فرضت القاضية التي تشرف على محاكمة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بتهم محاولة تغيير نتائج انتخابات 2020، أمراً قضائياً، الاثنين، يمنعه من الإدلاء بتصريحات علنية تستهدف ممثلي الادعاء، والشهود المحتملين، ومساعدي القاضية.
ويمثل الأمر الصادر عن القاضية الفيدرالية في واشنطن تانيا تشوتكان، لحظة حاسمة في القضية التي تتهم ترمب بـ"التآمر بشكل غير قانوني"، لإلغاء خسارته في انتخابات 2020 أمام منافسه الديمقراطي آنذاك جو بايدن، بحسب وكالة "أسوشيتد برس".
وكان فريق المحقق الخاص جاك سميث قد حذر من أن تصريحات ترمب "التحريضية" التي وصف فيها النظام القضائي بـ"المزور"، وتشوتكان بأنها "قاضية كارهة لترمب"، والمدعين العامين بأنهم "فريق من البلطجية" يمكن أن تلهم أنصاره لمضايقة أو ترهيب من يستهدفهم.
واعتبر ممثلو الادعاء أن تلك التصريحات جزء من جهود ترمب "لتقويض ثقة الجمهور" في النظام القضائي، بالطريقة نفسها التي حاول بها تقويض الثقة بانتخابات 2020 من خلال نشر مزاعم بشأن "التزوير" بعد خسارته أمام بايدن.
وقالت تشوكان إنه لن تكون هناك قيود على التصريحات، التي تنتقد وزارة العدل بشكل عام أو البيانات بشأن اعتقاد ترمب بأن القضية "ذات دوافع سياسية".
لكن القاضية قالت إن ترمب لا يمكنه شن "حملة تشويه" ضد المدعين العامين وموظفي المحكمة، مضيفة: "لن يسمح لأي مدعى عليه جنائي آخر بالقيام بذلك، ولن أسمح بذلك في هذه القضية".
وعارض محامو ترمب بشدة أي أمر بإلزامه الصمت، قائلين إنه يعيق خطابه السياسي بشكل غير دستوري. ولم يرد متحدث باسم ترمب على الفور على طلب للتعليق على حكم القاضية.
تقييد تصريحات ترمب
وفي سعيه للحصول على أمر لتقييد تصريحات ترمب، اتهم فريق سميث المرشح الأوفر حظاً لنيل بطاقة ترشيح الحزب الجمهوري لانتخابات عام 2024 باستخدام الهجمات عبر الإنترنت لمحاولة تشويه سمعة هيئة المحلفين.
في المقابل، اتهم محامي ترمب جون لاورو المدعين العامين "بالسعي لفرض رقابة على مرشح سياسي في منتصف الحملة". لكن القاضية ردت بأن ترمب "ليس لديه الحق في أن يقول ويفعل ما يحلو له بالضبط".
وقالت تشوتكان: "نحن لا نتحدث عن الرقابة هنا. نحن نتحدث عن قيود لضمان إقامة العدل بشكل عادل في هذه القضية".
وحذرت تشوتكان التي عينها الرئيس الأسبق باراك أوباما، محامي ترمب مراراً بإبقاء السياسة خارج قاعة المحكمة، وقطعت الطريق عليه عندما أشار إلى أن القضية ذات دوافع سياسية.
وقالت ممثلة الادعاء مولي جاستون، الاثنين، للقاضية إن محاميي ترمب يقولون إن موكلهم "فوق القانون"، ولا يخضع لنفس القواعد التي يخضع لها المتهمون الآخرون.
وأوضحت جاستون أن ترمب يعلم أن منشوراته "تحفز الناس على تهديد الآخرين"، ولفتت إلى أن هذه المنشورات لا يمكن أن تشوه مجموعة هيئة المحلفين فحسب، بل يمكنها أيضا ترهيب الشهود.
وأضافت: "ليس لدينا مصلحة في منع المتهم من الترشح لمنصب أو الدفاع عن سمعته".
