تدرس الحكومة الألمانية تزويد إسرائيل بقذائف مدفعية دقيقة التوجيه، بعد أن وافقت المصالح الحكومية المعنية بمثل هذه العمليات، على الطلب الإسرائيلي وسط تكتم شديد، حسب ما أفادت صحيفة "دير شبيجل" الألمانية.
ووفقاً للمعلومات التي حصلت عليها "دير شبيجل"، فإن إسرائيل طلبت من ألمانيا في نوفمبر الموافقة على توفير 10 آلاف قذيفة مدفعية دقيقة التوجيه من عيار 120ملم، والتي تصنعها الشركة الألمانية Rheinmetall.
وقالت الصحيفة إن الجانبين اتفقا على التزام الصمت بشأن هذه العملية، على اعتبار أن تل أبيب لا تريد السماح "باستخلاص أي استنتاجات بشأن قدراتها العسكرية".
وفي الفترة ذاتها، قدمت إسرائيل طلباً مماثلاً للولايات المتحدة وشركائها الآخرين، ووافق الرئيس الأميركي جو بايدن على تسليم 14 ألف قذيفة مدفعية للدبابات بقيمة نحو 106 ملايين دولار في بداية ديسمبر، متجاوزاً الكونجرس.
وفي ذلك الوقت، جرى الحديث في واشنطن عن الصعوبات التي تواجهها إسرائيل لمواصلة الحرب التي تشنها على قطاع غزة.
وأعلن البنتاجون آنذاك أن البيع سيكون من مخزون الجيش الأميركي، وأضاف البنتاجون في بيان، أن "وزارة الخارجية استخدمت صلاحيات الطوارئ بموجب قانون مراقبة تصدير الأسلحة من أجل قذائف دبابات، للتسليم الفوري لإسرائيل".
وأشارت "دير شبيجل"، إلى أن العمل متواصل في الحكومة الألمانية، لتنفيذ الصفقة بعد الحصول على الموافقات الضرورية، حيث يتم النظر في استخدام مخزونات الجيش الألماني، بالنظر إلى أن الشركة المصنعة لا تستطيع تلبية الطلب على الفور، على أن تقوم الحكومة بإعادة ملء مستودعات الجيش من إنتاج المصنعين في فترة تتراوح بين ستة وثمانية أشهر.
"دعم بلا شروط، ولكن.."
وقالت "دير شبيجل" إن برلين وجدت نفسها في موقف لا تحسد عليه، إذ تحاول الموازنة بين إظهار دعمها اللا مشروط لإسرائيل من ناحية، ومن ناحية أخرى، ما تقول إنه "حق إسرائيل في الدفاع عن النفس"، والتحذير من أن إسرائيل يجب أن تلتزم بالقوانين الدولية، وأن تعمل بشكل أكبر على تجنب سقوط ضحايا من المدنيين والسماح بدخول المساعدات الإنسانية للسكان الذين يعانون في القطاع المحاصر.
وأعربت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك ونائب المستشار الألماني روبرت هابيك عن مخاوف في الأسابيع الأخيرة بشأن ما إذا كان سلوك إسرائيل في غزة مناسباً أم لا.
وقالت الوزيرة لصحافيين في ختام محادثات مع نظيرها الإسرائيلي يسرائيل كاتس والرئيس الإسرائيلي اسحق هرتسوج الأسبوع الماضي، "لا يمكن أن تستمر معاناة هذا العدد الكبير من الأشخاص. نحتاج إلى إدارة أقل حدة للعمليات".
وأضافت "يتضح يوماً بعد يوم أن الجيش الإسرائيلي ينبغي أن يبذل المزيد لحماية المدنيين في غزة. ويجب أن توجد سبل لمحاربة حماس من دون أن يعاني الكثير من الفلسطينيين"، على حد قولها.
وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من هذه "الانتقادات الحذرة"، فإن برلين "لا تريد أن تترك أي مجال للشك" في أنها تدعم إسرائيل بكل الوسائل الممكنة.
ويذكر أن ألمانيا رفضت الاتهامات التي وجهتها جنوب إفريقيا لإسرائيل أمام محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة، بارتكاب عملية "إبادة جماعية" ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، وحذّرت من "الاستغلال السياسي" للاتهامات، فيما أعلنت أنها ستتدخل "كطرف ثالث" أمام المحكمة.
وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبستريت، إن ألمانيا ستتدخل كطرف ثالث أمام محكمة العدل الدولية، بموجب مادة تسمح للدول بطلب توضيح بشأن استخدام اتفاقية متعددة الأطراف.
"الطلبات الإسرائيلية: أولوية"
وفي نوفمبر الماضي، نقلت "رويترز" عن مصدر بالحكومة الألمانية، قوله إن الموافقات الخاصة بتصدير الأسلحة الألمانية إلى إسرائيل ارتفعت عام 2023 نحو 10 مرات مقارنة بالعام الماضي، لتبلغ قيمتها نحو 323 مليون دولار حتى 2 نوفمبر 2023، ارتفاعاً من 32 مليون يورو فقط عام 2022.
وأشار المصدر إلى أن برلين أصبحت تتعامل مع طلبات تصدير الأسلحة من إسرائيل كأولوية، منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بعد الهجوم المباغت الذي نفذته حركة "حماس" في 7 أكتوبر 2023.
وعلى الرغم من الزيادة في صادرات الأسلحة إلى إسرائيل، فإنها تمثل حصة صغيرة من إجمالي صادرات ألمانيا من المعدات العسكرية والتي بلغت 8.76 مليار يورو خلال الشهور التسعة الأولى من عام 2023.