عادت قضية رجل الأعمال الأميركي جيفري إبستين، الذي انتحر داخل سجنه في أغسطس 2019 قبل محاكمته بجرائم جنسية، إلى الواجهة من جديد، بعدما أفرجت السلطات القضائية عن مئات الوثائق السّرية، التي تضم أسماء عشرات الشخصيات، كانوا إما شركاء أو أصدقاء أو ضحايا لإبستين، علماً أن العديد من الأسماء التي ذُكِرت في الوثائق لا علاقة لها بالجرائم الجنسية.
والجمعة، جرى الإفراج عن الحزمة الثالثة من الوثائق المرتبطة بإبستين، والتي تعد جزءاً من الإجراءات القانونية، وتكشف المزيد من الأسماء والتفاصيل لأشخاص مرتبطين به بطرق متنوعة، ولم يُتهم معظمهم بارتكاب أي مخالفات.
وأثير اسم جيفري إبستين لأول مرة عام 2005، بعدما فتح تحقيق في بالم بيتش بولاية فلوريدا، إثر اتهامه بدفع أموال لفتاة تبلغ من العمر 14 عاماً مقابل الجنس. وجرى اعتقاله عام 2006، وكان حينها ممولاً ثرياً ومشهوراً بعلاقاته الواسعة مع المشاهير والسياسيين والمليارديرات والنجوم الأكاديميين.
وخلال استجواب الشرطة، قالت الفتاة القاصر إن سيدة تدعى جيلاين ماكسويل، وهي صديقة إبستين، التقتها واعتدت عليها، ثم عرضتها على جيفري إبستين. وروت الفتاة خلال محاكمة لاحقة في عام 2019 أنها تعرفت على جيفري خلال عام 2005 عندما كانت قاصراً، واصطحبها إلى منزل فخم كبير، وهناك اعتدى عليها أيضاً، وفق مجلة "تاون آند كونتري" الأميركية.
وبعد تفجّر الفضيحة، بدأت الادعاءات حول سلوك إبستين الجنسي مع فتيات قاصرات في الظهور عام 2006. وبينما كانت الاتهامات تتعلق بحوالي 40 فتاة قاصراً، وافق أليكس أكوستا، المدعي العام في ميامي آنذاك، على صفقة مع إبستين، في عام 2007، وفق وكالة "أسوشيتيد برس" الأميركية.
أقر إبستين حينها بأنه مذنب في تهم الدعارة، وليس جرائم فيدرالية أكثر خطورة. وحكم عليه بالسجن 13 شهراً، وكان مطلوباً منه قبول تصنيفه كمرتكب جرائم جنسية.
وتخلى بعض المعارف المشهورين عن إبستين بعد إدانته، ومن بينهم الرئيسان السابقان بيل كلينتون ودونالد ترمب، لكن الكثيرين حافظوا على صداقته، واستمر إبستين في الاختلاط مع الأثرياء والمشاهير حتى عام 2019 عندما جددت تقارير صحيفة "ميامي هيرالد" الاهتمام بفضائح إبستين الجنسية، واتهم المدعون الفيدراليون في نيويورك إبستين بالاتجار في البشر والدعارة، لكنه وُجِد منتحراً في السجن قبيل انطلاق محاكمته.
وقام المدعي العام الأميركي في مانهاتن بمقاضاة صديقة إبستين السابقة، جيلاين ماكسويل، لمساعدته على تجنيد ضحاياه القاصرين. وقد أُدينت في عام 2021، وتقضي عقوبة السجن لمدة 20 عاماً.
وكتب ممثلو الادعاء أن إبستين، سعى إلى البحث عن قاصرين، وكان على علم أن العديد من ضحاياه كانوا تحت سن 18 عاماً، لأنه "في بعض الحالات، أخبره الضحايا القاصرون صراحةً بأعمارهم".
وكتب ممثلو الادّعاء في لائحة الاتهام: "علاوة على ذلك، ومن أجل الحفاظ على عدد الضحايا وزيادته، دفع إبستين أيضاً لبعض ضحاياه لتجنيد فتيات إضافيات ليتعرضن للإيذاء بالمثل، وبهذه الطريقة، أنشأ إبستين شبكة واسعة من الضحايا القاصرين ليستغلهم جنسياً في مواقع تشمل نيويورك وبالم بيتش".
