أثارت وثيقة رسمية إسرائيلية تدعو إلى تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء المصرية حالة من الجدل، وتبرأت منها إسرائيل لاحقاً، في ظل رفض مصري قاطع بلغ حد التحذير من تعريض اتفاقية السلام بين الدولتين للخطر.
وكانت دعوات إسرائيلية، رافقتها تقارير غربية، تحدثت عن إمكانية تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، بدعوى إفساح المجال أمام الجيش الإسرائيلي للقضاء على حركة "حماس"، الأمر الذي رفضته مصر على لسان الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي أكد أن تهجير الفلسطينيين من غزة لن يتم أبداً، "وفي كل الأحوال لن يتم على حساب مصر".
واقترحت الوثيقة الصادرة عن وزارة الاستخبارات الإسرائيلية تهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر، ضمن 3 خيارات للتعامل مع القطاع بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية.
ونشر موقع "Mekomit" الإسرائيلي وثيقة وزارة الاستخبارات الإسرائيلية كاملة، السبت، بعد أن كانت صحيفة "كالكاليست" الإسرائيلية أشارت إلى وجودها، ثم عادت الصحيفة، الاثنين، لتنشر تقريراً يظهر علاقة الوثيقة بحملة تزعمها مسؤول هامشي في حزب الليكود.
ونقلت "كالكاليست" عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قوله: "هذه وثيقة تفكير أولية، وهناك العشرات منها على جميع مستويات الحكومة والأذرع الأمنية. ولم تُناقش مسألة اليوم التالي (بعد انتهاء الحرب) على المستوى الرسمي الإسرائيلي، الذي يركز الآن على تدمير قدرات حماس".
ما هي وزارة الاستخبارات الإسرائيلية؟
رغم اسمها الذي يوحي بأهمية أمنية، إلا أن وزارة الاستخبارات الإسرائيلية في الحقيقة لا علاقة لها بعالم أجهزة الاستخبارات والأجهزة الأمنية، وإنما هي أقرب إلى مركز بحثي.
ويلفت موقع "Mekomit"، إلى أن وجود الوثيقة لا يعني بالضرورة أنها قيد النظر من جانب المؤسسة الأمنية في إسرائيل، مشيراً إلى أن وزارة الاستخبارات ليست مسؤولة عن أي هيئة استخباراتية، وأن نفوذها "ضئيل"، وأنها فقط تعد بشكل مستقل دراسات وأوراق سياسات، تُوزع على الحكومة والأجهزة الأمنية لدراستها، لكنها ليست ملزمة، مع الإشارة إلى أن ميزانيتها السنوية تبلغ فقط حوالي 25 مليون شيكل (أكثر من 6 ملايين دولار).
ويمكن التعرف على طبيعة عمل الوزارة من خلال ما يذكره موقع الحكومة الإسرائيلية عبر الإشارة إلى أنه عندما تولت وزيرة الاستخبارات جيلا جمليئيل منصبها في يناير 2023، تم الاتفاق مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على أن تتعامل الوزارة مع مجموعة من الملفات، جاء على رأسها "ترؤس البعثات الوطنية نيابة عن رئيس الوزراء"، وتشكيل مهمة وطنية تهتم بالمجتمع المدني في إيران، وجمع معلومات تتعلق بالنفوذ الأجنبي، وصولاً إلى قيادة مشاريع الذكاء الاصطناعي، وتعزيز التفوق التكنولوجي لدولة إسرائيل.
وثيقة تهجير الفلسطينيين
وفقاً لمسؤول في وزارة الاستخبارات الإسرائيلية، فإن موظفي الوزارة هم مَن يقفون وراء هذه التوصيات، قائلاً إن دراسات الوزارة "لا تستند إلى معلومات استخباراتية عسكرية" لكنها تُستخدم كأساس لمناقشات في الحكومة.
وتوصي الوثيقة التي وضعتها وزارة الاستخبارات الإسرائيلية، بالنقل القسري لسكان قطاع غزة إلى سيناء بشكل دائم، كخيار مفضل بين 3 خيارات تقترحها بشأن مستقبل الفلسطينيين في القطاع بعد الحرب.
