حرب غزة تزيد أزمات بايدن في مواجهة ترمب المحتملة بالانتخابات الأميركية

نتائج المحليات واستطلاعات الرأي يظهران انفصال مصير بايدن عن الحزب الديمقراطي

time reading iconدقائق القراءة - 12
الرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض. 12 فبراير 2022
الرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض. 12 فبراير 2022
واشنطن -رشا جدة

قبل أقل من عام على الانتخابات الرئاسية الأميركية، تظهر استطلاعات رأي متعددة تراجع شعبية الرئيس الأميركي جو بايدن، وتفوق سلفه دونالد ترمب عليه، بنسب ولأسباب تثير قلقاً متصاعداً داخل المعسكر الديمقراطي.

وتنذر استطلاعات الرأي بخطر محدق بالرئيس بايدن، في محاولته الفوز بولاية ثانية، في خمس من ست ولايات متأرجحة، يُرجح أن تحدد النتيجة النهائية. 

أظهر استطلاع "نيويورك تايمز"، بالتعاون مع كلية سيينا، بداية الشهر الجاري، تراجع بايدن لصالح الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترمب، لكن هذا ليس المؤشر الوحيد، إذ كشف استطلاع جديد للرأي أجرته "بلومبرغ" بالشراكة مع "مورنينج كونسلت"، عن مواجهة بايدن صعوبة في تحقيق التوازن في حملة إعادة انتخابه، وأن الرئيس السابق يتقدم عليه في ست من سبع ولايات متأرجحة. 

وتأكيداً على صعوبة موقف بايدن، أظهر استطلاع آخر، الخميس الماضي، أجرته "ياهو نيوز" و"يوجوف"، أن ترمب يتمتع بتفوق طفيف على الرئيس الحالي في مباراة العودة الافتراضية، إذ يتقدم الرئيس السابق بنسبة 44% عن الرئيس الحالي الذي حصل على 42%. 

ويقول خبراء ومحللون لـ"الشرق"، إن ترمب لديه فرصة كبيرة للفوز بالرئاسة مرة أخرى، خاصة مع نفور بعض الدوائر الانتخابية الديمقراطية الرئيسية نتيجة دعم بايدن القوي لتحركات إسرائيل العسكرية في غزة.

تحديات أمام بايدن

تظهر استطلاعات الرأي الأخيرة، أن الرئيس الأميركي يواجه صعوبة كبيرة نحو إعادة انتخابه، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الاستياء من سجله الاقتصادي في المقام الأول، وأن ترمب يتفوق عليه في الولايات الحاسمة. 

كشف استطلاع جديد للناخبين من الطبقة العاملة، الذين شكلوا عنصر حسم في الولايات المتأرجحة في الدورتين الرئاسيتين الماضيتين، أجراه معهد السياسة التقدمية، ابتعاد غير الحاصلين على شهادات جامعية عن الحزب الديمقراطي مؤخراً، بعد أن كانوا هيكلاً أساسياً فيه.

ووجد الاستطلاع، الذي أجري في سبع ولايات رئيسية، أن هؤلاء الناخبين يرون الحزب الديمقراطي غير متوافق مع أولوياتهم الاقتصادية. وقال 69% من المشاركين في الاستطلاع، إن ارتفاع تكاليف المعيشة والتضخم يفوق النمو الاقتصادي.

عادة ما يُلام الرئيس وحزبه على حالة الاقتصاد، سواء كانا السبب الرئيسي في ذلك أم لا، وبينما لا يحظى كل من ترمب وبايدن بشعبية كبيرة، يجد أستاذ العلوم السياسية أندرو سميث، أن حالة الاقتصاد ستساعد في تحفيز الناخبين الجمهوريين على التصويت، وتثبيط التصويت بين الديمقراطيين.