من هو الملياردير جيفري إبستين؟
بدأ إبستين حياته المهنية في مدينة نيويورك كمدرس للرياضيات في مدرسة دالتون للنخبة، وفي السبعينيات توجه إلى العمل في بنك الاستثمار "بير ستيرنز" قبل أن يؤسس شركته الخاصة، "جيه إبستين وشركاه"، في عام 1982.
وتشير مجلة "تاون آند كانتري" الأميركية إلى أن إبستين استطاع أن يدخل نادي المليونيرات بسرعة قياسية، إذ كان يعيش داخل منزل مستقل ضخم، ويتبرع بمبالغ كبيرة لمجموعة واسعة من المؤسسات، فيما ظل مصدر أمواله غامضاً، وعندما توفي إبستين، كانت ثروته تبلغ 577 مليوناً و672 ألفاً و654 دولاراً، وفقاً لوصية موقعة قبل يومين فقط من وفاته في عام 2019.
في عام 2008، اعترف إبستين بالذنب في تهمة جناية التحريض على الدعارة مع قاصر، وحُكم عليه بالسجن لمدة 18 شهراً، قضى 13 شهراً، وحصل على إفراج مشروط، مما سمح له بالانتقال إلى مكتب خارج السجن 6 أيام في الأسبوع. كما تم تسجيله كمرتكب جريمة جنسية.
وخضعت صفقة الإقرار بالذنب لتدقيق متجدد في عام 2019، بعد أن نشرت الصحفية الاستقصائية في صحيفة "ميامي هيرالد"، جولي براون، سلسلة تحقيقات عن إبستين وضحاياه والشخصيات النافذة التي دافعت عن حصوله على حكم أكثر تساهلاً.
وأصبح من الصعب تتبع ثروة إبستين ومصدر أمواله بعد أن افتتح شركته الخاصة. لكن الأمر ذهب إلى أبعد من ذلك، إذ يمتلك إبستين عقارات في بالم بيتش، وقال المدعون إن رجل الأعمال يملك عقارات أخرى في ستانلي ونيو مكسيكو وباريس، إلى جانب جزيرة خاصة في جزر فيرجن الأميركية، وفق الصحيفة.
كما يملك قصراً في مدينة نيويورك تبلغ قيمته 77 مليون دولار، وهو أكبر منزل مستقل في مانهاتن، وفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز". فيما كان يدير أعماله التجارية من جزيرة سانت توماس في جزر فيرجن الأميركية لأسباب ضريبية.
وفي عام 2011، قال إبستين لصحيفة "نيويورك بوست" التي كانت تعد تحقيقاً عنه، إنه ليس "وحشاً مفترساً يبحث عن طرائد لإشباع رغبته الجنسية، أنا مجرد مذنب. والفرق بين الأمرين مثل الفرق بين جريمة قتل وسرقة كعكة".
وبعد عقد كامل من الزمن، ذهب إبستين إلى السجن بعد إعادة فتح التحقيق في القضية التي حوكم إثرها عام 2008، لكن التهمة الجديدة ليست استغلال قاصر بغرض الدعارة، بل تهريب بشر لأغراض الجنس، وهذه التهمة أبعد ما تكون عن جنحة "سرقة كعكة".
تفاصيل اعتقال إبستين
ألقي القبض على إبستين في مطار تيتربورو في نيوجيرسي في 6 يوليو 2019، بعد عودته إلى الولايات المتحدة قادماً من فرنسا. وقد اتهمه المدعون الفيدراليون بالاستغلال والاعتداء الجنسي على عشرات الفتيات القاصرات في منازله في مانهاتن، ونيويورك، وبالم بيتش، وفلوريدا، من بين مواقع أخرى".
كما أشارت لائحة الاتهام إلى أنه "من أجل الحفاظ على عدد الضحايا وزيادته، دفع إبستين أيضاً لبعض ضحاياه لتجنيد فتيات إضافيات يتعرضن للإيذاء بالمثل"، كما أكد الادعاء أنه اعتدى جنسياً على فتيات لا تتجاوز أعمارهن 14 عاماً.
كما قام المدعون الفيدراليون بتفتيش منزله في مدينة نيويورك بعد اعتقاله. بحسب صحيفة نيويورك تايمز، "أثناء تفتيش منزله، صادر المحققون صوراً لفتيات قاصرات عاريات".
ترمب وكلينتون.. شبكة علاقات "متشعبة"
ارتبط إبستين بعدد من السياسيين ورجال الأعمال بمن فيهم الرئيسان الأميركيان السابقان بيل كلينتون ودونالد ترمب، الذي قال لمجلة "نيويورك" عام 2002: "لقد عرفت جيف منذ 15 عاماً، إنه رجل رائع. إنه أمر ممتع للغاية أن أكون معه. ويقال إنه يحب النساء الجميلات بقدر ما أحب، والعديد منهن صغيرات في السن.. إنه يستمتع بحياته الاجتماعية".
وبعد أنباء اعتقاله، قال ترمب إنه نأى بنفسه عن إبستين في السنوات الأخيرة. مضيفاً: "لقد تشاجرت معه. لم أتحدث معه منذ 15 عاماً.. لم أكن من المعجبين به، هذا ما يمكنني قوله"، وفق صحيفة "نيويورك تايمز".
ويظهر اسم الرئيس السابق بيل كلينتون بشكل متكرر في وثائق إبستين. وأصدر كلينتون بياناً عاماً، أقر فيه بأنه استقل طائرة إبستين الخاصة، لكنه لم يكن على علم بنشاط إبستين الإجرامي، وفق مجلة "تاون آند كونتري".
وجاء في البيان الصادر عن المتحدث باسمه: "الرئيس كلينتون لا يعرف شيئاً عن الجرائم الفظيعة التي اعترف جيفري إبستين بارتكابها في فلوريدا قبل سنوات عدّة، أو تلك التي اتُهم بارتكابها مؤخراً في نيويورك".
وأشار البيان إلى أنه "في عامي 2002 و2003، قام الرئيس كلينتون بأربع رحلات على متن طائرة جيفري إبستين: واحدة إلى أوروبا، وواحدة إلى آسيا، واثنتان إلى إفريقيا، والتي تضمنت توقفات تتعلق بعمل مؤسسة كلينتون".
وذكرت الوثائق أيضاً اسم رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك، ومؤسس شركة "مايكروسوفت" بيل جيتس والذي اعترف بلقاء إبستين، وقال لـ"وول ستريت جورنال" إنه نادم على ذلك.
ما علاقة إبستين بالأمير أندرو؟
كان لإبستين أيضاً علاقات مقربة مع نجل الملكة إليزابيث الأمير البريطاني أندرو. إذ التقيا عام 1999، وكان مدى علاقتهما غير واضح إلى حد ما، ولكن تم رصد الرجلين، وهما يسيران معاً في سنترال بارك في أواخر عام 2010. وفي تلك المرحلة، كان إبستين بالفعل مُداناً بارتكاب جرائم جنسية، وفق مجلة "تاون آند كونتري" الأميركية.
وفي الأشهر التي تلت وفاة إبستين، أصدر قصر باكنجهام بياناً للأمير أندرو، انتقد فيه "جرائم" رجل الأعمال الأميركي.
وتحدث الأمير أندرو في مقابلة مع شبكة BBC البريطانية، بشأن كيف التقى إبستين لأول مرة (من خلال جيلاين ماكسويل)، كما أشار إلى الأوقات التي أقام فيها في عقارات إبستين المختلفة. ونفى الأمير أندرو أيضاً إجراء أي علاقة مع إحدى ضحايا إبستين، وهي فيرجينيا جيوفري.
وقال الأمير أندرو: "لا أتذكر أنني التقيت هذه السيدة على الإطلاق. لا شيء على الإطلاق".
