قال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية إن مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان، ضغط على وزير الخارجية الصيني وانج يي لاستخدام نفوذ بكين للمساعدة في كبح دعم إيران لجماعة الحوثي اليمنية التي تهاجم سفناً تجارية بالبحر الأحمر.
وأضاف المسؤول أن وزير الخارجية الصيني أبلغ سوليفان خلال لقائهما في بانكوك، السبت، أن بكين أثارت مع إيران مسألة دعمها لجماعة الحوثي اليمنية.
وذكر المسؤول الأميركي أن واشنطن "تنتظر لمعرفة ما إذا ما كانت بكين تفعل ذلك، ومدى فاعلية ذلك التواصل"، لافتاً إلى أن سوليفان أبلغ وانج بأن إيران "تدعم عدم الاستقرار" في البحر الأحمر.
وكانت الولايات المتحدة والصين وصفتا في بيانين منفصلين اجتماع سوليفان مع وانج يي الذي عقد في بانكوك، بالـ"الصريح والمثمر والموضوعي"، في حين أشار البيت الأبيض إلى أن الاجتماع بحث "القضايا العالمية والإقليمية، بما في ذلك تلك المتعلقة بالحرب الروسية ضد أوكرانيا والشرق الأوسط وكوريا الشمالية وبحر الصين الجنوبي وميانمار".
وأدت الهجمات، التي يقول الحوثيون في اليمن إنها تهدف لدعم الفلسطينيين في غزة، إلى ارتفاع تكلفة الشحن والتأمين نتيجة لما تسببت فيه من اضطراب لمسار تجاري رئيسي بين آسيا وأوروبا تستخدمه السفن التي تبحر من الصين على نطاق واسع.
طلب صيني
وجاء اللقاء، بعد تأكيد 4 مصادر إيرانية لوكالة "رويترز"، الجمعة، أن مسؤولين صينيين طلبوا من نظرائهم الإيرانيين المساعدة في "كبح الهجمات التي يشنها الحوثيون على السفن في البحر الأحمر"، وإلا فإن "ضرراً قد يلحق بالعلاقات التجارية مع بكين".
وذكرت المصادر الإيرانية المطلعة أن المناقشات بشأن الهجمات والتجارة بين الصين وإيران جرت خلال عدة اجتماعات عقدت مؤخراً في بكين وطهران، لكن المصادر أحجمت عن إعطاء أية تفاصيل أخرى بشأن موعد عقد الاجتماعات أو من شارك فيها.
وقال مسؤول إيراني مطلع على المحادثات لـ"رويترز" شريطة عدم الكشف عن هويته: "بشكل أساسي، تقول الصين إذا تضررت مصالحنا بأي شكل من الأشكال، فسيؤثر ذلك على أعمالنا مع طهران، لذلك اطلبوا من الحوثيين ضبط النفس".
وأشارت المصادر الأربعة إلى أن المسؤولين الصينيين لم يدلوا بأية تعليقات، أو يوجهوا تهديدات محددة بشأن كيف يمكن أن تتأثر العلاقات التجارية مع طهران إذا تضررت مصالح بكين نتيجة هجمات الحوثيين.
علاقات تجارية غير متوازنة
ورغم أن الصين كانت أكبر شريك تجاري لإيران على مدى العقد الماضي، فإن علاقاتهما التجارية غير متوازنة، فعلى سبيل المثال، اشترت شركات تكرير النفط الصينية أكثر من 90% من صادرات النفط الخام الإيرانية العام الماضي، وفقاً لبيانات تتبع الناقلات من شركة التحليلات التجارية "كبلر"، في وقت يبتعد فيه العملاء الآخرون عن النفط الإيراني نتيجة للعقوبات الأميركية فيما استفادت الشركات الصينية من الخصومات الكبيرة.
ومع ذلك، فإن النفط الإيراني لا يشكل سوى 10% من واردات الصين من النفط الخام، ولدى بكين مجموعة من الموردين الذين يمكنهم سد أي نقص.
ولفتت المصادر الإيرانية إلى أن بكين أوضحت أنها ستشعر بخيبة أمل كبيرة تجاه طهران إذا تعرضت أي سفن مرتبطة بالصين لهجوم، أو تأثرت مصالح البلاد بأي شكل.
وقال مصدر إيراني مطلع إنه رغم أن الصين مهمة لإيران، فإن لدى طهران حلفاء في غزة ولبنان وسوريا والعراق، إلى جانب الحوثيين في اليمن، وأن تحالفاتها وأولوياتها الإقليمية تلعب دوراً رئيسياً في صنع قرارها.
"صديق مخلص للشرق الأوسط"
ورداً على طلب للتعليق على الاجتماعات مع إيران لمناقشة هجمات البحر الأحمر، أكدت وزارة الخارجية الصينية للوكالة أن "الصين صديق مخلص لدول الشرق الأوسط وملتزمة بتعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين والسعي لتحقيق التنمية والازدهار المشتركين" وتابعت: "ندعم بقوة دول الشرق الأوسط في تعزيز استقلالها الاستراتيجي وتوحيد الصف والتعاون لحل قضايا الأمن الإقليمي".
وقصفت القوات الأميركية والبريطانية أهدافاً للحوثيين في اليمن خلال الشهر الجاري، لكنها لم تتمكن من وقف هجمات الجماعة على السفن.
وأوضح مسؤول إيراني كبير أن المسؤولين الصينيين ناقشوا مخاوفهم بشكل مستفيض خلال الاجتماعات، لكنهم لم يذكروا مطلقاً أي طلبات من واشنطن، فيما قالت المصادر الأربعة الإيرانية إنه لم يتضح ما إذا كانت طهران ستتخذ أي إجراء عقب المناقشات مع بكين.
وأضاف مصدر إيراني مطلع أنه بالرغم من وجود علاقات اقتصادية قوية بين الصين وإيران، فإن تأثير بكين على القرارات الجيوسياسية لطهران ليس مطلقاً.