كشف مدير الأمن العام اللبناني السابق اللواء عباس إبراهيم، أنه لعب "دوراً متواضعاً" في اتفاق إخراج الأجانب من غزة مقابل خروج جرحى فلسطينيين للعلاج في مصر وإدخال مساعدات إنسانية إلى القطاع الفلسطيني.
وقال، في حديث مطول مع "المجلة"، إن إيران وحلفاءها وضعوا "خطوطاً حمراء" للتدخل العسكري، بينها "منع كسر حماس" في غزة، مضيفاً: "وحدة الساحات ستصبح أمراً واقعاً عسكرياً". كما اعتبر أن إرسال أميركا حاملتي طائرات إلى البحر المتوسط سيدفع إسرائيل إلى "مزيد من الجنون". وتحدث عن زيارتيه إلى إيطاليا وقطر لترتيب "صفقة إنسانية".
كما تطرق إبراهيم إلى وساطات سريّة كان قد قام بها بين الرئيس السوري بشار الأسد والإدارة الأميركية في السنوات السابقة، وترتيب زيارة لمبعوثي الرئيس (الأميركي السابق) دونالد ترمب إلى دمشق للقاء مدير مكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك في دمشق، وترتيب زيارة لمدير الاستخبارات الفرنسية إلى العاصمة السورية.
وتنشر "المجلة" هنا الحلقة الأولى من الحوار مع إبراهيم، الذي تطرق أيضاً إلى الأوضاع في لبنان ومستقبله السياسي:
هل لعبت دوراً في صفقة خروج الأجانب من غزة مقابل إدخال مساعدات ومعالجة جرحى في مصر؟
نعم لعبت دوراً متواضعاً في إخراج فلسطينيين مزدوجي الجنسية من غرة بالتزامن مع إخراج جرحى فلسطينيين تعذرت معالجتهم في القطاع إلى مصر لتلقي العلاج. للأسف إسرائيل قامت بقصف المعابر والممرات، مما عطل استكمال الاتفاق.
مع من تواصلت؟
- كان وفد من "حماس" في زيارة إلى بيروت، وأعرف عائلات فلسطينية– أميركية تواصلت معي. أجريت بعض الاتصالات، لكن الجانب الإسرائيلي كان متعنتاً. أما "حماس"، فقالوا بوضوح: هؤلاء فلسطينيون ولهم الحق في الخروج، على أن يخرج معهم جرحى للعلاج في مصر.
كيف وافق الجانب الإسرائيلي؟
أجريت اتصالا مع آموس هوكستين، المنسق الأميركي الخاص للطاقة، الذي عملنا معا على أمور تخدم مصلحة لبنان، وبعد 24 ساعة وافق الإسرائيليون وبدأ التنفيذ.
قمت أيضاً بزيارة إيطاليا ثم قطر؟
نعم. إيطاليا دولة صديقة، واشتغلنا معاً منذ 2005 إلى حين تقاعدي من منصبي. وهم فاعلون في قوات "اليونيفيل" جنوبي لبنان، ولهم علاقات وطيدة مع أطراف عدة. دعوني إلى إيطاليا لسماع موقفي ورؤيتي للحرب على غزة وأبعادها. ناقشنا بعض القضايا، واقترحنا بعض الأمور الإنسانية...
هل ناقشت ذلك مع قيادة "حماس"؟
نعم ذهبت إلى الدوحة، واجتمعت مع قيادة "حماس"، وسيتم الإعلان عن ذلك قريباً.
كان هناك تصعيد في جنوب لبنان ثم تبادل قصف، قيل عنه إنه "تصعيد محدد في منطقة محددة". ما هي قراءتك لاحتمال دخول "حزب الله" وإسرائيل في حرب بعد حرب غزة؟
أريد أن أقول للعدو الإسرائيلي إنه إذا كان وجود المقاومة مرتبطاً بموضوع مزارع شبعا، فأعتقد أن إعادة هذه الحقوق إلى لبنان وإقفال هذا الموضوع هو بالنسبة إلى إسرائيل أهم بكثير من استمرار "حزب الله" كحزب مقاوم في وجه العدو الإسرائيلي. على إسرائيل أن تقر بأنّ هذه المزارع هي مزارع لبنانية وأن تعيدها إلى لبنان، لأن الثمن- وليس من باب النصح، بل من باب تثبيت حقنا في هذه المزارع- الذي ستجنيه إسرائيل من إقفال هذا الملف كبير جداً. في موضوع غزة أنا أعتقد أنه إذا تجاوزت إسرائيل الخطوط الحمراء...