وفي حديثه مع "الشرق"، يقول سميث إن التضخم لا يزال مرتفعاً للغاية في الولايات المتحدة، كما أن تكاليف المعيشة المتزايدة، على الرغم من تباطؤها، لم "ولن" تعود إلى مستويات ما قبل عام 2020، كما أن التضخم يلحق الضرر بشكل غير متناسب بالسكان ذوي الدخل المنخفض، والذين يشملون بشكل كبير الأقليات والشباب، وهي المكونات الحاسمة في الائتلاف الانتخابي للحزب الديمقراطي.

وأضاف سميث "تظهر استطلاعات الرأي في الولايات التي تشهد منافسة قوية أن الناخبين الأصغر سناً والسود يقولون حالياً إنهم أكثر عرضة للتصويت لصالح ترمب مما كانوا عليه في عام 2020".

فوز ترمب بولاية ثانية، كان أمراً غير مرجحاً لأستاذ العلوم السياسية في جامعة سان فرانسيسكو، ستيفين زونس، حتى ستة أسابيع مضت، على حد قوله.

وفي حديثه مع "الشرق" يقول زونس إن دعم بايدن القوي للهجوم العسكري الإسرائيلي، أدى إلى نفور بعض الدوائر الانتخابية الديمقراطية الرئيسية مثل التقدميين، والأميركيين العرب والمسلمين، والناخبين الشباب، "في حين أن عدداً قليلاً جداً من هؤلاء الأشخاص من المرجح أن يصوتوا لصالح ترمب، فإن العديد منهم إما سيصوتون لحزب صغير، أو يرفضون التصويت على الإطلاق. حتى أولئك الذين سيصوتون لصالح بايدن على أي حال، أصبحوا الآن أقل عرضة للتبرع بالمال أو القيام بحملات لصالحه".

ارتفاع أسهم الرئيس السابق لدى الناخبين، تفسره الباحثة السياسية ومستطلعة الآراء مادلين كونداي بابتعاد ترمب عن الأضواء خلال الأشهر القليلة الماضية، ووضع بايدن في مرمى النيران.

وفي حديثها مع "الشرق" تقول كونداي، إن ترمب كان هادئاً للغاية، ولم يعقد سوى عدد قليل جداً من الأحداث العامة، وأدى ذلك إلى إبقاء التركيز على الرئيس بايدن الذي لا يتمتع بمعدلات تأييد قوية حالياً، وتراهن كونداي على أنه بمجرد أن تصبح الحملة الرئاسية أكثر نشاطاً، لن يتمكن ترمب من البقاء بعيداً عن الأنظار، وسيصبح السباق أقرب إلى الاختيار بين بايدن وترمب، بدلاً من استفتاء على الرئيس بايدن، وهو ما قد يصب في مصلحة بايدن، على حد قولها.

فرصة جيدة ترمب

يتقدم ترمب على منافسيه الجمهوريين في سباق الحصول على ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة بخطوات كبيرة. ويفكر قطب العقارات روبرت بيجلو، أكبر متبرع لحاكم فلوريدا، رون ديسانتيس، المنافس الثاني لترمب، في التخلي عنه ودعم الرئيس السابق. 

ويبدو الحصول على ترشيح الحزب الجمهوري، أمراً محسوماً بالنسبة لترمب، الذي يتقدم في استطلاعات الرأي على منافسيه الجمهوريين بفارق يصل إلى نحو 40 نقطة.

ورغم أعبائه القانونية التي تصل إلى 91 تهمة جنائية، يتقدم ترمب على بايدن الذي يواجه انخفاضاً مستمراً في التأييد، حتى بين أعضاء حزبه، وهو ما تجده كونداي بمثابة فرصة جدية لترمب للفوز مرة أخرى بالرئاسة.

وتقول كونداي "حالياً لا يشعر ترمب بالتهديد في الانتخابات التمهيدية، ومنحته معدلات تأييد بايدن المنخفضة فرصة حقيقية للفوز. ربما يكون قريباً من سباق 50/50 في هذه المرحلة".

