حذّر 17 من أعضاء حملة الرئيس الأميركي جو بايدن الانتخابية، في رسالة بلا توقيعات، من أن بايدن يمكن أن يخسر أصواتاً بسبب نهجه في التعامل مع الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، مطالبين إياه بـ"الدعوة علناً" إلى وقف الحرب المستمرة منذ أشهر.
وحث أعضاء حملة بايدن، الذين لم يكشفوا عن هوياتهم في الرسالة المنشورة على منصة "MEDIUM"، الرئيس الأميركي على الدعوة إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة.
وللتعبير عن اختلافهم معه بشأن نهجه إزاء الحرب، كتبوا في رسالتهم: "بصفتنا موظفون في فريقك، نعتقد أن الواجب الأخلاقي والانتخابي يُحتم عليك أن تدعو علناً إلى وقف العنف"، وأكدوا أن "التواطؤ في التسبب بموت أكثر من 20,000 فلسطيني، 8,200 منهم أطفال، لا يمكن تبريره ببساطة".
كما حض الموظفون الرئيس على إنهاء المساعدات العسكرية غير المشروطة لإسرائيل، ودعوا إلى وقف التصعيد في المنطقة، بما في ذلك العمل على إطلاق سراح الرهائن.
بحسب مجلة "بوليتيكو" الأميركية، تعد الرسالة أحدث مثال على الانقسامات الداخلية، ليس فقط داخل الحزب الديمقراطي الأميركي، لكن داخل إدارة بايدن نفسها، بشأن كيفية التعامل مع حرب غزة.
ومنذ الخريف، حثت موجة من رسائل الاحتجاج، غالباً ما تكتب دون أسماء، الرئيس الأميركي على دعم وقف إطلاق النار.
وفي نوفمبر، وقع 500 مسؤول سياسي وموظف من 40 وكالة حكومية رسالة واحدة مجهولة، بينما تضمنت رسالة أخرى أسماء أكثر من 500 عضو بحملة بايدن الرئاسية لعام 2020. كما أرسل متدربون في البيت الأبيض رسالة إلى الرئيس الأميركي، وأرسل موظفون في الكابيتول هيل رسائل مماثلة إلى رؤسائهم.
وأثار أنصار بايدن تساؤلات حول صحة هذه الأرقام، مشيرين إلى أن عدم الكشف عن هوياتهم يجعل من المستحيل تأكيدها.
وقال مسؤول في حملة بايدن إنهم لا يستطيعون التعليق على رسالة لم تتلقها الحملة بعد، لكنه أضاف: "عندما يتعلق الأمر بموقف الرئيس بايدن، فقد كان واضحا: إسرائيل لديها الحق والالتزام بالدفاع عن شعبها بعد هجوم 7 أكتوبر الإرهابي".
وأضاف: "إنه يعرف أيضاً أهمية كسب ثقة كل مجتمع، وهذا هو السبب في أنه يعمل عن كثب وبفخر مع قادة في المجتمعات اليهودية والإسلامية والفلسطينية في أميركا".
شعور بالمسؤولية الأخلاقية
وأكد خمسة من موظفي حملة بايدن صحة الرسالة لمجلة "بوليتيكو". وقال هؤلاء الموظفون، الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم؛ بسبب قلقهم من رد فعل عنيف، إنهم كانوا متحمسين لكتابة رسالتهم بدافع من "شعور بالمسؤولية الأخلاقية".
وأعربوا عن مخاوفهم من أن "موقف الرئيس، الذي كان يسعى للضغط على إسرائيل لتكون أكثر مراعاة للمخاوف الإنسانية، وأكثر حذراً في حملتها العسكرية، كل ذلك مع رفض وقف إطلاق النار، ربما يؤثر على موقفه مع الناخبين".
وشددوا على أنهم رغم اختلافهم مع نهج الرئيس، إلا أن معارضتهم تنبع من الشعور بـ"قسوة بدافع الحب"، على حد تعبير أحد الموظفين.
وقال موظف ثانٍ: "هذا ما دفعنا للقيام بذلك. هناك نوع من الانفصال في نوع الرجل الذي هو عليه، ونعتقد أن دعوته إلى وقف إطلاق النار ستضع الأمور في نصابها، وتظهر للعالم أي نوع من الرجال هو".
وقال موظف ثالث واصفاً الوضع: "نصل إلى نقطة اللاعودة هذه، إذ بينما نعمل على حض الناخبين على دعم الرئيس، يزداد الأمر صعوبة في التصويت لصالحه عندما يشعرون بخيبة أمل كبيرة بسبب تعامله مع هذا الصراع".
ولفتت المجلة إلى أن محاولات كتابة رسائل سابقة من قبل مساعدين مجهولين واجهت انتقادات من نشطاء الحزب، الذين يقولون إن وظيفة العمل لدى سياسي تعني دعم مواقفه، حتى عندما تختلف معه.
وأشار الموظفون إلى أن الاعتقاد بأن المساعدين سيوافقون على كل موقف يتخذه السياسي، لا يستند إلى الواقع؛ كما أنها ليست الطريقة التي تعمل بها السياسة.
لكن من الواضح أن تعامل بايدن مع الصراع أحبط العديد من الناخبين، الذين يحتاج إلى أصواتهم للفوز بإعادة انتخابه. ووفقاً لاستطلاع أجرته شبكة "CBS NEWS" بالتعاون مع شركة "YouGov" لاستطلاعات الرأي في ديسمبر الماضي، لا يوافق 61% من الأميركيين على نهج بايدن.
"ليس كافياً أن تكون بديلاً لترمب"
وكتب الموظفون في رسالتهم، أنهم رأوا "متطوعين يستقيلون بأعداد كبيرة"، مؤكدين أنه: "ليس كافياً أن تكون مجرد بديل لدونالد ترمب. الحملة ينبغي أن تغير المشاعر في أعماق الناخبين، وهو نفس الشعور الذي يثقل كاهلنا كل يوم بينما نكافح من أجل إعادة انتخابك. والطريقة الوحيدة للقيام بذلك هي الدعوة إلى وقف إطلاق النار".
وأشار الموظفون إلى أنهم ما زالوا متفائلين بأن بايدن يمكنه تعديل نهجه في الصراع. بينما قال الموظف الثالث: "نأمل جميعاً أن يكون لدى الشخص الذي نعمل لديه، والشخص الذي انضممنا إليه في الحملة الوقت لتغيير المسار".
ولفت بعض الموظفين إلى أن كلمات رئيسهم بشكل جزئي هي ما دفعهم إلى اتخاذ إجراء، وأشار ثلاثة أشخاص إلى خطاب ألقاه بايدن عام 2021 عند تدشين مركز لحقوق الإنسان في جامعة "كونيتيكت"، بحجة أن التزام الصمت وسط انتهاكات حقوق الإنسان يجعلك "متواطئاً".
وأوضح الموظف الأول أن "هذه الكلمات هي التي ألهمتنا. هذه الكلمات هي ما جعلتنا نكتب رسالة، وهي سبب اعتقادنا بأن هذه الرسائل لها قوة ولها وزن".
وتأتي تلك الرسالة بعد نحو 3 أشهر من الهجوم المباغت، الذي شنه مقاتلو "حماس" في 7 أكتوبر الماضي، عبر الحدود على جنوب إسرائيل، الذي تقول تل أبيب إنه أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، واحتجاز 240 آخرين ونقلهم إلى غزة، ما أشعل فتيل الحرب المدمرة التي تشنها على قطاع غزة.