يواصل وزراء مالية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، العمل جاهدين من أجل التوصل لاتفاق بشأن إصلاح القواعد المالية للتكتل، فيما قال وزير المالية الفرنسي برونو لو مير، إن دول الاتحاد أحرزت تقدماً جوهرياً في المسألة، معرباً عن أمله في أن يتم التوصل إلى اتفاق قبل نهاية العام، وفق "بلومبرغ".
وبعد أشهر من المداولات، وصل وزراء مالية الاتحاد الأوروبي للمراحل النهائية من التفاوض بشأن إصلاح إطار التكتل للحد من الديون ونسبة العجز، والتي من المقرر أن تستأنف مجدداً في يناير بعد تعليقها في خضم مواجهة جائحة كورونا، وتداعيات حرب أوكرانيا.
ولا يزال الخلاف قائماً بين فرنسا وألمانيا بشأن كيفية دعم الاستثمار عندما يتجاوز العجز في الميزانية، النسبة التي يسمح بها الاتحاد الأوروبي، وتتجادل دول أخرى، تقع في معسكرين تقريباً خلف باريس وبرلين، حول قضايا أخرى، بما في ذلك الحد الأدنى لوتيرة خفض الديون.
وكالمعتاد فيما يتعلق بشؤون الاتحاد الأوروبي، تعد ألمانيا وفرنسا، أكبر اقتصادين في التكتل، مفتاح التوصل إلى اتفاق.
وقال وزيرا المالية الألماني كريستيان ليندنر ونظيره الفرنسي برونو لو مير، الخميس إنه جرى حل الخلافات بينهما بنسبة 90%، رغم أن القضايا العالقة قد تكون حاسمة.
ونقلت وكالة "بلومبرغ" عن الوزير الفرنسي قوله الجمعة، إن الاتفاق النهائي "سوف يحدد قواعد متسقة، وسيقر بأهمية الاستثمارات والإصلاحات".
يذكر أنه تم تعليق العمل بقواعد الدين العام وعجز الميزانية لدول اليورو منذ تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد في 2020 وحتى نهاية العام الحالي، من أجل السماح للدول الأعضاء بالتوسع في الاقتراض لتمويل إجراءات مواجهة تداعيات الجائحة.
ووفقا للقواعد الأوروبية، فإن الحد الأقصى المسموح به لعجز الميزانية هو 3% من إجمالي الناتج المحلي وللدين العام 60% من إجمالي الناتج المحلي.
وفي أبريل الماضي اقترحت المفوضية الأوروبية منح الدول عالية المديونية المزيد من الوقت لتقليل الدين العام والسماح لها بتمويل الاستثمارات العامة الكبيرة المطلوبة لمعالجة ظاهرة التغير المناخي والتحول إلى الطاقة المستدامة وتحديث الاقتصادات الأوروبية.
وقال المفوض الأوروبي للاقتصاد باولو جنتيلوني، إنه "متفائل بالتوصل إلى اتفاق في الأيام المقبلة. وأضاف أن الجوانب القانونية والفنية ما زالت قيد المناقشة.
كما قال جنتيلوني: "هناك الآن اتفاقاً عاماً على أن العجز وخفض الديون يحتاجان إلى قواعد واضحة. وأضاف أنه لا ينبغي أن يكون هناك شك في ضرورة خفض العجز المفرط" حسبما نقلته وكالة "رويترز".
وقالت وزيرة المالية الإسبانية ناديا كالفينو، التي تتولى بلادها الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي لمدة ستة أشهر، إنه من الممكن الدعوة إلى اجتماع غير عادي لوزراء المالية قبل نهاية العام. ومن المرجح أن يتم عقد الاجتماع الأسبوع المقبل.
ويجب على القواعد الجديدة أن تحصل على موافقة البرلمان الأوروبي الحالي الذي سيحل في أبريل، قبل الانتخابات الأوروبية في يونيو المقبل.
ما هو ميثاق الاستقرار والنمو؟
منذ إنشائه عام 1997، واجه ميثاق الاستقرار والنمو انتقادات متراكمة؛ بسبب عجز الدول الأوروبية عن تحقيق نتائج مرضية تحترم المعايير المتفق عليها، خاصة وأن غالبية الدول الأوروبية تعاني زيادات مهولة في نسبة العجز، كما هو الحال بالنسبة إلى إيطاليا والبرتغال.
ومع انتشار جائحة "كورونا" خلال عام 2020، علق العمل بقواعد ميثاق الاستقرار والنمو، وذلك لمساعدة الحكومات على مواجهة جائحة كوفيد والغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، الذي أثر على أسعار الطاقة والغذاء.
ومن المقرر إعادة العمل بهذه القواعد، التي تحد من عجز الميزانية والديون، في عام 2024. ويسابق الاتحاد الأوروبي الزمن لوضع قواعد جديدة تحظى بقبول جميع الدول الأعضاء.
وتقترح المفوضية الأوروبية منح الدول الأعضاء، المثقلة بالديون، المزيد من المرونة لخفض الديون ونسبة العجز لديها.
وبحسب قواعد الإنفاق الحالية للاتحاد الأوروبي، لا يجب أن تتجاوز نسبة العجز في المالية العامة 3 في المئة من إجمالي الناتج المحلي لأي دولة، وأن تظل نسبة الدين العام دون 60 في المئة.
وفي ظل هذه القواعد، يتعين على الدول تسديد 5 في المئة من الديون سنوياً حال تجاوزها عتبة 60 في المئة، وهو أمر مدمر للنمو في الدول المثقلة بالديون.
وتقترح فرنسا السماح للدول المستهدفة بإجراءات العجز المفرط بمواصلة الاستثمار "في التحول البيئي والدفاع"، وكذلك في الإصلاحات الهيكلية، كما تقول صحيفة "ماريان"، وهو الموقف الذي تدعمه الدول الواقعة في جنوب أوروبا، حسب تلفزيون.