قال مصدر مصري لـ"الشرق" الخميس، إن القاهرة ترفض أي محاولات إسرائيلية للتواجد على محور فيلادلفيا الحدودي بين قطاع غزة ومصر، وذلك بعد تقارير إسرائيلية ذكرت أن الجانبين يقتربان من اتفاق بشأن المحور، وإعلان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت استعداد الجيش الإسرائيلي للتوجه إلى مدينة رفح الحدودية.
وذكر المصدر أن القاهرة أبلغت تل أبيب مراراً رفضها التام مناقشة أية أمور تنتهك الاتفاقيات الموقعة في السابق بشأن محور فيلادلفيا، وأن مصر حذرت الجانب الأميركي من خطورة تفكير إسرائيل في السيطرة على محور فيلادلفيا.
وأكد أن القاهرة أبلغت الجانب الأميركي بعدم سماحها بتهريب أية أسلحة وسيطرتها الكاملة على الحدود، مشيراً إلى أن الجانب الإسرائيلي "يروج شائعات وأكاذيب حول تعاطي القاهرة بإيجابية مع أطروحات إسرائيلية تخص المحور".
وقال المصدر إن مصر رفضت في عدة اجتماعات مع الجانب الإسرائيلي مناقشة أية مقترح بخصوص فيلادلفيا، مضيفاً أن تل أبيب "تخدع الإسرائيليين بترويج أخبار كاذبة وشائعات تعزز موقف اليمين المتطرف".
وكانت إذاعة الجيش الإسرائيلي قد ذكرت الخميس، أن إسرائيل ومصر تقتربان من التوصل إلى اتفاق بشأن قضيتي رفح ومحور فيلادلفيا.
الجيش الإسرائيلي سيتوجه إلى رفح
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت إن الجيش الإسرائيلي سيتجه إلى رفح الحدودية مع مصر، بعد أن ينهي مهمته في خان يونس، وذلك رغم التحذيرات المصرية من عمليات عسكرية قرب الحدود المصرية.
وقال جالانت في بيان: "نحقق مهمتنا في خان يونس، وسنصل أيضاً إلى رفح، ونقضي على العناصر الإرهابية التي تهددنا"، في إشارة إلى المدينة الواقعة على حدود غزة مع مصر والتي تعج بالمدنيين النازحين.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر وصفتها بـ"المطلعة" الخميس، أن هناك تقارباً بين الطرفين (مصر وإسرائيل)، باتجاه إيجاد حلول للقضايا الحساسة المطروحة، وأن تلك الاتفاقيات "تمثل خطوة حاسمة"، إذ أن إسرائيل "لا ترغب في التحرك دون التنسيق المهم مع الجانب المصري"، وهو ما نفاه المصدر المصري.
وزعمت هيئة البث أن إسرائيل التزمت أمام مصر بعدم العمل في منطقة رفح، قبل السماح للعدد الكبير من السكان الموجودين هناك بالإخلاء من المنطقة، وذلك لتقليل مخاطر تدفق اللاجئين الفلسطينيين من غزة إلى الأراضي المصرية. وذكرت أن إسرائيل لم تقرر بعد أين ستنقل السكان، ولكن هناك خيارين مطروحين نقلهم إلى شمال قطاع غزة أو خان يونس.
وأشارت إلى أنه سيكون لإسرائيل "تأثير معين" على ما يجري على طول محور فيلادلفيا، ولكن من دون وجود مادي دائم للقوات الإسرائيلية. وأوضحت أن هذا النفوذ الإسرائيلي "يمكن أن يكون من خلال الوسائل التكنولوجية التي سيتم تركيبها على طول محور فيلادلفيا".
نتنياهو: يتعين السيطرة على الحدود
ونهاية ديسمبر الماضي، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إنه يتعين أن تسيطر إسرائيل بشكل كامل على محور فيلادلفيا لضمان "نزع السلاح" في المنطقة، وأضاف: "محور فيلادلفيا، أو بعبارة أدّق نقطة التوقف الجنوبية (في غزة)، يجب أن يكون تحت سيطرتنا. يجب إغلاقه. من الواضح أن أي ترتيب آخر لن يضمن نزع السلاح الذي نسعى إليه".
