نهج حذر.. "التوغل البطيء" رهان إسرائيل لتقليل خسائرها في قطاع غزة

time reading iconدقائق القراءة - 7
توغل محدود لدبابة إسرائيلية في قطاع غزة مع استمرار القصف الجوي. 31 أكتوبر 2023 - Reuters
توغل محدود لدبابة إسرائيلية في قطاع غزة مع استمرار القصف الجوي. 31 أكتوبر 2023 - Reuters
القدس -رويترز

اتبع الجيش الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة التي تدخل يومها الـ 24، "نهجاً مختلفاً" عن تكتيكاته التي طبقها خلال أعوام سابقة وتحديداً في 2008 و2014 و2021، والتي اتسمت آنذاك بالتوغل والاشتباك الفوري مع مقاتلي حركة "حماس"، إلا أن الأمر الآن يختلف مع وجود رهائن، والرغبة في تقليل الخسائر.

وقال خبراء عسكريون لـ"رويترز"، إن القوات الإسرائيلية تتحرك ببطء في هجومها البري على غزة، لأسباب منها إبقاء الباب مفتوحاً أمام احتمال دخول مقاتلي "حماس" في تفاوض على إطلاق سراح أكثر من 200 رهينة.

وأفاد قائد إسرائيلي كبير سابق، رفض نشر هويته، بأنه من خلال التحرك ببطء، يأمل الجيش الإسرائيلي في أن "يؤمن أجنحة قواته ويقلل خسائره، ويستدرج مقاتلي حماس للخروج من الأنفاق أو المناطق الحضرية الأكثر كثافة والاشتباك مع القوات في مناطق مفتوحة يسهل فيها قتلهم".

الجيش الإسرائيلي أوضح في أحدث بيانات صادرة عنه، الثلاثاء، أنه منذ السابع من أكتوبر الجاري، سقط 315 جندياً إسرائيلياً، معظمهم في هجمات شنتها "حماس" في بداية الأمر، بينما أعلن ارتفاع عدد الرهائن الإسرائيليين في قطاع غزة إلى 240.

التوغل البري الأول

وبعد حشد مئات الآلاف من الجنود، ومن بينهم قوات الاحتياط، على حدودها مع غزة، نفذت إسرائيل، الجمعة، أول توغل بري متواصل في هجومها.

وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاجاري، إن الحكومة "أعطت الجيش الإسرائيلي هدفين وهما تفكيك حماس، وهذا يتضمن بنيتها التحتية وقدراتها الميدانية، وتحرير الرهائن".

وأضاف أن "النشاط الهجومي سيستمر بتصميم وكثافة وفقاً لمراحل الحرب وأهدافها"، لافتاً إلى أنه سيتم إرسال المزيد من قوات المشاة والمدرعات مدعومة بالمدفعية والمهندسين العسكريين، للمناورة على الأرض".

وتوغلت الدبابات وناقلات الجند المصفحة، بدعم من طائرات مروحية ومسيرات، في المنطقة شبه الريفية شمالي مدينة غزة، المركز الحضري الرئيسي للقطاع.

وذكر الناطق باسم حركة "الجهاد الإسلامي"، أن "القوات الإسرائيلية لم تفلح في تحقيق أي اختراق مستدام، باستثناء التوغل في المناطق المفتوحة".

"نهج حذر"

ويختلف النهج حتى الآن عن الهجمات السابقة على قطاع غزة، الذي يقطنه 2.3 مليون شخص، تعرضوا لهجمات إسرائيلية خلال أعوام 2008 و2014 و2021.

وفي عام 2008، دخلت القوات الإسرائيلية مناطق المباني بقوة هائلة، ما دفع "حماس" إلى الانسحاب والاشتباك دورياً، لكن القوات العسكرية الإسرائيلية تدرك المخاطر الناجمة عن المناطق كثيفة المباني في غزة ومخاطر إرسال قوات كبيرة.

وما يسلط الضوء على تلك المخاطر أن إسرائيل فقدت آنذاك، 9 من جنودها أثناء توغلها، وفي عام 2014، ارتفع عدد القتلى إلى 66 جندياً إسرائيلياً.

وفي هذا الصدد، قال جندي سابق في سلاح الهندسة القتالية الإسرائيلية عام 2014، كان مكلفاً بتدمير الأنفاق، بن ميلخ، إن مهمتهم "لم تكن التوغل أكثر من كيلومترين داخل الشبكة آنذاك".

