أجرى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن زيارة غير معلنة إلى العاصمة العراقية بغداد، الأحد، حذر خلالها أطرافاً في المنطقة من استهداف قوات بلاده، فيما خرجت تظاهرات وسط بغداد رفضاً لهذه الزيارة.
وجاءت زيارة بلينكن وسط هجمات تستهدف القوات الأميركية في العراق، رداً على "الدعم الأميركي لإسرائيل في حرب غزة". وهبطت طائرة بلينكن في مطار بغداد الدولي، ثم انتقل بطائرة هليكوبتر "بلاك هوك" إلى المنطقة الخضراء.
وفي مقر إقامة السفير الأميركي، جرى إطلاع بلينكن على التهديدات التي تتعرض لها المنشآت الأميركية، قبل أن يتوجه إلى مكتب رئيس الوزراء العراقي.
وقال بلينكن في مؤتمر صحافي في بغداد عقب لقاء رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، إنه "كان من المهم للغاية إرسال رسالة واضحة للغاية إلى أي شخص قد يسعى لاستغلال الصراع في غزة لتهديد عسكريينا هنا، أو في أي مكان آخر في المنطقة: لا تفعلوا ذلك"، مشدداً على أن "الهجمات على العسكريين الأميركيين أمر يتعلق بسيادة العراق، وضد مصالحه".
وفي مناقشاته مع الحكومة العراقية، قال بلينكن: "لقد أوضحت تماماً أن الهجمات والتهديدات القادمة من الميليشيات المتحالفة مع إيران غير مقبولة على الإطلاق".
ويقول مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية، إن الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على القوات الأميركية وقوات التحالف تصاعدت في العراق وسوريا، منذ أن شنت حركة "حماس" في السابع من أكتوبر هجمات على إسرائيل، لتشن بعدها حملة عسكرية مكثفة على غزة.
وتعهدت الحكومة العراقية بملاحقة منفذي الهجمات الصاروخية على ثلاث قواعد عسكرية في العراق، تضم مستشارين للتحالف الدولي، وهي عين الأسد في غرب العراق، وقاعدة عسكرية قرب مطار بغداد الدولي، وقاعدة حرير في مدينة أربيل شمال العراق.
"التزام العراق بحماية الأميركيين"
وذكرت وزارة الخارجية الأميركية في بيان، أن بلينكن "طالب رئيس الوزراء العراقي بمحاسبة المسؤولين عن الهجمات المستمرة على العسكريين الأميركيين في العراق".
وأضافت أن بلينكن "حض السوداني على الوفاء بالتزامات العراق بحماية جميع المنشآت التي تستضيف العسكريين الأميركيين الموجودين في العراق بدعوة من الحكومة العراقية". وأوضح بلينكن أن الولايات المتحدة "ستدافع عن مصالحها وأفرادها العسكريين".
وتوافد محتجون عراقيون على ساحة التحرير للتظاهر رفضاً لزيارة بلينكن للعراق، ونددوا بالدعم الأميركي غير المشروط لإسرائيل. وكان التيار الصدري دعا العراقيين للتظاهر بعد الإعلان عن زيارة بلينكن.
وأغلقت القوات الأمنية مداخل المنطقة الخضراء، وجسري الجمهورية والسنك وسط بغداد بعد توافد المتظاهرين، قبل أن ينسحبوا في وقت لاحق من المنطقة.
"منع اتساع حرب غزة إلى العراق"
وأفاد بيان الخارجية الأميركية، بأن "المحادثات شملت الصراع بين إسرائيل وحركة حماس "وضرورة منع اتساع الصراع، بما في ذلك إلى العراق".
وناقش الوزير الأميركي الوضع الإنساني في غزة، و"الالتزام الأميركي المستمر بالتنسيق مع العراق وشركائنا الآخرين في المنطقة لضمان الوصول المستمر والآمن للغذاء والماء والرعاية الطبية، وغيرها من المساعدات المطلوبة لتلبية الاحتياجات الإنسانية"، وفق الخارجية الأميركية.
وقال بلينكن خلال المؤتمر الصحافي إن "وقف إطلاق النار لن يسمح إلا لحماس بإعادة تجميع صفوفها"، لكنه أشار إلى محاولة إقناع إسرائيل بالموافقة على فترات توقف مؤقتة في موقع محدد، من شأنها أن تسمح بتوزيع المساعدات التي تشتد الحاجة إليها داخل غزة.
وأضاف بلينكن أن "لإسرائيل مبرراتها بخصوص رفضها الموافقة على وقف إطلاق النار"، ولكنه اعتبر أن "الهدنة الإنسانية قد تعزز فرص إعادة الرهائن".
وأشار بلينكن إلى أن "تدفق المساعدات إلى غزة بالوتيرة الحالية غير كاف تماماً"، مؤكداً أن "الأصوات والطموحات الفلسطينية يجب أن تكون في صلب مستقبل غزة".
في المقابل، أفاد المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي، أن اللقاء تضمن "بحث تطورات الأحداث المتصاعدة في قطاع غزّة، والتأكيد على ضرورة احتواء الأزمة، وضمان عدم اتساعها".
كما تمت مناقشة "تدهور الوضع الإنساني للشعب الفلسطيني"، و"تأكيد أهمية التنسيق والعمل على إيصال إمدادات الغذاء والمياه والرعاية الطبية، وغيرها من المساعدات المطلوبة؛ لتلبية الاحتياجات الإنسانية للأهالي"، وفق بيان للحكومة العراقية.
وجدد السوداني "موقف العراق الواضح والمبدئي" برفض العدوان الإسرائيلي على غزّة، و"ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، وفتح المعابر لتفادي الكارثة الإنسانية المتفاقمة، التي راح ضحيتها المدنيون والنساء والأطفال".
وشدد السوداني على "ضرورة أن يتحمّل المجتمع الدولي مسؤوليته إزاء المجازر التي ترتكبها القوات الإسرائيلية يومياً بحق الأبرياء من النساء والأطفال، واستهداف المستشفيات وأماكن الإيواء، واستمرار نهج التصعيد والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني".