قال البيت الأبيض إن الرئيس جو بايدن سيستخدم حق النقض "الفيتو"، ضد مشروع قانون اقترحه الجمهوريون في مجلس النواب لتقديم المساعدة والدعم إلى إسرائيل دون أوكرانيا مع خفض التمويل لخدمة الإيرادات الداخلية، إذ إنه سيخفض تمويل مصلحة الضرائب المدرج في قانون التضخم، حال إقراره.
وأفاد رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون، الأربعاء، بأنه ما زال يعتزم إجراء تصويت على مشروع قانون مستقل لمساعدة إسرائيل، على الرغم مما سجله مكتب الميزانية بالكونجرس بأن ذلك قد يفاقم العجز الاتحادي عن طريق تقليص العائدات لمصلحة الضرائب الأميركية.
وفي أول إجراء تشريعي كبير في عهد جونسون، كشف الجمهوريون في مجلس النواب عن مشروع قانون إنفاق تكميلي مستقل يقدم 14.3 مليار دولار لإسرائيل عن طريق خفض الأموال التي تجمعها مصلحة الضرائب، ومن المقرر التصويت عليه الخميس.
ويواجه هذا الإجراء معارضة قوية من الديمقراطيين، وأيضاً من بعض الجمهوريين. وقال زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر، الثلاثاء، إن "مشروع القانون سيصل ميتاً إلى مجلس الشيوخ".
بدوره، قال مكتب الإدارة والميزانية (OMB) التابع للبيت الأبيض، إن اقتراح الحزب الجمهوري بمجلس النواب "يدرج الحزبية في دعم إسرائيل، ويفشل في تلبية احتياجات اللحظة من خلال استثناء المساعدات الإنسانية لقطاع غزة ولأوكرانيا وحلفائها".
ولفت إلى أن مشروع القانون هذا "سيئ لإسرائيل ومنطقة الشرق الأوسط ولأمن الولايات المتحدة القومي"، فيما أكد البيت الأبيض أن اقتراح الحزب الجمهوري يمثل "خروجاً عن سابقة الحزبين من خلال السعي إلى خفض التمويل كجزء من حزمة الأمن القومي الطارئة".
وقد واجه هذا التشريع، الذي أيده جونسون، معارضة شديدة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في مجلس الشيوخ، الأمر الذي أدى إلى خلق مواجهة، بينما يحاول إعادة توحيد الجمهوريين الذين يشكلون الأغلبية في مجلسه.
خلاف حزبي
البيت الأبيض قال في بيان، إن مشروع قانون المخصصات الأمنية التكميلية لإسرائيل، الذي يعتمد مخصصات إضافية طارئة في العام المالي الذي ينتهي في 30 سبتمبر 2024، سيفرض "سابقة خطيرة" من الشقاق الحزبي، وسيتعارض مع النهج المعتاد بتقديم مساعدات الأمن القومي الطارئة عن طريق "ربط التمويل بالتعويضات، وتسييس المساعدات المقدمة لإسرائيل، وتمييزها عن الحلفاء الآخرين".
وبحسب البيان، فإن بشاعة هذه التعويضات تتمثل في أنها "ستفاقم العجز، وستساعد بعض الأفراد الأثرياء والشركات الكبرى على ممارسة الغش الضريبي"، مشيراً إلى اعتماد الكونجرس التشاركية بين الحزبين" كنهج في إقرار المساعدات الأمنية لإسرائيل، محذراً من أن مشروع القانون "يهدد بتقويض هذا النهج المتأصل دون داعٍ".
البيان تطرق أيضاً إلى "عواقب وخيمة"، حال فصل المساعدات الأمنية الإسرائيلية عن أولويات الأمن القومي الأخرى، مذكراً بأن المساعدات الإنسانية "ليست مطلوبة فقط من أجل التخفيف من معاناة المدنيين في غزة، ولكنها ضرورية وحيوية لدعم الأوكرانيين الأبرياء في مواجهة وحشية الغزو الروسي".
وأضاف البيان أن الفشل في توفير مساعدات إنسانية تكميلية "سيترك المدنيين النازحين والمتضررين من الصراع في جميع أنحاء العالم، من دارفور إلى إقليم ناجورنو قره باغ وأوكرانيا وغزة، دون إمكانية الوصول إلى الغذاء والماء، وخدمات الصرف الصحي والرعاية الصحية، وبرامج الصحة العامة والنظافة، ودعم مآوي الطوارئ والحماية".