ويلفت زونس، إلى أنه إذا أدين ترمب بالفعل ببعض الجرائم التي اتُهم بارتكابها، فمن غير المرجح أن يؤثر ذلك على دائرته الانتخابية الأساسية، ولكنه قد يضعف دعمه بين الناخبين المتأرجحين.

ويرى سميث، أنه إذا ظل الاقتصاد في حالته الحالية، فإن ترمب لديه فرصة جيدة إلى حد ما للفوز في عام 2024، "وبطبيعة الحال، سوف تؤثر مشكلات ترمب القانونية، وما يحدث في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، على فرصه في الفوز".

انتصارات ديمقراطية 

وفي أوائل الشهر الجاري، حقق الحزب الديمقراطي، انتصارات في الانتخابات المحلية في عدد من الولايات الأميركية. وكانت حقوق الإجهاض هي القضية الرئيسية التي صوت على أساسها الناخبون، ليحصد الديمقراطيون فوزاً كاسحاً قبل عام من الانتخابات الرئاسية، التي يسعى فيها بايدن لولاية ثانية مدتها أربع سنوات.

تجادل كونداي في أن النجاح الأخير للديمقراطيين في الانتخابات المحلية يُظهر أنه لا يزال بإمكان الديمقراطيين الفوز في الانتخابات عندما يكون الاختيار واضحاً مع الجمهوريين، في قضية مثل الإجهاض، على الرغم من أن الموافقة على أداء الرئيس بايدن منخفضة نسبياً. 

وتقول كونداي، إنه في حين أن لدى بايدن والديمقراطيين بعض نقاط الضعف، فمن المحتمل جداً أن يكون العديد من المرشحين الجمهوريين، بما في ذلك ترمب، معيبين للغاية بحيث لا يمكنهم استغلال الفرصة والفوز على الرئيس الديمقراطي.

من جانبه، يرى زونس أن انتصار الديمقراطيين في المحليات جاء نتيجة الاختيار المباشر لحقوق الإجهاض، "وهو أمر مهم جداً"، لكن زونس يعتقد أن انتخابات الرئاسة تتطلب التصويت على أكثر من اختيار بما فيها الاقتصاد والأوضاع المعيشية، "لكن ما يحدث في الشرق الأوسط يؤثر بشكل كبير على حظوظ بايدن، بسبب الكتلة التصويتية له وخاصة الشباب المتعاطف مع فلسطين، ولن يصوتوا له في الانتخابات المقبلة".

إسرائيل كلمة السر في تآكل شعبية بايدن

تزداد كل يوم الدعوات المطالبة بوقف إطلاق النار على قطاع غزة. ويواجه الرئيس الأميركي والمشرعون الديمقراطيون ومسؤولو الإدارة الأميركية ضغوطاً متزايدة لحث إسرائيل على وقف إطلاق النار. وقد أدى ارتفاع أعداد الضحايا من الجانب الفلسطيني إلى تآكل الدعم الشعبي لبايدن، بين الكتلة التصويتية من الائتلاف اليساري من الشباب وطلاب المدارس والملونين.

في الوقت نفسه، انخفض الدعم العربي الأميركي لبايدن؛ بسبب دعمه الثابت لإسرائيل في قصفها المستمر على قطاع غزة، عقب هجوم حماس في 7 أكتوبر الماضي. وأظهر استطلاع رأي أجراه المعهد العربي الأميركي، أواخر الشهر الماضي، أن التأييد بين الناخبين العرب الأميركيين لبايدن انخفض من 59% في عام 2020 إلى 17% حالياً. وقال 40% من الذين شملهم الاستطلاع إنهم سيصوتون لدونالد ترمب في عام 2024، بزيادة قدرها خمس نقاط مئوية عن عام 2020.

