اعتبر وزير الخارجية المصري سامح شكري، الخميس، أن فك الحصار على قطاع غزة "ليس مسؤولية الدول العربية والإسلامية وحدها"، بل "مسؤولية المجتمع الدولي أيضاً"، مؤكداً رفض بلاده "كل أشكال التهجير".
وقال شكري في رد على سؤال "الشرق"، خلال مؤتمر صحافي أمام ممثلي وسائل الإعلام الأجنبية في القاهرة، إن "فك حصار غزة ليس مسؤولية الدول العربية والإسلامية وحدها، إنما هو أيضاً مسؤولية المجتمع الدولي"، داعياً دول العالم إلى "القيام بدورها بفك الحصار غير الشرعي على القطاع"، مشيراً إلى أن "الدول العربية والإسلامية تتواصل لتنفيذ مخرجات قمة المؤتمر الإسلامي الأخيرة".
وأكد شكري أن مصر "متمسكة بمطلب وقف العمليات العسكرية في غزة"، و"وقف الصراع وتوفير المساعدات"، مشيراً إلى عدم معرفة بلاده بأي تحركات للجيش الإسرائيلي جنوب القطاع.
وليلة الأربعاء الخميس، ألقى الجيش الإسرائيلي منشورات شرق خان يونس جنوب قطاع غزة، تطلب من السكان إخلاء المنطقة "حفاظاً على سلامتهم"، وهو ما قد يعني التخطيط لعمليات عسكرية وشيكة.
ملف الأسرى والمساعدات
وفي حديثه عن المفاوضات الجارية بشأن إطلاق سراح الأسرى، قال وزير الخارجية المصري إن مصر "ستواصل بذل كل الجهود حتى تتوصل لإطلاقهم، وتوفير البيئة الملائمة لوقف كافة الأعمال العدائية واتخاذ المدنيين كرهائن"، مؤكداً وجود اتصالات "مع حماس والجهات الدولية الأخرى ذات الصلة ومع إسرائيل".
وتتهم حركة "حماس" الجانب الإسرائيلي بـ"المماطلة" في المفاوضات الجارية للإفراج عن جزء من الأسرى الذين تحتجزهم، مقابل إطلاق "200 طفل و75 امرأة" فلسطينيين تحتجزهم إسرائيل.
ويقول الجيش الإسرائيلي إن مقاتلي "حماس" تمكنوا خلال الهجوم المباغت في 7 أكتوبر الماضي، من أسر نحو 240 شخصاً، وتم اقتيادهم إلى داخل قطاع غزة.
إدارة قطاع غزة
واعتبر وزير الخارجية المصري أنه "من المبكر الحديث عن إدارة قطاع غزة، ولا بد أن يتم تناول القضية بأسس قانونية، بما يشمل قطاع غزة والضفة الغربية كوحدة واحدة لا تتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة".
وشدد شكري على أهمية "حل الدولتين"، وضرورة "تنفيذه" في إطار التوافق الدولي، باعتباره حلاً لإنهاء الصراع وإقامة الدولة الفلسطينية.
وقال إن "السلطة الفلسطينية من الناحية القانونية هي المسؤولة عن إدارة الأراضي الفلسطينية، وهناك قرارات وإطار قانوني يحدد ما هي المسؤوليات التي تقع على عاتق الاحتلال"، لافتاً إلى أن التركيز الآن يجب أن يتوجه إلى "إنهاء الاحتلال الحالي".
وبعد أسابيع من اندلاع الحرب، بدأ الحديث عن شكل الحكم في القطاع، وسط اختلاف في الرؤى بين الأطراف.
وفي نهاية أكتوبر الماضي، اعتبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنّ على السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس استعادة السيطرة على قطاع غزّة، وأنّ أطرافاً دوليّة أخرى يمكن أن تؤدي دوراً خلال فترة انتقاليّة.
من جهتها ترى السلطة الفلسطينية أن عودتها إلى غزة، يجب أن ترتبط بعملية سياسية شاملة، في حين ترفض إسرائيل عودة السلطة إلى القطاع، وتصر على البقاء فيه.
وأكد سامح شكري أن السلطة الفلسطينية من الناحية القانونية "هي المسؤولة عن إدارة الأراضي الفلسطينية"، وأن "هناك قرارات وأطر قانونية تحدد ما هي المسؤوليات التي تقع على عاتق الاحتلال"، مشيراً إلى أن "التركيز الآن ليس فيما هو بعد الحرب، لكن يجب التركيز على إنهاء الاحتلال الحالي، وقد تكون الترتيبات موحدة فيما يتعلق بالضفة والقطاع، ولا يجب أن يكون هناك ترتيبات تعزز فصل غزة".
وقف إطلاق النار
وجدد وزير الخارجية المصري تأكيد بلاده على "ضرورة وقف إطلاق النار والعمليات العسكرية، وإنهاء معاناة الفلسطينيين في غزة، وتوفير المساعدات بشكل يلبي احتياجات القطاع والمدنيين"، معبراً عن أمله في أن تتخذ الولايات المتحدة "الموقف الداعم لوقف إطلاق النار".
وأشار شكري إلى أن "معبر رفح مفتوح منذ بدء الأزمة، وجاهز لتوفير أي قدر من الشاحنات الإنسانية، وهو موضوع تنسيق بين مصر والمنظمات الدولية وإسرائيل باعتبارها دولة الاحتلال، ويتم وضع إجراءات بالكشف على الشاحنات، والتي تستغرق وقتاً أطول مما يجب"، مؤكداً أن مصر "تعمل بكل طاقتها لإدخال أكبر قدر من المساعدات، لكنها لم تتمكن إلا من إدخال 1136 شاحنة حتى اللحظة".
وللمرة الأولى، خرج مجلس الأمن الدولي عن صمته، وأصدر، الأربعاء، قراراً يدعو إلى فرض "هدنات وممرات إنسانية واسعة النطاق وعاجلة لعدد كاف من الأيام" لتقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة.
واعتبر الوزير أن عدم اعتراض الولايات المتحدة على القرار "نقطة إيجابية"، معبراً عن أمله أن تأخذ واشنطن موقفاً داعماً لوقف إطلاق النار وقرار مجلس الأمن.
تهجير الفلسطينيين
وأشار سامح شكري إلى أن الشركاء الدوليين يتفهمون بشكل أكبر "عدم جواز التهجير القسري"، ومخالفته للقانون الدولي الإنساني، مؤكداً أن مصر "ترفض أي شكل من أشكال التهجير في محاولة لتصفية القضية الفلسطينية، وإلقاء المسؤولية على دول الجوار".
وأعادت مشاهد الفلسطينيين النازحين داخل غزة ذكريات النكبة عندما غادر مئات الآلاف من الفلسطينيين منازلهم خلال الحرب التي أدت إلى تأسيس إسرائيل قبل 75 عاماً. وتوجهوا نحو البلدان المجاورة خصوصاً الأردن وسوريا ولبنان ومصر.
وغذت حركة النزوح خلال الحرب الجارية والدعوات المتكررة من الجيش الإسرائيلي لإفراغ بعض المناطق في القطاع المحاصر، الشكوك الإقليمية بأن تل أبيب ربما تحاول إفراغ غزة من سكانها.