فيكتور أوربان، للإذاعة العامة، الجمعة، إن بلاده لن تسمح بأي مسيرات تؤيد "المنظمات الإرهابية"، معتبراً أن "جميع المواطنين المجريين يجب أن يشعروا بالأمان، بغض النظر عن معتقداتهم أو أصولهم".
وأضاف أوربان: "من الصادم أن تكون هناك مسيرات تعاطف تدعم الإرهابيين في أنحاء أوروبا. هناك محاولات حتى في المجر. لكننا لن نسمح بمسيرات التعاطف التي تدعم المنظمات الإرهابية، لأن ذلك من شأنه أن يشكل تهديداً إرهابياً للمواطنين المجريين".
شولتز يلوح بـ"سيف قانوني حاد"
وقال المستشار الألماني أولاف شولتز، الخميس، إنه سيتم حظر جماعة "صامدون" المؤيدة للفلسطينيين، مضيفاً أن أعضاءها يحتفلون بما وصفه بـ"إرهاب حركة حماس في إسرائيل، في الشوارع الألمانية".
وأضاف شولتز في خطاب أمام البوندستاج (البرلمان) في برلين: "قانوننا الذي يحكم الجمعيات سيف حاد. ونحن، كدولة دستورية قوية، سنسحب هذا السيف".
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور مواجهات بين الشرطة الألمانية، واعتقالات لمتظاهرين مؤيدين للقضية الفلسطينية في العاصمة الألمانية برلين.
الاعتقال أو الترحيل في فرنسا
أما في فرنسا، فقد أعلن وزير الداخلية جيرالد دارمانان، الخميس، حظراً على المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في البلاد.
وبحسب مواقع إخبارية فرنسية، فإن وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، أصدر وثيقة تنص على "تعليمات صارمة لحظر المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، لأنها من المحتمل أن تؤدي إلى اضطرابات في النظام العام".
وقال دارمانان إن "تنظيم هذه الاحتجاجات المحظورة يؤدي إلى اعتقالات".
وبحسب ما أوردته وكالة "فرانس برس"، فإن مئات الأشخاص تجمعوا في ساحة الجمهورية بوسط باريس، حيث رددوا شعارات مؤيدة للفلسطينيين ومناهضة لإسرائيل.
وكان دارمانان قد صرح لوسائل إعلام فرنسية في وقت سابق، أنه تم تسجيل أكثر من 100 "عمل معادٍ للسامية" في فرنسا منذ الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل، السبت الماضي، لافتاً إلى توقيف 24 شخصاً على خلفية تلك الأعمال.
وشدد الوزير في قراره على ضرورة "سحب تصاريح إقامة" الأجانب المدانين بارتكاب أي جريمة معادية للسامية أو بالتحريض على الإرهاب، وطردهم دون تأخير من فرنسا".
بريطانيا تهدد باستخدام "قوة الشرطة"
وفي بريطانيا، قالت جماعات التضامن مع فلسطين في لندن لموقع openDemocracy الإخباري، إنها "سترفع أعلامها عالياً" في نهاية هذا الأسبوع، رغم توجيهات وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان للشرطة بقمع احتجاجاتهم.
وقال الناشطون، إن الرسالة شكلت "سابقة خطيرة في إنكار الحقوق الديمقراطية، لكنهم ما زالوا يتوقعون خروج عشرات الآلاف" في مسيرة عبر العاصمة لدعم فلسطين السبت".
ووصف مدير حملة "التضامن مع فلسطين"، إحدى المجموعات الست المنظمة للمسيرة، رسالة برافرمان، بأنها "اعتداء على الحق الأساسي للمواطنين البريطانيين في إظهار التضامن مع الرغبة المشروعة للشعب الفلسطيني في إعمال حقوقه".
ووجّهت وزيرة الداخلية البريطانية، رسالة إلى كبار قادة الشرطة في إنجلترا وويلز، تحذرهم من أي مظاهر لدعم حركة "حماس" في الشوارع، عقب الهجوم الذي شنته الحركة داخل إسرائيل، السبت الماضي.
وطالبت برافرمان في رسالة مؤرخة في 10 أكتوبر، الشرطة باستخدام القوة الكاملة لمنع ظهور ما وصفته بـ"رموز أو شعارات معادية لإسرائيل في شوارع البلاد، وخاصة في الأحياء التي تقطنها الجالية اليهودية".
وشددت وزيرة الداخلية على أن كل من يرتدي زي الحركة، أو يردد شعاراتها، أو يحمل رايات وصور تؤيدها "يخل بالنظام العام، ويرتكب جريمة جنائية يعاقب عليها القانون".