أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، الأربعاء، أنه سيطلب من الكونجرس حزمة مساعدات عسكرية "غير مسبوقة" لإسرائيل، وتقديم حزمة مساعدات إلى الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية المحتلة، بقيمة 100 مليون دولار، فيما حذر إسرائيل من ارتكاب أخطاء مماثلة لتلك التي ارتكبتها الولايات المتحدة عقب أحداث 11 سبتمبر 2001.
وجدد الرئيس الأميركي، في كلمة قبل مغادرة إسرائيل في ختام زيارة قصيرة استمرت لأقل من 8 ساعات، لإعلان دعم واشنطن لتل أبيب، تحذيره إلى "أي جهة ترغب في اتساع رقعة الصراع الدائر حالياً" في الأراضي الفلسطينية.
وأضاف أن أميركا "تعمل بالتعاون الوثيق مع الحكومة المصرية والأمم المتحدة ووكالاتها، مثل برنامج الأغذية العالمي والشركاء الآخرين في المنطقة، لتحرك الشاحنات عبر الحدود في أسرع وقت ممكن"، في إشارة إلى شاحنات المساعدات المتكدسة أمام معبر رفح الحدودي المصري مع قطاع غزة.
وقال بايدن إن تحرير الرهائن الموجودين لدى حركة "حماس" في غزة، في مقدمة أولويات إدارته، مشيراً إلى أن واشنطن تتواصل مع شركائها من أجل تحرير الأسرى.
واتهم الرئيس الأميركي، حركة "حماس" بـ"استخدم الأبرياء كدروع بشرية"، معتبراً أنها "لا تمثل الشعب الفلسطيني".
ووصف بايدن حركة "حماس" بأنها "أسوأ من تنظيم داعش بعد قتلها مدنيين إسرائيليين في هجوم مباغت شنته في السابع من أكتوبر"، مضيفاً أن "31 أميركياً كانوا من بين أكثر من 1300 إسرائيلي قتلوا في هجوم حماس".
كما اعتبر أيضاً أن الهجوم يوازي "15 ضعفاً لأحداث 11 سبتمبر" في الولايات المتحدة.
تحذير من الأخطاء
وحثَّ بايدن، الإسرائيليين على عدم الانسياق إلى الغضب بشكل أعمى "لا تدعوه يسيطر عليكم. كنا غاضبين بعد أحداث 11 سبتمبر في الولايات المتحدة، لكن في حين كنا نسعى إلى الإنصاف، ارتكبنا أخطاء أيضاً".
ولفت إلى أنه جاء إلى إسرائيل برسالة واحدة: "لستم وحدكم. طالما أن الولايات المتحدة قائمة. لن تكونوا وحدكم".
وكان من المقرر أن يزور الرئيس الأميركي، العاصمة الأردنية عمّان، في وقت لاحق، لعقد قمة رباعية مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي، والفلسطيني محمود عباس، لكن تم إلغاء الزيارة والقمة الرباعية في أعقاب قصف المستشفى الأهلي المعمداني في قطاع غزة والذي أودى بحياة 500 شخص.
وفي حين أعرب بايدن عن دعمه لدخول المساعدات الإنسانية من معبر رفح المصري، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن "إسرائيل لن تسمح بدخول الإمدادات الإنسانية من جانبها على الحدود إلى غزة، لكنها لن تمنع دخول المساعدات القادمة من مصر".
وذكر المكتب في بيان: "بناءً على طلب الرئيس (الأميركي جو) بايدن، لن تمنع إسرائيل دخول الإمدادات الإنسانية من مصر طالما أنها تقتصر على الغذاء والماء والدواء للسكان المدنيين في جنوب قطاع غزة".
وأضاف: "إسرائيل لن تسمح بدخول أي مساعدات إنسانية من أراضيها إلى قطاع غزة بدون إعادة الرهائن".
وأكد أن واشنطن "ستزود إسرائيل بكل ما تحتاجه للدفاع عن نفسها في الوقت الذي تشن فيه حرباً على حركة (حماس)".
دعم الرواية الإسرائيلية بشأن المستشفى
وخلال زيارته لإسرائيل، قال بايدن إنه شعر "بالحزن والغضب" مما وصفه بـ"انفجار" مستشفى المعمداني، لكنه اتهم من وصفهم بـ"الجانب الآخر"، بالمسؤولية عن الحادث، إذ يتبنى الرواية الإسرائيلية، بينما تتهم السلطة الفلسطينية إسرائيل بقصف المستشفى.
واتهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إسرائيل، بقصف المستشفى، لكن الجيش الإسرائيلي نفى ذلك، واتهم حركة "الجهاد الإسلامي" بالتسبب في الحادث.
وفي وقت سابق، طالبت وزيرة الصحة الفلسطينية، مي الكيلة، في مؤتمر صحافي، المجتمع الدولي بمحاسبة إسرائيل على "جريمتها" في مستشفى المعمداني.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، ارتفاع عدد ضحايا الضربات الإسرائيلية على غزة إلى 3478 ضحية، منذ بدء الحرب، بينما تجاوز عدد المصابين 12 ألفاً.
وذكرت الوزارة في بيان أن 62 فلسطينياً قتلوا في الضفة الغربية جراء الهجمات الإسرائيلية، بينما أصيب أكثر من 1300 آخرين.
من جهتها، قالت أدريان واتسون، المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي التابع للبيت الأبيض، إن تقييم المجلس حتى الآن يستبعد مسؤولية إسرائيل عن استهداف مستشفى المعمداني في غزة، الذي وقع الثلاثاء، وخلَّف مئات الوفيات والجرحى.
وقالت واتسون عبر منصة "إكس" أنه "بينما نواصل جمع المعلومات، فإن تقييمنا الحالي، المستند إلى تحليل الصور والمعلومات المتاحة، هو أن إسرائيل ليست مسؤولة عن الانفجار بالمستشفى المعمداني في غزة".
وأثار قصف المستشفى، ردود فعل عربية ودولية واسعة، بينما خرجت مظاهرات احتجاجية للتنديد بقصف المستشفى، بينما دعا مسؤولون غربيون ومنظمات دولية إلى التحقيق فيما حدث.
تدفق مستمر للأسلحة
وفي السياق، قالت نائبة المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون"، سابرينا سينج، إن "تدفق الأسلحة الأميركية إلى إسرائيل سيستمر بشكل شبه يومي"، لافتة إلى أن الولايات المتحدة لم تضع أي شروط مسبقة على إسرائيل بشأن استخدام المساعدات العسكرية الأميركية.
وأضافت سينج: "لكننا نتوقع بأن إسرائيل تلتزم بقوانين الحرب. ويجب أن نكون واضحين بأن حماس هي من تضع الفلسطينيين والمدنيين في غزة في طريق الخطر. إنهم يضعون وحدات مراكز القيادة داخل المستشفيات، وفي المناطق التي يتواجد بها المدنيون الأبرياء".
حق الفيتو
وفي نيويورك، استخدمت الولايات المتحدة، الأربعاء، حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي ضد قرار يدعو إلى هدنة إنسانية للصراع بين إسرائيل وفصائل فلسطينية للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وذكر بيان نشرته خدمة أخبار الأمم المتحدة أن القرار الذي صاغته البرازيل أيده 12 عضواً، بينما عارضته الولايات المتحدة، فيما امتنعت روسيا وبريطانيا عن التصويت.
وقالت مندوبة الولايات المتحدة في مجلس الأمن ليندا توماس جرينفيلد: "رفضنا مشروع القرار الخاص بغزة لعدم إشارته إلى حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. أفعال (حركة) حماس هي سبب الأزمة الإنسانية والمعاناة في غزة".
وأشار البيان إلى أن مشروع القرار "كان يحث جميع الأطراف على الامتثال الكامل لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، ويدعو إلى هدن إنسانية للسماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع وآمن ودون عوائق".
وطبقاً للبيان "يرفض مشروع القرار، ويدين بشكل لا لبس فيه هجمات حماس في إسرائيل منذ السابع من أكتوبر 2023 واحتجاز الرهائن المدنيين، ويؤكد وجوب حماية المدنيين في إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية".
وقال رئيس المجلس إن المشروع لم يُعتمد "بسبب التصويت السلبي من أحد الأعضاء الدائمين بالمجلس"، في إشارة إلى الولايات المتحدة.
من جهته، قال سفير الصين لدى الأمم المتحدة تشانج جون، إن بكين "تشعر بالصدمة وخيبة الأمل" بعد استخدام الولايات المتحدة للفيتو في مجلس الأمن، ضد مشروع قرار هدنة إنسانية في غزة.
وأضاف السفير الصيني أنه خلال 40 ساعة من المفاوضات لم تعرب الولايات المتحدة عن معارضتها لمشروع القرار، وكان من المتوقع إقراره، مشيراً إلى أن المجلس بحاجة إلى اتخاذ إجراءات للحث على وقف فوري لإطلاق النار وحماية المدنيين.