وتابع: "مشروع القانون هذا سيفشل أيضاً في توفير الموارد التي نحتاج إليها، لتعزيز الردع المتكامل والحفاظ على السلام والاستقرار في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، حيث يواجه حلفاؤنا وشركاؤنا عدوان الصين المتفاقم، ورغم ذلك لا يقدم مشروع القانون هذا أي مساعدات لمواجهة هذا التهديد".
الأمن القومي الأميركي
ورغم دعم الحزبين القوي للاستثمار في أمن الحدود، بما في ذلك من خلال توفير "التكنولوجيا اللازمة للكشف عن الفنتانيل وتوظيف المزيد من ضباط الجمارك وحماية الحدود"، إلا أن مشروع القانون الجديد "لا يلبي طلب الرئيس بايدن لتوفير التمويلات اللازمة".
وشدد البيان، على أن "هناك اتفاقاً راسخاً بين الحزبين على أن مصلحة أمننا القومي المباشرة تكمن في مساعدة أوكرانيا في الدفاع عن حريتها وسيادتها، وحماية شعبها من الجرائم المروعة التي ترتكبها القوات الروسية ضد آلاف المدنيين الأبرياء، وضد الهجمات الروسية على الشعب الأوكراني باستخدام أسلحة إيرانية".
وأوضح مكتب الإدارة والميزانية في هذا الصدد أن إدارة الرئيس تدعم بقوة "توفير الموارد لأولويات الأمن القومي الرئيسية، بما في ذلك المساعدات المقدمة إلى حليفتنا إسرائيل التي تدافع عن نفسها ضد حركة حماس"، مستدلاً بطلب التمويل التكميلي الأخير الذي اقترحه الرئيس.
وانتقد البيان، مشروع القانون الجديد، لأنه بدلاً من طرح حزمة تعزز الأمن القومي الأميركي بطريقة يتفق عليها الحزبان، فإنه "يفشل في تلبية إلحاح اللحظة بتعميق خلافاتنا والقضاء بقسوة على دعم الحزبين التاريخي للأمن الإسرائيلي".
واعتبر مكتب الإدارة والموازنة في البيت الأبيض، أن مشروع القانون الجديد "يُعمق الخلافات الحزبية في دعم إسرائيل، ما يجعل حليفتنا بيدقاً في سياستنا في لحظة يتعين علينا فيها الوقوف صفاً واحداً".
وحذر المكتب من أن حرمان مليوني مدني فلسطيني، أغلبهم من النساء والأطفال، من المساعدات الإنسانية سيمثل "خطأً جسيماً"، إذ ستؤدي الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة إلى "تقويض الأمن الإسرائيلي والاستقرار الإقليمي"، ولفت إلى أن مساعدة الفلسطينيين "تعزز مصلحة الأمن القومي الإسرائيلي".
وأوضح أن مشروع القانون الجديد "يفرض تهديدات موسعة على أمن واستقرار شركائنا في المنطقة، كما ستقوض الأزمة المتفاقمة احتمالية اندماج إسرائيل بشكل أكبر في الشرق الأوسط".
أولى تشريعات جونسون
في هذا السياق وصف زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، مشروع القانون الذي اقترحه الجمهوريون في مجلس النواب بأنه "غير مناسب، ويحمل بصمات اليمين المتشدد".
وأضاف الزعيم الديمقراطي، أن "مشروع القانون الجمهوري يجعل مساعدة إسرائيل التي واجهت لتوها أسوأ هجوم إرهابي في تاريخها، رهناً بتناول السم في العسل، والذي لن يربح من ورائه إلا المتهربون من الضرائب من الأغنياء".
ويدعم الزعماء الجمهوريون في مجلس الشيوخ الأميركي، حزمة تتناسب بدرجة أكبر مع المقترحات الديمقراطية لتمويل طلب بايدن الطارئ، والذي تبلغ قيمته 106 مليارات دولار، ويشمل مساعدة أوكرانيا وتايوان، إلى جانب تعزيز الحدود الجنوبية الأميركية، إذ قالت "بلومبرغ" إن أعضاء مجلس الشيوخ الذين يصوغون مشروع القانون "قد يكشفون عنه في غضون الأسبوع المقبل".
وتعد هذه الحزمة واحدة من أولى التشريعات التي قُدِّمَت في عهد رئيس مجلس النواب مايك جونسون، الذي تولى منصبه الأسبوع الماضي، بعد معركة شرسة حول من يجب أن يخلف رئيس مجلس النواب السابق كيفن مكارثي بعد الإطاحة به.