إضافة إلى ذلك، اعترف الأمير أندرو بأنه كان "من الخطأ" زيارة إبستين في مدينة نيويورك عام 2010. لكن خلال تلك المحادثة، قال دوق يورك إنه لم يندم على صداقته مع إبستين، ولكنه لم يعرب صراحة عن تعاطفه مع صديقه السابق.
وبعد انتقادات خلفتها المقابلة، أعلن الأمير أندرو أنه سيتنحى عن مهامه "في المستقبل المنظور".
ستيفن هوكينج ضيف في جزيرة إبستين
ومن بين الشخصيات التي ذكرت أسماؤها، الممثل كيفن سبيسي والساحر ديفيد كوبرفيلد، والمغني الراحل مايكل جاكسون. كما ذكر نائب الرئيس الأميركي الأسبق آل جور.
وتضمنت الوثائق ادعاءات متكررة بأن هذه التجمعات لهؤلاء الرجال النافذين، ضمت شابات، بعضهن قاصرات، نظمها إبستين وشريكته ماكسويل.
على سبيل المثال، زعم البعض أن الوثائق تتضمن اتهامات ضد ستيفن هوكينج، الذي توفي في عام 2018. وظهر اسم عالم الفيزياء النظرية، مكتوباً على نحو خاطئ، في رسالة بريد إلكتروني عام 2015 أرسلها إبستين.
وذكرت صحيفة "تيليجراف" البريطانية، أن إبستين أبدى استعداده لتقديم المال لأصدقاء فيرجينيا جيوفري (التي رفعت دعوى الاعتداء الجنسي ضد إبستين)، إذا كان بإمكانهم "المساعدة على إثبات" أن ادعاءها ضد هوكينج (بالاعتداء الجنسي) كان كاذباً.
وظهرت صورة لهوكينج في جزيرة إبستين الخاصة في مارس 2006، والتي تم التقاطها قبل توجيه الاتهامات لرجل الأعمال الأميركي.
وحضر هوكينج حفل شواء في جزيرة "ليتل سانت جيمس"، حيث قام برحلة بحرية. وكان هوكينج واحداً من 21 عالماً حضروا مؤتمراً حول الجاذبية في مارس 2006 بتمويل من إبستين.
وتوفي هوكينج في عام 2018 عن عمر ناهز 76 عاماً، بعد أكثر من 4 عقود من تشخيص إصابته بالتصلب الجانبي الضموري.
وذكرت "أسوشييتد برس" أن وثائق المحكمة غير المختومة لا تحتوي على قائمة فعلية للمتهمين، بل تضم أسماء بعض ممن ظهروا في سجلات رحلات طائرة إبستين الخاصة، الملقبة بـ لوليتا إكسبرس"، والتي غالباً ما كان يستخدمها للسفر إلى منزله الخاص الواقع في جزيرة في منطقة البحر الكاريبي.
ما أبرز الأسماء في القائمة الجديدة؟
والجمعة، أفرجت المحكمة عن مستندات جديدة، أظهرت أسماء جديدة كانت على علاقة بإبستين، وشريكته ماكسويل.
وإحدى الوثائق التي نشرت، الجمعة، هي نسخة لفيديو مسجلة عام 2009، لتيجوان أليسي، المشرف على منزل إبستين في فلوريدا، وتضمنت أسماء عدد من الأشخاص المشهورين الذين قال إنهم زاروا المنزل، أو أقاموا هناك.
وشهد أليسي بأنه رأى "العديد من المشاهير"، بمن في ذلك الأمير البريطاني أندرو وزوجة أندرو السابقة، سارة فيرجسون. وقال إن الأمير أندرو "قضى أسابيع معنا، وكان ينام في غرفة الضيوف الرئيسية، ويحصل على جلسات تدليك يومية".
وقال أليسي إنه رأى أيضاً روبرت كينيدي جونيور في المنزل، لكنه لم يحدد متى. وكان كينيدي، الذي ينوي الترشح للانتخابات الرئاسية الأميركية كمستقل، قال في وقت سابق إنه سافر مرتين على متن طائرة إبستين. وكينيدي غير متهم بارتكاب مخالفات.
