من دعم مطلق إلى تحذير ثم التنديد أحياناً.. تحولات الخطاب الأوروبي تجاه إسرائيل في حرب غزة

time reading iconدقائق القراءة - 8
جنود إسرائيليون على حدود قطاع غزة الذي دمرته الغارات الجوية والقصف المدفعي المتواصل. 1 يناير 2024 - AFP
جنود إسرائيليون على حدود قطاع غزة الذي دمرته الغارات الجوية والقصف المدفعي المتواصل. 1 يناير 2024 - AFP
دبي -عبد السلام الشامخ

مع دخول الحرب على غزة شهرها الرابع، وتزايد الإدانة الدولية للحملة العسكرية الإسرائيلية على القطاع، والتي قتلت ما يزيد على 22 ألف فلسطيني، بدأت عدد من الأصوات الأوروبية تسير في اتجاه تبني مواقف مغايرة تجاه إسرائيل، إذ ما فتئت تعدّل موقفها بشأن سياسة الحرب التي تنتهجها إسرائيل، بعدما كانت في السابق تتمتع بـ"تفويض مطلق"، وتأييد غالبية الدول الغربية، من منطق "الدفاع عن النفس".

وفي أكتوبر الماضي، امتنعت العديد من الدول الأوروبية، بما فيها ألمانيا وإيطاليا وبريطانيا وهولندا، عن التصويت على قرار الجمعية العمومية بشأن الهدنة في قطاع غزة وإدخال المساعدات، لكن مع تزايد سقوط الضحايا المدنيين واستمرار تل أبيب في الحديث عن مستقبل قطاع غزة دون إشراك الفلسطينيين وتأييد خطة التهجير، عدّلت العواصم الأوروبية مواقفها من الحرب.

وقدمت الدول الأوروبية، دعماً قوياً لإسرائيل منذ اندلاع حربها على قطاع غزة، لكنها باتت حريصة اليوم على الحصول على بعض التنازلات من القيادة الإسرائيلية لحماية المدنيين وضمان عدم طردهم من غزة، إذ شددت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا على أنه "ليس من حق إسرائيل تحديد مستقبل قطاع غزة"، منتقدة الدعوات المنادية بتهجير سكان القطاع، ووصفتها بأنها "غير مسؤولة".

بينما اتخذت دول أوروبية أخرى مثل إسبانيا، مواقف واضحة ومباشرة بشأن الحرب الإسرائيلية على غزة، إذ تعهد رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، بأن تعمل حكومته من أجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ودعا إلى وضع حدّ لـ"القتل الأعمى للفلسطينيين" في غزة، كما طالب بـ"وقف فوري لإطلاق النار من جانب إسرائيل في غزة، والالتزام الصارم بالقانون الدولي الإنساني، الذي لا يتم احترامه الآن بشكل واضح".

وتمثل تصريحات وزيرة الخارجية الفرنسية، بشأن تهجير السكان ومستقبل غزة، الأولى من نوعها منذ بداية الحرب الإسرائيلية على القطاع، إذ رفضت ممثلة الدبلوماسية الفرنسية بشكل صريح، دعوات إعادة توطنين سكان غزة خارج القطاع، كما رفضت استفراد إسرائيل بصياغة خطة ما بعد الحرب.

وكان وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن جفير، جدد الثلاثاء، دعوته إلى "تهجير" الفلسطينيين من قطاع غزة.

وكتب بن جفير، عبر منصة "إكس"، "الولايات المتحدة هي أفضل أصدقائنا، لكننا سنقوم قبل كل شيء بما هو لصالح دولة إسرائيل: هجرة مئات الآلاف من غزة ستسمح للسكان في الغلاف بالعودة إلى منازلهم والعيش بأمان.

كما قال في وقت سابق للصحافيين، إنه يتعين على إسرائيل "التركيز على تشجيع هجرة سكان غزة"، مضيفاً أن إسرائيل "ستسيطر بشكل دائم" على قطاع غزة.

وبنفس الخطاب، تحدث وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، إذ قال إن إسرائيل يجب ألا تقبل بوضع يعيش فيه مليونا فلسطيني في قطاع غزة، داعياً إلى تهجيرهم خارج القطاع وبناء مستوطنات إسرائيلية جديدة، وفقاً لما نقلته عنه إذاعة الجيش الإسرائيلي.

تنديد أوروبي 

ونددت دول الاتحاد الأوروبي، بدعوات الوزيرين الإسرائيليين. 

