قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، إنه أبلغ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، رفضه "أي هدنة في حربه على قطاع غزة لا تشمل إطلاق سراح الرهائن"، فيما ذكر بلينكن أنه "ناقش مع المسؤولين الإسرائيليين إمكانية تحقيق هدنة ووقف لإطلاق النار مع الأخذ بعين الاعتبار عدم استغلال (حركة) حماس لهذا المعطى".
وأوضح نتنياهو في بيان متلفز، أنه أبلغ بلينكن رفض تل أبيب "أي وقف مؤقت لإطلاق النار لا يشمل الإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم حركة حماس في غزة"، مشدداً على أنه لن يسمح بدخول الوقود إلى القطاع الفلسطيني المحاصر، وأن "النصر سيكون وواضحاً وله صدى لأجيال".
بدوره، أبلغ بلينكن، الصحافيين في تل أبيب، أن الولايات المتحدة واضحة في تصميمها على عدم فتح جبهة ثانية أو ثالثة في الصراع، مضيفاً أن واشنطن ملتزمة بردع الاعتداء من أي طرف، مؤكداً أن إقامة دولة فلسطينية "الطريق الوحيد" لضمان تحقيق أمن إسرائيل.
وأفاد الوزير الأميركي رداً على سؤال بشأن ما إذا كانت واشنطن مستعدة لاستخدام قوتها في المنطقة ضد أهداف في لبنان وإيران، بأن "سياسة بلاده كانت واضحة للغاية منذ البداية، أنها مصممة على عدم فتح جبهة ثانية أو ثالثة في هذا الصراع".
وشدد بلينكن على أن "الحكومة الإسرائيلية مُلتزمة بدخول المساعدات إلى غزة، وعليها أن تضمن وصولها إلى المدنيين، وسنعمل على زيادة هذه المساعدات في وقت لاحق"، لافتاً إلى أن هذه المساعدات يجب ألا تصل إلى يد "حماس"، مؤكداً في الوقت نفسه، أنه سيعمل على تحرير الرهائن الموجودين في قطاع غزة.
ووصل بلينكن إلى تل أبيب، في وقت سابق الجمعة، في ثاني زيارة للمنطقة خلال أقل من شهر، إذ سعت واشنطن إلى موازنة دعمها لإسرائيل بشأن الهجمات التي شنها مقاتلو "حماس" في السابع من أكتوبر مع الجهود المبذولة لتقليل الضرر الواقع على المدنيين في قطاع غزة.
"حماية المدنيين"
وأضاف بلينكن: "في الوقت نفسه، دعونا نوضح كيف تقوم إسرائيل بهذا الأمر. من المهم للغاية، عندما يتعلق الأمر بحماية المدنيين الذين علقوا وسط إطلاق نار من صنع حماس، بذل كل جهد لحمايتهم، وتقديم المساعدة لأولئك الذين هم في أمس الحاجة إليها، والذين ليسوا مسؤولين بأي شكل من الأشكال عما حدث في 7 أكتوبر".
وقبل اجتماعه مع الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، أكد بلينكن مجدداً أن إسرائيل لها الحق في "بذل كل ما في وسعها لضمان عدم تكرار (هجوم) السابع من أكتوبر مرة أخرى مطلقاً".
وقال هرتسوغ إن إسرائيل تبذل "جهوداً ضخمة" لإخطار السكان بالغارات الجوية، حاملاً إحدى المنشورات التي قال إن تل أبيب أسقطتها تطلب من المدنيين مغادرة شمال غزة.
والتقى بلينكن أيضاً رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لمدة ساعة تقريباً، قبل أن يلتقيا بأعضاء المجلس الحربي الإسرائيلي، الذي شُكل في أعقاب الهجمات. وقال نتنياهو لبلينكن: "من الجيد دائماً رؤيتك، حتى في الأيام الصعبة".
تحذير من تصاعد الغضب
وكانت شبكة "CNN" نقلت عن مصادر لم تسمها، في وقت سابق الجمعة، بأن الرئيس الأميركي جو بايدن، وكبار مستشاريه حذّروا، إسرائيل بشكل متزايد من أنه سيصبح من الصعب عليها تحقيق أهدافها العسكرية في غزة مع تصاعد الغضب العالمي بشأن معاناة المدنيين الفلسطينيين.
وقالت المصادر، إن كلاً من بايدن، ووزير الدفاع لويد أوستن، حملا بلينكن رسالة إلى تل أبيب تتعلق بحماية أرواح المدنيين، وأكدا على هذه المسألة صراحة خلال محادثات خاصة أخيرة مع الإسرائيليين، وأخبروهم أن "تآكل الدعم" سيكون له عواقب استراتيجية وخيمة لعمليات الجيش الإسرائيلي ضد "حماس".
وأخبر بايدن، نتنياهو أن صوراً للنساء والأطفال الفلسطينيين الذين يُنْتَشَلُون من تحت الأنقاض يمكن أن تبدأ في تضييق قدرة إسرائيل على المضي قدماً في عمليتها الحالية، وفقاً لمسؤولين كبار في الإدارة.
وقال مصدران لشبكة CNN، إن ما أثار استياء بايدن وفريق الأمن القومي بشكل خاص هو الغارات الجوية الإسرائيلية هذا الأسبوع، التي استهدفت مخيم "جباليا" للاجئين في شمال غزة، ما أدى إلى ظهور مشاهد قاتمة من الدمار والوفيات على نطاق واسع، وقال أحد المصادر إن الرئيس (بايدن) "لم يعجبه هذا على الإطلاق".
وأوضح أحد كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، أن "المشكلة بالنسبة لإسرائيل هي أن الانتقادات تزداد حدة، ليس فقط بين معارضيها ولكن من أفضل أصدقائها".
"الوقت ضيق" أمام إسرائيل
وخلف الكواليس، يعتقد مسؤولون أميركيون أيضاً، أن "الوقت ضيق" أمام إسرائيل لمحاولة تحقيق هدفها المعلن المتمثل في القضاء على "حماس" في عمليتها الحالية، قبل أن تصل الضجة بشأن المعاناة الإنسانية والخسائر في صفوف المدنيين، والدعوات إلى وقف إطلاق النار إلى نقطة التحوّل، بحسب المصادر.
وذكرت المصادر، أن هناك اعترافاً داخل الإدارة الأميركية بأن تلك اللحظة قد تأتي بسرعة، ويعتقد بعض المستشارين المقربين لبايدن أنه لم يتبق سوى أسابيع، وليس أشهر، قبل أن يصبح رفض الضغوط على الإدارة الأميركية للدعوة علناً لوقف إطلاق النار أمراً لا يمكن الدفاع عنه.
ولم تظهر أي مؤشرات على أن الهجوم الإسرائيلي يتباطأ، فقد أعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس، أنه يحاصر مدينة غزة، و"يعمق" عملياته هناك.
وبدأت هذه الجولة من الصراع بين إسرائيل و"حماس"، عندما تسلل مقاتلون من الحركة عبر الحدود في السابع من أكتوبر الماضي. وتقول إسرائيل إنهم قتلوا 1400 شخص، أغلبهم من المدنيين، واحتجزوا أكثر من 200 رهينة.
وقالت السلطات الصحية في غزة، الجمعة، إن القصف الإسرائيلي الذي أعقب الهجوم، أودى بحياة ما لا يقل عن 9 آلاف و227 من بينهم 3 آلاف و826 طفلاً و2405 نساء، فيما ارتفع عدد المصابين إلى 23 ألفاً و516.