ورغم أن السياسة الخارجية نادراً ما تكون عاملاً رئيسياً في اختيار الناخب الأميركي وتحديد نتيجة الانتخابات، يجادل زونس أنه بالنظر إلى مدى تقارب المنافسات الأخيرة التي شارك فيها ترمب، فإن دعم بايدن لنتنياهو يمكن أن يحدث الفارق بين النصر والهزيمة.

ويلفت زونس، إلى أن إقبال الشباب كان أحد المتغيرات الرئيسية في الانتصارات الديمقراطية في السنوات الأخيرة. ويعتقد أنه في الانتخابات التي ترتفع فيها نسبة مشاركة الشباب، يفوز الديمقراطيون، وفي الانتخابات التي تكون فيها نسبة مشاركة الشباب منخفضة، يخسر الديمقراطيون.

ويقول زونس، إن "الشباب الأميركيين أكثر تعاطفاً مع القضية الفلسطينية من كبار السن، وأكثر استياءً من ارتفاع عدد الضحايا المدنيين الذي يلحقه القصف الإسرائيلي باستخدام الأسلحة الأميركية". 

ويدلل على ذلك، بخسارة هيوبرت همفري، المرشح الرئاسي الديمقراطي في عام 1968، بفارق ضئيل أمام ريتشارد نيكسون؛ لأن دعمه لحرب فيتنام أدى إلى انخفاض الدعم من الشباب والتقدميين، "وبالمثل، فقد جون كيري في عام 2004 وهيلاري كلينتون في عام 2016 الدعم من نفس الدوائر الانتخابية؛ بسبب دعمهما لحرب العراق، وهو ما أحدث الفارق في تلك الانتخابات المتقاربة. إن دعم حرب إسرائيل على غزة يمكن أن يفعل الشيء نفسه بالنسبة لبايدن".

تتفق كونداي مع زونس في أن السياسة الخارجية من الممكن أن تلعب دوراً في توجهات الناخبين، "وفي سباق متقارب قد تحدث فرقاً مهماً". 

وتقول كونداي، إن الوضع في الشرق الأوسط قد ساهم، ولو جزئياً على الأقل، في انخفاض معدلات تأييد بايدن، "جزء صغير من القاعدة الديمقراطية مناهض لإسرائيل ومحبط من سياسة الرئيس بايدن. ومع ذلك، أعتقد أن هذه مشكلة صغيرة نسبياً في الوقت الحالي، ويمكن أن تستقر في الأشهر المقبلة. ومن غير المرجح أن يفضل الناخبون الذين يشعرون بالإحباط من بايدن لكونه مؤيداً للغاية لإسرائيل، ترمب على بايدن في الانتخابات".

ومع ذلك، تعتقد كونداي أن قضايا الاقتصاد، وتكاليف المعيشة، والإجهاض، وحماية الديمقراطية الأميركية أو جميعها، من المرجح أن تكون أكثر أهمية في هذه الانتخابات مما يحدث في الشرق الأوسط.

يتفق سميث مع كونداي في أن الاقتصاد سيكون هو العامل الحاسم في انتخابات 2024. ويقول سميث إنه بحلول موعد الانتخابات، ربما يكون قسم كبير من الصراع الحالي في الشرق الأوسط قد حُلّ، "وفي أميركا، ينسى الناخبون بسرعة ما يحدث في بقية العالم".

ورغم ذلك، لا ينكر سميث تأثير دعم بايدن الثابت لإسرائيل في انخفاض شعبيته، ويقول سميث إن دعم إدارة بايدن لإسرائيل يؤدي إلى تقسيم التحالف الديمقراطي، فمن المرجح أن يعارض الناخبون الشباب والتقدميون دعمها لإسرائيل، "علاوة على ذلك، على الرغم من أن عدد السكان المسلمين في الولايات المتحدة صغير جداً، إلا أنه كبير بما يكفي في الولايات التي تشهد منافسة، وخاصة ولاية ميشيجان، مما يؤدي إلى خسارة بايدن".

تصنيفات

قصص قد تهمك