وعاد نتنياهو في 13 يناير ليقول إن إسرائيل لم تتخذ قراراً بعد بشأن السيطرة العسكرية على الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة، لـ"منع تدفق الأسلحة إلى غزة"، وفق قوله.
تحذير ورفض مصري
وذكرت مصادر مصرية لـ"الشرق" في يناير الماضي، أن القاهرة حذرت إسرائيل من القيام بأي عمليات في المنطقة، وأنها نقلت التحذيرات للجانب الأميركي كذلك. وأضافت المصادر أن مصر ترفض القيام بأي عمليات عسكرية على محور فيلادلفيا، وأنها لم تنسق مع الجانب الإسرائيلي بهذا الخصوص.
وفي 9 يناير، قالت 3 مصادر أمنية مصرية لوكالة "رويترز"، إن القاهرة رفضت مقترحاً إسرائيلياً لتعزيز الإشراف الإسرائيلي على المنطقة العازلة على الحدود بين مصر وقطاع غزة، المعروفة بطريق صلاح الدين (محور فيلادلفيا)، وإن الأولوية المصرية هي جهود الوساطة لوقف إطلاق النار قبل العمل على ترتيبات ما بعد الحرب.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد أبو زيد في تصريحات تليفزيونية منتصف يناير، رداً على تصريحات نتنياهو، إن مصر تضبط وتسيطر على حدودها بشكل كامل، وأن تلك المسائل "تخضع لاتفاقيات قانونية وأمنية بين الدول المعنية"، وشدد على أن أي حديث في هذا الشأن يخضع للتدقيق، ويتم الرد عليه بمواقف معلنة. بشرط موافقة مصر على الخطوة بأكملها.
مصر: تهريب الأسلحة يتم من إسرائيل
وفي 23 يناير، نددت مصر بما وصفته بـ"سعي" إسرائيل لـ"خلق شرعية لاحتلال ممر فيلادلفيا (محور صلاح الدين)"، الحدودي في قطاع غزة.
وقالت إن من شان تلك الخطوة أن تؤدي إلى "تهديد خطير وجدي للعلاقات المشتركة"، واصفة تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بشأن أنفاق تهريب الأسلحة والمتفجرات ومكوناتها، من الأراضي المصرية إلى القطاع بـ"الباطلة".
وقال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية التابعة للرئاسة المصرية ضياء رشوان، إن "مصر قادرة على الدفاع عن مصالحها، والسيادة على أرضها وحدودها، ولن ترهنها في أيدي مجموعة من القادة الإسرائيليين المتطرفين ممن يسعون لجر المنطقة إلى حالة من الصراع وعدم الاستقرار".
وطالب رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، الحكومة الإسرائيلية، بـ"تحقيقات داخلية جادة" في جيشها وأجهزتها وقطاعاتها، للبحث عن المتورطين في تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة.
وأكد رشوان، أن "الأسلحة داخل غزة حالياً، هي نتيجة التهريب من داخل إسرائيل، مثال بنادق M16، ونوعيات من RPG، فضلاً عن المواد ثنائية الاستخدام في التصنيع العسكري للأجنحة العسكرية داخل القطاع"، لافتاً إلى "ضرورة مراجعة ما تنشره وسائل الإعلام الإسرائيلية عن التحقيقات التي تجري مع أفراد من الجيش، على خلفية اختفاء أسلحة أو بيعها بالضفة الغربية، ومن ثم ترسل إلى القطاع".
وأضاف أن ادعاءات المسؤولين الإسرائيليين، وعلى رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بشأن وجود أنفاق، وتهريب أسلحة ومتفجرات ومكوناتها، من الأراضي المصرية إلى قطاع غزة، "باطلة"، مؤكداً أن القاهرة اتخذت خطوات على مدار السنوات الماضية للقضاء على هذه الأنفاق بشكل نهائي.