أعلن مجلس النواب العراقي، الأربعاء، تأجيل التصويت على انتخاب رئيس لمجلس النواب خلفاً لمحمد الحلبوسي الذي قررت المحكمة الاتحادية العليا إنهاء عضويته، وسط استمرار المشاورات السياسية لاختيار مرشح، في وقت تشتد فيه المنافسة بين الكتل السنية للظفر بالمنصب.
وقالت الدائرة الإعلامية لمجلس النواب في بيان، إن "المجلس صوت على تأجيل انتخاب رئيس مجلس النواب إلى حين تحقيق التوازن السياسي، إضافة إلى قرار المحكمة الاتحادية العليا الذي يوجب استمرار مجلس النواب في أداء مهامه بتولي نائب الرئيس رئاسة جلسات المجلس".
وتنص المادة 12 من النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي على أنه "إذا خلا منصب رئيس المجلس أو أي من نائبيه لأي سبب كان، ينتَخب المجلس بالأغلبية المطلقة خلفاً له في أول جلسة يعقدها لسد الشاغر وفقاً لضوابط التوازنات السياسية بين الكتل".
وقررت المحكمة الاتحادية العليا في العراق في 14 نوفمبر الجاري، إنهاء عضوية الحلبوسي على خلفية شكوى تقدم بها النائب السابق ليث الدليمي، يتهمه فيها بتزوير تاريخ طلب استقالته، واستخدامه أكثر من مرة لإبعاده عن البرلمان.
وقال رئيس تحالف "عزم" مثنى السامرائي، إن "هنالك تأجيل للتصويت على الفقرة الخاصة بالتصويت على اختيار رئيس مجلس النواب"، نافياً تشريحه لرئاسة المجلس.
وأشار السامرائي لـ"الشرق"، إلى أنه "لا يوجد توافق بين القوى السياسية على اختيار رئيس مجلس النواب في هذه الجلسة"، لكن عضو مجلس النواب العراقي معين الكاظمي، ذكر أن "التصويت على رئيس مجلس النواب العراقي يحتاج إلى توافق القوى السنية داخل المجلس المتمثلة بـ60 مقعداً".
وأضاف الكاظمي لـ"الشرق"، أن التصويت يحتاج أيضاً إلى "قبول القوى السياسية للمرشح، وهذا الأمر لا يتم بجلسة اليوم، ما سيحصل هو فقط التصويت على الفقرة الثانية بجدول أعمال الجلسة تمديد عمر مفوضية الانتخابات لـ6 أشهر إضافية".
ومنذ أول انتخابات متعددة شهدتها البلاد في عام 2005، ونظمت بعد الغزو الأميركي الذي أدى إلى سقوط نظام صدام حسين في عام 2003، يعود منصب رئيس الجمهورية تقليدياً إلى الأكراد، بينما يتولى الشيعة رئاسة الوزراء، والسنة مجلس النواب.
ضبابية المواقف
وعشية جلسة مجلس النواب، اتفق تحالف "القيادة" السني على تخويل رئيس تحالف "السيادة" خميس الخنجر، ورئيس حزب "تقدم" محمد الحلبوسي، بتسمية المرشحين لمنصب رئيس مجلس النواب، في وقت تشتد فيه المنافسة بين الكتل السنية للظفر بالمنصب.
تحالف "القيادة" الذي يضم "تقدم" و"السيادة"، وشُكل في 8 أغسطس الماضي، لخوص انتخابات مجالس المحافظات، قال في بيان، الثلاثاء، إن "اجتماعاً جرى بين "تقدم والسيادة" لمناقشة الوضع الراهن ومستجدات الساحة السياسية"، مشيراً إلى أن "المجتمعين يمثلون الغالبية السنية بعدد النواب، وإن هؤلاء النواب يخولون محمد الحلبوسي، وخميس الخنجر بتسمية المرشحين للمنصب الأول في الاستحقاق السياسي السني، وفقاً للاستحقاق الانتخابي".
لكن وكالة أنباء العالم العربي AWP، أشارت إلى أن الاجتماع شهد "اختلافاً بين الحليفين على اختيار البديل، حيث يصر الحلبوسي على أن يكون بديله من "تقدم" بينما يطالب الخنجر بأن تقود البرلمان في الفترة المقبلة شخصية من "السيادة"، لتجنب أي حكم قضائي ضد "تقدم"، "بسبب عقده مع شركة علاقات عامة يديرها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك وفق قانون منع التطبيع".
وتحالف "السيادة" هو أكبر تحالف سياسي سُني عراقي تشكل بعد الانتخابات البرلمانية في 2021، ويضم تكتلات سُنية بزعامة الخنجر المنشق عن تحالف "عزم"، الذي يرأسه مثنى السامرائي، ومن أهم أعضائه حزب "تقدم" بزعامة الحلبوسي.
وعزا النائب السابق عن محافظة الأنبار أحمد السلمان، في تصريح لوكالة أنباء العالم العربي AWP، تأخّر اختيار البديل لرئاسة البرلمان إلى أن "الهوى السني ليس مع اختيار مرشح من تقدم"، مضيفاً: "أحد الأسباب الرئيسية للخلافات داخل البيت السني هو استمرار تسلّط الحلبوسي منذ الانتخابات، حيث ما زال يتعامل في قضية ترشيح البديل بالنهج نفسه، ونسي أن المسألة مرهونة بتوافقات سنية-سنية وأخرى سنية-شيعية".
وبشأن الأسماء التي يتم تداولها في المناقشات الجارية، قال السلمان: "الآن مطروح سالم العيساوي من السيادة، ومثنى السامرائي ومحمود المشهداني من عزم، وآخرون من تقدم".
وينص الدستور العراقي على أن "ينتخب مجلس النواب في أول جلسة له رئيساً، ثم نائباً أول ونائباً ثانياً، بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس، بالانتخاب السري المباشر". وفي جلسات لاحقة، يتم اختيار رئيس للجمهورية بالأغلبية المطلقة، على أن تقدّم الكتلة الأكبر في البرلمان مرشحها لتشكيل الحكومة.