من شي إلى بوتين.. تصريحات بايدن الارتجالية تتسبب في مآزق دبلوماسية

رغم جهود إدارته لتصحيح الأخطاء.. تصريحات للرئيس الأميركي تناقض سياسة بلاده

time reading iconدقائق القراءة - 7
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مؤتمر صحافي حول اجتماعه مع الرئيس الصيني شي جين بينج قبل بدء قمة (أبيك) في سان فرانسيسكو. 15 نوفمبر 2023 - Reuters
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مؤتمر صحافي حول اجتماعه مع الرئيس الصيني شي جين بينج قبل بدء قمة (أبيك) في سان فرانسيسكو. 15 نوفمبر 2023 - Reuters
دبي -الشرق

أوقعت التصريحات "الفضفاضة والارتجالية"، الرئيس الأميركي جو بايدن في لحظات محرجة، إذ إن بعضها عبارة عن زلات غير هامة تتمثل في عبارات غير ملائمة، ولكن آخرها كان عند التطرق علناً لأمور سرية بعضها يتعلق بالسياسة الخارجية. 

وأثارت "التصريحات الصريحة" لبايدن، انتقادات من قبل زعماء عالميين، وسط محاولات من وزارة الخارجية والبيت الأبيض لتصحيح الأخطاء، حسبما ذكرت مجلة "بوليتيكو" الأميركية.

وأوضحت المجلة أنه منذ تولي جو بايدن الرئاسة، كشف مراراً عن أفكاره بشأن مسائل حساسة تتعلق بالدبلوماسية والأمن القومي وقضايا أخرى، إذ حاول مستشاروه اتباع أسلوب صارم في الحديث عنها. 

وأضافت أن بايدن "نادراً ما يتناقض مع السياسة الرسمية، لكن تصريحاته تقدم للمراقبين رؤى بشأن المخاوف الكامنة في علاقات إدارته مع دول مثل تايوان وروسيا". وسلطت الصحيفة الضوء على مواقف كان فيها بايدن "أكثر جرأة وأقل دبلوماسية" مما كان يفضله مستشاروه.

وصف الرئيس الصيني بـ"الديكتاتور"

ولطالما انتقدت الولايات المتحدة سجل الصين في مجال حقوق الإنسان، وأدانت تعامل بكين مع الأقليات العرقية في التبت وشينجيانج، كما تضغط من أجل تحقيق الديمقراطية في هونج كونج، وأدانت القمع العنيف للاحتجاجات السلمية في ساحة تيانانمين في عام 1989، وكذلك سجن المعارضين. وتصنف وزارة الخارجية الأميركية، الصين كدولة استبدادية، لكن الولايات المتحدة نادراً ما أدانت الزعماء الصينيين بشكل مباشر باعتبارهم "مستبدين"، حتى مع تعزيز الرئيس الصيني، شي جين بينج، سلطته خلال السنوات القليلة الماضية. 

وتغير هذا الأمر في يونيو الماضي، عندما وصف بايدن بشكل غير متوقع شي بأنه "ديكتاتور"، خلال حفل لجمع التبرعات في كاليفورنيا، إذ قال آنذاك: "السبب الذي جعل شي جين بينج منزعجاً للغاية، عندما أسقطت ذلك المنطاد (حادث منطاد التجسس في فبراير الماضي)، هو أنه لم يكن على علم بوجوده هناك". 

وأضاف: "هذا مصدر إحراج كبير للديكتاتوريين، عندما لا يعرفون ما يحدث"، لترد بكين على الفور بتقديم احتجاج رسمي وتستدعي السفير الأميركي في بكين لتوبيخه رسمياً، ما أدى إلى تأجيج التوتر. 

وحاول بايدن بعد ذلك التقليل من حدة تصريحاته، وقال في مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الهندي في وقت لاحق، إنه "يتوقع الاجتماع مع شي في المستقبل القريب، وأنه لا يعتقد أن التصريح كان له أي عواقب حقيقية". 

وبعد اجتماعه مع شي في سان فرانسيسكو، الأربعاء الماضي، كرر بايدن انتقاده للرئيس الصيني، عندما سألته صحافية عن لقائه بالرئيس الصيني على هامش منتدى قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ "أبيك"، قائلاً: "حسناً، إنه ديكتاتور بمعنى أنه رجل يدير دولة شيوعية". 