وتطالب الوثيقة الحكومة الإسرائيلية بالتحرك لإجلاء سكان غزة خلال الحرب، وإقامة مدن خيام ومدن جديدة في شمال سيناء، لاستيعاب الفلسطينيين "المطرودين" من غزة، ليتم بعد ذلك "إنشاء منطقة عازلة على امتداد عدة كيلومترات داخل مصر"، وعدم السماح للسكان بالعودة إلى ممارسة الأنشطة أو الإقامة بالقرب من حدود إسرائيل مرة أخرى.
كما توصي بضرورة الاستعانة بعدد من الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة، لتنفيذ هذه الخطوة.
والوثيقة، تتكون من 10 صفحات، مؤرخة في 13 أكتوبر 2023، وتحمل شعار وزارة الاستخبارات الإسرائيلية برئاسة الوزيرة جيلا جملئيل من حزب "الليكود".
وأكد مسؤول في الوزارة صحتها، قائلاً إنه قد تم توزيعها على الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من قبل قسم السياسات في الوزارة، لكن "لم يكن من المفترض أن تصل إلى وسائل الإعلام".
وقال الموقع الإسرائيلي إن هناك صلة أخرى تربط الوثيقة بالليكود، مشيراً إلى تسريبها لأول مرة في مجموعة محادثة صغيرة على (واتساب) لناشطين يمينيين يروجون، مع عضو الليكود أمير وايتمان، للضغط من أجل إنشاء مستوطنات إسرائيلية في غزة وتهجير الفلسطينيين من هناك.
وبحسب أحد هؤلاء الناشطين، فإن الوثيقة الصادرة عن الوزارة وصلت إليهم عبر أحد أعضاء حزب الليكود، وأن فكرة توزيعها على الجمهور كانت محاولة لمعرفة ما إذا كان الجمهور في إسرائيل مستعداً لقبول الأمر".
مراحل خطة التهجير المقترحة
وتوصي الوثيقة بتنفيذ عملية تهجير للمدنيين من غزة باعتبارها النتيجة المرجوة من الحرب.
وتنقسم خطة النقل هذه إلى عدة مراحل: في المرحلة الأولى، يتم "إجلاء سكان غزة إلى الجنوب"، في حين ستركز الضربات الجوية على الجزء الشمالي من القطاع.
وفي المرحلة الثانية، سيبدأ التوغل البري ما سيؤدي إلى احتلال القطاع بأكمله، من الشمال إلى الجنوب، و"تطهير المخابئ الموجودة تحت الأرض من مقاتلي حركة حماس".
وفي الوقت نفسه الذي سيتم فيه احتلال غزة، بحسب الوثيقة، ينتقل سكان القطاع إلى الأراضي المصرية، ولن يسمح لهم بالعودة إليه بشكل دائم.
وجاء في الوثيقة: "من المهم ترك ممرات للتحرك باتجاه الجنوب صالحة للاستخدام، وذلك للسماح بإجلاء السكان المدنيين باتجاه رفح".
إقناع الفلسطينيين؟
وتقترح الوثيقة الترويج لحملة تستهدف دفع الفلسطينيين في غزة للموافقة على الخطة، وجعلهم يتخلون عن أراضيهم.
وجاء فيها: "يجب أن تتمحور الرسائل عن خسارة الأرض، أي التأكيد بوضوح أنه لم يعد هناك أي أمل في العودة إلى الأراضي التي ستحتلها إسرائيل في المستقبل القريب، سواء كان هذا صحيحاً أم لا، كما يجب أن تكون الصورة كالآتي: (لقد جعلكم الله تخسرون هذه الأرض بسبب قيادة حماس لها، ولم يعد هناك خيار سوى الانتقال إلى مكان آخر بمساعدة إخوانكم من المسلمين)".
وتطالب الوثيقة الحكومة الإسرائيلية بإطلاق حملة عامة في العالم الغربي للترويج لبرنامج الترانسفير (ترحيل الفلسطينيين)، وذلك "بطريقة لا تحرض على إسرائيل، أو تشوه صورتها"، عبر الادعاء بأن ترحيل الفلسطينيين من غزة "خطوة ضرورية من الناحية الإنسانية"، وهو ما سيحظى بتأييد العالم، لأنها ستؤدي إلى "سقوط عدد أقل من الضحايا بين السكان المدنيين مقارنةً بالعدد المتوقع للضحايا في حالة بقائهم بالقطاع".
