قال البيت الأبيض، الجمعة، أن إسرائيل لم تتشاور مع الولايات المتحدة قبل إصدار أمر بإخلاء أكثر من مليون مدني في شمال قطاع غزة لمنازلهم، فيما أطلقت دول ومنظمات دولية تحذيرات من "كارثة إنسانية".
وكان الجيش الإسرائيلي أمهل، صباح الخميس، مواطني غزة القاطنين في شمال القطاع، 24 ساعة لمغادرة منازلهم والذهاب إلى الجنوب، وهو ما اعتبرته الأمم المتحدة "أمراً غير ممكن"، باعتبار أن هذه المنطقة يقطنها أكثر من مليون شخص.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي: "لم تكن هناك مشاورات مسبقة على حد علمي، قبل أن يصدر الجيش الإسرائيلي تحذير الإخلاء". وأضاف أن الولايات المتحدة "قلقة" بشأن الخسائر في أرواح المدنيين، بينما تعمل "بشكل دؤوب" على إيجاد خيارات توفير ممر آمن.
وتابع: "نريد أن نتأكد من أن أولئك الذين يريدون المغادرة لديهم القدرة على ذلك. وعليه فإننا نعمل بشكل دؤوب مع الإسرائيليين والمصريين، لمحاولة إيجاد ممر آمن للخروج من جنوب غزة". وأردف: "نريد أيضاً الحفاظ على القدرة على إدخال المساعدات الإنسانية"، في حين رفض الإفصاح عن تفاصيل بشأن المحادثات الدبلوماسية الجارية بشأن تلك الجهود.
وفي وقت لاحق، قال كيربي إن الولايات المتحدة تتحدث "على نحو مستمر" مع نظرائها الإسرائيليين "بشأن القضايا المتعلقة بقوانين الصراع المسلح واحترام حياة الإنسان"، مضيفاً: "هذه مسألة ناقشناها وسنواصل مناقشتها معهم".
رفض وإدانة دولية
وعبرت العديد من الدول والمنظمات الدولية عن رفضها وإدانتها للقرار الإسرائيلي، والذي من شأنه أن يتسبب في كارثة إنسانية في القطاع.
وأعلنت وزارة الخارجية المصرية، الجمعة، رفضها لـ"الدعوات الموجهة من الجيش الإسرائيلي لسكان قطاع غزة بمغادرة منازلهم والاتجاه جنوباً".
وطالبت مصر مجلس الأمن الدولي بـ"الاضطلاع بمسؤوليته لوقف الدعوات الموجهة من الجيش الإسرائيلي لسكان غزة بمغادرة منازلهم"، مؤكدة أن هذه الدعوات "مخالفة جسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني".
كما شددت الخارجية المصرية في بيانها، على أن هذه الدعوات "تعرض حياة أكثر من مليون مواطن فلسطيني وأسرهم لمخاطر البقاء في العراء، من دون مأوى في مواجهة ظروف إنسانية وأمنية خطيرة وقاسية"، كما أن ذلك "يكدس مئات الآلاف في مناطق غير مؤهلة لاستيعابها".
وطالب الخارجية المصرية من الحكومة الإسرائيلية "الامتناع عن القيام بمثل تلك الخطوات التصعيدية".
وعلى نحو مماثل، أكدت السعودية في بيان، الجمعة، أنها ترفض بشكل قاطع "دعوات التهجير القسري للشعب الفلسطيني من غزة"، معلنة إدانتها لـ"استمرار استهداف المدنيين العزّل هناك".
وجددت المملكة مطالبتها للمجتمع الدولي بـ"سرعة التحرك لوقف كافة أشكال التصعيد العسكري ضد المدنيين، ومنع حدوث كارثة إنسانية، وتوفير الاحتياجات الإغاثية والدوائية اللازمة لسكان غزة"، مشيرة إلى أن "حرمانهم من هذه المتطلبات الأساسية للعيش الكريم، يعد خرقاً للقانون الدولي الإنساني، وسيفاقم عمق الأزمة والمعاناة التي تشهدها تلك المنطقة".