وهي؟
سأقول لك، في موضوع غزة، فما يقال عن وحدة الساحات سيصبح أمراً واقعاً عسكرياً على الأرض...
ما الخطوط الحمراء إذن؟ كسر "حماس"؟
طبعاً إنهاء "حماس"، وهذا لن يحصل.
هذا تحليل أم معلومات؟
هذا مختلط. هذه قراءة واقعية لما أجمع من معلومات.
وما تفسيرك لإرسال أميركا لأكبر حاملتي طائرات إلى البحر المتوسط قبالة الشواطئ اللبنانية؟
أنا لا أرى أن هذا الموضوع له بعد عسكري عملي على الأرض. هذا الموضوع هو لرفع معنويات العدو الإسرائيلي. ولكن من زاوية أخرى، أنا أرى أن هذه الخطوة ستدفع إسرائيل إلى مزيد من الجنون، وستدفع إسرائيل أثماناً غالية نتيجة جنونها متكئة على حاملة الطائرات المعنوية.
أي إنك فعلاً تقدر أن احتمال دخول "حزب الله" في حرب أو في تصعيد مع إسرائيل أمر وارد؟
طبعاً، بكل ثقة. ليس فقط "حزب الله". أنا أقول لك، لبنان وسوريا والعراق واليمن، ولا أعرف إذا إيران، لا أعرف. أنا أتكلم عن العالم العربي.
هل يمكن أن تتدخل إيران بشكل مباشر أيضاً عبر سوريا؟
إذا ذهبت الأمور إلى حد حرب وجودية لكلا الطرفين أعتقد أن هذا الأمر وارد.
لكن فعلاً يبدو أنه كما يقال، ما قبل 7 أكتوبر ليس كما بعده.
تغيرت خريطة الشرق الأوسط على المستوى السياسي بعد 7 أكتوبر.
كيف؟
اختلفت التوازنات والمعادلات. الغطرسة الإسرائيلية وضرب الحقوق الفلسطينية بعرض الحائط يجب أن تكون لهما إعادة قراءة من قبل إسرائيل والمجتمع الدولي. في رأيي مواقف المجتمع الدولي على مدى السنوات الماضية هي التي شجعت إسرائيل على ضرب كل الحقوق عرض الحائط. أي نحن نادراً ما نرى إدانة لأعمال إسرائيلية.
وإذا قام المقاومون أو الفلسطينيون أو أي أحد بعملية ضد إسرائيل تقوم الدنيا ولا تقعد. نحن لا نقول هذا صح وهذا خطأ. نحن نقول يجب أن يكون هناك معيار واحد للتعاطي في قضية واحدة هي القضية الفلسطينية، الصراع الفلسطيني... دعني أتماشى معهم، وأسميه الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي. لا يجوز أن تكون هناك معايير مختلفة في التعاطي، لأن الظلم مهما طال سيخلق ثورة وانفجاراً. قد تكون هذه الثورة، وهذا الانفجار عصيين على الاحتواء.
هل أنت قلق؟ هناك خطاب يقول إن إسرائيل تعتبر أن هجوم "حماس" هو "11 سبتمبر" خاصتها. هل أنت قلق من أن إسرائيل تبني حلفاً، وتتعاطى مع "حماس" على أنها مماثلة لتنظيم القاعدة؟
هناك فرق كبير بين "حماس"، و"القاعدة".
أدرك هذا الفرق، لكن هل تعتقد أن هناك خطة للدفع بهذا الاتجاه؟
ما تحاول إسرائيل فعله من وراء هذا التشبيه هو كي الوعي الأميركي، بأن الذين فعلوا بكم ما فعلوا هم أنفسهم من يقومون بهذا الأمر عندنا. ويجب أن تنصبوا لهم العداء بالدرجة التي نصبتم بها العداء لمن قام بهجوم (11- 9) هذه محاولة إسرائيلية لكي الوعي وحشد دعم شعبي ودولي بذريعة أننا كلنا كنا ضد (11- 9). لا أعتقد أن دولة في العالم كانت مؤيدة للعمل الإرهابي ضد الولايات المتحدة الأميركية. ولكن محاولة إسقاط هذا العمل على عمل مقاوم هو تشويه للحقائق.
*هذا المحتوى من مجلة المجلة.