تقديرات استخباراتية: إسرائيل من أكبر مصادر أسلحة "حماس"

عسكريون إسرائيليون: الحركة تستخدم الذخائر غير المتفجرة في تصنيع صواريخ

time reading iconدقائق القراءة - 11
كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس تستعرض شاحنات صواريخ في أحد شوارع خان يونس جنوب قطاع غزة. 27 مايو 2021 - AFP
كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس تستعرض شاحنات صواريخ في أحد شوارع خان يونس جنوب قطاع غزة. 27 مايو 2021 - AFP
دبي -الشرق

خلص مسؤولون عسكريون ومسؤولون في الاستخبارات إسرائيلية، إلى أن كميات كبيرة من الأسلحة التي استخدمتها حركة "حماس" في هجوم السابع من أكتوبر الماضي، وفي الحرب الجارية في قطاع غزة، جاء من مصدر "غير متوقع" وهو الجيش الإسرائيلي نفسه، حسبما أفادت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.

وقالت الصحيفة، الأحد، إن المحللين ظلوا على مدى سنوات يشيرون إلى عمليات التهريب عبر الأنفاق لتفسير كيف ظلت "حماس" تمتلك العديد من الأسلحة، على الرغم من الحصار العسكري الإسرائيلي لغزة.

ولكن المعلومات الاستخباراتية الأخيرة، أظهرت "مدى قدرة الحركة على بناء العديد من صواريخها وأسلحتها المضادة للدبابات من آلاف الذخائر التي لم تنفجر بعدما أطلقتها إسرائيل على القطاع، وفقاً لما نقلته عن خبراء أسلحة ومسؤولي استخبارات إسرائيليين وغربيين، لم تكشف هويتهم.

وأوردت الصحيفة أن "حماس" تقوم أيضاً بتسليح مقاتليها بأسلحة مسروقة من القواعد العسكرية الإسرائيلية، إذ أظهرت المعلومات الاستخبارية التي تم جمعها خلال أشهر الحرب الماضية أنه مثلما أساءت السلطات الإسرائيلية الحُكم على نوايا "حماس" قبل 7 أكتوبر، فقد استخفت أيضاً بقدرتها على الحصول على الأسلحة.

وذكرت الصحيفة، أنه الواضح حالياً هو أن الأسلحة التي استخدمتها القوات الإسرائيلية لفرض الحصار على غزة على مدى الأعوام السبعة عشر الماضية باتت هي نفسها تُستخدم الآن ضدها.

وساعدت المتفجرات العسكرية الإسرائيلية والأميركية، الحركة في إمطار إسرائيل بالصواريخ، واختراق البلدات الإسرائيلية للمرة الأولى من غزة، بحسب "نيويورك تايمز".

وقال مايكل كارداش، وهو النائب السابق لرئيس قسم إبطال مفعول القنابل في الشرطة الإسرائيلية ومستشارها الحالي، إن "الذخائر غير المنفجرة هي المصدر الرئيسي لتصنيع المتفجرات بالنسبة لـ(حماس)، إذ يُعاد استخدامها لإنتاج المتفجرات والصواريخ".

وقال خبراء الأسلحة، إن ما يقرب من 10% من الذخائر عادةً لا تنفجر، ولكن في حالة إسرائيل، قد يكون الرقم أعلى، مشيرين إلى أن ترسانة تل أبيب تشمل صواريخ تعود إلى حقبة حرب فيتنام، والتي أوقفت الولايات المتحدة وقوى عسكرية أخرى استخدامها منذ فترة طويلة.

تصنيع الصواريخ من ذخائر غير منفجرة

وأشار أحد ضباط المخابرات الإسرائيلية، والذي تحدث شريطة عدم كشف هويته، إلى أن معدل فشل بعض هذه الصواريخ في الانفجار يمكن أن يصل إلى 15%.

وأدت سنوات من القصف المتقطع وكذلك الهجمات الأخير على غزة إلى إمطار القطاع بآلاف الأطنان من الذخائر غير المنفجرة التي يمكن إعادة استخدامها، إذ يمكن تحويل قنبلة واحدة تزن 750 رطلاً، في حال عدم انفجارها، إلى مئات الصواريخ والقذائف، بحسب الصحيفة.

ولم ترد "حماس" على طلب الصحيفة الحصول على تعليق، فيما قال الجيش الإسرائيلي في بيان، إنه ملتزم بتفكيك الحركة، لكنه لم يرد على الأسئلة المتعلقة بأسلحتها.