وأشارت الوثائق إلى مكالمات بين إبستين ورجل الأعمال ليزلي ويكسنر المؤسِّس والرئيس التنفيذي لـ"إل براندز" الشركة الأم لـ"فيكتوريا سيكريت".
وارتبط الرجلان بعلاقات تجارية ومالية، إلا أن ويكسنر دان تصرفات إبستين ونفى معرفته بها.
وجاء في السجلات مكالمة واحدة بين إبستين والمنتج السينمائي هارفي وينشتاين، المدان بالسجن 23 عاماً بتهمة "الاغتصاب والاعتداء الجنسي".
وتم الكشف يومي الأربعاء والخميس عن عشرات الوثائق، التي تتضمن أكثر من 100 شخص مرتبط بجيفري إبستين، بمن في ذلك شركاء وسياسيون ورجال أعمال.
ما الذي تظهره وثائق إبستين؟
وقالت القاضية الأميركية لوريتا بريسكا، التي قيّمت وثائق إبستين لتحديد ما يجب الكشف عنه، في أمرها الصادر في ديسمبر، إنها أمرت بنشر السجلات، لأن الكثير من المعلومات الموجودة فيها متاحة للعامة بالفعل.
وأُفْرج عن بعض السجلات، إما جزئياً أو كلياً، في قضايا أخرى أمام المحاكم.
من بين هؤلاء جان لوك برونيل، وكيل عارضات الأزياء الفرنسي المقرب من إبستين الذي انتحر في أحد سجون باريس في عام 2022، بينما كان يعرض للمحاكمة بتهم اغتصاب فتيات قاصرات. وكانت جيوفري من بين اللاتي اتهمن برونيل بالاعتداء الجنسي.
كما يحضر اسم كل من كلينتون وترمب في ملف المحكمة، ويرجع ذلك جزئياً إلى استجواب الضحية جيوفري من قبل محامي ماكسويل حول عدم الدقة في التقارير الصحافية حول الفترة التي قضتها مع إبستين.
ونقل تقرير أنها استقلت طائرة هليكوبتر مع كلينتون وغازلت ترمب. وقالت جيوفري إن أياً من هذه الأشياء لم يحدث بالفعل. ولم تتهم بالتالي الرئيسين السابقين بارتكاب مخالفات.
وقالت القاضية إنه يجب أن تظل بعض الأسماء محجوبة في الوثائق؛ لأنها ستحدد الأشخاص الذين تعرضوا للاعتداء الجنسي.
وأفادت وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية، أنه بالإضافة إلى الادعاءات غير الصحيحة بأن الوثائق تحدد أسماء متهمين مرتبطين بشبكة إبستين، فإن وسائل التواصل الاجتماعي مليئة بالمعلومات المغلوطة حول من ورد اسمه في السجلات وماذا يعني ذلك.
قبل صدور الوثائق، ادّعى مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي أن اسم مقدم البرامج التلفزيونية جيمي كيميل قد يظهر في إحدى الوثائق، مدفوعين بمزحة قالها لاعب وسط فريق "نيويورك جيتس" آرون رودجرز في برنامج "The Pat McAfee Show" على قناة ESPN.
قال كيميل في رد على "X"، إنه لم يقابل إبستين مطلقاً، وإن "كلمات رودجرز المتهورة تعرض عائلتي للخطر". ولم يظهر اسمه في الوثائق التي تم الكشف عنها حتى الآن.
وبعد أن بدأت الوثائق في الظهور، استغل مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي الأسماء التي ظهرت بشكل عابر، مشيرين إلى أنها دليل على ارتكاب مخالفات.
ما قصة جزيرة جيفري إبستين؟
تبلغ مساحة جزيرة جيفري إبستين، التي تسمى "ليتل سانت جيمس"، 72 فداناً، وتضم عدة فيلات، وتقع على بعد حوالي ميلين قبالة ساحل سانت توماس، وهي جزء من جزر فيرجن الأميركية في البحر الكاريبي. وكان لدى إبستين حصص في شركات مقرها جزر فيرجن، بما في ذلك شركة "هايبريون إير".