كما قرأت تشوتكان بصوت عال التصريحات التي أدلى بها ترمب عنها، وسخر منها باعتبارها "مأجورة أوباما الراديكالية". وعلى الرغم من أنها قالت إنها "أقل قلقاً" بشأن التصريحات التي أدلى بها ترمب عنها، لكنها ذكرت أن حرية التعبير لا تمتد إلى اللغة التي تدعو بشكل متعمد إلى التهديدات والمضايقات "للأشخاص الذين يقومون بعملهم ببساطة".
"معركة استثنائية"
ويعكس أمر تقييد التصريحات تعقيدات غير مسبوقة، لمقاضاة المرشح الرئاسي الأوفر حظاً في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، الذي جعل خط الهجوم محورياً في حملته. ويمثل ذلك اختباراً كبيراً لتشوتكان، التي يجب أن توازن بين حق ترمب في الدفاع عن نفسه علناً، والحاجة إلى حماية نزاهة القضية.
ويمثل هذا بداية ما يمكن أن يكون "معركة استثنائية" بشأن القيود التي يمكن وضعها على خطاب المتهم الذي يترشح أيضاً لأعلى منصب عام في أميركا.
وقال خبراء قانونيون، إنه من المرجح أن يتم الطعن في أمر تقييد التصريحات الصادر عن تشوتكان في الاستئناف، وقد ينتهي به الأمر في نهاية المطاف أمام المحكمة العليا الأميركية.
واستغلت حملة ترمب اقتراح أمر تقييد التصريحات في مناشدات جمع التبرعات، ووصفه ترمب بأنه محاولة لمنعه من انتقاد بايدن الذي أصبح رئيساً في يناير 2021. وقال دفاع ترمب إن أي أمر بتقييد التصريحات سيكون غير دستوري و"محاولة يائسة للرقابة".
وكان الاثنين، هو المرة الأولى التي يمثل فيها محامو ترمب أمام تشوتكان منذ أن رفضت طلب ترمب بالتنحي عن القضية التي تتهم ترمب بأنه خطط بشكل غير قانوني لإلغاء خسارته في انتخابات 2020 أمام بايدن، في حين نفى ترمب ارتكاب أي مخالفات.
تعليقات "أسيء وصفها"
وكان الدفاع قد ادعى أن تعليقات تشوتكان عن ترمب في قضايا أخرى أثارت تساؤلات بشأن ما إذا كانت القاضية أصدرت حكماً مسبقاً بأنه "مذنب". لكن تشوتكان قالت إن تعليقاتها "أسيء وصفها"، ولم تكن هناك حاجة لتنحيها.
وكثيراً ما استخدم ترمب منصات التواصل الاجتماعي لمهاجمة تشوتكان، وممثلي الادعاء والشهود المحتملين وغيرهم، على الرغم من تحذيرات القاضية من أن التعليقات التحريضية قد تجبرها على تقديم موعد المحاكمة المقرر حالياً في مارس.
وأشار ممثلو الادعاء في طلب حديث إلى أن خطاب ترمب "التحريضي"، استمر حتى بعد طلب أمر تقييد التصريحات الأولى. وأشاروا إلى تعليقات انتقادية عن الشهود المشار إليهم في لائحة الاتهام، مثل المدعي العام السابق ويليام بار، ومنشور على منصات التواصل الاجتماعي يشير إلى أن مارك ميلي، الرئيس المتقاعد لهيئة الأركان المشتركة، قد ارتكب "الخيانة ويجب إعدامه".
وقال ممثلو الادعاء، إن اقتراحهم لم يكن ليمنع ترمب من إعلان براءته علناً. وكتبوا في أوراق المحكمة أن ترمب كان يطالب بـ"معاملة خاصة" من خلال الادعاء بأنه "يجب أن يكون له مطلق الحرية لترهيب الشهود علناً"، والاستخفاف بالآخرين المتورطين في القضية.
وكتب فريق سميث: "في هذه الحالة، دونالد ترمب هو متهم جنائي مثل أي شخص آخر".