امتنع المئات من موظفي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، عن العمل، الثلاثاء، في حركة احتجاجية أطلقوا عليها "يوماً للحداد"، اعتراضاً على الطريقة التي تتعامل بها الإدارة الأميركية مع الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة.
والمنظمون هم مجموعة "فيدراليون متحدون من أجل السلام"، والتي تأسست نتيجة لـ"رغبة جماعية من قِبَل موظفين بمختلف وكالات الحكومة الأميركية للعمل من أجل التأثير على سياسة الإدارة الأميركية تجاه الشرق الأوسط والحرب التي تشنها إسرائيل ضد غزة"، حسبما قال أحد المشاركين لـ"الشرق".
ووصف هؤلاء أنفسهم بأنهم مجموعة متنوعة لأشخاص يتمتعون بسنوات كثيرة من الخبرة، في مجالات تتوزع بين السياسة الخارجية أو المحلية، ويقولون إن ليس باستطاعتهم البقاء صامتين في لحظة قد تكون هناك فيها فرصة لإحداث فرق.
ومنذ اندلاع الأزمة في الشرق الأوسط في السابع من أكتوبر الماضي، جرى تسجيل جملة من الحركات الاعتراضية داخل الإدارة الأميركية، لكن تأثيرها بقي محدوداً حتى الآن، ولم ترق إلى استقالات كبيرة.
لكن نشاط السادس عشر من يناير، هو الأكثر تنظيماً حتى الآن، ويهدف بحسب المشاركين، إلى دعوة الرئيس الأميركي وإدارته إلى دعم الدعوات لوقف فوري لإطلاق النار، والتوقف عن تقويض الجهود الدولية لمحاسبة إسرائيل، ودخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، واستمرار تسهيل إطلاق سراح المحتجزين والأسرى.
وفي حديث مع "الشرق"، كشف المشاركون أن حجم المشاركة تخطى توقعاتهم، وطال موظفين من 27 وكالة فيدرالية على مستوى الولايات المتحدة.
رسالة إلى الرئيس الأميركي
ولم يخْف المنظمون أن هناك تخوفاً من حصول انتقام، خاصة بعد تغريدة لرئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون عبر منصة "إكس" التي حذَّر فيها من إجراءات تأديبية ضد من يشارك في هذا التحرك، وذلك بعد نشر موقع "المونيتور" الإخباري قصة عن التحرك.
واعتبر المشاركون ما أسموه "ترهيباً" بالأمر المؤسف للغاية، مشيرين إلى أن ما يقومون به هو في حدود حقوقهم، ويهدف لإرسال رسالة إلى الرئيس الأميركي والمشرّعين بأن ما يحدث الآن، والمسار السياسي الذي اختارته الولايات المتحدة، يتعارض مع مصلحتها في الداخل والخارج، وأن السياسة التي تدعمها واشنطن مدمرة للغاية لسكان غزة وللفلسطينيين، ويجب أن تتغير.
ورداً على دعوات البعض لهم بالاستقالة بدلاً من الاعتراض على إدارة هم جزء منها، قال المشاركون إن الاستقالة ليست هدف من يختار الخدمة العامة، مضيفين أن ما يقومون به هو محاولة للتغيير من الداخل انطلاقاً من شعورهم بـ"المسؤولية والالتزام الأخلاقي والواجب الوطني تجاه بلدهم وضمائرهم".
وكان لافتاً ما كشفه هؤلاء عن دعوة مسؤول رفيع في إحدى الوكالات للمعترضين بالاستقالة، لكنهم شددوا بوضوح على أن هذا السلوك لا يعكس سياسة الإدارة بشكل عام ويتعارض معها، مشيرين إلى أن هناك عدداً من المسؤولين استمعوا لهم ولهواجسهم.
وفي حديث لقناة CNBC، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن التعبير هو جزء مهم من أي ديمقراطية، لكن على الموظفين القيام بمهامهم، وليس التوقف عنها. وإذا لم يجد الفرد نفسه قادراً على الاستمرار، بسبب السياسات التي تنتهجها الإدارة، فهذا قراره وعليه أن يتخذ هذا القرار.
"المشكلة" في البيت الأبيض
وكانت أول استقالة في الإدارة سُجلت في الـ18 من أكتوبر الماضي، للمسؤول في وزارة الخارجية الأميركية جوش بول، والذي كان يشغل منصب مدير الشؤون العامة والكونجرس في مكتب الشؤون السياسية والعسكرية بوزارة الخارجية. كما وردت تقارير عن برقيات معارضة داخلية، واجتماعات لكبار المسؤولين مع الموظفين المعترضين.
ويرى المنظمون أن المشكلة تكمن في البيت الأبيض حيث تُقرَّر السياسة، وليس في الوكالات الفيدرالية على اختلافها. وقالوا إن المعلومات تصل إلى أعلى المستويات، لكن البيت الأبيض هو من يقرر هذه السياسة.
ولم يعط الموظفون إجابة عما إذا كانت هناك خطوات إضافية قد تلي تحرك، الثلاثاء، مشيرين إلى أنهم موظفون وليسوا ناشطين، وحراكهم جاء انطلاقاً من نداء ضمير. وقالوا إن وقف إطلاق النار الذي يطالبون به يتطلب طرفين، لكنه يحتاج دفعاً من قِبَل الولايات المتحدة.