وطالبت السعودية بـ"رفع الحصار عن الأشقاء في غزة، وإجلاء المصابين المدنيين، والالتزام بالقوانين والأعراف الدولية، والقانون الدولي الإنساني، والدفع بعملية السلام وفقاً لقرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة، ومبادرة السلام العربية".
ووصفت الخارجية التركية إجبار سكان غزة على النزوح داخل منطقة محدودة، بأنه "انتهاك صارخ للقوانين الدولية وفعل غير إنساني". وأضافت الوزارة في بيان: "طلب جيش إسرائيل من سكان شمال غزة الانتقال إلى جنوبها في غضون 24 ساعة، لا يمكن قبوله بأي شكل من الأشكال".
"مستوى خطير وغير مسبوق في غزة"
من جهته، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، الجمعة، إن الوضع في غزة وصل إلى "مستوى خطير غير مسبوق".
وأكد جوتيريش خلال حديث للصحافيين أنه "يجب دخول المساعدات الإنسانية بشكل فوري إلى جميع أنحاء غزة حتى نتمكن من إيصال الوقود والغذاء والماء إلى كل من يحتاج إليها"، مشدداً على أنه "حتى الحروب لها قواعد"، في إشارة إلى الإجراءات الإسرائيلية المتخذة بحق المدنيين في غزة.
وأشار الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن "النظام الصحي على وشك الانهيار" في غزة، وأن "المشارح مكتظة" فضلاً عن "أزمة المياه" في القطاع المحاصر.
وأضاف جوتيريش في تصريحاته: "بعد أيام من القصف الجوي، أمرت القوات المسلحة الإسرائيلية الفلسطينيين في مدينة غزة وضواحيها بالانتقال إلى جنوب القطاع"، معتبراً أن "نقل أكثر من مليون شخص عبر منطقة حرب مكتظة بالسكان إلى منطقة بلا طعام أو ماء أو مأوى، في حين أن القطاع بأكمله تحت الحصار، أمر خطير للغاية، وفي بعض الأحيان يكون مستحيلاً".
من جانبه، قال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمم المتحدة في مؤتمر صحافي، الجمعة، إن جوتيريش على اتصال مستمر بالسلطات الإسرائيلية، ويحضها على "تجنب كارثة إنسانية". وأضاف أن "من الضروري أن تحمي السلطات الإسرائيلية المدنيين جميعاً، بما في ذلك من هم في ملاجئ الأمم المتحدة بغزة"، مؤكداً أن "لا مساعدات تصل حالياً إلى القطاع، لأن المعابر الحدودية ما زالت مغلقة".
وطالبت منظمة الصحة العالمية في بيان، الجمعة، بإلغاء فوري لأمر الإخلاء الصادر عن الجيش الإسرائيلي لمناطق في شمال قطاع غزة، وذلك من أجل "وضع حد لمعاناة" المدنيين.
من جهته، قال فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، إن مطالبة إسرائيل أكثر من مليون مدني في شمال غزة بالانتقال إلى الجنوب في غضون 24 ساعة "أمر مروع".
وأضاف لازاريني عبر منصة التواصل الاجتماعي X (تويتر سابقاً)، أن هذا سيؤدي إلى "مستويات غير مسبوقة من المعاناة"، مطالباً جميع الأطراف بالالتزام بقانون الحرب.
24 ساعة لتهجير أكثر من مليون شخص
الجيش الإسرائيلي أصدر أمراً، صباح الجمعة، لسكان شمال مدينة غزة لإخلاء منازلهم والتوجه نحو جنوب القطاع، مشيراً إلى أن المدينة "منطقة عمليات عسكرية كبيرة".
وأضاف الجيش الإسرائيلي في تحذيره إلى سكان هذه المنطقة التي تعد الأكثر ازدحاماً بالسكان في القطاع: "لن يتمكنوا من العودة إلى مدينة غزة إلا بعد صدور إعلان آخر يسمح بذلك".
وأمر الجيش الإسرائيلي، في تحذيره سكان غزة، التي تشهد منذ أيام قصفاً جوياً مكثفاً، بعدم الاقتراب من السياج الحدودي مع إسرائيل.