وتنص الوثيقة الإسرائيلية أيضاً على أنه يجب الاستعانة بالولايات المتحدة في هذه الخطوة، حتى تتمكن من الضغط على مصر للقبول باستقبال سكان غزة، ودول أوروبية، خاصةً اليونان وإسبانيا وكندا، للمساعدة على استيعاب وتوطين اللاجئين الذين سيتم إجلاؤهم من القطاع.
وقالت وزارة الاستخبارات إنها لم تعرض الوثيقة على مسؤولين أميركيين، وإنها قدمتها فقط للحكومة الإسرائيلية وأجهزتها الأمنية فقط.
مصر ترفض والفرص معدومة
ووفقاً للموقع الإسرائيلي، فإن فرص تنفيذ مثل هذه الخطة، التي ترقى إلى مستوى "التطهير العرقي" لسكان غزة، تبدو معدومة في كثير من النواحي، لا سيما بعد إصرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على إعلان رفضها بشكل مطلق، محذراً من أن تهجير الفلسطينيين من القطاع إلى سيناء قد يهدد السلام بين مصر وإسرائيل، إذا أصبحت سيناء منطلقاً لهجمات تستهدف الدولة العبرية.
وعلى الرغم من مخالفة كل ما تفعله إسرائيل بتدمير قطاع غزة لكافة القوانين الدولية والإنسانية، تدعي الوثيقة الإسرائيلية أنه سيتوجب على مصر "الالتزام بموجب القانون الدولي" والسماح بمرور الفلسطينيين الذين ستطردهم إسرائيل، بالمخالفة للقانون الدولي، إلى سيناء المصرية.
وتقول إن بوسع الولايات المتحدة أن تساهم في هذه الخطوة من خلال ممارسة "الضغط على القاهرة وتركيا وقطر والسعودية والإمارات للمساهمة في المبادرة سواء بالموارد أو باستقبال نازحين".
وتقترح الوثيقة إطلاق حملة عامة مخصصة موجهة للعالم العربي، إلى دول مثل السعودية والمغرب وليبيا وتونس، "يتم فيها إرسال رسالة لتقديم المساعدة لإخوانهم الفلسطينيين، حتى لو كان ذلك على حساب استخدام نبرة لوم أو مس بإسرائيل".
وتضيف الوثيقة أن "الهجرة الجماعية للسكان من مناطق القتال هي نتيجة طبيعية وضرورية على غرار ما حدث في سوريا وأفغانستان وأوكرانيا، وأن ترحيل السكان وحده هو الحل المناسب الذي سيسمح بإنشاء قوة ردع كبيرة في المنطقة بأكملها".
"البديل الأخطر": الدولة الفلسطينية
وتقدم الوثيقة مقترحين آخرين بالنسبة لسكان غزة بعد انتهاء الحرب، الأول هو جلب السلطة الفلسطينية لتحكم القطاع، والثاني هو إنشاء حكم فلسطيني محلي آخر كبديل لحماس، مشيرة إلى أن كلا المقترحين غير محبذين من الناحية الاستراتيجية والأمنية لإسرائيل، كما أنهما لن يوفرا رسالة ردع كافية، خاصة لـ"حزب الله" اللبناني، كرد على الهجوم الذي شنته "حماس" في 7 أكتوبر.
ويزعم واضعو الوثيقة أن إدخال السلطة الفلسطينية إلى غزة هو "البديل الأخطر" من بين البدائل الثلاثة، لأنه قد "يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية"، قائلين إن "الانقسام بين السكان الفلسطينيين هو أحد العقبات الرئيسية اليوم أمام إقامة دولة فلسطينية، ولا ينبغي أن تكون نتيجة هجوم حماس هي انتصار غير مسبوق للحركة الوطنية الفلسطينية وتمهيد الطريق لإقامة دولة فلسطينية".
وتتوقع الوثيقة أن يفشل نموذج المزج بين الحكم العسكري الإسرائيلي والحكم المدني من جانب السلطة الفلسطينية في غزة، كما فشل في الضفة الغربية.
وأضافت: "لا يمكن الحفاظ على الاحتلال العسكري الفعَّال في غزة على أساس الوجود العسكري فقط دون استيطان، إذ إنه بعد وقت قصير سيكون هناك مطلب إسرائيلي داخلي ودولي بالانسحاب، وفي مثل هذا الوضع سيتم النظر إلى إسرائيل باعتبارها قوة استعمارية وجيش احتلال، كما هو الحال في الضفة الغربية اليوم، بل وربما أسوأ".