تم استخدام قارب يحمل الحروف LSJ لنقل الموظفين والإمدادات إلى جزيرة "ليتل سانت جيمس"، حسبما قال أحد موظفي الميناء لشبكة "سي بي إس نيوز" في عام 2020.
ورغم أن إبستين قدم تبرعات للمسؤولين الحكوميين والمدارس في جزر فيرجن، إلا أن البعض قال إنه "لا يتمتع بسمعة جيدة في المنطقة".
وقالت المدعية العامة لجزر فيرجن، دينيس جورج لـ"سي بي إس نيوز" في عام 2020، إنها لا "تعتقد أن المجتمع ينظر إليه بشكل إيجابي"، مشيرة إلى أنه "كان معروفاً بأنه مرتكب جريمة جنسية".
وأصبحت جورج مدعية عامة بعد وفاة إبستين، ورفع مكتبها دعوى قضائية ضد ممتلكاته، وحصل في النهاية على تسوية بقيمة 105 ملايين دولار لصالح جزر فيرجن الأميركية.
وقالت جورج إن الجزيرة "كانت مكاناً لإبستين لإخفاء نشاطه الإجرامي"، مشيرة إلى أنه بسبب ثروة إبستين وقوته، كان قادراً على إخفاء الكثير.
وأضافت المدعية العامة أن إبستين كان يسافر إلى جزيرة سانت توماس على متن طائرة خاصة، ومن هناك، يستخدم طائرتي هليكوبتر من شركة Hyperion Air "لنقل الشابات والفتيات القاصرات بين سانت توماس وليتل سانت جيمس".
جيوفري.. شخصية محورية
وتعد الوثائق التي تم الكشف عنها جزءاً من دعوى قضائية مرفوعة ضد صديقة إبستين، ماكسويل عام 2015 من قبل إحدى ضحايا إبستين، تدعى فيرجينيا جيوفري.
وجيوفري واحدة من عشرات النساء اللاتي رفعن دعوى قضائية ضد إبستين، قائلات إنه اعتدى عليهن في منازله في فلوريدا ونيويورك وجزر فيرجن الأميركية ونيو مكسيكو.
وقالت جيوفري إنها في الصيف الذي بلغت فيه الـ17 من عمرها، تم استدراجها بعيداً عن وظيفتها كمضيفة منتجع صحي في نادي ترمب مارالاجو لتصبح "مدلكة" لإبستين، وهي وظيفة تنطوي على أداء أفعال جنسية.
وزعمت جيوفري أيضاً أنها تعرضت لضغوط لممارسة الجنس مع رجال في منتجع إيبستين، بما في ذلك الأمير البريطاني أندرو، وحاكم نيو مكسيكو السابق بيل ريتشاردسون، والسيناتور الأميركي السابق جورج ميتشل، والملياردير جلين دوبين. وقال كل هؤلاء الرجال إن اتهاماتها ملفقة.
وسوت جيوفري دعوى قضائية ضد الأمير أندرو في عام 2022. وفي العام نفسه، سحبت جيوفري الاتهام الذي وجهته ضد محامي إبستين السابق آلان ديرشوفيتز، قائلة إنها "ربما ارتكبت خطأ" في تحديده على أنه مُسيء.
وسُويت أيضاً دعوى جيوفري ضد ماكسويل في عام 2017، وفي السنة نفسها حصلت صحيفة "ميامي هيرالد" على أوراق المحكمة التي قُدِّمَت في البداية تحت الختم، بما في ذلك نصوص المقابلات التي أجراها المحامون مع الشهود المحتملين.
وتم الكشف عن حوالي 2000 صفحة من قبل المحكمة في عام 2019. وتم إصدار وثائق إضافية في أعوام 2020 و2021 و2022.
وتحتوي الدفعة التي تم إصدارها حالياً على حوالي 250 سجلاً بأقسام تم حجبها، أو تم إغلاقها بالكامل بسبب مخاوف بشأن حقوق الخصوصية لضحايا إبستين وغيرهم من الأشخاص الذين ظهرت أسماؤهم خلال المعركة القانونية، ولكنهم لم يكونوا متواطئين في جرائمه.