ووفقاً للصحيفة، فإنه على الرغم من أن المسؤولين الإسرائيليين كانوا يعلمون قبل هجمات أكتوبر الماضي أن "حماس" يمكنها الحصول على بعض الأسلحة إسرائيلية الصُنع، ولكن نطاق ذلك أذهل خبراء الأسلحة والدبلوماسيين، على حد سواء.

وكانت السلطات الإسرائيلية، تعلم أن مستودعات الأسلحة الخاصة بها كانت عرضة للسرقة، إذ أشار تقرير عسكري العام الماضي، إلى أنه سرقة آلاف الرصاصات ومئات الأسلحة والقنابل اليدوية من قواعد لم يكن تُحرس بشكل فعَال.

ووجد التقرير أن بعض هذه الأسلحة شقت طريقها إلى الضفة الغربية، والبعض الآخر إلى غزة عن طريق سيناء، وقال: "نحن نزود أعداءنا بأسلحتنا الخاصة".

ورأت "نيويورك تايمز" أن عواقب ذلك ظهرت جلياً في 7 أكتوبر، إذ إنه بعد ساعات من اختراق "حماس" للحدود، عثر 4 جنود إسرائيليين على جثة أحد مقاتلي الحركة خارج قاعدة "رعيم" العسكرية.

وقال أحد هؤلاء الجنود إنه هناك كتابات بالعبرية على قنبلة يدوية إسرائيلية مضادة للرصاص، وهي من طراز حديث، كانت مثبتة على حزامه، كما يقول مسؤولون عسكريون إسرائيليون، إن بعض الأسلحة التي كانت في القاعدة قد سُرقت ونُقلت إلى غزة خلال ذلك اليوم.

وعلى بُعد أميال قليلة من القاعدة، فحص أعضاء فريق الطب الشرعي الإسرائيلي أحد الصواريخ الـ 5 آلاف الذين أطلقتهم "حماس" في ذلك اليوم، واكتشفوا أن المتفجرات الموجودة داخله جاءت على الأرجح من صاروخ إسرائيلي غير منفجر كان قد أُطلق على غزة خلال حرب سابقة، وفقاً لضابط استخبارات إسرائيلي.

ترسانة متنوعة

وأظهر هجوم السابع من أكتوبر، الترسانة المتنوعة التي قامت "حماس" بجمعها، إذ تضمنت طائرات هجومية مسيرة إيرانية الصُنع، وقاذفات صواريخ كورية شمالية الصُنع، وهي أنواع الأسلحة التي من المعروف أن الحركة تهربها إلى غزة عبر الأنفاق، ولكن الأسلحة الأخرى، مثل المتفجرات المضادة للدبابات، والقنابل الحرارية والعبوات الناسفة، هي أسلحة إسرائيلية أُعيد توظيفها، بحسب الصحيفة.

وقال المسؤولون إن إنتاج الصواريخ والقذائف يتطلب كميات هائلة من المواد المتفجرة، والتي يرون أنها أصعب مادة يمكن تهريبها إلى غزة، ومع ذلك، استطاعت "حماس" إطلاق الكثير من الصواريخ والقذائف في 7 أكتوبر، لدرجة أن نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي "القبة الحديدية" لم يتمكن من مواكبتها.

وضربت الصواريخ البلدات والمدن والقواعد العسكرية، مما وفر غطاءً لمقاتلي الحركة أثناء تواجدهم في إسرائيل، حتى أن أحد الصواريخ أصاب قاعدة عسكرية يُعتقد أنها تضم جزءاً من برنامج الصواريخ النووية الإسرائيلي.

وكانت "حماس" تعتمد في بناء الصواريخ سابقاً على مواد مثل الأسمدة والسكر البودرة، والتي لا تتمتع بنفس قوة المتفجرات العسكرية.

ولكن منذ عام 2007، فرضت إسرائيل حصاراً صارماً، وقيدت استيراد البضائع، بما في ذلك الإلكترونيات ومعدات الكمبيوتر، التي يمكن استخدامها لصُنع الأسلحة، وقد أجبر هذا الحصار والحملة التي فُرضت على أنفاق التهريب المؤدية إلى غزة وخارجها "حماس" على اللجوء لأفكار مبتكرة.

وأشارت الصحيفة إلى أن القدرات التصنيعية للحركة أصبحت الآن متطورة بشكل كافٍ لتمكينها من جمع الرؤوس الحربية للقنابل التي يصل وزنها إلى 2000 رطل، وجمع المتفجرات الموجودة داخلها وإعادة استخدامها.

وقال إيال هولاتا، الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي ورئيس مجلس الأمن القومي، ولكنه استقال في أوائل العام الماضي: "لديهم صناعة عسكرية في غزة، ويتم بعضها فوق الأرض، فيما يتم البعض الآخر تحتها، كما أنهم قادرون على تصنيع الكثير مما يحتاجون إليه".

