توعد المرشد الإيراني علي خامنئي بـ"رد قاس" ضد من قاموا بـ"الهجوم الإرهابي" الذي هز كرمان، الأربعاء، فيما وصف رئيس البلاد إبراهيم رئيسي الحادث بأنه "جريمة ضد إيران وأعمال إرهابية، وابتزاز"، متهماً إسرائيل بالوقوف وراءه، فيما أدانت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي الحادثة، منددة بـ"عمل إرهابي"، وقال مسؤول أميركي إن التفجيرات تشبه هجمات تنظيم "داعش".
وقال خامنئي، في بيان، إن "منفذي جريمة كرمان سينالون عقابهم... على هؤلاء أن يعلموا أن هذه المأساة سيعقبها رد حاسم".
ونقلت قناة "العالم" الإيرانية عن رئيسي اتهامه لإسرائيل ضمناً بالمسؤولية عن الهجوم، حيث قال: "نحذّر الكيان الصهيوني بأنه سيدفع ثمن جريمة كرمان غالياً بما يدفعه للندم"، معتبراً ان ما حصل عمل "جبان" و"مشين"، وأن السلطات "ستلاحق المنفذين وتحديد هويتهم".
وكرر وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي الاتهام ضمناً، قائلاً إن "الأعداء لم يتحملوا الصفعة التي تلقوها من محور المقاومة، وقاموا بالانتقام من النساء والأطفال... الآن كل شيء تحت السيطرة، ويجب ألا يقلق الناس، وقواتنا الأمنية في حالة التأهب"، في إشارة إلى الحرب في غزة.
وأودى انفجاران بحياة 103 أشخاص على الأقل، وأصيب العشرات قرب مقبرة، أثناء إحياء ذكرى قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري قاسم سليماني، الذي اغتيل في بغداد عام 2020 بهجوم بطائرة مسيّرة أميركية، وأعلنت طهران الحداد الرسمي على الضحايا، الخميس.
وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية أن رئيسي ألغى زيارته التي كانت مقررة إلى تركيا، الخميس، بعد هجومي مدينة كرمان، موضحةً أنها "الزيارة ستجرى في وقت مناسب".
واشنطن: لا علاقة لنا بالانفجارات
من ناحيتها، قالت وزارة الخارجية الأميركية، إن الولايات المتحدة ليست ضالعة بأي شكل في انفجارات إيران، ولا سبب للاعتقاد بضلوع إسرائيل فيها. واعتبرت أن تحميل طهران، واشنطن أو تل أبيب مسؤولية التفجيرين أمر "سخيف".
ويأتي الانفجاران في خضم توتر إقليمي متصاعد على خلفية الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس" الفلسطينية في قطاع غزة.
وقال مسؤول أميركي إنّ التفجيرين يبدوان هجومين إرهابيين من أمثال تلك التي يشنّها في العادة تنظيم "داعش".
وذكر مسؤول كبير في الإدارة الأميركية للصحافيين طالباً عدم نشر اسمه أنّ "الأمر يبدو وكأنّه هجوم إرهابي من أمثال تلك التي شنّها في الماضي تنظيم داعش، وهذا هو افتراضنا في الوقت الحالي".
تنديد دولي
وعلى الصعيد الدولي، قال الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إن أنطونيو جوتيريش "يدين بشدة" الانفجارين اللذين وقعا في جنوب إيران.
بدوره، ندد الاتحاد الأوروبي بما اعتبره "عملاً إرهابياً" بعد التفجيرين اللذين شهدهما جنوب إيران، مشيراً إلى أن التكتل الأوروبي يبدي تضامنه مع الشعب الإيراني"، مندداً بـ"عدد صادم" من الضحايا المدنيين. وأكد "وجوب محاسبة" المسؤولين عن هذا الاعتداء.
كما ندد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالانفجارين "الصادمين بوحشيتهما"، مؤكداً إدانة روسيا للإرهاب بجميع أشكاله، مشدداً على "التزامها بمحاربة هذا الشر بلا هوادة".
وأدانت وزارة الخارجية السعودية التفجيرين، مؤكدةً رفضها "وإدانتها للتفجيرات الإرهابية التي استهدفت المدنيين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية".
ولم تقدم السلطات الإيرانية بعد تفاصيل بشأن التفجيرين. إلا أن وكالة "تسنيم" نقلت عن مصادر مطلعة لم تسمّها، قولها إن "حقيبتين تحملان متفجرات انفجرتا" على الطريق المؤدي إلى مقبرة سليماني.
ونقلت وكالة "إيسنا" عن محافظ كرمان سعيد تبريزي قوله إن الانفجارين وقعا بفارق عشر دقائق فقط.
الذكرى الرابعة
وحظي القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بمكانة رفيعة لدى العديد من الإيرانيين، وشارك الملايين منهم في تشييعه مطلع العام 2020 خلال مراسم تنقلت بين محافظات عدة، وصولاً إلى كرمان.
وأثار اغتيال سليماني بأمر مباشر من الرئيس الأميركي في حينه دونالد ترمب، توتراً حاداً بين واشنطن وطهران التي ردّت على اغتياله بقصف صاروخي طال قاعدة عسكرية في غرب العراق يتواجد فيها جنود أميركيون.
وسبق لإيران أن شهدت حوادث وتفجيرات أدت إلى سقوط العشرات، تبنت غالبيتها تنظيمات انفصالية أو جماعات تصنّفها طهران "إرهابية".
ففي فبراير 2019، سقط 27 عنصراً من "الحرس الثوري" في تفجير استهدف حافلتهم في محافظة سيستان بلوشستان بجنوب شرقي البلاد عند الحدود مع أفغانستان وباكستان.
وفي سبتمبر 2018، أودى هجوم استهدف عرضاً عسكرياً في مدينة الأهواز بجنوب غرب إيران، بحياة 24 شخصاً على الأقل، اتهمت السلطات مجموعة مرتبطة بـ"انفصاليين" بالوقوف خلفه.
وفي ديسمبر 2010، تبنت مجموعة "جند الله" هجوماً أودى بحياة 34 شخصاً وأصاب عشرات.
وفي يوليو من العام نفسه، سقط 28 شخصاً على الأقل، وأصيب أكثر من 250 بجروح في اعتداء على مسجد في زاهدان مركز محافظة سيستان بلوشستان، أتى بعد أسابيع من إعدام زعيم "جند الله" عبد الملك ريجي شنقا.
وتبنت المجموعة في أكتوبر 2009 هجوماً أودى بـ42 شخصاً في مدينة بيشين قرب الحدود الباكستانية، استهدف اجتماعاً ضمّ ضباطاً في "الحرس الثوري" وزعماء محليين.