الشيخ نواف الأحمد.. الكويت تودع أمير المصالحات

time reading iconدقائق القراءة - 8
أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح في الكويت. 10 ديسمبر 2021 - AFP
أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح في الكويت. 10 ديسمبر 2021 - AFP
دبي-خلف الدواي

توفي أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، السبت، عن عمر 86 عاماً، وفق ما أعلن الديوان الأميري، بعد عهد دام ثلاث سنوات.

واتسم عهد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح بالمصالحة عنواناً لإنجازات خارجية وداخلية، بدأت باستكماله وساطة أخيه الراحل الشيخ صباح الأحمد في الأزمة الخليجية، وختمها بمصالحة وطنية كويتية إثر تشنج سياسي شلّ عمل مجلس الأمة الكويتي.

والشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح هو الحاكم السادس عشر للكويت، والابن السادس لحاكم الكويت العاشر الشيخ أحمد الجابر، وثالث أبنائه الذين تسلموا مقاليد الحكم في الكويت إلى جانب الأميرين الراحلين جابر الأحمد وصباح الأحمد.

بدأ أمير الكويت الراحل الشيخ نواف الأحمد الصباح مسيرته في العمل الحكومي منذ السنة الأولى لاستقلال الكويت، فعينه أميرها آنذاك الشيخ عبدالله السالم الصباح في فبراير من العام 1961 محافظاً لمحافظة حولي، وهي إحدى أقدم مناطق الكويت وأكبر محافظاتها، ثم تولى مناصب وزارية قبل أن يتولى مقاليد الحكم بالبلاد في 29 سبتمبر 2020.

عاش الشيخ نواف الأحمد، وتربى منذ ولادته عام 1937، في قصر دسمان، وهو قصر الحكم لوالده الشيخ أحمد الجابر.

تولى عدة وزارات، منها وزارات سيادية كوزارة الداخلية التي استمر وزيراً لها منذ العام 1978 حتى العام 1988، وهي فترة شهدت تعرض الكويت لعدد من العمليات الإرهابية، من أبرزها محاولة اغتيال فاشلة للأمير الأسبق الشيخ جابر الأحمد عام 1985، وتفجيرات طالت سفارات أجنبية ومرافق ترفيهية في الكويت، وخطف طائرتي كاظمة والجابرية، التابعتين للخطوط الجوية الكويتية.

في العام 1988، عين الشيخ نواف الأحمد وزيراً للدفاع إلى ما بعد تحرير الكويت، ثم أسندت إليه في العام 1991 وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل المعنية بكثير من الشؤون الاجتماعية في وقت بدا لتلك الوزارة أهمية أكبر في معالجة الآثار الاجتماعية للغزو العراقي.

وفي العام 1992، تنحى الشيخ نواف الأحمد عن العمل الحكومي، غير أن القيادة الكويتية رأت الاستعانة به في العام 1994 كنائب لرئيس الحرس الوطني، وهي إحدى أهم المؤسسات العسكرية في الكويت.

رجل الوساطات

في أول حكومة شكلها الراحل الشيخ صباح الأحمد كرئيس للوزراء عام 2003 أسند إلى الشيخ نواف الأحمد مهمة النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزيراً للداخلية، وهو المنصب الذي استمر بتوليه حتى تمت تزكيته ولياً للعهد في فبراير من عام 2006، حين اختاره أخوه الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد ولياً لعهده، فأجمعت عليه الأسرة الحاكمة، ووافق مجلس الأمة بإجماع أعضائه على تعيينه ولياً للعهد.

ويقضي الدستور الكويتي بأن يرشّح الأمير ولياً للعهد خلال مدة لا تتجاوز سنة من توليه مسند الإمارة، ويعرض اسمه على مجلس الأمة، فيصبح ولياً للعهد بموافقة المجلس بأغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم.