وسرعان ما أدانت وزارة الخارجية الصينية، تصريحات بايدن مجدداً، ذ قالت المتحدثة باسم الوزارة، إن "هذا النوع من التصريحات خاطئ للغاية، ويعد تلاعباً سياسياً غير مسؤول". 

الدفاع عن تايوان 

ومن الناحية الرسمية، تواصل إدارة بايدن سياسة "الغموض الاستراتيجي" الأميركية تجاه تايوان، ما يعني أن الولايات المتحدة لم تحدد بشكل قاطع، ما إذا كانت ستتدخل للدفاع عن الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي، حال غزو الصين لها. 

لكن في لحظات مختلفة خلال فترة رئاسته، تعهد بايدن بالدفاع عن تايوان، إذا غزتها الصين، أو حاولت ضمها بالقوة، ما دفع المراقبون إلى القول بأن "سياسة الغموض الاستراتيجي انتهت من الناحية العملية". 

وفي حوار مفتوح مع الجمهور نقلته شبكة CNN في عام 2021، قال بايدن إن الولايات المتحدة لديها "التزام تجاه تايوان"، كما تعهد في مايو وسبتمبر الماضيين، بأن تدافع الولايات المتحدة عن تايوان "حال تعرضها لغزو صيني"، ما دفع بكين إلى التحذير من أن تصريحات بايدن ترسل "إشارة خاطئة على نحو خطير إلى القوى الانفصالية الداعية إلى الاستقلال في تايوان". 

ورغم تصاعد اللهجة العدائية تجاه الصين، وتزويد تايوان بالأسلحة الدفاعية، لا تزال الولايات المتحدة تعترف رسمياً بحكومة بكين باعتبارها الحكومة الشرعية على جميع أراضي الصين، بما في ذلك تايوان، في إطار سياسة "الصين الواحدة". 

وتراجع البيت الأبيض ووزارة الخارجية مراراً عن تصريحات بايدن بشأن الدفاع عن تايوان. وفي مايو 2022، قال الناطق باسم الخارجية الأميركية آنذاك، نيد برايس، في مؤتمر صحافي: "سياستنا الخاصة بالصين الواحدة والتزامنا بتحقيق السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان بالطبع لا يزالان قائمين"، مؤكداً على التزام واشنطن بتزويد الجزيرة "بالاحتياجات العسكرية للدفاع عن نفسها". 

بقاء بوتين في السلطة 

وبالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فقد أدانت إدارة بايدن تهديداته التي وجهها حلف شمال الأطلسي "الناتو" والغرب بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، كما رفض المسؤولون الأميركيون عقوبات قاسية على بوتين وأقلية الأوليجارش، وأعربوا عن دعمهم للمنشقين وقادة المعارضة الروس. 

ومع ذلك، لم تصل الولايات المتحدة إلى حد الدعوة إلى تغيير النظام أو تزويد الناشطين الروس بالدعم المادي في سعيهم لاستعادة الديمقراطية في البلاد، إذ عادة ما تحرص على عدم إثارة غضب الكرملين، لكن خطاباً ألقاه بايدن في مارس الماضي أثار مخاوف بشأن تغير هذا النهج. 

وبعد شهر من الغزو الروسي، زار بايدن، بولندا، وألقى خطاباً أمام القلعة الملكية في العاصمة وارسو تعهد فيه بـ"وقوف الغرب خلف كييف أثناء صدها للجيش الروسي".

ولكن هذا الخطاب طغى عليه تصريح ارتجالي، قال فيه بايدن إن "روسيا لن تنتصر في الحرب. بحق الله، لا يمكن لهذا الرجل أن يبقى في السلطة"، مشيراً إلى بوتين. 

وسرعان ما أوضح البيت الأبيض أن بايدن لم يكن يدعو إلى تغيير النظام، لكنه كان يشير إلى أنه لا يمكن السماح لبوتين بممارسة سلطة على جيرانه، في حين قال الناطق باسم الكرملين ديميتري بيسكوف آنذاك: "ليس من حق بايدن أن يقرر، لأن الرئيس الروسي ينتخبه الروس". 

تصنيفات

قصص قد تهمك