وأضاف في تصريحات لـ "رويترز": "لم يكن يتعين علينا سوى تدمير عشرات الأنفاق، لكن التحدي اليوم سيكون مئات الأنفاق وكيلومترات كثيرة وحصناً حقيقياً تحت الأرض بنته حماس".

وقال ميلخ: "في رأيي، هذا هو السبب وراء قيام الجيش الإسرائيلي باتباع مقاربة منهجية أبطأ للتأكد من أنه يغطي جميع قواعدهم، ويزيل الأنفاق مع تقدمه حتى لا يتعرض لكمين من الخلف، أو من الجانب وهكذا. لا نريد أن نخسر جنوداً، لذا سنتحرك ببطء، وسنتأكد من تقليص الخسائر البشرية بأفضل ما في وسعنا".

أما عمري عطار، من قوات الاحتياط في فرقة للعمليات الخاصة، فقال إن "القوات البرية تدربت على تحديد مواقع فتحات الهواء ومنافذ الهروب المؤدية إلى فتحات الأنفاق، وعلى وضع المتفجرات بداخلها لإغلاقها". 

وأضاف أن وحدات خاصة أخرى داخل سلاح الهندسة القتالية، الذي استخدم في الماضي الروبوتات والكلاب، "ستتعامل مع أي قتال داخل الأنفاق"، إذ وصفت مصادر أمنية شبكة أنفاق "حماس" العميقة في غزة بأنها "مدينة تحت الأرض تضم مواقع إطلاق الصواريخ ومراكز القيادة ومسارات الهجوم التي تستهدف القوات الإسرائيلية". 

وكانت القوات الإسرائيلية العاملة بالقرب من معبر "إيريز"، اكتشفت أن "عدداً من المقاتلين كانوا يخرجون من فتحة نفق في قطاع غزة". 

تناقض في الهجمات

والحذر النسبي الذي توخته القوات الإسرائيلية في السيطرة على أجزاء من الأراضي وتأمينها في الأيام الأولى من التوغلات البرية المتواصلة في غزة، يتناقض مع الأسابيع الثلاثة الماضية التي شهدت غارات متواصلة على القطاع المطل على البحر المتوسط، ويتناقض أيضاً مع الهجمات البرية الإسرائيلية السابقة هناك.

وجاء في تقييم من ثلاثة مصادر أمنية إسرائيلية، أن عدم الدخول مباشرة إلى المناطق الأكثر كثافة في المباني في غزة بكامل قوة القوات البرية الإسرائيلية استهدف في الوقت ذاته "إنهاك قيادة حماس في حملة طويلة، مع ترك نافذة للتوصل إلى اتفاق محتمل بشأن الرهائن المحتجزين".

وفي الأسابيع الثلاثة التي تلت هجوم "حماس"، دمرت الغارات الإسرائيلية مساحات واسعة من غزة، وقتلت أكثر من ثمانية آلاف شخص، بينهم أكثر من ثلاثة آلاف طفل، وفقا لوزارة الصحة في غزة، كما قطعت إمدادات الغذاء والأدوية والوقود.

ودفعت الضغوط الدولية المتزايدة بشأن الأوضاع في غزة القوى الكبرى إلى مطالبة إسرائيل بالسماح "بهدنة إنسانية"، لإدخال المساعدات والإفراج عن الرهائن. وفي أول خلاف معلن بين إسرائيل وحلفائها منذ السابع من أكتوبر، رفضت تل أبيب هذه المطالبات قائلة إن "أي هدوء في القتال يصب في مصلحة حماس".

وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأسبوع الماضي، إن استعادة الرهائن "جزء لا يتجزأ من هدف الجيش في غزة"، إذ أطلقت الحركة حتى الآن سراح 4 نساء مدنيات، وجندية من بين 240 شخصاً يعتقد أنهم محتجزون، كثيرون منهم في شبكة عميقة من الأنفاق.

وأوضحت "حماس" أنه يتعين وقف إطلاق النار قبل إطلاق سراح الرهائن المدنيين الذين تقول إسرائيل إن من بينهم "أشخاص يحملون جوازات سفر من 25 دولة مختلفة". 

تصنيفات

قصص قد تهمك