ونقلت الصحيفة عن مسؤول عسكري غربي، لم تكشف عن هويته، قوله إن معظم المتفجرات التي تستخدمها "حماس" في حربها مع إسرائيل يبدو أنها تم تصنيعها باستخدام ذخائر غير منفجرة كانت تل أبيب قد أطلقتها في وقت سابق.

وقد ظلت "كتائب القسَام"، وهي الجناح العسكري لحركة "حماس"، لسنوات عديدة تتباهى بقدراتها التصنيعية، وبعد الحرب مع إسرائيل عام 2014، أنشئت فرقاً هندسية لجمع الذخائر غير المنفجرة مثل قذائف الهاوتزر وقنابل MK-84 أميركية الصُنع.

وتعمل هذه الفرق مع وحدات الشرطة المعنية بالتخلص من الذخائر المتفجرة، مما يسمح للناس بالعودة بأمان إلى منازلهم، كما أنها تساعد الحركة على الاستعداد لأي حرب مقبلة.

أصدر الذراع الإعلامي للكتائب مقاطع فيديو في السنوات الأخيرة تُظهر جمع الرؤوس الحربية، واستخراج المواد المتفجرة منها والتي عادةً ما تكون على هيئة مسحوق، ثم إعادة استخدامها.

وفي عام 2019، عثر قوات الكوماندوز التابعة لـ"القسَام" على مئات الذخائر على متن سفينتين عسكريتين بريطانيتين من حقبة الحرب العالمية الأولى غرقتا قبالة سواحل غزة قبل قرن من الزمان، وتفاخرت الكتائب بأن هذا الاكتشاف سمح لها بصُنع مئات الصواريخ الجديدة.

واعتبر أحمد فؤاد الخطيب، وهو محلل سياسات الشرق الأوسط، ونشأ في غزة أن "الطريقة الأساسية للحصول على الأسلحة بالنسبة لـ(حماس) هي من خلال التصنيع المحلي، فالأمر يتمثل في القيام ببعض التعديل في الكيمياء، وبعدها يمكنهم تصنيع ما يريدونه".

وصحيح أن إسرائيل تقيد استيراد مواد البناء التي يمكن استخدامها لصنع الصواريخ والأسلحة الأخرى، ولكن الخطيب ذكر أن كل جولة جديدة من القتال تخلف وراءها أحياءً من الأنقاض يستطيع مقاتلو الحركة من انتشال الأنابيب والخرسانة وغيرها من المواد القيمة منها.

ووفقاً لـ "نيويورك تايمز"، فإن "حماس" لا تستطيع أن تصنع كل شيء، موضحة أن بعض الأشياء يسهل شراؤها من السوق السوداء وتهريبها إلى غزة، كما لا تزال سيناء مركزاً لتهريب الأسلحة، إذ تم العثور على أسلحة جُلبت من الصراعات في ليبيا وإريتريا وأفغانستان فيها، وفقاً لتقييمات الاستخبارات الإسرائيلية.

ووفقاً لاثنين من مسؤولي المخابرات الإسرائيلية، لم تكشف الصحيفة عن هويتهما، فقد كان هناك ما لا يقل عن 12 نفقاً صغيراً لا يزال يتم تشغيلهم بين غزة ومصر قبل 7 أكتوبر.

وقال متحدث باسم الحكومة المصرية إن الجيش المصري قام بدوره بإغلاق الأنفاق على جانبه من الحدود، مضيفاً في رسالة بالبريد الإلكتروني: "العديد من الأسلحة الموجودة حالياً داخل قطاع غزة هي نتيجة للتهريب من داخل إسرائيل". 

ولكن "نيويورك تايمز" قالت إن شوارع غزة المحاصرة نفسها أصبحت على نحو متزايد مصدراً للأسلحة بالنسبة لـ"حماس"، إذ تشير تقديرات إسرائيل إلى أنها نفذت ما لا يقل عن 22 ألف غارة على القطاع منذ 7 أكتوبر، وغالباً ما تتضمن كل منها جولات متعددة، مما يعني أنه من المحتمل أن يكون قد تم إسقاط أو إطلاق عشرات الآلاف من الذخائر، التي لم تنفجر الآلاف منها.

ولفت تشارلز بيرش، وهو رئيس دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في غزة إلى أن "عشرات الآلاف من الذخائر غير المنفجرة ستبقى بعد هذه الحرب بما في ذلك القنابل اليدوية والذخائر الأخرى، وهي ما تعد بمثابة هدية مجانية لـ(حماس)".

تصنيفات

قصص قد تهمك