عرف عن أمير الكويت الراحل الشيخ نواف الأحمد قربه من الجميع وأريحيته وبساطته في التعامل، ما جعله خلال عمله الوزاري محور تهدئة للتوترات المتكررة في العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

يصف الكويتيون أميرهم الشيخ نواف الأحمد بتواضعه، وهو ما وثقوه على وسائل التواصل الاجتماعي للقاءاتهم به غالباً في المساجد، حيث كان يحرص على أداء الصلاة في مسجد الحي السكني الذي يقطنه متجرداً من مظاهر الحكم حتى في ملابسه، إذ يحضر إلى المسجد دون عباءة، ويقود سيارته بنفسه دون حراسة.

قمة العلا

وبدأ أمير الكويت السابق الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح عهد حكمه، الذي دام 3 سنوات وشهرين، باستكمال وساطة أخيه الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد في الأزمة الخليجية، وقام بأول زيارة خارجية له إلى المملكة العربية السعودية لحضور قمة العلا الخليجية التي عقدت في 5 يناير 2021 برئاسة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في محافظ العلا السعودية، وشهدت المصالحة الخليجية.

وتلقى الشيخ نواف الأحمد شكر وإشادة الإدارة الأميركية لموافقته على إسهام الكويت في عمليات إجلاء الأميركيين ورعايا جنسيات أخرى من أفغانستان في أعقاب سيطرة حركة طالبان على البلاد، وإسقاط الحكومة السابقة بعد بدء انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان.

الحوار الوطني

وعلى الصعيد المحلي، دعا الشيخ نواف الأحمد في سبتمبر 2021 إلى حوار وطني بين السلطتين التشريعية والتنفيذية برعايته، وذلك على إثر تأزم في العلاقة بينهما؛ بسبب مواقف لنواب المعارضة حالت دون انعقاد جلسات مجلس الأمة (البرلمان) العادية.

ونتج عن جلسات الحوار الوطني، التي حضرها ممثلون من الديوان الأميري، إصدار الأمير الشيخ نواف الأحمد مرسومين بالعفو عن مدانين ببعض القضايا تمثلت في قضيتي اقتحام مجلس الأمة التي صدرت فيها أحكام نهائية بالسجن ضد عدد من النواب وآخرين أدينوا باقتحام مبنى البرلمان خلال مظاهرة في 2011، فغادر عدد منهم البلاد إثر صدور الأحكام النهائية في 2017.

كما شمل العفو من أدينوا بالتستر على أعضاء في خلية ضبطت عام 2015 تحوز كميات من الأسلحة، وأدانهم القضاء بحيازة كميات كبيرة من الأسلحة بالتخابر مع حزب الله اللبناني وإيران للقيام بأعمال عدائية ضد الكويت، والتي عرفت بقضية خلية العبدلي نسبة للمنطقة التي خزنوا فيها الأسلحة، وتضمن العفو أيضاً تخفيض أحكام المدانين في القضية.

واستمر العفو عنواناً لعهد أمير الكويت الراحل الشيخ نواف الأحمد الصباح حتى آخر أيامه حيث صدر عنه في آخر نوفمبر الجاري عفواً أميرياً شمل محكومين بقضايا مختلفة بينها قضايا سياسية من مغردين نواب برلمان سابقين غادروا الكويت على إثر صدور أحكام بالحبس بحقهم، كما استكمل العفو الأخير ملف قضية خلية العبدلي، التي تم بموجبه الإفراج عن رئيس الخلية، وهو مواطن كويتي وآخرين.

في عهد أمير الكويت الراحل شهدت الكويت ثلاث انتخابات لمجلس الأمة الكويتي (البرلمان) في ديسمبر 2020 ‘تلاها انتخابات أكتوبر 2022 وهي انتخابات قضت المحكمة الدستورية ببطلانها لاحقا ليدعو الأمير إلى انتخابات جديدة في يونيو 2023.

واتسمت الحياة البرلمانية في عهد الشيخ نواف الأحمد بالهدوء سيما في الدورة الأخيرة (يونيو 2023) حيث تسلم نجله الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح رئاسة مجلس الوزراء فيما تسلم رئاسة مجلس الأمة النائب أحمد السعدون، وأعلن الرئيسان من خلال لجنة للأولويات عن خطة عمل لمجلس الأمة لإنجاز التشريعات اللازمة لتحريك عجلة التنمية في البلاد.

تصنيفات

قصص قد تهمك