الحل الأخير: حكم محلي جديد
أما الاقتراح الأخير، وهو تشكيل قيادة فلسطينية محلية تحل محل حماس، فهو غير مرغوب فيه بحسب الوثيقة، لأنه لا توجد حركات معارضة محلية للحركة، كما أن القيادة الجديدة قد تكون أكثر تطرفاً، ووفقاً للوثيقة فإن "السيناريو المحتمل حدوثه ليس تغييراً في التصور الأيديولوجي، بل إنشاء حركات إسلامية جديدة قد تكون أكثر تطرفاً".
وأخيراً، تزعم الوثيقة أنه إذا بقي سكان غزة في القطاع، فسيكون هناك "العديد من القتلى الفلسطينيين في ظل الاحتلال المتوقع للقطاع، وهو ما سيضر بصورة إسرائيل الدولية أكثر من ترحيل السكان، ولذا فإن وزارة الاستخبارات توصي بالتشجيع على نقل كافة الفلسطينيين من غزة إلى سيناء بشكل دائم".
مقترح آخر في "الليكود"
وذكرت صحيفة "كالكاليست" الإسرائيلية أن "من المهم الانتباه لوجود العديد من أوجه التشابه بين وثيقة وزارة الاستخبارات وحملة شنها أمير وايتمان"، الذي وصفته بأنه زعيم الليبراليين في حزب الليكود الذي يرأسه نتنياهو، يدعو فيها إلى نقل سكان غزة إلى مصر.
وأضافت الصحيفة أن وايتمان أكد، في حديث معها، أنه أرسل مقترحه إلى جمليئيل ووزارات أخرى، لكنه نفى أن يكون قد كتب وثيقة موقف الوزارة.
وقالت الصحيفة إن وايتمان ليس باحثاً، بل سياسياً احتل المرتبة 39 في قائمة الليكود للكنيست خلال انتخابات عام 2015، وهي مكانة تشير إلى تضاؤل موقعه بالحزب، كما أنه يمتلك صندوق الاستثمار Champel Capital.
وأضافت "كالكاليست": "السؤال الذي تحتاج الحكومة إلى الإجابة عنه هو: كيف تحول موقف متطرف، بل ويعتبره خبراء موقفاً خطراً، كتبه على عجل شخص ليس باحثاً ولا مسؤولاً، إلى ورقة رسمية لوزارة حكومية؟ بالإضافة إلى ذلك، كيف يحدث هذا الآن تحديداً في أكثر الأوقات حساسية بالنسبة لإسرائيل من الناحيتين السياسية والعسكرية منذ تأسيسها؟".
تنصل وحذف
وتلفت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن صفحة وايتمان على فيسبوك تشير إلى بدء حملة الدعوة إلى تهجير الفلسطينيين في 13 أكتوبر، بعد 6 أيام من هجوم حماس، وهو التاريخ نفسه الذي تحمله وثيقة وزارة الاستخبارات الإسرائيلية.
وتظهر التوصية الاقتصادية الواردة بخطة وايتمان في وثيقة رسمية لمعهد "مسجاف للأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية"، والذي يرأسه الآن مئير بن شبات، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي.
وتقول الصحيفة إن الاسم الأصلي للهيئة البحثية التي يرأسها بن شبات هو "معهد الاستراتيجية الصهيونية"، وهيئته التأسيسية تحمل فقط توقيعات موشيه كوبل، مؤسس منتدى "كوهيليت"، ومئير روبين، مدير المنتدى.
وعرض المعهد وثيقة وايتمان على صفحته الرسمية بمنصة إكس، لكنه حذف التغريدة لاحقاً، والآن بحسب "كالكاليست"، يتبرأ بن شبات أيضاً من الوثيقة.
وقال للصحيفة: "كقاعدة عامة، وكما هو معتاد في معاهد البحوث والسياسات الأخرى، فإن الآراء الواردة في منشورات المعهد تعبر عن آراء المؤلفين وحدهم".
ويقول وايتمان إن معهد "مسجاف" تنصل بأثر رجعي من الوثيقة التي كتبها، لأنهم "يعتقدون أنها قد تضع إسرائيل في ورطة".
