أعربت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، لمسؤولين في إدارة الرئيس جو بايدن، عن رغبتها في أن يظهر البيت الأبيض المزيد التعاطف تجاه المدنيين الفلسطينيين الذي يسقطون في قطاع غزة أو الضفة الغربية، حسب ما ذكرت مجلة "بوليتيكو"، الخميس، نقلاً عن 3 أشخاص مطلعين.
وأضافت المجلة الأميركية، أن هؤلاء الأشخاص، الذين لم تكشف عن هويتهم، أكدوا أيضاً أن الرئيس جو بايدن من بين المسؤولين الذين حثتهم هاريس على إظهار المزيد من القلق العلني بشأن الأزمة الإنسانية في قطاع غزة.
ولفت أحد كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية للمجلة إلى أن هاريس شددت في محادثات أجريت داخل الإدارة بشأن الحرب في غزة على أن "الوقت حان للبدء في وضع خطط اليوم التالي بشأن كيفية التعامل مع مرحلة ما بعد الحرب" التي تشنها إسرائيل على القطاع منذ 7 أكتوبر الماضي.
وذكر أحد الأشخاص المقربين من مكتب نائبة الرئيس الأميركي، أنها تعتقد بوجوب أن تتبنى الولايات المتحدة نهجاً "أكثر صرامة" تجاه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مضيفاً أنها دعت إلى أن تكون واشنطن "أكثر قوة في السعي إلى تحقيق سلام طويل الأمد ولحل الدولتين".
لا خلاف بين هاريس وبايدن
ونفت كيرستن ألين، المتحدثة باسم هاريس، وجود خلاف بين الرئيس الأميركي ونائبته، مشيرةً إلى أن "الاثنين متفقان، وكانا واضحين في القول بإن إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها، وإنه يجب السماح للمساعدات الإنسانية بالتدفق إلى غزة، ويجب حماية المدنيين، وأن واشنطن ستظل ملتزمة بحل الدولتين".
وأوضحت "بوليتيكو"، أن هاريس لم تكن أول مسؤولة أميركية أو الوحيدة في الإدارة التي تؤكد علناً على ضرورة الاهتمام بالأضرار الإنسانية في غزة، ولكن كلماتها كنائبة للرئيس كانت لها وزن أكبر في نظر الناشطين المؤيدين للفلسطينيين وغيرهم.
وبيّنت المجلة أن خطاب هاريس أصبح أكثر قوة مع مرور الوقت، ففي أوائل نوفمبر الماضي، قالت إن الولايات المتحدة لن "تضع أي شروط على الدعم" الذي تقدمه لإسرائيل في الحرب، لكن منذ ذلك الحين، أصبحت أجزاء من القاعدة الديمقراطية أكثر تشككاً في النهج الإسرائيلي تجاه الحرب، في حين بدأ يتلاشى مؤخراً التعاطف الدولي مع تل أبيب، ولذا تحدثت هاريس علناً عن التكتيكات العسكرية الإسرائيلية بعبارات صارمة.
وقال مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان، إنه لا يوجد فرق بين كيفية تقييم هاريس وبايدن للحرب وتأثيرها على المدنيين، وأنه "لا يوجد خلاف بشأن ذلك".
كما شكك مسؤول كبير آخر في الإدارة الأميركية، رفض الكشف عن هويته، في فكرة وجود أي اختلاف في وجهات النظر أو الأولويات بين بايدن وهاريس، قائلاً إن "المخاوف الإنسانية كانت على رأس أولوياتهما منذ البداية".
وأضاف: "لم يكن هناك أحد بحاجة إلى أن يتم إقناعه بذلك، فقد كان هذا هو الرأي المتفق عليه ويظل كذلك، من الرئيس إلى كل مسؤولي الإدارة، فالرئيس ونائبته كانا متسقين في كلامهما العلني والخاص بشأن أولويات سياستنا".
دور حدود
وعلى الرغم من إصرار الإدارة على عدم وجود خلافات، فإن التصور بأن هاريس اتجهت نحو تبني موقف أكثر انتقاداً لإسرائيل من موقف بايدن، بات يتردد في أوساط الجماعات الديمقراطية والمنظمات المنخرطة بعمق في الجدل الدائر بشأن تل أبيب وسلوكها في غزة، حسب المجلة.
ونقلت "بوليتيكو" عن مسؤول ديمقراطي مؤيد لإسرائيل ومقرب من هاريس قوله: "كانت هناك ردة فعل عكسية بين بعض المؤيدين لتل أبيب بشأن تعليقات نائبة الرئيس الأخيرة"، مضيفاً: "لكن سجل الإدارة المتمثل في إرسال الأسلحة إلى إسرائيل، وطلب المزيد من المساعدة من الكونجرس كان أكثر أهمية من أي تغير في خطاب كبار المسؤولين".
واعتبرت المجلة أن هاريس لعبت دوراً خارجياً محدوداً في دبلوماسية الإدارة الأميركية بشأن الحرب، ولكنها، كما هو الحال في معظم القضايا، كانت شريكة وثيقة لبايدن وراء الكواليس، إذ انضمت إليه في 14 مكالمة هاتفية مع نتنياهو، بحسب مكتبها، بالإضافة إلى المكالمات التي أجراها الرئيس الأميركي مع قادة السلطة الفلسطينية، وقطر، ومصر.
وكانت نائبة الرئيس الأميركي أشارت إلى أن محادثاتها مع بعض الأصدقاء أثرت في تفكيرها بشأن الحرب، حيث قالت للصحافيين، في لندن، الشهر الماضي، إن لديها صديقاً فقد أقاربه في غزة بسبب الحرب.
وفقاً لمكتبها، حرصت هاريس على التحدث مع أفراد المجتمعين الإسرائيلي والفلسطيني، بما في ذلك أولئك الذين فقدوا أفراداً من عائلاتهم في غزة، كما تحدثت مؤخراً مع عائلات محتجزتين أميركيتين تم إطلاق سراحهما من قبل "حماس" خلال الهدنة المؤقتة الأخيرة.
ونال نهج هاريس استحسان قطاعات معينة من الناخبين الذين استاءوا من رد فعل بايدن، بسبب دفاعه عن الرد الإسرائيلي على هجوم "حماس"، وقال قادة المجتمع الأميركي المسلم وذوي الأصول العربية إنهم كانوا سعداء لرؤية تصريحات نائبة الرئيس في دبي، على الرغم من أنهم يرغبون فيما هو أكثر من مجرد كلمات في هذه المرحلة.