وأدان الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، جوزيب بوريل، الأربعاء، على منصة "إكس"، بهذه التصريحات "التحريضية وغير المسؤولة" وفق تعبيره.

وأضاف بوريل أن "التهجير القسري محظور بشكل صارم باعتباره انتهاكاً خطيرا للقانون الإنساني الدولي".

ويشكل الموقف المتشدد للوزراء اليمينيين المتطرفين مشكلة كبيرة بالنسبة للاتحاد الأوروبي، الذي يهدف إلى قيادة الجهود الدولية لإيجاد حل سلمي طويل الأمد للصراع، وفق شبكة "يورونيوز".

وقال جوزيب بوريل،  إن الحل الدولي "المفروض من الخارج" هو السبيل الوحيد القابل للتطبيق للتوصل إلى حل سلمي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، مضيفاً: "لا يمكن التفكير في الاحتلال الإسرائيلي لغزة".

كما رفضت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، التي دافعت باستمرار عن حق إسرائيل في الدفاع عن النفس منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، (رفضت) التهجير القسري للفلسطينيين أو الوجود الأمني الإسرائيلي في غزة.

وفي نفس السياق، أكدت وزيرة الخارجية الفرنسية في حديثها مع شبكة CNN، الجمعة، أن قطاع غزة "أرض فلسطينية"، وشددت على ضرورة العودة إلى مبادئ القانون الدولي واحترامها.

واعتبرت الوزيرة أن الدعوات المنادية بإعادة توطنين سكان غزة خارج القطاع "تبعدنا عن الحل"، لافتة إلى أن "قطاع غزة والضفة الغربية يجب أن يكونا معاً جزءاً من الدولة الفلسطينية المستقبلية".

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قال في بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، إن فرنسا "ملتزمة بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، قبل أن يغيّر موقفه نتيجة لارتفاع عدد الضحايا المدنيين.

وكتب ماكرون على منصة "إكس": "في غزة، يجب التمييز بين حماس والسكان المدنيين"، مضيفاً: "هناك حاجة إلى هدنة إنسانية لحماية الفئات الأكثر ضعفاً، والسماح باتخاذ إجراءات أفضل ضد الإرهابيين" وفق تعبيره.

تحذير ألماني

وفي نفس الاتجاه سارت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، التي حذرت من احتلال قطاع غزة وطرد الفلسطينيين وتقليص حجم القطاع بعد انتهاء الحرب، ودعت إلى المزيد من الهدن الإنسانية، كما حذّرت أيضاً من خطر اتساع نطاق الصراع في المنطقة.

وفيما أكدت على أن وجود إسرائيل وحمايتها لا يمكن التشكيك فيه، دعت وزيرة الخارجية الألمانية إلى المزيد من الهدن الإنسانية في الصراع مضيفة أنه يجب ألا يكون هناك احتلال للمنطقة بعد ذلك.

وفي حديثها للصحافيين إلى جانب نظيرها من لوكسمبورج، كزافييه بيتل، حذرت بيربوك أيضاً من خطر اتساع نطاق الصراع في المنطقة، مشددة على أنه "يجب على إسرائيل أن تفعل المزيد من أجل حماية السكان المدنيين" في حربها على غزة، وذلك قبل رحلتها إلى الشرق الأوسط.

كما قالت إنه "لا يمكن تحقيق السلام دون آفاق الحياة بكرامة، وإذا أصبحت غزة غير صالحة للعيش بعد الحرب".

وفي بيان على منصة "إكس"، قالت الخارجية الهولندية، الخميس، إن أمستردام "ترفض أي دعوات لتهجير الفلسطينيين من غزة أو تقليص الأراضي الفلسطينية"، مضيفة أن مقترحات الوزراء الإسرائيليين "لا تتناسب مع حل الدولتين في المستقبل"، داعية إلى إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل".

عقوبات أوروبية على المستوطنين

ويدرس الاتحاد الأوروبي، خططاً لفرض عقوبات على المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين في الضفة الغربية المحتلة.

وأظهرت الوثائق التي اطلعت عليها "يورونيوز" في ديسمبر الماضي، أن الكتلة الأوروبية يمكن أن تصدر عقوبات مثل حظر التأشيرات ضد المستوطنين الإسرائيليين المسؤولين عن مثل هذا الهجوم. وقد أصدرت الولايات المتحدة وبريطانيا مثل هذه التدابير في ديسمبر الماضي.

وأدان الاتحاد الأوروبي مراراً وتكراراً، هجمات المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، لكنه تجنب فرض عقوبات.

تصنيفات

قصص قد تهمك