تدمير البنية التحتية في غزة
ويوضح وايتمان أن فكرة "الترانسفير" تستند إلى إدراك "أننا نتعامل مع سكان يريدون في الغالب إبادة اليهود، ولا يمكننا العيش جنباً إلى جنب في سلام، ولا يمكننا الاعتماد على قدرات الجيش طوال الوقت".
وفي خطته الاقتصادية، يقترح أن تستثمر إسرائيل مليارات الدولارات في شراء شقق بمصر لصالح سكان غزة، معتبراً المال بمثابة ثمن تدفعه إسرائيل لشراء غزة.
ورغم دعوته إلى تهجير الفلسطينيين إلى مصر، إلا أنه يرى إمكانية تنفيذ الفكرة بدون القاهرة، فيقول: "يمكنك التفكير في حلول أخرى، مثل نقلهم بالسفن أو الطائرات إلى أماكن لجوء أخرى".
ويضيف: "نحن بحاجة إلى تدمير البنية التحتية بأكملها في قطاع غزة حتى لا يكون هناك سبيل للبقاء فيه، مع خلق أزمة إنسانية تجبر العالم على التواصل مع الفلسطينيين هناك وإيجاد حل"، بحسب تعبيره.
ضرر استراتيجي لإسرائيل
ونقلت "كالكاليست" عن أوفير وينتر، الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، قوله إن اقتراح وايتمان "غير واقعي بشكل واضح، ولا يفي بمعايير القانون الدولي".
واعتبر أن وضع اقتراح كهذا في وثيقة رسمية لوزارة إسرائيلية لا يدل فقط على أن وزارة الاستخبارات "وزارة ليست مهمة"، وإنما "تسبب أيضاً ضرراً استراتيجياً لإسرائيل".
ويرى وينتر أن الأزمة، التي نشأت بين إسرائيل ومصر بسبب هذه الوثائق، "غير مسبوقة"، معتبراً دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى نزول الشعب في مظاهرات ضد إسرائيل بمثابة إشارة إلى الإسرائيليين بأن دفع سكان غزة إلى معبر رفح وسيناء يشكل انتهاكاً لاتفاق السلام، وقد يتدهور إلى مواجهة عسكرية.
وقال الباحث الإسرائيلي إن مصر تنتظر نفياً واضحاً من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وتأكيداً على أن تل أبيب ملتزمة باتفاق السلام، وليس لديها خطة لطرد الفلسطينيين إلى سيناء.
وأضاف وينتر أن "الرسالة التي كانت تخرج من القاهرة إلى إسرائيل في الأيام الأخيرة واضحة: هذا تلاعب بالنار يمكن أن يضر بالعلاقات السلمية".
حماس ومصر
ويحذر وينتر من أن ما تتضمنه مثل هذه المقترحات الداعية إلى تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء "تصب في مصلحة حماس"، التي يقول إنها تستهدف الإضرار بعلاقات السلام القائمة بين إسرائيل وجيرانها، خاصة مصر.
ويحذر الباحث الإسرائيلي كذلك من أن "زيادة شكوك مصر بالفعل في إسرائيل، وتآكل الثقة المكتسبة بشق الأنفس بين البلدين على مر السنين، يضر بمصلحة إسرائيل في هذا الوقت الحساس".
ونفى وينتر إمكانية استغلال ديون مصر لإقناعها بقبول فكرة تهجير الفلسطينيين إلى سيناء مقابل مبلغ مالي كبير، ووصف الافتراض بأن مصر قد تقبل ذلك مقابل المال، بأنه "افتراض منفصل عن الواقع"، مستبعداً تماماً إمكانية أن "يتصرف الحكم في مصر بتناقض تام مع قيمه ومعتقداته وفهمه للمصالح المصرية والفلسطينية على المدى الطويل"، بحسب تعبيره.
واستبعد الباحث الإسرائيلي ادعاء الوثيقة أن دولاً أخرى ستدعم أيضاً مثل هذه الخطوة، لأنها تخدم مصالحها، فقال إن الأردن أعرب بالفعل عن معارضته الصريحة لمثل هذه الخطوة، التي يمكن أن تخلق في رأيه سابقة لطرد السكان الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى أراضيه وتحويله إلى وطن بديل للفلسطينيين.